كلما سقط شهداء جدد فى معركتنا المصيرية مع الإرهاب، تتعالى الأصوات المطالبة بالقصاص السريع لدمائهم الزكية، وهو حق لا جدال ولا نقاش فيه، لكن كيف يتأتى تحقيق هذه الغاية السامية بوسائل تضمن جنى أقصى تأثير ممكن، وردع كل من تسول له نفسه الشريرة التعدى على قواتنا المسلحة أو الشرطة المدنية؟ الخطوة الأولى بيان الحقائق ومكاشفة المصريين بها، وكشف من يحيك المؤامرات ضد مصر ويمولها ويشجعها بدون خجل ولا مواربة. فإن كانت حركة حماس متورطة ويدها ملوثة بدم جنودنا الأبرار فى سيناء فلنعلن هذا على الملأ، حتى يكون الجزاء من جنس العمل، فحماية أمننا القومى مقدم على ما عداه، ولا يقبل القسمة على اثنين، ولا يجب التماس الاعذار لأحد ممَن يكيد لنا، حتى لو كان من أقرب الاقربين. وإن كانت قطر وتركيا لهما صلة بتدبير هجوم الشيخ زويد الإرهابى فلنواجههما بما لدينا من قرائن ودلائل، بعدها نبدأ فى اتخاذ اجراءات قانونية وسياسية ضدهما فى المحافل الدولية والاقليمية. على المستوى العسكرى إن كانت مصلحتنا تقتضى اقامة منطقة أمنية عازلة على الحدود مع غزة فلنشرع فيها على الفور، وأن احتاجنا تشديد القواعد المعمول بها فى المعابر الحدودية لنشددها بدون تردد أو تفكير، فالبلاد لا تحتمل تكبد مزيد من النزيف لثروتها البشرية فى عمليات ينفذها اناس ارتضوا أن يكونوا أدوات طيعة بيد جهات وأطراف لا تضمر سوى الشر لهذا البلد، وتخشى من أن يشتد عوده ويقف على اقدام ثابتة. الخطوة الثانية تغيير النظرة الاستراتيجية والأمنية لسيناء، لكى نخلصها للابد من الفكر التكفيرى والتطرف الذى استوطنها نتيجة أخطاء تعود لعهد الرئيس الأسبق حسنى مبارك والتى تسببت فى ظهور عداوات واحتقانات من جهة أهالى سيناء تجاه النظام، وآن الأوان لازالتها مرة واحدة. ولا مناص من الاعتراف بضرورة الجانب الأمنى فى هذه المرحلة الدقيقة التى تتعرض فيها البلاد لمخاطر تهدد كيانها ووجودها، وإذا استدعت الحاجة اللجوء لاجراءات وخطوات استثنائية فلنلجأ إليها، وهذا لن يعيبنا وسيكون موضع تفهم من الجميع داخليا وخارجيا، ومن لا يتفهم ولا يدرك فتلك مشكلته وعليه البحث عن حل لها بعيدا عنا. ولسنا فى حاجة للاشارة لتجارب دول عديدة اضطرت تحت ضغط ظروف قاهرة، مثل التى نمر بها حاليا للتحصن باستثناءات تؤمن جبهتها الداخلية دون الانشغال بمدى توافقها واتساقها مع اشتراطات ومعايير حقوق الانسان وحرية التعبير وخلافه من الاشكاليات التي يتعمد الكثيرون اثارتها والمجادلة حولها فى التوقيت الخطأ. الخطوة الثالثة أن يكف الصغار عن مهاترات وعبث يستهدف اضعاف معنويات القوات المسلحة ورجالها بدون مراعاة للظرف وحساسيته، وللحزن المسيطر على بيوت مصر بأسرها، وانظر مثلا لهذا الارعن التافه الذى يستهزأ بما حدث لجنودنا على تويتر، فلا هو صمت احتراما للشهداء وتضحياتهم، ولا قال كلمة منصفة، وهذه نوعية منزوعة الوطنية، فمهما كان اختلافك مع ثورة 30 يونيو وعبد الفتاح السيسى، ولو كنت من المعارضين والكارهين لها لا يحق لك الاستهزاء بحادث كهذا على الاقل من المنظور الانسانى. ناهيك عن شماتة جماعة الخراب والتضليل التى تؤكد يوميا أنها معادية للوطن ولناسه مع أنها ضالعة فى ما تتعرض له مصرنا من إرهاب وسفك للدماء منذ اطاحة الشعب برئيسهم محمد مرسى. الخطوة الرابعة ملاحقة رءوس الفتنة والتحريض بلا هوادة، وهؤلاء نعرفهم بالاسم وأين يقيمون ومن أين يحصلون على المال لبث سمومهم وشرورهم، فأمريكا تعقبت ولا تزال من اعتبرتهم يهددون أمنها، ويتحملون مسئولية قتل مواطنيها خارج الحدود، واقدمت على اختطاف بعضهم من دول حليفة وصديقة لها، ونحن لدينا من الحجج والبراهين التى تجيز لنا تعقبهم وتقديمهم للعدالة، فهم شركاء فى القتل مثلهم مثل من يفجر ويضع العبوات الناسفة فى مناطق مكتظة بآلاف البشر. وتلك ليست دعوة للتصفية وإنما للقصاص العادل ممن وظفوا الدين لتبرير القتل والتخريب والعدوان على خير اجناد الأرض ليعود من فتح سيناء للإرهابيين للسلطة، ويعملوا على تشييد دويلات داخل الدولة، فهم يرون أنفسهم العارفين بالله وبالدين ومن حقهم تقسيم الوطن فيما بينهم وفعل ما يريدون دون حسيب ولا رقيب. الخطوة الخامسة أن يمتلك التيار الاسلامى شجاعة المراجعة والتكفير عما اقترفه بعض شيوخه من خطايا كانت عاملا وراء استشراء واستفحال ظاهرة التطرف والغلو الدينى، ولم يتوقفوا حتى الآن عن القيام بنفس الدور، فمؤخرا ضبطت الشرطة عناصر منتمية لتنظيم داعش الإرهابى وقالوا فى التحقيقات معهم أنهم تربوا على يد احد مشايخ السلفية الذى شجعهم على الالتحاق بتنظيم لا يجيد الا القتل وقطع الرءوس. حينها سنقتص لشهداء الوطن وسنريحهم فى مثواهم الأخير. لمزيد من مقالات محمد إبراهيم الدسوقي