بالصور.. محافظة الجيزة تزين الميادين والشوارع بالمسطحات الخضراء    رئيس المجلس الأوروبي ينتقد الصين لمقاطعة قمة سويسرا بشأن أوكرانيا    شاشات ذكية لخدمة ضيوف خادم الحرمين بمكة المكرمة    عضو الزمالك ردا على محمد عبد الوهاب: الجميع يتمنى الانضمام للزمالك    مصرع طفلة صدمتها سيارة داخل سوق السنبلاوين في الدقهلية    الليلة.. عرض فيلم "الصف الأخير" لأول مرة الليلة على ART    هل الجن يخفى الأشياء من أمامنا؟.. أمين الفتوى يفجر مفاجأة    غدا يوم التروية..حجاج بيت الله الحرام يبدأون أول مناسك الحج    رئيس جامعة المنيا يفتتح معمل تحاليل بمستشفى القلب والصدر الجامعي بالمحافظة    حياة كريمة تشارك المصريين الاحتفال بعيد الأضحى: هدايا وطرود غذائية وتجهيز يتيمات    محمد حفظي يهنئ المخرج طارق العريان على عرض فيلم "ولاد رزق 3: القاضية"    مدير المتحف الزراعي بالدقي: أكثر من 200 عارض بمعرض الزهور في نسخته ال91    إليك الرابط.. كيف تفتح حسابا بنكيا من الهاتف المحمول وأنت في منزلك؟    طريقة عمل المكرونة بالصلصة، أسرع أكلة وعلى أد الإيد    محافظ الجيزة يستقبل وفود الكنائس بالمحافظة للتهنئة بعيد الأضحى المبارك    وزير البترول يكشف تأمين الأرصدة وإمدادات المنتجات خلال إجازة عيد الأضحى    محافظ شمال سيناء يعتمد الخطة التنفيذية للسكان والتنمية    بزيارة لمتحف المركبات الملكية.. أتوبيس الفن الجميل يواصل جولاته وأنشطته التثقيفية    رئيس هيئة الدواء: دستور الأدوية الأمريكي يحدد معايير الرقابة ويضمن سلامة المرضى    سفاح التجمع يشعل مواجهة بين صناع الأعمال الدرامية    وزير الرياضة يشهد المرحلة التمهيدية من مشروع صقل مدربي المنتخبات الوطنية    بعد لقائهما بيوم واحد.. وزير الخارجية السعودي يتلقى اتصالا من نظيره الإيراني    قبل اجتماع مجلس البلطيق.. ألمانيا تتوعد بالرد على استفزازات روسيا    "تموين الدقهلية": ضبط 124 مخالفة في حملات على المخابز والأسواق    عيد الأضحى 2024 | أحكام الأضحية في 10 أسئلة    محافظ أسيوط يضع حجر أساس مدرسة المحبة بمدينة المعلمين    شواطئ ودور سينما، أبرز الأماكن فى الإسكندرية لقضاء إجازة عيد الأضحى    الكويت: حبس مواطن ومقيمين احتياطا لاتهامهم بالقتل الخطأ فى حريق المنقف    يورو 2024.. نزلة برد تجتاح معسكر منتخب فرنسا    تخرج الدورة الأولى للمعينين بالهيئات القضائية من الأكاديمية العسكرية المصرية    حظك اليوم وتوقعات الأبراج الجمعة 14-6-2024، السرطان والأسد والعذراء    وكيل الصحة بمطروح يتابع سير العمل بمستشفى مارينا وغرفة إدارة الأزمات والطوارئ    محاولة اختطاف خطيبة مطرب المهرجانات مسلم.. والفنان يعلق " عملت إلى فيه المصيب ومشيته عشان راجل كبير "    "المحطات النووية": تركيب مصيدة قلب المفاعل للوحدة الرابعة بالضبعة 19 نوفمبر    النيابة أمام محكمة «الطفلة ريتاج»: «الأم انتُزّعت من قلبها الرحمة»    انتشال جثة شاب لقى مصرعه غرقا بعد إنقاذه 3 أطفال من الموت فى ترعة بالشرقية    في وقفة عرفات.. 