الصناعة المصرية تواجه تحديات مهمة خلال الفترة الحالية فهى مطالبة بالعمل على توفير احتياجات المواطنين فى كل انحاء مصر بجودة كبيرة وبأسعار مناسبة . وعليها فى الوقت نفسه أن تعمل على زيادة صادراتها إلى دول العالم لتحقيق أكبر عائد ممكن بالنقد الأجنبى وأيضا توفير فرص عمل جديدة لاستيعاب طاقات الشباب . وفى وسط هذا كله فعليها أى الصناعة أن تتعامل مع متغيرات جديدة فرضت عليها أعباء ضرورية مطالبة بإستيعابها وخاصة الزيادة التى حدثت مؤخرفى أسعار الطاقة . ومن هنا تأتى أهمية هذا الحوار مع السيد منير فخرى عبد النور وزير الصناعة والتجارة والمشروعات الصغيرة والمتوسطة الذى يجيب فيه بوضوح وصراحة على أهم التساؤلات لدى المواطنين والمنتجين حول موضوعات الأسعار والطاقة والإنتاج والأراضى والصادرات . وفيما يلى حوار «الأهرام» مع الوزير تجاوز المرحلة الصعبة
تحريك أسعار الطاقة من أهم المتغيرات التى وجهت الصناعة مؤخرا .. فما هى ضرورة تحقيق ذلك ؟ ان تحريك أسعار الطاقة الذى اضطرت إليه الحكومة هو الدواء المر الذى كان يجب أن نتجرعه حتى نعبر هذه المرحلة الصعبة التى يجب أن تضافر فيها جميع أفراد الشعب للعبور والنجاح فى معالجة المشكلات الهيكيلية والقضاء على تشوهات الاقتصاد والأسعار ومعالجة العجز الكبير فى الموازنة العامة للدولة نتيجة ما كان مخصصا لدعم الطاقة منذ عقود ماضية ، بالإضافة الى أنها تساعد على تهيئة المناخ المناسب للاستثمار والقضاء على تشوهات السوق. تحسين موقف المنتجات المصرية وما رأى رجال الصناعة والمنتجين فى هذه الزيادة؟ وتأثيرها على أسعار المنتجات؟ أول من طالب بالقضاء على هذه التشوهات وإلغاء الدعم مرحليا على مصادر الطاقة كان المصنعين واتحاد الصناعات بالتحديد .. حيث أوضح منذ فترة من خلال خطة قدمها ضرورة إلغاء الدعم مرحليا ، وهناك توافق من جميع المستثمرين ورجال الصناعة على ضرورة ذلك وتقبلهم لذلك، حيث ان تحقيق ذلك وإن كان أمرا صعبا كان على المستثمرين والمنتجين فى الأجل القصير إلا أنها تؤدى الى تهيئة المناخ المناسب للاستثمار حيث انها تقضى على تشوهات السوق ، ومما يؤكد ذلك أنه خلال لقاء عقد مؤخرا مع أعضاء صندوق دعم الصادرات.. كان هناك توافق من جميع المصدرين على تقبلهم ذلك لأنه يسرع فى تصحيح المسار الاقتصادى ويحسن موقف المنتج المصرى فى الأسواق العالمية لأنه سيكون واضحا ومعروفا ويتيح الاستقرار فى العمل والإنتاج طبقا لرؤية واضحة ومحددة للاقتصاد المصرى .. أرباح كبيرة للمشروعات فى مصر هل ادت المتغيرات الأخيرة فى أسعار الطاقة إلى قيام بعض المستثمرين الأجانب بالانسحاب من السوق المصرى ؟ لم تحدث انسحابات للمستثمرين بأنواعهم من مصر على الإطلاق ، بل على العكس تماما فمصر خلال السنوات الثالثة الماضية ورغم الصعوبات التى حدثت مؤخرا نتيجة بعض التقلبات السياسية والاجتماعية والاقتصادية وافتقاد الشارع المصرى الى الأمن والأمان إلا أن غالبية المستثمرين الوطنيين والعرب والأجانب حققوا أرباحا أعلى من أى نسب يستطيعون أن يحققوها فى الدول التى ينتموا إليها وهناك أمثلة على ذلك فى قطاعات التصنيع الغذائى والزراعة والتوزيع والتجارة الداخلية ،
