أسعار ورسوم جدية التصالح في مخالفات البناء بمحافظة بالمنيا    "أداب عين شمس" تشارك في احتفالية عيد الشجرة المصري    نائب رئيس «المؤتمر» يدعو المجتمع الدولي إلى الضغط على إسرائيل لقبول الهدنة    محمود مسلم: مصر الأكثر خبرة وشرفا في التعامل مع القضية الفلسطينية    توفيق السيد يكشف صحة ركلة جزاء بيراميدز أمام فيوتشر ويطالب برحيل بيريرا    كاسونجو: لا توجد مشكلة لدي مع الزمالك .. وأرغب في مؤازرة الأبيض بنهائي الكونفدرالية    نقطة واحدة للتتويج.. الهلال يفوز على الأهلي في كلاسيكو الدوري السعودي    الزمالك: أخطاء فادحة للتحكيم في آخر 3 مباريات ولا يمكننا السكوت عنها    كانوا رايحين الجامعة.. ارتفاع مصابي حادث صحراوي قنا ل 16 شخصاً    محاكمة المتهمة بقتل زوجها بالجيزة    ظهور جذاب ل «هنا الزاهد» في أحدث جلسة تصوير    قافلة طبية مجانية بقرية الحنفي بكفر الشيخ يومي الثلاثاء والأربعاء    شبكة القطار السريع.. كيف تغطي جميع أنحاء الجمهورية؟    الأوقاف: افتتاح 21 مسجدًا الجمعة المقبلة    تعرف على أسباب خروج «ديانج» من حسابات «كولر»    الأحرار الاشتراكيين ل صدى البلد: الحركة المدنية تتخذ اتجاها معاكسا لمفهوم استقرار الدولة    مدينة برازيلية تغرق تحت مياه الفيضان    معركة موازية على «السوشيال ميديا» بعد القصف الذي تعرضت له مدينة رفح    اهم عادات أبناء الإسماعيلية في شم النسيم حرق "اللمبي" وقضاء اليوم في الحدائق    ليلى علوي تحتفل بشم النسيم مع إبنها خالد | صورة    محمد عدوية: أشكر الشركة المتحدة لرعايتها حفلات «ليالي مصر» ودعمها للفن    هل يجب تغطية قَدَم المرأة في الصلاة؟.. الإفتاء توضح    أدعية استقبال شهر ذي القعدة.. رددها عند رؤية الهلال    وزارة السياحة والآثار تشارك في سوق السفر العربي بالإمارات    لذيذة وطعمها هايل.. تورتة الفانيليا    تفاصيل التجهيز للدورة الثانية لمهرجان الغردقة.. وعرض فيلمين لأول مرة ل "عمر الشريف"    التيار الإصلاحى الحر: اقتحام الاحتلال ل"رفح الفلسطينية" جريمة حرب    قدم تعازيه لأسرة غريق.. محافظ أسوان يناشد الأهالي عدم السباحة بالمناطق الخطرة    غارة إسرائيلية تدمر منزلا في عيتا الشعب جنوب لبنان    إزالة 164 إعلاناً مخالفاً خلال حملة مكبرة في كفر الشيخ    تناولها بعد الفسيخ والرنج، أفضل مشروبات عشبية لراحة معدتك    موعد إجازة عيد الأضحى 1445 للطلاب والبنوك والقطاعين الحكومي والخاص بالسعودية    أرخص موبايل في السوق الفئة المتوسطة.. مواصفات حلوة وسعر كويس    بعد فوز ليفربول على توتنهام بفضل «صلاح».. جماهير «الريدز» تتغنى بالفرعون المصري    ضحايا احتفالات شم النسيم.. مصرع طفل غرقًا في ترعة الإسماعيلية    مائدة إفطار البابا تواضروس    زيادة في أسعار كتاكيت البيّاض 300% خلال أبريل الماضي وتوقعات بارتفاع سعر المنتج النهائي    في 6 خطوات.. اعرف كيفية قضاء الصلوات الفائتة    طلاب جامعة دمياط يتفقدون الأنشطة البحثية بمركز التنمية المستدامة بمطروح    صانع الدساتير يرحل بعد مسيرة حافلة، وفاة الفقيه الدستوري إبراهيم درويش    قبل عرضه في مهرجان كان.. الكشف عن البوستر الرسمي لفيلم "شرق 12"    صحة الإسماعيلية.. توعية المواطنين بتمارين يومية لمواجهة قصور القلب    