جذبه عالم الرسوم المتحركة منذ كان طفلا صغيرا، فأحب الرسم، وأعطى له جزءا كبيرا من وقته، حتى وصل إلى درجة الاحترافية، وشارك فى العديد من المعارض التى منحته جوائز كثيرة، واستطاع التكيف مع إعاقته السمعية التى ولد بها، وتغلب على الصعوبات التى واجهته فى رحلته التعليمية، وحاول أن يوجد لنفسه فرصة أفضل فى الحياة، فسافر للدراسة بالخارج وعاد منتصرا .. أنه الشاب هانى سمير عبد الفتاح صاحب تجربة تحتاج إلى دعم ومساندة من الجميع. يقول هانى «35 عاما»: ولدت مصابا بضعف سمع حسى عصبى شديد بالأذنين، كنا نعيش فى مدينة الزقازيق و نظرا لظروفى الصحية انتقلت أسرتى للعيش بالقاهرة حتى أنال علاجا وتعليما أفضل، وحصلت أمى على إجازة بدون مرتب من عملها حتى تتمكن من رعايتى على الوجه الأمثل, قبل وصولى لسن المدرسة التحقت بمدرسة تخاطب لأتعلم الكلام، بعدها دخلت المرحلة الابتدائية بمدرسة ليست للصم مستعينا باستعمال السماعات وعشت حياة طبيعية يملؤها المرح وشقاوة الطفولة وكانت لى عدة هوايات منها السباحة والتمثيل الصامت، ولكن تفوقت فى الرسم، وجذبت موهبتى أنظار من حولى وأصبحت «الفنان التشكيلى للمدرسة «وعندما انتقلت للمرحلة الإعدادية برزت موهبتى فى الرسم بشكل أوضح مما دفع المدرسة لتشجيعى والمشاركة فى مسابقات الإدارات التعليمية وقد فزت بالمركز الأول وبعدها توالت المشاركات فى العديد من المسابقات، وبعد حصولى على الشهادة الإعدادية لم أتمكن من الالتحاق إلإ بالتعليم الفنى الصناعى نظرا لحرمان الصم من التعليم العام واخترت قسم تكييف وتبريد وبعد حصولى على شهادة الدبلوم الصناعى حلمت بدخول كلية الهندسة وكان هذا حلم عمرى وللمرة الثانية تقف اللوائح والقوانين عقبة تحول بينى وبين تحقيق حلمى حيث لا يحق للصم دخول الجامعات الحكومية المصرية وبذلك لم يكن متاحا أمامى سوى بعض الجامعات الخاصة ولم أجد بها قسمى تكييف وتبريد أو ميكانيكا، ففضلت الدراسة بالمعهد الفنى الصناعى قسم تبريد وتكييف. رحلة الحياة بعد تخرجى فى المعهد بدأت رحلة البحث عن وظيفة وعملت بالعديد من الشركات ولكن كانت العقبة أننى معاق»أصم» لا يحق لى الحصول على الفرصة التى أريدها ولكن الطبيعى أن أعمل على الهامش، لذلك فكرت في الحصول على دورات تدريبية فى الكمبيوتر واللغة الإنجليزية لعل ذلك يشفع لى ويؤهلنى لوظيفة مناسبة، وبالفعل حصلت على دورات تكييف وتبريد مركزى وكمبيوتر ولغة إنجليزية من الجامعة الأمريكية وأيضا التحقت بكلية الفنون الجميلة دراسات حرة قسم جرافيك ورسوم متحركة لمدة عام، وشاركت فى مسابقة المركز الثقافى الفرنسى وكذلك الروسى وتم اختيار أحدى لوحاتى لتشارك فى مسابقة أقيمت بواشنطن, كما حصلت على دورة أوتوكاد (رسم هندسى) من الجامعة الأمريكية ودورة الأكاديمية العربية للعلوم وتكنولوجيا المعلومات والنقل البحرى, ثم اجتزت بعض الاختبارات بالجامعة الأمريكية وحصلت على بعثة من هيئة «فولبرايت» للحصول على دبلومة التبريد والتكييف المركزى من جامعة هلون بكاليفورنيا. السفر لأمريكا عندما حصلت على هذه المنحة كنت أكاد أطير من الفرح اعتقادا منى بأن مشكلتى فى الحصول على وظيفة سوف تنتهى بمجرد عودتى من أمريكا وحصولى على الشهادة، وسافرت والعزم والأمل يسريان فى سائر أعضاء جسدى, كان يومى يبدأ فى السابعة صباحا وأظل حتى الرابعة أدرس فى الجامعة بعدها أعود إلى المنزل أتناول الغداء ثم أذاكر محاضراتى، وفى أغلب الأوقات كانت ساعات المذاكرة تمتد حتى الصباح، ورغم ذلك فإن العامين اللذين قضيتهما هناك كانا من أجمل سنوات العمر لأنى شعرت بتقدير واحترام المجتمع لذاتى، وأنى شخص يتمتع بتفوق علمى يمنحه الحق فى تحقيق طموحه، لذا لم أشعر بالغربة وبعد انتهاء مدة المنحة تلقيت عرضًا مغرياً بالعمل هناك، ولكنى رفضت حتى أعود لوالدتى ولا أتركها تعيش بمفردها بعد وفاة والدى وشقيقى الأكبر, وبمجرد عودتى بدأت مرة أخرى رحلة البحث عن وظيفة وكانت المفاجأة أن الوضع لم يتغير بل أزداد سوءا، حيث لم يتم الاعتراف بشهادة دبلومة التكييف والتبريد المركزى التى حصلت عليها من أمريكا، وتقدمت للعمل بالشركة التى كان يعمل بها أخى، ولكن لم يتم قبولى ومنذ عامين عملت فى شركة «بترومنت» بالإسكندرية بنظام المكافأة الشاملة وحتى الآن لم يتم تعيينى أو الاعتراف بالشهادة التى حصلت عليها من أمريكا وفى المقابل تم الاعتراف بالشهادة نفسها لزميل أخر، ولكنه غير أصم. وطالبت مرارا وتكرارا أن أخضع لامتحانات حتى يتأكد المسئولون من أننى جدير بالعمل والتعيين، ولكن دون جدوى, والمؤسف أن هناك بعض الزملاء استلموا العمل بعدى ولكن تم تعيينهم. العيش دون قلق كل ما أتمناه أن يتم تعيينى طبقا لنسبة ال 5% الخاصة بذوى الإعاقة ويتم الاعتراف بالشهادة التى حصلت عليها أسوة بزميلى حتى أتمكن من العيش بدون قلق على مستقبل طفلى شريف صاحب الثمانية أشهر، وأحلم بمقابلة وزير البترول حتى أعرض عليه مجسما قمت بتصميمه عبارة عن تصور جديد لشركات البترول بحيث يتم ربط جميع أبار البترول الموجودة فى موقع واحد ببعضها البعض وملحق بهم جزء يتم فيه حرق الغاز الزائد وهذا يجعل العمل يسير بشكل أسرع وأفضل.