زيادة محدودة فى التكلفة
ولكن ما هو التأثير المباشر لزيادة أسعار الطاقة على القطاعات الصناعية ومنتجاتها؟ يهمنى أن أوضح فى البداية أن هناك بعض القطاعات تأثرت بسبب ندرة الطاقة وليس أسعارها ، ولايعنى ذلك أن الزيادة فى أسعار الطاقة لن يترتب عليها فى زيادة فى التكلفة وبالتالى ينعكس ذلك على أسعار المنتجات. ولكنها تعتبر زيادات محدودة نسبيا . فعلى سبيل المثال فإن تحريك أسعار الطاقة فى صناعة كثيفة الطاقة مثل الحديد وهى من أكثر القطاعات التى تأثرت برفع أسعار الغاز . ولكن وطبقا لتأكيدات المنتجين أنفسهم خلال اجتماعى معهم للتعرف على مشكلاتهم، فقد أوضحوا أن منتجاتهم فى الدرفلة وهى تشمل حديد التسليح والأسلاك وغيرها لن تزيد أسعارها فى المنتج النهائى عن 5% ،أما بالنسبة لمنتجات البليت فسيزيد من 8 الى 9% ومنتج الحديد الإسفنجى والغاز المستخدم فيه كأحد المدخلات بالصناعة وليس مصدرا للطاقة ولذلك تم تعديل سعر الغاز له لتخفيف الآثار على التكلفة ، إذا كان هذا بالنسبة للصناعة كثيفة الطاقة فما بالنا بالصناعات الأقل استخداماً للطاقة، الخلاصة أعتقد أنه لن تزيد تكلفة الإنتاج على 5% كمتوسط عام وبالتالى يزيد السعر فقط على المستهلك 5% فقط وهى نسبة محدودة ويمكن تقبلها فى السوق المصرية . وكيف يضمن المواطنون ألا يستغل البعض الزيادة المحدودة فى التكلفة ويرفع مقابلها أسعار المنتجات بنسب كبيرة مبالغ فيها لتحقيق أرباح طائلة غير مستحقة ؟ الحكومة لن تقبل ذلك مطلقا واؤكد أنه لا تهاون مع أى زيادة مبالغ فيها للأسعار للمستهلك المصرى .. فالرقابة ستكون »صارمة« وهناك آليات للحكومة لمتابعة الأسواق الداخلية والرقابة عليها وستقوم وزارة الصناعة والتجارة من خلال بعض هيئاتها وبالتحديد هيئة الرقابة على الصادرات والورادات وهيئة الرقابة الصناعية بمساهمة فعالة فى جهود الرقابة على الأسواق. مناشدة المنتجين والتجار بعدم المبالغات السعرية وما آليات الرقابة على الأسواق؟ هناك آليات كثيرة للرقابة من الحكومة ولانريد أن نصل الى مستوى التسعير ووضع أسعار استرشادية .ولكننا نطالب المنتجين والمسوقين والتجار أن يتحلوا بقدر من المسئولية الوطنية والاجتماعية وألا يستغل البعض الظروف . والإ فإن الحكومة ستتدخل فمثلا سعر الأسمنت معروف فلو وصلت الزيادة 100 جنيه على الفور فسنتدخل وأول شىء ممكن اللجوء الى استيراده مما يضطر المنتجين الى تخفيض أسعاره ، فنحن نراقب الأسواق وحركة الأسعار ونناشد الالتزام من المنتجين والتجار بالحرص وعدم المبالغة فى زيادة التكلفة بحيث يمكن أن لاتتجاوز فى المتوسط 5% ، وإذا وجدنا مبالغات فى الأسعار فسوف تتدخل الحكومة فورا من خلال آليات السوق لانضباط الأسعار خدمة للمستهلك المصرى ، فنحن قادرون على استيراد إى سلعة من الخارج لضبط الأسواق.