عضو ب«الشيوخ» يحذر من اجتياح رفح الفلسطينية: مصر جاهزة لكل السيناريوهات    أمينة الفتوى تكشف سببا خطيراً من أسباب الابتزاز الجنسي    عقوبة التدخل في حياة الآخرين وعدم احترام خصوصيتهم    برلماني يحذر من اجتياح جيش الاحتلال لرفح: تهديد بجريمة إبادة جماعية جديدة    فنادق الغردقة ومرسى علم تبتكر إبداعات لجذب السياح احتفالا بعيد الربيع    لقاء علمي كبير بمسجد السلطان أحمد شاه بماليزيا احتفاءً برئيس جامعة الأزهر    المصريون يحتفلون بأعياد الربيع.. وحدائق الري بالقناطر الخيرية والمركز الثقافي الأفريقي بأسوان والنصب التذكاري بالسد العالي يستعدون لاستقبال الزوار    الصحة تعلن إجراء 4095 عملية رمد متنوعة مجانا ضمن مبادرة إنهاء قوائم الانتظار    في العام الحالي.. نظام أسئلة الثانوية العامة المقالية.. «التعليم» توضح    نانسي عجرم توجه رسالة إلى محمد عبده بعد إصابته بالسرطان.. ماذا قالت ؟    التعليم العالي: تحديث النظام الإلكتروني لترقية أعضاء هيئة التدريس    مفوضية الاتحاد الأوروبي تقدم شهادة بتعافي حكم القانون في بولندا    مصر تحقق الميدالية الذهبية فى بطولة الجائزة الكبرى للسيف بكوريا    متى يُغلق باب تلقي طلبات التصالح في مخالفات البناء؟ القانون يجيب    "كبير عائلة ياسين مع السلامة".. رانيا محمود ياسين تنعى شقيق والدها    ضبط 156 كيلو لحوم وأسماك غير صالحة للاستهلاك الآدمي بالمنيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محمد صبحي‏..‏
لم تعد ماما أمريكا
نشر في الأهرام اليومي يوم 11 - 02 - 2012

وكأننا بالأمس الذي تهددنا فيه واشنطن بقطع المعونات الاقتصادية والمالية لتطاولنا وصفاقتنا وجرأتنا في تحويل‏43‏ متهما بينهم‏19‏ أمريكيا لمحكمة الجنايات‏. من بينهم صموئيل آدم لحود ابن وزير النقل الأمريكي, لتلقيهم من خلال منظماتهم غير المسجلة بالقاهرة45 مليون دولار في الفترة من مارس حتي ديسمبر2011 بعد ثورة25 يناير, للقيام بدعم حملات واستطلاعات وبحوث علي الشارع المصري وإرسالها إلي المركز الرئيسي في أمريكا مما أخل بالسيادة المصرية.. حقنا يا عالم.. حقنا في ألا نظل دائما مفعولا به, وحان الوقت كي نصبح فاعلا!! حقنا في الحفاظ علي أمن وطننا في أحرج فترة تمر بها بلادنا حيث أكد وزير خارجيتنا محمد كامل عمرو في مؤتمر ميونيخ للأمن والتعاون لهيلاري كلينتون وزيرة الخارجية الأمريكية أن الحكومة المصرية لا تملك التدخل في المسائل القضائية مشددا علي ضرورة احترام استقلال القضاء المصري.. مثل ذلك التهديد والوعيد من ماما أمريكا تم في عام1998 عندما هدد46 عضوا في الكونجرس الأمريكي بقطع المعونات عن مصر إذا لم يتم إيقاف عرض مسلسل محمد صبحي فارس بلا جواد الذي تناول فيه بروتوكولات حكماء صهيون الشهيرة وهي الوثيقة التي تتناول مخططات اليهود للهيمنة علي العالم, وكان السبب الرئيسي للتخوف من المسلسل في الدوائر الأمريكية والإسرائيلية يرجع إلي أن محمد صبحي ممثل له مصداقيته وحضوره الطاغي علي الشاشة, وما سيطرحه سيكون له دوي كبير في محيط جماهيري لا يمكن حصره.. وكان من تداعيات ما قد يترتب من عرض المسلسل مما لا يحمد عقباه تراجع عدة دول عربية عن التعاقد علي بث المسلسل من بينها الكويت والمغرب وعمان وقطر والسعودية!!
