المشورة هى ما ينصح به من رأى أو غيره، وتجنب الزلل، وتكشف العلل، وهى مهمة للحاكم والمحكوم، وجاء فى كتاب: "أدب الدين والدنيا" للماوردى فى المشورة ما يلي: أعلم أن من الحزم لكل ذى لب ألا يبرم أمرا "ولا يمضى عزما" إلا بمشاوره ذى الرأى الناصح، ومطالعة ذى العقل الراجح، وقد أمر الله تعالى نبيه "صلى الله عليه وسلم" بالمشورة فقال: "وشاورهم فى الأمر" - آل عمران: 159، وقد روى عن النبى انه قال: "المشورة حصن من الندامة، وأمان من الملامة"، وعن عمر بن عبدالعزيز قال: "المشورة والمناظرة بابا رحمة ومفتاحا بركة، لا يضل معهما رأي، ولا يفقد معهما حزم، وفى منثور الحكم: المشاورة راحة لك وتعب على غيرك، وقال بعض الحكماء: الاستشارة عين الهداية، وقد خاطر من استغنى برأيه، وقال الحكماء: الخطأ مع الاسترشاد أحمد من الصواب مع الاستبداد، وقيل أيضا: "من أكثر المشورة لم يعدم عند الصواب مادحا"، وعند الخطأ عاذرا، وقال الأدباء: ما خاب من استخار ولا ندم من استشار، وقال البلغاء: من حق العاقل أن يضيف إلى رأيه آراء العقلاء، ويجمع إلى عقله عقول الحكماء، فالرأى الفذ ربما زل والعقل الفرد ربما ضل، ولابد من اكتمال خمس خصال فى أهل المشورة الأولي: العقل الكامل مع التجربة السابقة، لأن كثرة التجارب تصح الرؤية، والثانية: أن يكونوا من أصحاب الدين والتقي، لأن من غلب عليه دينه فهو مأمون السريرة وموفق العزيمة، والثالثة: أن يكونوا من أصحاب النصح والمودة، لأن النصح والمودة يصدقان الفكرة ويمحصان الرأي، والرابعة: أن يكون الناصح سليم الفكر، قاطع الهم، وخاليا من الغم، لأن صاحب الهموم لا يسلم له رأى ولا يستقيم له خاطر، والخامسة: الا يكون للمستشار غرض يتابعه ولا هوى يساعده، لأن الغرض والهوى يفسدان الرأي. د. صلاح أحمد حسن أستاذ بطب أسيوط