ربما حتى الآن لا أعلم سببا مقنعا أو مبررا وداعيا لحالة الغضب والقتور التى واجهها شخص وزير الخارجية الجديد سامح شكرى منذ لحظة تعيينه فى هذا المنصب خلفا للوزير نبيل فهمي حيث كان الأخير بكل تأكيد دبلوماسيا ناجحا استطاع أن يحرز أهدافا خاطفة وناجزة فى كثير من ملاعب السياسة الخارجية فى عدة مناطق من العالم. ويحسب له الإنجاز الأكبر فى عودة مصر الى الساحة الافريقية مؤخرا أو كذلك إحداث تحول ومرونة فى مواقف دول الاتحاد الأوروبى وامريكا، التى كانت تعادى مصر بعد ثورة 30 يونيو فضلا عن التصدى بحزم وقوة ردع دبلوماسى لمواقف إقليمية تجاه مصر مثل ايرانوتركياوقطر. ربما لكل تلك هذه الأسباب حزن البعض لرحيل فهمى من وزارة الخارجية وأنا منهم بطبيعة الحال، خاصة أنها كانت المرة الأولى منذ سنوات طويلة التى نشهد فيها دبلوماسية مصرية نشيطة ديناميكية ومتحركة وصاحبة ندية فى مواقف وسياسات مصرية واشتباك سياسى ودبلوماسى يومى باتجاه كثير من الأحداث فى المنطقة. وهذا ما نعود نطلبه وننشده من وزير الخارجية الجديد سامح شكري، حيث ان ملفات السياسة الخارجية وعلاقات مصر الدولية وفى إقليم مضطرب بات يجب أن تصنع برؤية جديدة وفكر ومنهجية مختلفة بعد أن أصبح هناك رئيس جمهورية جديد ومؤسسة رئاسة قوية واستقلال فى الحركة والقرار. لدى وزارة الخارجية العريقة بعيدا عن خطف أدوارها وتقزيم مهامها كما كان يحدث فى عهد مبارك ومرسي. الشاهد حتى الآن أن مصر لم تستعد بعد دورها ومكانتها أو حق ضربات البداية للاشتباك السياسى مع كثير من دول وقضايا الإقليم ودول العالم، حيث لم تخرج بعد من حالة الانكفاء التى ضربت الدولة آخر عشر سنوات فى حكم مبارك والسنوات الثلاث الماضية منذ ثورة 25 يناير حيث لا دور ولا حركة ولا دبلوماسية استباقية ووقائية لقضايا مصر، بل العديد إن لم يكن كل قضايا المنطقة التى كان يجب ولايزال أن تكون مصر الرقم الصعب فى تحريكها والإسهام فى تقديم سلة حلول بشأنها بدءا من خطر إيران أو أزمات العراق وسوريا ولبنان واليمن وليبيا وسيناريوهات الأمن الاقليمى فى الخليج فى ظل بروز قوى اقليمية كبرى لمثلث ثلاثى الاضلاع هو ايرانوتركيا واسرائيل، أما مصر والدول العربية الخليجية التى كان يجب أن تشكل قاعدة هذا المثلث الإقليمى فلا وجود لها. ومن هنا كنا نتمنى ان يبادر الرئيس السيسى بسرعة تعيين شخصية رفيعة صاحبة مؤهلات وكفاءة غير معهودة لتولى منصب مستشار الأمن القومى المصري، ويكون مكتبه فى رئاسة الجمهورية بجوار الرئيس، حيث تكون مهمته رسم ملامح وخطوات استراتيجيات التحرك والتعاطى المصرى مع أزمات العالم العربى والاقليمى ودول العالم، ويقدم الاقتراحات والحلول وجوهر وشكل التحرك المصري، إضافة الى قيامه بدور ومهمة المبعوث السياسى لشخص رئيس الجمهورية الى جميع العواصم، بجانب كل ذلك يكون حلقة الوصل بين الرئاسة ووزارة الخارجية فى صياغة اطر ومضمون التحركات والمواقف وتنشيط دور الدبلوماسية وتعظيم المواقف والدوافع المصرية للتدخل هنا وهناك، واختيار التوقيتات بحيث يعمل الجانبان فى تناغم عودة وتوفير رافعة سياسية ودبلوماسية نشيطة لاستعادة الدور المصرى عبر محاولة للتجديد السياسى والدبلوماسى على نحو غير مسبوق وتجييش الأدوات والامكانات. لا يمكن ان يتصور أحد حالة التراجع والخلل فى دور وامكانات مصر الى الحد الذى يجعلها رهينة لمغامرات وتلقى ضربات تركياوقطر، بحيث يصبحان البعبع والداء المقيت لنا عبر هذا السيل من التدخلات الفظة والمقيتة فى سياسات الداخل المصري، بعد أن زاد تدخلهما عن الحد وتجاوز الخط الأحمر بمراحل ومن هنا أرى أنه لابديل أمام الرئيس السيسى إذا اراد ان يقنع الداخل والخارج بعودة واحترافية الدور المصرى إلا بتوجيه الصاع صاعين لكل من قطروتركيا اللذين هما الجحيم بعينه عبر أدوات وخطوات متدرجة ممنهجة، لا تحتمل التريث طويلا كاللجوء الى قطع العلاقات ووقف جميع اشكال التعاون ومنع بث قنوات تركيا العربية وكذلك الجزيرة وأخواتها على النايل سات المصري، مثلما فعلنا واستجبنا لضغوط نور المالكى رئيس وزراء العراق وأوقفنا ثلاث قنوات فضائية عراقية مناهضة له. وبالتالى لا يمكن ان تتحدث مؤخرا عن سياسة خارجية ودور مصر واحترافية للدبلوماسية بعيدا عن سياسة الإملاءات والتبعية ونحن مازلنا نتلقى الصفعات والطعنات كل يوم من تركياوقطر وأشباه الدول والرؤساء فى الدول المارقة فى الاقليم بأيد مصرية مرتعشة وقبضة مرتخية ودبلوماسية عرجاء، أعتقد انه لابد من البحث عن حلول ومواقف عاجلة لكل ذلك. لمزيد من مقالات أشرف العشري