ومثل تصريح كلينتون اليوم بأن: هناك مشكلات تنجم عن الموقف من الممكن أن تؤثر علي بقية علاقاتنا مع القاهرة, ولا نريد أن نصل إلي هذه المرحلة, قالت زمان بشأن مسلسل صبحي لين كاسل المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية: نتابع القضية عن كثب وإن كنا حتي الآن سنستمر في التزاماتنا.. وعرضنا المسلسل.. ولو كنا قد تركنا الوضع المتأزم بالأمس يمسك بتلابيبنا ليكسرنا, أو نتركه اليوم دون موقف حاسم فلن نفاجأ مع طلعة النهار بإنشاء جهاز رقابة أمريكي إسرائيلي يتولي إجازة قضايانا وإلغاء ما يحلو له منها, وأن يأتي بعد بكرة الذي يتم فيه تصنيف مصر ضمن الدول التي تمتلك سلاحا قضائيا شاملا وأن قضايانا في طريقها للتحول إلي مفاعل قانوني, وأن يطالبوننا بالسماح لفرق تفتيش دولية لمعاينة أضابير المحاكم عندنا... وربما جاءت القضية الأخيرة لتبث في نفوسنا الأمل في النهوض بعد الركوع بعدما قدمنا النظام السابق لقمة سائغة علي موائد واشنطن وتل أبيب, فكنا وخيبة الله علي مسئولنا المتنحي المتهرب بالنوم علي السرير الذي تغيب عن جلسة محاكمته بحجة حالة الطقس فاستمع إلي تقريع المحكمة بأذنيه نري تقطيع أواصر الدول الشقيقة بفعل الفوضي الخلاقة ولا نستطيع حتي أن نصرخ, والآن مطلوب ألا نتكلم! مطلوب أن يلعبوا فينا ولا ننبس ببنت شفة.. مطلوب أن تمشط أصابعهم دروبنا ورؤوسنا وتحت جلودنا فنفتح لهم مغاليقنا وعقولنا ليعيثوا فينا إفكا وإفسادا عن طيب خاطر بحكم عقدة الخواجة.. مطلوب أن نرفع شعاراتهم ونمجد أطيافهم ونقطع أوصال مصرنا بفعل مخططاتهم ونستضيف رموزهم في صحفنا وقنواتنا ولجاننا ومؤتمراتنا ومجالسنا.. مطلوب تنفيذ الأوامر, ورفع سقف المطالب, مطلوب طلب التغيير من أجل التغيير.. و..إلا.. يحبسوا عنا المصروف, وأضعف الإيمان أن نتكلم وندين المندس والمعتدي, ونرفض أن نكون مفعولا به لنؤكد أن مصر لم تمت بل قامت فيها ثورة مباركة هادرة.. والثورة مستمرة.. وليست مصر لقمة مذلة سائغة لثلاثة مليارات دولار أمريكي فقط لا غير..
محمد صبحي بطل فارس بلا جواد الذي أدي فيه14 شخصية مختلفة رافضا الدوبلير رغم صعوبة تركيب قناع لكل شخصية يستغرق وضع كل منها4 ساعات, أي أن هناك خمس ساعات ضائعة قبل التصوير في صحراء مصر وسوريا.. المسلسل الذي أثار دوائر الاهتمام العالمية لكونه أول مسلسل عربي يتعرض لبداية الفكر الصهيوني, حيث يتناول الفترة التاريخية من1855 حتي..1917 المسلسل الذي فجر مظاهرة ضخمة من اليهود وأنصارهم أمام السفارة المصرية في واشنطن للمطالبة بمنع عرضه, ودعا النائب الديمقراطي اليهودي جيرولد نادلر ليوزع اقتراحا علي أعضاء المجلس لتعليق المعونة العسكرية الأمريكية لمصر وقدرها900 مليون دولار سنويا.. صبحي لم يكن الخطاب السياسي في ذلك المسلسل جديدا عليه, فمعظم أعماله تضمنت تمجيدا حقيقيا لفكرة الحرية, ونقدا للديكتاتورية في مختلف صورها مما جعله في مواجهة دائمة مع السلطة بشكل أساسي لأنه انتقادي بطبيعته, والمسرح الكوميدي بالتحديد يدفع الممثل لممارسة النقد السياسي والاجتماعي, وصبحي فنان مثقف لا يري للفنان دورا خارج النقد السياسي, وأبدا لن ينسي له جمهوره مسرحية ماما أمريكا التي استمر عرضها خمس سنوات, يتحطم فيها تمثال الحرية الأمريكي كل يوم علي خشبة المسرح ليوقظ العالم من الخطر القادم من ماما أمريكا بالهيمنة والسيطرة, وذلك قبل أحداث سبتمبر بسنوات وكأنها كانت النبوءة.. وظل منطق الحرية موجودا في مسرحياته القديمة الجديدة, ففي لعبة الست المأخوذة عن لعبة كل يوم للريحاني وبديع خيري يطرحه في قضية المال والشهرة والسلطة, وهل تؤدي إلي السعادة بلا حرية, أم أن الحرية نفسها أهم من ذلك؟.. وفي مسرحية كارمن يناقش الحرية المطلقة التي تخلق الديكتاتور, كما يناقش تأثير الديكتاتور في خلق المناخ الفوضوي باسم الحرية.. وفي ملك سيام طرح قضية التأثير والتأثر بين العلم والحرية.. وفي سكة السلامة قدم إشكالية حدود الحرية عازفا علي وتر العزة والكرامة عبر كلمات الشاعر محمد بغدادي كي يتحول الركود والموات إلي صرخة.. إلي ثورة:
اطلعي بقي من سكاتك
ياللي ساكتة من سنين
وارفعي بإيدك راياتك
مهما كانوا منكسين
مستحيل النيل هيجري
عكس مجراه الأساسي
من هنا سكة سلامتك
صحصحي العقل اللي ناسي
الخطر بيزيد بصمتك
والتاريخ دايما في صفك
والفنون بستان في قصرك
ابعدي الخوف اللي حاوطك
صحصحي العقل اللي ناسي
صبحي الفنان المحترم الذي احترم وقت المتفرج فحدد مواعيد مناسبة لبداية ونهاية عروضه بعيدا عن أسلوب المسرح التجاري الذي يبدأ متأخرا وينتهي مع شروق الشمس كسهر الملاهي الليلية.. احترم ذوق المتفرج فابتعد تماما عن الرقصات المحشورة والاستعراضات المفروضة والأغاني المقحمة علي حساب النص الدرامي.. احترم حياء المتفرج ونبذ استخدام الألفاظ الجارحة والتلميحات الجنسية والملابس الخليعة.. احترم التقاليد المسرحية فاختفي من مسرحه بكاء الأطفال ورنين الموبايلات والدخول بعد رفع الستار وقزقزة اللب وصوت الجرسونات بالحاجة الساقعة.. احترم الجمهور فجعل سعر تذكرة مسرحه مساويا لسعر تذكرة مسرح الدولة لتتدرج أسعار التذاكر من عشرة جنيهات إلي الخمسين.. احترم وعي المتفرج فلم يلفق ولم يسف ولم يتعال أو يهبط, ولم يتورط في العمل بدون خطة مستقبلية مبتعدا عن ظاهرة العروض المتأرجحة التي تظهر وتختفي فجأة.. احترم قانون المسرح: عندي الممثل يجب أن يحضر للعرض قبل رفع الستار بساعة, ولو ساعة إلا دقيقة يخصم له يوم.. وأنا شخصيا أصل إلي المسرح قبل العرض بأربع ساعات.. المحترم الذي يعتني بالبداية والنهاية وتحية الجمهور في نهاية العرض أعمل للتحية مساحة بروفات تصل إلي15 يوما, ومرة من المرات اضطررت إلي أن ألغي افتتاح رواية( انت حر) لمدة أسبوع كامل لأن إحدي الممثلات لم تقف في المكان المفروض لها, والممثل هنا يجب أن يحيي الجمهور بملابس الشخصية التي تقمصها طوال العرض, وممنوع خروج الممثل من المسرح إلا بعد أن يطمئن لمغادرة الجمهور المسرح تماما, كي أحافظ علي الذاكرة الانفعالية التي يخرج بها الجمهور من العرض.. بمعني أنه لو كان هناك ممثل قام بتجسيد دور إنسان بدائي كمثال ثم رآه الجمهور بعدها يفتح باب سيارته ويشير مودعا باي باي يبقي كسرت حاجز الإيهام عند الجمهور.. المحترم ضابط الانضباط الذي لا يعطي للممثلين أقل من أجورهم كي يضمن استمرارهم أنا أعطي للممثل راتبه كل15 يوما وذلك في اليوم ال13 فيبقي لي عنده يومين.. المحترم الذي يمنع الزيارات لغرف الممثلين أثناء العمل, ويمنع الخروج علي النص بعد البروفة.. المحترم الذي تمني في عام1998 لو اشترك في عمل مسرحي مع عادل إمام بشرط أن يكتب اسم عادل إمام أولا بينما يوضع اسمه في الترتيب الثالث في الأفيش وببنط أقل من اسم عادل إمام, وأن يتقاضي ربع ما يتقاضاه عادل بشرط أن يقدما معا مسرحا جادا.. وها هو قد مضي أكثر من14 عاما دون تحقيق لأمنية صبحي ومازلنا نتمناها معه فقد ا فتقدناهما معا علي خشبة المسرح وسط الهم والغم والتكفير والدماء والبكاء.. المحترم الذي يمسك بالمقشة والجردل لينظف خشبة المسرح التي سيقدم عليها بعد قليل أمجاده..