مراعاة الظروف الاقتصادية هل هناك نية لزيادة الأعباء على الصناعة خلال الفترة المقبلة وخاصة بالنسبة لزيادة أسعار الطاقة والأراضى والمياه والتراخيص ؟ يهمنى أن أؤكد أنه لانية على الإطلاق لرفع أسعار الطاقة للصناعة أو لاى شىء آخر على الأقل خلال ال 12 شهر المقبلة كما أنه لن تكون هناك زيادة فى أسعار المياه والتراخيص على الأقل خلال ال12 شهرا المقبلة ، وبالنسبة للأراضى الصناعية فقد تم وضع نظام جديد مواز لنظام البيع والتمليك وهو نظام حق الانتفاع وتم تحديد أسعاره وهى أسعار مقبولة وذلك تأكيدا على حرص الدولة على مراعاة الظروف الاقتصادية للصناعة المصرية والحفاظ على قدراتها التنافسية توزيع متوازن لدعم الصادرات هل استمرار الدعم مفيد للصادرات وإذا كان هذا صحيحا فلماذا تم تخفيضه 500 مليون جنيه ؟
دعم صادرات الصناعة مفيد جدا والارتباط بين دعم الصادرات وزيادته ارتباط كامل ، و تم تخصيص 2.6 مليار جنيه لصندوق تنمية الصادرات خلال العام المالى الجديد بانخفاض قدره 500 مليون جنيه عن موازنة الصندوق العام الماضى والتى بلغت 3.1 مليار جنيه ،و سيتم إعادة توزيع هذه المبالغ على مختلف القطاعات التصديرية لإحداث التوازن بين القطاعات وتحقيق الاستفادة القصوى من هذه المخصصات ، وانخفاض موزانة الصندوق يرجع إلى الظروف الاقتصادية الراهنة وتخفيض حجم النفقات العامة ،والوزارة قامت بمشاورات كثيرة داخل الحكومة للوصول إلى هذه المبالغ خاصة وأنه كان المقترح من المخصصات المالية أقل بكثير مما تم الحصول عليه حالياً . وكيف سيتم التعامل فى أسلوب دعم الصادرات طبقا لحجم المخصصات لها؟ أسلوب توزيع و صرف الدعم البالغ 2.6 مليار جنيه تغير حيث ان 50% منه تقريبا سيوجه بنفس الأسس للصرف فى السنوات الماضية ، واما النسبة الأخرى المتبقية فهى حوافز إضافية كأداة لتنفيذ السياسة الصناعية وتتضمن دعما إضافيا للصناعات أو للإنتاج أو تصدير المنتج من المناطق النائية أو الحدودية أو التى تحصل على الاهتمام الكافى فى العقود الماضية وذلك لتشجيع الإنتاج فى هذه المناطق ، وهناك دعم آخر للإنتاج كثيف العمالة لمواجهة مشكلة البطالة ، ودعم أيضا للإنتاج الذى يستخدم مصادر الطاقة الجديدة والمتجددة ، والإنتاج الذى يلجأ لترشيد الطاقة ، إذا ال 50% من دعم الصادرات سيستخدم كآلية لتنفيذ السياسة الصناعية التى تهدف لتنمية المناطق النائية واستخدام التكنولوجيات الحديثة وإنتاج الكثيف العمالة وترشيد الطاقة واستخدام الطاقة الجديدة والمتجددة ، وهناك حوافز إضافية تمنح لكل منتج يصدر من مناطق نائية منها الوادى الجديد والصعيد وسيناء وغيرها من المحافظات الحدودية بالإضافة إلى مساندة المصدرين لفتح أسواق جديدة أمام الصادرات الزراعية ، وخاصة أن الزراعة المصرية تتمتع بمميزات كبيرة تتيح لها تحقيق مزيد من النجاحات خلال المرحلة المقبلة وأن الوزارة ستعمل على تقديم المساندة التصديرية اللازمة لهذا القطاع الهام والحيوى مساندة فى البنية الأساسية هل هناك طرق أخرى لمساندة التصدير غير الدعم ؟ توجد مساندات فى قطاع البنية الأساسية التى يستخدمها الجميع فعلى سبيل المثال ندعم المعارض والنقل، وسوف أبحث خلال الفترة القريبة المقبلة خلال زيارة لإيطاليا إنشاء خط ملاحى منتظم يربط بين الموانئ المصرية وموانئ شمال البحر الأبيض المتوسط كمدخل للدول الأوروبية ، من خلال التعاون بين وزارة الصناعة والحكومة الإيطالية وفى إطار مبادرة التجارة الخضراء وبرنامج مبادلة الديون ، بالإضافة الى البنك الأوروبى للإنشاء والتعمير للحصول على منح وقروض لعمل الساحات التخزينية للتصدير فى المطارات المختلفة، وهذه بدائل لمساندة التصدير من خلال البنية التحتية لدعم الصادرات التى تخدم وتوفر فى التكاليف وتزيد الطاقة للساحات التخزينية والتغليف للصادرات. وما هو دور محافظات الصعيد والوادى الجديد فى هذا المجال ؟ الحكومة تهتم بمحافظات الصعيد و العمل على زيادةالاستفادة من الإمكانات والقدرات المتوفرة داخل هذه المحافظات التى يمكن أن تكون مصدراً كبيراً للعديد من الصادرات الزراعية خلال المرحلة المقبلة ،و هناك جهودتجرى حالياً لإنشاء ساحات تخزينية للحاصلات الزراعية داخل مطار سوهاج وأسيوط خاصة وأن هناك تمويلاً متوفرا لإقامتها وذلك لتعظيم الاستفادة من كافة المحاصيل الموجودة داخل هذه المحافظات والتى تتمتع بإقبال كبير داخل الأسواق الأوروبية، وبصفة عامة فأنا على يقين من القدرات التصديرية فى المجال الزراعى فى الصعيد لسبين لأن التربة خصبة جدا والإنتاج يسبق الوجه البحرى بعدة أسابيع مما يجعله يستطيع النفاذ للسوق الأوروبية والخارجية فى عز الشتاء بوقت مبكر وأسعاره تكون مرتفعة.أما بالنسبة للوادى الجديد فإن هناك اهتماما كبيرا داخل برنامج دعم الصادرات للمحافظة وخاصة الصادرات الزراعية المنتجة من الوادى الجديد حيث يعتبر الإنتاج من مناطق نائية وعدد من الزراعات هناك تستخدم الطاقة الشمسية ابتكارا وإستخداما الطاقة الجديدة و يستلزم الدعم الإضافي. إصلاح تشريعات فى مناخ الأعمال ما هى الجهود الأخرى التى تقدمها الدولة لمساعدة الصناعة؟ الدولة تعمل بكامل طاقتها للتسهيل أمام المستثمر الصناعى من تسهيل الاجراءات وتقليل خطوات أمام المتعامل فى السوق من الحصول على التراخيص أو البيع أو الشراء أو للتسجيل أو للتصدير أو للاستيراد وغيرها، بالإضافة الى أن هناك من الوزارة خطوات لإعادة النشاط لمبادرة »إرادة« استكمالًا للجهود لإصلاح التشريعات المتعلقة بمناخ الأعمال، وومراجعة الموضوعات ذات الصلة بهذه التشريعات، مع إصدار التوصيات اللازمة بشأنها، فضلًا عن إنشاء سجل إلكترونى وقاعدة بيانات خاصة بالمبادرة والتى من الممكن أن تغير وجه مصر . بعد التغيرات الأخيرة فى اسعار الطاقة للصناعة هل مازالت مصر دولة جاذبة للاستثمار أم لا؟ بالتأكيد مصر دولة جاذبة للاستثمار فبها 90 مليون مستهلك وترتبط بالأسواق الأفريقية والعربية والأوروبية إتفاقيات تجارة حرة اى تخدم حوالى 2 مليار مستهلك من خلال هذه الاتفاقيات، بالإضافة الى أنه لايزال العامل المصرى نسبيا الأرخص فى جميع دول العالم ونعمل على رفع كفاءته الإنتاجية من خلال برامج تدريب مستمرة فى كل المجالات، والتعليم الفنى على رأس أولويات الدولة الآن لتخريج عامل ذى مهارات متميزة تواكب احتياجات سوق العمل بالداخل والخارج. سياسات توسعية لتنشيط الأسواق ولكن هناك البعض يقولون بوجود بدايات ركود فى السوق فى قطاعات مثل الأجهزة الكهربائية والملابس فما مدى صحة ذلك ؟ لا يوجد نهائيا ركود فى الأسواق .بل ان الحكومة تتبع سياسة توسعية لا انكماشية وهناك انفاق استثمارى ناتج عن تشجيع الاستثمار فى القطاع الخاص الوطنى والأجنبي، وأيضا هناك المنح والمساعدات من بعض الدول العربية مما أسهم كثيرا فى توفير احتياجات الدولة ، فلا ركود فى الأسواق وكل المشروعات العامة والخاصة وخاصة فى مجال التشييد والبناء والتى تعمل بنشاط متزايد فى كل أنحاء الجمهورية ،وبصفة عامة فأنا متفائل وأدعو الجميع للتفائل لأن الشعب المصرى قادر على تخطى هذه التحديات باقتدار ،وهناك مستثمرون عرب واجانب يريدون الاستثمار فى مشروعات كثيرة بمصر خلال الفترة القريبة المقبلة.