5 نصائح ضرورية للصائمين الذاهبين للعمل في الطقس الحار    مجانًا.. فحص 1716 شخصًا خلال قافلة طبية بقرية حلوة بالمنيا    ضبط أحد الأشخاص بسوهاج لزعمه قدرته على تسريب امتحانات الشهادة الثانوية    مدة غياب وسام أبو علي عن الأهلي بعد الإصابة الأخيرة    آداب عين شمس تعلن نتائج الفصل الدراسي الثاني    ضبط نجار مسلح أطلق النار على زوجته بسبب الخلافات فى الدقهلية    قبول دفعة جديدة من المجندين بالقوات المسلحة مرحلة أكتوبر 2024    لبيك اللهم لبيك.. الصور الأولى لمخيمات عرفات استعدادا لاستقبال الجاج    الصور الأولى لمخيمات عرفات استعدادا لاستقبال حجاجنا    الحماية المدنية تنقذ طفلا عالقا خارج سور مدرسة في الوادي الجديد    «الإسكان»: تنفيذ إزالات فورية لمخالفات بناء وغلق أنشطة مخالفة بمدينة العبور    صعود جماعي لمؤشرات البورصة في مستهل تعاملات الخميس    دار الإفتاء توضح حكم صيام يوم عرفة    قيادي ب«مستقبل وطن»: جهود مصرية لا تتوقف لسرعة وقف الحرب بقطاع غزة    «معلومات الوزراء»: 73% من مستخدمي الخدمات الحكومية الإلكترونية راضون عنها    على خطى كرة القدم.. ريال مدريد بطلا لدوري السلة    حريق هائل في مصفاة نفط ببلدة الكوير جنوب غرب أربيل بالعراق | فيديو    عبد الوهاب: أخفيت حسني عبد ربه في الساحل الشمالي ومشهد «الكفن» أنهى الصفقة    مدرب بروكسيي: اتحاد الكرة تجاهل طلباتنا لأننا لسنا الأهلي أو الزمالك    ناقد رياضي ينتقد اتحاد الكرة بعد قرار تجميد عقوبة الشيبي    هشام عاشور: "درست الفن في منهاتن.. والمخرج طارق العريان أشاد بتمثيلي"    اتحاد الكرة يعلن حكام مباراتي بيراميدز وسموحة.. وفيوتشر أمام الجونة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نحو مجتمع آمن مستقر
أولوية البناء والتنمية
نشر في الأهرام اليومي يوم 14 - 09 - 2014

لقد راعت الشريعة الإسلامية مصالح البلاد والعباد من خلال منظومة متكاملة تمثلت فى مقاصدها العليا وهى الضروريات التى تشمل حفظ (الدين، النفس، النسل، العقل، المال)
والحاجيات والتحسينيات، فقدمت الضروريات على الحاجيات، والحاجيات على التحسنيات، ولقد ضرب النبى صلى الله عليه وسلم المثل الأعظم والذى تجلَّى فيما حدث فى صلح الحديبية حين تنازل صلى الله عليه وسلم فى وثيقة الصلح بكتابة باسمك اللهم بدل البسملة، ومحمد بن عبد الله بدل محمد رسول الله، فاستثمر مدة الهدنة بينه وبين المشركين فى تربية الرجال ونشر الدعوة ومخاطبة الملوك.
ونحن اليوم بصدد الحديث عن فقه الأولويات الذى غاب عن البعض أو ربما غاب عنهم الفقه والعلم الشرعي، وآثروا إلا أن يحدثوا البلبلة ويشقوا الصف، ويلتزموا طريق الشطط، وينتهجوا منهج التطرف فى الفكر والشذوذ فى الرأي، للدرجة التى حملت مفتقدى العلم الشرعى وأدنى درجات الفهم إلى الطعن فى سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم والتشكيك فى الصحاح وسب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، معرضين عن قول النبى الكريم صلى الله عليه وسلم: لا تسبوا أصحابي، فلو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبًا ما بلغ مد أحدهم، ولا نصيفه، وتطاولوا على كتب الصحاح التى عليها إجماع الأمة من المتقدمين والمتأخرين، فقال الإمام النووي: اتفق العلماء على أن أصح الكتب بعد القرآن الكريم الصحيحان، البخارى ومسلم، وتلقتهما الأمة بالقبول، وقال فى موضع آخر: وتلقى الأمة بالقبول إنما أفادنا وجوب العمل بما فيهما، وهذا متفق عليه، فلماذا تثار مثل هذه القضايا الآن والتى يغيب عنها فقه الأولويات اللهم إلا أن يكون الغرض منها إثارة الفتن فى وقت يحتاج فيه الوطن لبذل الجهد لأجل البناء والتنمية بدلاً من ضياعه فى ما لا طائل منه.