شخصيات كثيرة حفرت في أذهان الجمهور قام بأدائها محمد صبحي عبر مسيرته الفنية التي لم تحذف منها الرقابة كلمة واحدة.. سطوحي في انتهي الدرس يا غبي, وعلي مظهر, وزكي الدبور في الجوكر, وعبده السخن في انت حر, وآدم عبدربه آدم في الهمجي, وحلامبوحة في البغبغان, وعرفة الشواف في وجهة نظر, عايش شحاتة نافع في ماما أمريكا وونيس أبوالفضل جاد الله في عائلة ونيس, وقرني في سكة السلامة, وعزوز في المهزوز.. مسرحياته شاركته في بطولتها هناء الشوربجي وشريهان وسعاد نصر وعبلة كامل وسيمون ومني جبر.. قام بكتابة خمسة منها رفيق دربه الكاتب لينين الرملي بعد ما كونا معا في عام1980 فرقة ستوديو80 ليشهد الوسط المسرحي مولد ثنائي شاب دارس لفنون المسرح في المعهد العالي للفنون المسرحية ليقدما معا أنجح المسرحيات ويعيدا للأذهان سلامة اللقاء والنقاء بين الريحاني وبديع خيري.. شخصياتي قهرتني ومحت اسم محمد صبحي بداية من علي مظهر ثم سنبل ثم ونيس.. وأذكر أثناء عرض مسلسل( سنبل) أنني وقفت أمام مقهي يعرض المسلسل فلمحني أحد الرواد ليصيح إلحقوا سنبل آهه.. فأسرعت هاربا بالسيارة لأبكي بين يدي الفنانة زوزو نبيل مرددا( قتلته.. قتلته).. وكنت أقصد أنني قتلت علي مظهر.
ويسألونه عن نجاحاته في السينما التي قدم فيها23 فيلما يعتز فيها بدوره في أبناء الصمت تأليف الكاتب مجيد طوبيا, والكرنك قصة نجيب محفوظ, وبالوالدين إحسانا مع فريد شوقي, وأين المفر, ومحامي تحت التمرين ويسأل صبحي بدوره الآن أين السينما؟ ويجيب علي نفسه بقوله: ينفع تطلب مني أطبخ لك صينية بطاطس من غير بطاطس أو صينية.. تعطيني كنكة وتطلب مني صينية بطاطس ساعتها أعمل لك كنكة بطاطس.. اليوم أصبحت السينما تجارة, ولا أنكر أنني قدمت أدوارا لا أحب تذكرها فقررت بعدها اعتزال السينما الرديئة.. وفي مسيرة الرحلة التليفزيونية لصبحي يبرز مسلسل رحلة المليون الذي قام فيه بدور سنبل ومسلسل عائلة ونيس الذي بلغ الجزء السادس بعدما أصبح ونيس جدا لخمسة أحفاد أحدهم يريد أن يصبح رئيسا للجمهورية دليلا علي اهتمام صبحي بتنمية الوعي السياسي لدي الأطفال, حيث يقدم صبحي علي مدي أجزاء المسلسل تجربة ذاتية حقيقية له ولأصدقائه طرح من خلالها مفهوم بناء الشخصية من الطفولة, لا مجرد البحث لها عن دور اجتماعي من خلال السؤال العقيم تحب تطلع إيه يا حبيبي لما تكبر, وسر نجاح العمل بأجزائه الستة يكمن في الصراحة التي ربطت الأسرة بعضها ببعض, إلي جانب الشفافية والأحادية في التفكير والسلوك للأبوين وليس الازدواجية التي كثيرا ما نمارسها اعتقادا منا بأن أطفالنا أقل ذكاء.. رغم كل التحذيرات من أن مسلسل ونيس يعد من نوع العمل المباشر فإنني أصررت عليه لأنني أتعامل هكذا مع أولادي, حيث أذكرهم وعندهم3 و5 سنوات عندما رفضوا ذات يوم أكل البامية فاتفقت مع زوجتي علي أن نلقنهم درسا في عدم الاستعلاء علي النعمة, وفي الصباح وحسب الخطة المرسومة قلت لزوجتي أمامهم إن المسرح الذي أعمل فيه قد أغلق أبوابه وأنني أصبحت مفلسا, وطلبت منها أن تسعي لاقتراض