منذ عام 1952 وحتى اليوم أضافت مصر لرقعتها الزراعية 2.5 مليون فدان لتصل إلى 8.6 مليون فدان حاليا بدلا من 6ملايين فى السابق. هناك أيضا نحو مليون فدان تم استصلاحها بغرض إحلال الأراضى القديمة التى فقدناها بالبناء أو التوسع العمرانى والتعديات على الأراضى الزراعية بما يصل بنا إلى 3.5 مليون فدان استصلاح فعلى خلال 62 عاما. وعندما نجد من يتقدم للحكومة بمشروع لاستصلاح نحو 4ملايين فدان خلال عدة سنوات تحتاج إلى مياه ليس بأقل من 20 مليار متر مكعب فى بلد يعانى نقصا حاليا فى موارده المائية يصل إلى 30 مليار متر مكعب سنويا فلابد أن نتوقف ونحذر. الحسبة ببساطة أن تعداد مصر 90مليونا، ونصيب الفرد ينبغى ألا يقل عن ألف متر مكعب من المياه حتى نتجاوز حد الشح المائى فتكون احتياجاتنا 90 مليارا لا نمتلك منها إلا 55.5 مليار من مياه النيل و5 مليارات مياها جوفية ونحو 1.3 مليار أمطار تسقط على أراضى الدلتا فيكون إجمالى مواردنا الحالية 61.8 مليار. ونتيجة لهذا الشح المائى لجأت مصر إلى إعادة استخدام 10 مليارات م3 من مياه المصارف الزراعية سواء من مصارف الدلتا أو مصارف الصعيد التى تعود إلى نهر النيل وبالتالى يتبقى لمصر عجز يقترب من 20 مليارا م3. وبدلا من أن تكون هموم الباحثين ومسئولى الدولة البحث عن مصادر مائية جديدة تسد العجز الحالى فإذا بهم يدعون قدرتهم على توفير مياه تكفى لاستصلاح أربعة ملايين فدان منها مليون فدان استصلاحا فوريا على الرغم من إحساس الجميع بمدى معاناة الفلاحين الحالية من نقص مياه الرى وتأثر محاصيلهم وبوار مساحات عديدة من أراضيهم بسبب نقص المياه المخصصة للزراعة. ونتيجة لأن مايزيد من مياه رى الأراضى الزراعية ويذهب إلى المصارف ونعيد إستخدامه فى الرى مرة أخرى ارتفعت كفاءة الرى بالغمر فى مصر إلى 75% وهى نفسها كفاءة الرى بالرش. بالإضافة إلى ذلك فلا توجد مياه فى العالم خالية من تركيزات من الأملاح ومياه نهر النيل تضيف للفدان كل عام 2.5 طن من الأملاح أما مياه الصرف الزراعى والمياه الجوفية فتضيف للفدان ضعف هذا الرقم سنويا وبالتالى فلابد من توافر كميات إضافية من المياه لغسيل هذه الأملاح دوريا وإلا تملحت وبارت جميع أراضينا الزراعية.والغريب فى الأمر أن لدى مصر مشروعين قوميين لاستصلاح الأراضى مضى على تأسيس أحداهما 35 عاما والثانى عشرون عاما وأنفقنا المليارات عليهما وتزيد رقعتيهما على مليون فدان وهما مشروع ترعة السلام بزمام 620 ألف فدان، ومشروع توشكى فى مرحلته الأولى بزمام 540 ألف فدان بإجمالي1.16مليون فدان، فهل ننجزهما وننتهى منهما أولا أم نتركهم لنذهب إلى شرق وجنوب منخفض القطارة وهى مناطق ليس لها منفذ للصرف الزراعى ولا توجد زراعة بدون صرف ومثلها الزمام الصحراوى للمنيا وسوهاج وأسيوط والتى تتطلب المليارات لتمديد الترع والمصارف. بالإضافة إلى المشروعين السابقين فهناك أيضا مشروع امتداد ترعة الحمام بالساحل الشمالى الغربى والتى تم تمديد الترعة إليها حتى منطقة الضبعة بزمام 300 ألف فدان وتعتبر أمل مصر والذى يبدأ من غرب النوبارية وصولا إلى مطروح ثم السلوم ويضم مليونى فدان على الأقل وهى منطقة مطيرة لاتكلفنا مياها أثناء موسم الشتاء وتتطلب نصف إحتياجات المياه خلال شهور الصيف فقط مقارنة بالإتجاه الخاطئ بالإستصلاح فى أراضى الصعيد شديدة الحرارة بمعدلات فقد المياه العالى بالتبخير فى ظروف الشح المائى العنيفة التى تعيشها مصر وبالتالى فإن فكر الإستصلاح الحالى ينبغى أن يكون بالاتجاه شمالا فى شمال سيناء والساحل الشمالى الغربى للإستفادة بمعدلات لا بأس بها من الأمطار. ولأن الدولة كانت ترغب فى تشجيع القطاع الخاص فقد صدر قرارا لرئيس وزراء سابق بأن يكون القطاع الخاص هو المسئول عن استصلاح الأراضى وليس الدولة، بالإضافة إلى قرار آخر عام 2010 بإيقاف جميع مشروعات الإستصلاح القائمة حتى تطمئن مصر على حصتها من مياه النيل وتنتهى من حسم أطماع بعض دول المنابع ذات الوفرة المائية فى مياه النيل، وبالتالى فالأمر يحتاج علما وخبرة ورؤية وخبراء مياه واستصلاح حتى لا تكون الدولة ضحية لمشروعات متعجلة. وأخيرا نذكر أن مشروع الصوبات الزراعية فى وزارة الزراعة يعانى منذ عشر سنوات ويتسبب للوزارة فى خسائر سنوية أدت إلى إيقافه وهو المشروع الذى أفترض أنه سيوفر المليارات من الأمتار المكعبة من المياه، بالإضافة إلى أن فدان الأرض الزراعية لا يستوعب إلا 4 عمال فقط فى حين يستوعب المصنع المقام على هذه المساحة فى الصحراء ألفى عامل. لمزيد من مقالات د.نادر نور الدين محمد