فلا غرو أن ينهل الجميع من معين هذا الفقه المانع، رغبة فى بناء عقيدة صحيحة، لا تلين أمام ذلك التيار الجارف من التشدد والمغالاة والتخوين وما شابه؛ متأسين بما فعله النبى صلى الله عليه وسلم فى المرحلة المكية، ببناء جيل لا يثنيه عن دينه شيء كما قال صلى الله عليه وسلم عمن كان قبلنا، وهو بلا ريب متمثل فى جيل الصحابة:كان الرجل منهم يُوضَعُ المِنْشَارُ عَلَى مَفْرِقِ رَأْسِهِ، فَيُشَقُّ بِاثْنَيْنِ مَا يَصْرِفُهُ ذَلِكَ عَنْ دِينِهِ، فقد كان تركيزه صلى الله عليه وسلم منصبًّا فى مكة على الدعوة إلى الأسس المتينة من عقيدة التوحيد وإخلاص العبادة لله وتربية الصحابة على السلوك القويم دون الدعوة إلى الجهاد بمعنى القتال فى سبيل الله، أو شغل المسلم بالأحكام والمسائل الجزئية والخلافية، فأعدَّ جيلاً حمل على عاتقه هم الرسالة والدعوة وحفظ الدين حتى وصل إلينا غضا طريا وتركنا على المحجة البيضاء لا يزيغ عنها إلا هالك. وإذا كنا نريد أن نتصدى لمثل هذه الأفكار المنحرفة والشاذة التى ظهرت فى وقت نحن أحوج ما نكون إلى الانشغال بالبناء والتنمية والعمل والالتفاف حول هدف وطني، فعلينا مراعاة فقه الأولويات من خلال أدواته ومضمونه والذى يراعى وضع الأحكام والقضايا فى مراتبها الشرعية دون تقديم أو تأخير، بحيث لا يؤخر ما حقه التقديم، ولا يقدم ما حقه التأخير، ولا يصغر الأمر الكبير، ولا يكبر الأمر الصغير، كما أن علينا أيضًا مراعاة فقه الموازنات الذى يوازن بين المصالح بعضها البعض والمفاسد بعضها البعض، أو الموازنة بين المصالح والمفاسد، وأن يصهر هذا فى بوتقة تجمع هذين الفقهين فى علاقة تلازم وتداخل، فكلاهما مرتبط بالآخر، فالموازنات تنتهى دائمًا بالأولويات، وهذا واضح كما ذكرنا آنفًا بما فعله النبى فى الفترة المكية وفى صلح الحديبية، ورحم الله الإمام ابن تيمية حين قال: الواجب تحصيل المصالح وتكميلها، وتعطيل المفاسد وتقليلها، فإذا تعارضت كان تحصيل أعظم المصلحتين بتفويت أدناهما، ودفع أعظم المفسدتين مع احتمال أدناهما هو المشروع.
وأمام هذا السيل الجارف من الانحرافات والتطاول على ثوابت الدين والأمة والطعن فى صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم تحتم علينا أن نراعى فقه الأولويات وأن نتصدى لأى فوضى فى الخطاب الديني، وهنا يتبادر إلى الذهن تساؤل: هل لنا أن نتأسى بالمرحلة المكية فى عهد النبى صلى الله عليه وسلم؟ والذى أصبغ فيها خطابه الدعوى بفقه الأولويات، تلك المرحلة التى انصب تركيزه صلى الله عليه وسلم فى بناء العقيدة والدعوة إلى الله والاهتمام بالتنشئة وإعداد جيل قادر على تحمل هموم الدعوة والوصول بها إلى أقطار الأرض كافة بعيدًا عن إثارة الأمور التى لا طائل من ورائها، فقد كان أكثر ما يشغله هو ترسيخ العقيدة والتوحيد فى نفوس المسلمين، وعبادة الله ونبذ ما دونه من شرك وطاغوت، والتحلى بمكارم الأخلاق التى عز وجودها فى زمن ظهرت فيه سلوكيات بين المسلمين لا تمت للإسلام بصفة.
وإذا كان الشرع الحنيف قد ألزمنا بل وأمرنا فى مواضع عدة بمراعاة المصالح ودرء المفاسد عن الأمة، فمن الضرورى أن تتجه دفتنا إلى القواعد الفقهية وإلى أدوات الفهم الصحيح وإلى مراعاة فقه الأولويات والموازنات، والبعد عن العبث والتطاول، بحيث إذا حدث تزاحم فى أمر ما قُدِّم خير الخيرين ودفع شرُّ الشرين، بما يعود على الأمة بالنفع والصلاح.
لمزيد من مقالات د شوقى علام


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.