«.. الإنسان مدنى بالطبع.. أى لابد له من الاجتماع.. الذى هو المدنية فى اصطلاحهم.. وهو معنى العمران». بهذه الكلمات يبدأ عبد الرحمن بن محمد بن خلدون ولى الدين الحضرمى تقديم كتابه الذى طبّق الآفاق» مقدمة ابن خلدون».. تلك المقدمة التى قال عنها المقريزى:» لم يعمل أحد مثالها.. وإنه لعزيز أن ينال مجتهد منالها». أنهى ابن خلدون- المولود فى تونس سنة 1329 ميلادية.. المتوفى عام 1406 م .. (وكانت وفاته فى مصر التى عاش فيها االسنوات الخمس والعشرين الأخيرة من عمره) تأليف مؤلفه الأسطورى سنة 1377 م كمقدمة لكتابه الضخم الذى حمل عنوان» كتاب العبر.. وديوان المبتدأ والخبر.. فى أيام العرب.. والعجم والبربر.. ومن عاصرهم من ذوى السلطان الأكبر». وتعود أهمية كتاب المقدمة إلى أنه كتاب ذو طابع موسوعى، تناول أحوال البشر، واختلاف طبائعهم، والبيئة وأثرها فى الإنسان.. كما تناول تطور الأمم، ونشوء الدولة، وأسباب انهيارها.. ودارت مقدمة ابن خلدون حول مفهوم العصبية. تقع المقدمة فى ستة أبواب، هى بالترتيب؛ العمران البشرى/ ثم العمران البدوى/ ثم باب فى الدول والخلافة والملك/ ثم العمران الحضرى/ ثم باب عن الصنائع والمعاش وأوجه الكسب/ وأخيرا باب عن العلوم المختلفة واكتسابها. ويعد كتاب المقدمة من أوائل الكتب التى اهتمت بعلم المجتمع. وأخذت «المقدمة» من كل علم بطرف.. وبهذه المقدمة دخل ابن خلدون التاريخ باعتباره مؤسس علم الاجتماع قبل العالم الفرنسى أوجست كونت، المولود سنة 1798، أى بعد وفاة ابن خلدون ب 469 عاما.