يرى الدكتور شريف حماد وزير البحث العلمى أن البحث العلمى يمر بمرحلة متميزة، ويعطيه رئيس الجمهورية اهتماما كبيرا واستثنائيا. وأوضح حماد، فى حواره مع الأهرام، أن مهمة الوزارة بالمرحلة المقبلة التنسيق بين الباحثين والمراكز البحثية المختلفة على الهدف الإستراتيجى الذى وضعته الدولة. كما تناول الحوار الملامح الرئيسية فى استراتيجية البحث العلمى الجديد، والتى تعكف على وضعها وزارته فى الوقت الراهن، وأكد أنه سيتم الانتهاء منها فى الربع الأخير من العام الحالي. وأوضح حماد أن وزارة البحث العلمى تضع على أولويات عملها المشاريع التى تساهم فى حل المشاكل التى يعانى منها المواطنون من خبز ومياه وطاقة،كما أبرز أهم نتائج مشاركته فى مؤتمر وزراء البحث العلمى الأفارقة بالمغرب وهى الموافقة بالإجماع على عقد مؤتمر وزراء البحث العلمى المقبل بالقاهرة والمشاركة بالخرطوم الشهر المقبل لإعداد استراتيجية عامة للبحث العلمى بإفريقيا، وهو الأمر الذى سينشط التعاون بين مصر ودول إفريقيا لتسويق البحث العلمى المصرى لديهم، وإلى تفاصيل الحوار: شاركتم مؤخرا فى مؤتمر وزراء البحث العلمى والعلوم والتكنولوجيا الأفارقة بالمغرب والذى يعقد كل عامين، فما أهم النتائج التى تحققت من ذلك المؤتمر؟ اتفقنا مع الجانب المغربى على التعاون المشترك فى مشروعات بحثية بمجال المياه خاصة أن لديهم نفس مخاوفنا بشأنها، كما دعونا الوزير المغربى لاستقباله بالقاهرة فى نوفمبر أو ديسمبر المقبلين،كما تقابلت مع جميع الوزراء الأفارقة المشاركين بالمؤتمر ووجدت لديهم الرغبة فى التعاون مع مصر فى مجال الأبحاث العلمية المشتركة، وهذا من شأنه تسويق الأبحاث المصرية بإفريقيا، مما يمثل عائدا كبيرا للدخل القومي، ولتنفيذ ذلك سنتجه الشهر المقبل للخرطوم لمناقشة الآليات المختلفة لوضع الإستراتيجية العامة لمنظومة العلوم والتكنولوجيا فى إفريقيا، وأهم نتيجة لمشاركتنا بالمؤتمر أننا وجدنا موافقة بالإجماع على عقد مؤتمر وزراء البحث العلمى المقبل بالقاهرة. فى لقائكم بالرئيس تباحثتم حول إعداد إستراتيجية عامة للبحث العلمي، فما أهم ملامحها الرئيسية؟ فى البداية أود أن أوضح أن البحث العلمى فى هذه الآونة يمر بمرحلة متميزة، حيث يعطيه رئيس الجمهورية اهتماما كبيرا واستثنائيا، ويتابع بنفسه أدق التفاصيل فى مشروعاته، وأرى أن هذه فرصة عظيمة ليس لوزارة البحث العلمى وحدها بل لجميع الباحثين المصريين أيضا، ليطلقوا العنان لجهودهم وتفكيرهم فى لحظة تحتاج البلد فيها لجهد الكل بها. وأثناء لقائى بالرئيس حرصت على عرض الملامح الأولى للإستراتيجية العامة والتى سينتهى إعدادها بالربع الأخير من العام الحالي، وذكرت له أن مجال البحث العلمى طوال الفترات الماضية بُذل فيها جهد كبير ومتفرق، وتكونت فيه كيانات عديدة، ولكننا وجدنا أن كثيرا من تلك الكيانات والجهود غير مترابطة، ومثال لذلك الجامعات المصرية والتى تتولى من حيث الكم70% من البحث العلمى فى مصر، والمراكز البحثية تقوم بباقى النسبة، ولذا كان من أحد الهموم فى وضع الإستراتيجية الجديدة التنسيق مابين الجامعات والمراكز