للمرة الثانية خلال يومين، دعا الرئيس الأمريكى باراك أوباما إلى استتباب السلام والهدوء فى ولاية ميزورى الأمريكية التى شهدت أعمال عنف على مدى الأيام الخمسة الماضية عقب مقتل الشاب الأسود مايكل براون برصاص قوات الشرطة الأمريكية. وأكد أوباما، فى بيان أدلى به من مقر إقامته الصيفية فى ماساتشوستس، أن الوقت حان لتضميد الجروح ومعالجة الأزمة واعادة الهدوء والسلام إلى شوارع مدينة فيرجسون التى اندلعت بها المظاهرات للمطالبة بالإفصاح عن هوية رجل الشرطة المتورط فى الحادث وتطبيق العدالة ضده. وقال أوباما إن إيريك هولدر المحامى العام الأمريكى أطلعه على الوضع فى مدينة فيرجسون بعد مقابلته لأسرة الشاب براون ، وأمر أوباما مسئولى الشرطة الفيدرالية بمساعدة السلطات بولاية ميزورى لاستعادة النظام. وطالبت عائلة براون من وزارة العدل بإعادة تشريح الجثة مرة أخرى من قبل وكالة فيدرالية من أجل ضمان الحيادية، مشيرا إلى أنه سيتم تأجيل جنازة القتيل لحين البت فى الأمر. وأضاف الرئيس الأمريكي: »ليس هناك أى عذر على الإطلاق يدعو لارتكاب أعمال عنف ضد الشرطة ، كما أنه لا يوجد عذر لرجال الشرطة للاستخدام المفرط للقوة ضد الاحتجاجات السلمية«، مشيرا إلى أن سلطات الولاية مسئولة عن إجراء تحقيق شفاف ومفتوح فى مقتل الشاب براون - 18 عاما - ولكنه انتقد اعتقال الشرطة اثنين من الصحفيين ، قائلا إنه يعلم أن المشاعر متأججة حاليا. واستمرت المظاهرات لليوم الخامس على التوالى بمدينة فيرجسون ذات الأغلبية السوداء. ووصف جاى نيكسون حاكم ولاية ميزورى الوضع فى المدينة بأنه يشبه ساحة الحرب، وقال إن ذلك أمر غير مقبول. وذكرت شبكة «سى إن إن» أن المئات من المتظاهرين تجمعوا أمام منزل جون بيلمر رئيس الشرطة فى ضاحية سانت لويس بمدينة فيرجسون، ورددوا هتاف : «ما هو اسمه .. ما هو اسمه»، مطالبين بإعلان اسم الضابط الذى قتل الشاب الأسود ، كما وعدت الشرطة من قبل. واضطرت الشرطة الأمريكية الليلة قبل الماضية لإطلاق قنابل دخان وأخرى مسيلة للدموع لتفريق المتظاهرين الذين أثاروا أعمال شغب وألقوا زجاجات مولوتوف ، وهو ما دعا حاكم الولاية إلى تسيير دوريات من شرطة الولاية فى سانت لويس ، بدلا من الشرطة المحلية التى اشتبك أعضاؤها مع المتظاهرين الغاضبين. وكلف حاكم الولاية رون جونسون مسئول الأمن على الطرق السريعة بالولاية والمولود بمنطقة فيرجسون - وهم من السود - بمهمة حفظ الأمن فى سانت لويس ، وقد وعد جونسون من جانبه بالقيام بمعالجة مختلفة من الناحية الشرطية بعد شكاوى عديدة من التكتيكات العنيفة للشرطة واعتقال العشرات من المواطنين بالمدينة. وسار جونسون وعددا من الضباط دون أى دروع واقية بين المتظاهرين ، وطالب معهم بالعدالة فى قضية براون ، وهو ما نجح فى استعادة بعض الهدوء. ونظم العديد من الأمريكيين أمس أيضا عددا من الوقفات والمسيرات فى عدة مدن كبرى بمختلف الولايات تضامنا مع الشاب براون وللتنديد بوحشية الشرطة ، وكانت أبرز هذه المظاهرات فى نيويورك ولوس أنجلوس. واجتاح المئات من المتظاهرين فى نيويورك أحد مراكز الشرطة بمنتزه «يونيون سكوير» ، وطوقوا عددا من رجال الشرطة فى أحد الشوارع الرئيسية بالمدينة. جاء ذلك فى الوقت الذى أعلنت فيه جماعة »كليو كلاس كلان« اليمينية المتطرفة المعروفة بعدائها التاريخى للسود فى الولاياتالمتحدة أنها تقوم بجمع المال حاليا للتبرع به وتقديمه إلى الضابط الذى أطلق النار على براون مكافأة له على صنيعه. وقالت الجماعة فى بيان إن مقرها فى ولاية ميزورى يعتزم جمع المال كمكافأة للضابط »البطل« - على حد تعبيرها- الذى أطلق النار على المراهق الأسود. وقد أثارت الاشتباكات بين الشرطة والمتظاهرين نقاشا وطنيا حول العلاقات بين الأعراق الأمريكية ، وأسلوب معاملة الأقليات فى نظام العدالة الجنائية، كما أثار رد الشرطة المكثف على المتظاهرين باستخدام معدات مكافحة الشغب والغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطى تساؤلات حول »عسكرة« الشرطة فى الولاياتالمتحدة. وقالت وكالة «رويترز» إن مراقبين دعوا إلى ضرورة إعادة النظر فى برنامج للجيش الأمريكى يتم بموجه تزويد قطاعات الشرطة بالأسلحة والعربات والمدرعات التى تساعدها فى مهام مكافحة المخدرات وحفظ الأمن خاصة بعد أحداث 11 سبتمبر 2011.