بعض المال من والدها, كما أخبرتها أنني لن أستطيع شراء طعام جديد لمدة أسبوع علي الأقل, وليس أمامنا خلال هذا الأسبوع سوي أكل البامية.. وقد أتت هذه الخطة بثمارها, والطريف أنني شخصيا أكره البامية, كما أنني كنت أعاقبهم بالغناء كلما أخطأوا وأردد علي آذانهم أغاني عبدالحليم بصوتي أنا.. بابا ونيس أو محمد صبحي وزوجته نيفين رامز لديهما من الأبناء المهندس كريم خريج الجامعة الأمريكية ويعمل في إحدي شركات البترول ومريم بكالوريوس تجارة انجليزي التي تزوجت في عام2002 من المهندس شريف عبدالباقي, حيث يقول عنهما: هناك خط واضح بين الحرية التي تعلموها وبين مسئوليتي تجاه أسرتي كأب شرقي جدا لا يسهر وليس له شلة ولا يجامل أحدا.
في طفولته دخل التمثيل مصادفة عندما اختاره المشرف علي فريق التمثيل في المدرسة الابتدائية لأداء دور نجيب الريحاني فأجاده وهو لا يعرف من هو الريحاني.. نشأت في حي السيدة زينب العاشق المستمع داخل البيت والدكان والرصيف والمقهي لأغاني أم كلثوم وعبدالوهاب, فأصبحت بحكم المولد والموقع من عشاقهما, وكان من مظاهر الاحتفال في بيتنا ليلة الخميس من أول كل شهر وضع المفرش الجديد فوق الراديو التليفونكن الخشبي لتدور المناقشات حول الأغنية الجديدة التي ستنشدها الست في حفلها وكان لعمل والدي بفرقة رمسيس المسرحية تأثير علي حياتي نظرا لتواجدي وأنا لم أزل في السادسة بين كبار عمالقة المسرح عن قرب, وكان اهتمامي بالعزف علي الكمان يفوق اتجاهي لفن التمثيل, واعتبرت حصولي علي المركز الثاني في مسابقة علي مستوي الجمهورية فشلا ذريعا فاتجهت إلي التمثيل لأنفق أول مرتب في شراء آلة كمان.. وبعد الثانوية اتجهت لتقديم أوراقي لمعهد الباليه, وصدمت بحقيقة أن ذلك الاختيار كان يجب أن يتم في مرحلة الطفولة, فاتجهت إلي معهد التمثيل رغم غضب والدي ونجحت في الامتحان كواحد من عشرين طالبا فقط تم اختيارهم من بين1400 متقدم للالتحاق بالمعهد وكان من أساتذتي فيه عمالقة مثل سعد أردش ومحمد توفيق وحمدي غيث ونجحت بتقدير امتياز لأعين معيدا بالمعهد عام1971 وأحبني تلاميذي الذين كنت أحاضرهم بالتي شيرت والجينز.. وعندما اختلف ما أردت تقديمه عن مناهج المعهد قدمت استقالتي لأكتشف بعد30 عاما أنني أعشق التدريس, وأن رسالتي الفنية كان ينبغي أن تضع التدريس في المقام الأول قبل التمثيل أو الإخراج.. وفي بداياتي عملت مع مخرجين كثيرين ولكن أحدهم لم ينجح في توجيهي علي خشبة المسرح بالصورة التي كنت أحلم بها لنفسي, وأصبحت بعدها متمردا علي كلام المخرجين لأن محمد صبحي المخرج بداخلي كانت له الكلمة العليا علي محمد صبحي الممثل, ومن هنا حدثت أكثر من مصادمة مع بعض المخرجين انتهت بقرار أن أخرج مسرحياتي بنفسي بقناعة أنني كممثل سوف أكون أفضل إذا عملت مع محمد صبحي المخرج وتذكر خشبة المسرح أن صبحي في بداية مشواره الفني عمل مع كثير من الفنانين المشهورين مثل: الفنانين المشهورين مثل صلاح منصور, وفؤاد المهندس, وحسن يوسف, ومحمد عوض, ومحمود المليجي, وعبدالمنعم مدبولي..