البحثية. وعلى جانب آخر فإن العلماء المصريين وعلى مستوى التخصص الواحد بداخل الجامعات لا يلتقون ببعضهم البعض، والأبحاث التى يعمل بها كل عالم منهم تتم بعيدا عن الأنشطة المماثلة فى الجامعات الأخرى لأن نَسق العمل كان يعتمد على الاجتهاد الفردي للباحث لعدم وجود الهدف الواحد ولانعدام التنسيق بينهم، وهنا تبرز مهمة وزارة البحث العلمى بالمرحلة المقبلة في التنسيق بين الباحثين على الهدف الاستراتيجى الذى وضعته الدولة من قبل علماء وباحثين بالمراكز البحثية المختلفة فى الوطن. إذا كان الهدف الاستراتيجى سيضعه العلماء بالمراكز البحثية وهم أنفسهم من سينفذونها فكيف سيتم تقييم أدائهم؟ هذه نقطة مهمة، لأنه لم تكن هناك كيانات تقوم بتقويم البحث العلمى سواء على مستوى الباحث أو القسم أو الكلية أو المركز البحثي، رغم أننا وجدنا كيانات تقوم بأدوار مماثلة ولكنها فى حاجة إلى التنسيق، ولذا كان من أهم الملامح الرئيسية بالإستراتيجية العامة إنشاء هيئات وكيانات مستقلة مهمتها الأساسية متابعة العمل وتقييمه وفق معايير وآلية عمل محددة وملزمة، بحيث لا تتأثر الأبحاث بالمراكز البحثية بتعاقب الرؤساء عليها وتكون هناك عملية تسليم وتسلم للمهام، بدلا من البدء من نقطة الصفر كما كان يحدث بالماضي. متى ستنشأ تلك الهيئات المستقلة بالتحديد؟ توجد لدينا هيئات فى إمكانها أن تقوم بهذا الدور بعد تطوير معين بها، مثل هيئة نقاء وهى هيئة مصرية أصيلة ومستقلة وتعتمد الأداء التعليمى البحثى بالجامعات فى مصر وترفع تقاريرها لرئاسة الوزراء. هل هذا يعنى أن منظومة البحث العلمى ستشهد هيكلة جديدة ودورا بارزا بالمرحلة المقبلة؟ وفقاً للإستراتيجية الجديدة والتى نعكف على وضعها حاليا فإن منظومة البحث العلمى تضم كل الفاعلين بمستوياتهم المختلفة، والتى تبدأ برئاسة الدولة والتى تستعين بالمجالس الاستشارية سواء التى نصت عليها القوانين أو المعينين بسلطة رئيس الدولة وهم المنوط بهم تحديد وتعيين الأولويات، أما البدائل والمشروعات تضعها الجهات المخططة وزارة البحث العلمى أو أكاديمية البحث العلمى والجامعات والمراكز البحثية والباحثين، وتكون تلك المشاريع بناء على تخطيط محدد المدة والأهداف والمخاطر وكيفية مواجهتها والميزانيات التى تستلزمها، وبعد ذلك تُرفع تلك البدائل للجهات السيادية لتدلو بدلوها فيها، ثم يأتى بعد ذلك دور جهة التمويل والتى تحتاج من جهة التخطيط تحديد تكلفة المشروع لكى يتم وضعه فى اعتبار وزارة التخطيط والمالية ليتم توجيهه للجهة التنفيذية فى ظل متابعة مستمرة من وزارة البحث العلمى وفق آلية متابعة المشروعات. هل هناك سقف محدد لنوعية وتكلفة المشروعات التى تعملون عليها؟ الرئيس أطلق سقف طموحاتنا، وعند عرضنا لأحد الأهداف الهامة واحتياجها لقيمة معينة ووجدنا رده بأنه يستحق أن ننفق عليه أكثر ، وطالبنا بالتركيز بالعمل به وتحديد خطته لتنفيذه بالتكلفة التى يحتاجها. وكيف سيتم الإنفاق على تلك المشروعات فى ظل ميزانية البحث العلمى التى لا تتعدى نسبة 1% من الموازنة العامة؟ العمل سيتم بتحديد نموذج النجاح الذى يجب أن يتبع والوقوف على مدى تأثيره على ميزانية البحث العلمي،فنحن نبدأ بقصص نجاح على مشروعات محددة جدا فى اتجاهات إستراتيجية لعدد أكفاء من العلماء الذين يمثلون الكتلة الحرجة من العلماء التى تنفذ الأهداف الإستراتيجية، ولدينا الوسائل الكاملة للوصول لهم وتحديدهم عن طريق تقييم الأداء الذى ذكرناه من قبل ويصب عليهم ميزانية البحث العلمى حتى لو كانت قليلة إلا أن توزيعها فى طريقها السليم وعلى عدد قليل سيحقق نجاحا يحدد معياره مقدار الزيادة التى أضافها ذلك الابتكار بالدخل القومي، ومثال ذلك خروج علاجات للفيروسات المختلفة من مراكز البحوث فذلك من شأنه توفير الكثير من الإنفاق على الدولة والمواطنين وهذا تأثير غير مباشر، رغم أن أى سلعة أو منتج جديد له سعر معين ويتم بيعه ويستفيد منه كثيرون. ألا ترى أن قيمة حصة البحث العلمى فى الموازنة العامة لا تشجع العلماء على إطلاق إبداعهم؟ هل المطلوب أن نعمل مشروعا لكل باحث أو الأجدى عمل مشروع لكل هدف يجمع به نوابغ الباحثين الذين لديهم استعداد للعمل ما لا يقل عن أربعين ساعة أسبوعية لتحقيق ذلك الهدف، والتركيز على أداء العمل بهذه الطريقة سنحقق نجاحا عظيما، فيجب ألا يعتقد أن كل باحث بمفرده له حصة فى ميزانية البحث العلمى ولكنها مخصصة لكل هدف، فنحن لا نقيم معملا ونوفر الأجهزة لأستاذ ولكننا نوفرهما لهدف استراتيجى يُنجز، فنحن لدينا مشكلة الكم الكبير فى عدد الباحثين ولدينا الآن المقدرة للوصول للكيف ومن هم أصحاب التنفيذ الفعلى للنتائج نسب النجاح مرتفعة، فرفاهية عدم المحاسبة فى المشاريع البحثية انتهت. ما الضوابط لضمان تنفيذ خطة متكاملة لا تتغير بتغير القيادات؟ الالتزام يتأتى عند اعتماد الخطة من الأجهزة السياسية بالدولة من مجلس شعب ورئاسة وزراء ورئيس الجمهورية والحكومات، فى تلك الحال لن يتمكن أحد من التغيير فيها إلا فى أضيق الحدود ويكون له مبرراته القوية خاصة أننا لا نختلف على الأهداف التى تعبر عن مشاكلنا ويعلمها الجميع والاختلاف يكون فى طرق التنفيذ التى يجب أن تراعي ألا تضم ثغرات قدر الإمكان، وأى وزير جديد ستكون مهمته ملء ثغرة موجودة ولن يهدم سياسات وأولويات وواجبات محددة من قبل. وأرى أنه واجب من الحكومة أن تقدم خطتها الإستراتيجية على 2017 و2020 إلى 2030. ما أهم الأعمال على أجندتكم للفترة المقبلة؟ اعمل بالتوازى على الأولويات من التخطيط الاستراتيجي، ووضع حلول للطاقة والغذاء وللمياه سواء للصرف أو الشرب، كما نعد لعمل العلاجات الحديثة رغم أنها من المهام الصعبة لوجود فجوة كبيرة جدا بيننا وبين الخارج إلا أننا سنبدأ بالجزء الميسر لنا،كما نتجه أيضا لمجال العمل بالالكترونيات والبرمجيات لأنه مجال عائده سريع ومربح ونتعاون مع وزارة الاتصالات لتحقيق ذلك. أين نحن فى العلاج بالخلايا الجذعية؟ للبدء فى العمل على العلاجات الجذعية نحتاج اكتمالا تشريعيا وإمكانات ماديه تدعمه. هل عرضتم مشروعات محددة على الرئيس فى أثناء لقائكم به؟ نعم، ومن هذه المشروعات موافقة بالإجماع على عقد مؤتمر وزراء البحث العلمى المقبل بالقاهرة لتحلية المياه، والطاقة الجديدة والمتجددة ومشاريع فى تنمية الثروة السمكية ومشروعات النانو تكنولوجي، كما أن هناك مشروعات كانت متوقفة على الأرض، وطالبنا الرئيس بأن نطور فيها مثل مشاريع الصوامع الأفقية. وهل هذه المشروعات اتخذ بشأنها خطوات نحو التنفيذ؟ نعم، فكل هذه المشروعات تم توزيعها وبدء العمل بها. الطاقة تمثل أزمة كبيرة فى مصر، فماهى المشروعات التى لديكم وستساعد فى حل تلك الأزمة؟ هناك مشروع استخدام المركزات الشمسية وتحويلها لطاقة كهربائية فى جامعة القاهرة فرع الشيخ زايد، وتم الانتهاء منه بل وأثبت كفاءة عالية وهو مشروع واعد ومع أنه لايسعى لتكوين محطات كهرباء بطاقة عملاقة إلا أنه يمكنه حل مشكلات كثيرة جدا فى توليد الطاقة واستخدامه فى تحلية المياه فى الصحراء ومحطات معالجة مياه وتشغيل أجهزة تكييف عملاقة، وهذه الأجهزة نعمل على تنفيذها من صندوق تمويل البحث العلمى للمشروعات وسيتم عرض نماذجها للاستفادة منها على شكل أوسع من قبل المستثمرين. هل هذا المشروع هو التصور الوحيد لديكم للمساهمة فى حل أزمة الطاقة؟ بالطبع لا، مركز بحوث البترول به ابتكار جديد لاستخدام مصانع التخمير التى تخرج غاز الميثان ويتم خلطه مع بنزين 80 ليخرج بنزين بمواصفات أعلى وهذا يتم فى إطار تعاون بين وزارة البحث العلمى ووزارة البترول. هل غاز الميثان متوافر بصورة كبيرة تمكن من إنتاج كميات من البنزين تساعد فى حل الأزمة؟ فى سبيله للتوفير ونحن مقبلون على الاستفادة من المخلفات العضوية التي لدينا منها الكثير ونتعاون مع وزارة البيئة لمعالجتها لإنتاج غاز الميثان. وماذا عن المشروعات التى تخص مشكلة الخبز؟ نعمل حاليا على تطوير الصوامع الأفقية لكى تساعد فى حل جزء من أزمة الخبز فى مصر بحفظ القمح فى مناخ يضمن عدم تلفه أو إهداره بالتكامل مع الصوامع الرأسية، وذلك كله يتم بالتنسيق مع وزارة التموين لكى تحدد المناطق التى تستخدم فيها نوع الصوامع التى تتناسب معها خاصة أن الأفقية منها تحتاج لأماكن واسعة لتستوعب أعدادا كبيرة منها. هل وزارة البحث العلمى هى التى ستتقدم بأبحاثها ومشروعاتها للوزارات المعنية أم أن الأخيرة هى التى تطلب منكم تلك النوعية من الأبحاث؟ العمل يتم وفق الطريقتين ومعترف بهما عالميا ويطلق عليهم مسمى طريقة الدفع والسحب لتنفيذ الأبحاث، وهذه مهمة التخطيط الاستراتيجى فى المجلس الفنى الذى يضع خريطة الطريق فى أكاديمية البحث العلمي، بحيث توجد لكل تكنولوجيا مجلس خاص بها فى الأكاديمية وسيقوى دور أعضائه ويكون منوطا بهم وضع الاستراتجيات والمشاريع الموجودة بكل المجالات. هل هناك تواصل وتعاون بين وزارة البحث العلمى والمجلس الاستشارى العلمى للرئيس؟ نتعاون مع كل عالم من العلماء الأعضاء بالمجلس كل على حسب تخصصه، فعلى سبيل المثال نتعاون حاليا مع الدكتور هانى الكاتب ونخطط معه لمشروع بحثى لزراعة غابات شجرية فى مصر باستخدام مياه الصرف بتمويل جهات مختلفة تشارك منها وزارة الزراعة، وكذلك نتعاون مع المشاريع البحثية فى جامعة زويل، وكذلك الدكتور فارق الباز نتواصل معه دائما ويمدنا بما نحتاجه فى مجال دراسات الموارد الطبيعية وصور الأقمار الصناعية وخطط مصر المستقبلية.