لايخفى على أحد أنه مع كل تحرك صغير أوكبير فى العلاقات بين مصر وروسيا ،تأتى أمريكا مسرعة إلينا تستطلع الأمر،تعرض خدماتها واغراءاتها،شروطها وتهديداتها. وكانت اخر هذه التحركات زيارة الرئيس السيسى لموسكو تلتها زيارة وفد الكونجرس الأمريكى لمصر. واتسمت الزيارة الأمريكية بحلو الكلام من بينها أن العلاقات بين مصر وأمريكا قوية واستراتيجية،وأن علاقة مصر وروسيا لاتؤرق واشنطن ولا تمثل تهديدا لها، وأن مصر حرة فى اختيار ماتشاء من صداقات..ذلك علاوة على وعود بالمشاركة فى مشروع قناة السويس،ووعود بتعاون عسكرى ومساعدات مالية. مع ذلك بدت المساندة الأمريكية مترددة،لاتخفى مدى اضطرابها فى تعاملها معنا، وعدم فهمها للحقائق على الأرض بعد أن فقدت سفيرتها باترسون مصداقيتها ورحلت..أما الرئيس أوباما فلا يرى ولايسمع أو هكذا يبدو،وقد راهن منذ البداية على الحصان الخاسر أى على جماعة الاخوان الارهابية،بينما تصر ادارته على تجاهل حق المصريين فى تقرير مصيرهم, وقد تصاعدت الخلافات بين الدولتين لدرجة اقتربت من القطيعة..ولم يكن هذا بجديد على علاقة كانت خاضعة دائما لنزاعات وحسابات اقليمية ودولية. على الجانب الاخر من المشهد ،يقف الرئيس الروسى بوتن مساندا قويا شجاعا لمصر ،على استعداد تام لتعويضها عن خسائرها واحتياجاتهاءوتعميق المصالح المشتركة فى اطار ودى ،قد تتوجه زيارة من بوتن لمصر..وفى وصف للعلاقة،قال لافروف وزير خارجية روسيا ان لها الاولوية بالنسبة لموسكو وهى قوية تجاوزت كل الاختبارات التاريخية اما التصريحات الرسمية المصرية فكانت واقعية عملية تعتبر تعزيز العلاقة مع موسكو محاولة لامداد صانعى القرارالسياسى بمصر ببدائل للصالح القومى ..وهى مرحلة جديدة تتسم بتعاون اكثر ثراء..ومحاولة لتنشيط العلاقات الحالية..وربما تشير هذه التعبيرات البسيطة الى بعض الحرص على عدم استفزاز امريكا...ويسجل التاريخ ما قدمته موسكو لنا فى الخمسينيات والستينيات من القرن الماضى من مساعدات عسكرية وتكنولوجية واقتصادية،وكيف بنينا السد العالى وحاربنا بالسلاح الروسى ضد اسرائيل فى السبعينيات.،اى ان هناك أرضية صلبة نستطيع البناء عليها من اجل المستقبل.ولكن اذا كانت مصر قد استخدمت كأداة من ادوات. الحرب فى ذلك الزمان الا انها لن تكون طرفا فى اى صراع قد يتجدد بينهما.:ولن تعمل أو تتحالف مع أى منهما ضد الآخر. والمطلوب من واشنطن أن تساعدنا فى الحفاظ على شعرة معاوية،وأن تحترم الواقع المصرى الجديدوتتخلى عن انحيازهاالتام لحلفائها الارهابيين..فهل تستطيع واشنطن ذلك؟فى أغلب الظن لن تستطيع..ربما تخشى من رد فعل عنيف على مستوى الارهاب..وربما يكون هذا الخوف هو مادفعها أصلا للتحالف معهم..ولكن تمسكها بهم واستخدامها لهم فى حروبها ومؤامراتها الخارجية يعرضها لخسائر استراتيجية كبيرة،من بينها خسارة حق اكتسبته لأربعة عقود كأكبر مورد للسلاح لمصر،وصاحب أكبر نفوذ عسكرى بالمنطقة فى مثل هذه الحالة يصبح من حق روسيا أن تستفيد مما خسرته امريكا،وأن تستعيد نفوذها الذى فقدته بالمنطقة اثر تولى الرئيس السادات أوائل السبعينيات..كذلك من حق مصر أن تعزز علاقاتها مع موسكو بعد وقف المساعدات العسكرية عنها.