محمد محمود محمد صبحي الذي سيبلغ في3 مارس المقبل64 عاما.. الفنان المثقف الذي رفض أخيرا منصب وزير الثقافة كي لا يهبط من درجة فنان إلي درجة وزير.. تابعته بشغف في الأسبوع الماضي في حواره المتدفق مع الإعلامي الدمث عمرو الليثي في برنامجه90 دقيقة الذي استطاع من خلاله الوصول والتواصل للنغمة الوطنية الصحيحة في الإعلام المتهم بالتحريض هذه الأيام.. الحوار الذي قال فيه صبحي إن الثورة نجحت في أن تمنع كارثة كبيرة كانت ستحدث في مصر وهي التوريث, فقد أسقطت النظام السابق بكل رموزه, لكن تحقيق مطالب هذه الثورة لن يأتي بين يوم وليلة, وعلي الثوار أن يتأنوا قليلا, ونحن نضحك علي أنفسنا إذا ما تخيلنا أنه في الغد سوف تشرق الشمس, ونستنشق الهواء النظيف, ونتحرك في إطار السلوك السوي, ونرتع في بحبوحة اقتصاد منتعش ونتمتع بصحة تفجر ورد الخدود, منعمين بتعليم جاد في جميع المراحل.. إذا ما تصورنا ذلك يكون ضربا من الجنون, فكل شيء يأتي بالتدريج وعلي مراحل زمنية, وتغيير السلوك والمفاهيم لا يأتي إلا بالتعليم ونحن للأسف نعاني من مستوي متدن في التعليم في جميع مراحله مما أثر علي سلوك المواطن المصري ومفاهيمه ومعاملاته وأولوياته.. وقال صبحي أنا علي يقين من أن مصر مستهدفة بحكم موقعها وتأثيرها الفعال في جميع الدول العربية, ولأنها تمثل مركز الثقل في الوطن العربي, ومن هنا تحاول بعض القوي الخارجية النيل منها وزعزعة استقرارها وتقسيمها لتيارات متنافرة, وأتمني أن يفطن المصريون لتلك الحقيقة, وأن يقفوا حائلا دون تحقيقها, ورسالتي لأبناء بلدي شعب مصر: قفوا سدا منيعا أمام محاولة ذبح مصر.. وقال صبحي: لست من هواة المناصب وأنا عاشق للفن والمسرح وهدفي في تقديم أعمال فنية راقية تخاطب العقل وتدعم قيمنا الشرقية.
ومع أن الناس بطلت تضحك كما قال صبحي فإن في جعبته رغم مرور أكثر من سبعة أعوام علي ابتعاده عن خشبة المسرح ست مسرحيات جديدة منها خيبتنا التي تتعرض للأوضاع العربية والعالمية, ومسرحية غزل البنات من تراث الريحاني ومسرحية أوديب ملكا لسوفوكليس.. وأبدا ليس صبحي مع من ينادي بإلغاء جهاز الرقابة علي المصنفات الفنية حتي لا ينتهز بعض من في قلبه مرض الفرصة لتقديم أعمال تهدم قيم المجتمع وتخل بآدابه العامة في سبيل الحصول علي مكاسب مغموسة بالتدني, لكن ذلك لا يعني عند الفنان الملتزم تضييق الخناق علي حرية الإبداع.. الحرية المسئولة وليست الحرية الغاشمة.. وحول تخوف بعض الفنانين من تصدر الإخوان المسلمين والتيار السلفي للساحة السياسية لا يجد صبحي منطقا ولا منطلقا للتخوف, فالفن الهادف المحترم لا يستطيع أن يمنعه أحد, والتصريحات التي يطلقها بعض المتشددين لا يمثلون سوي أنفسهم.
ولأن محمد صبحي كان دائما صاحب قضية وطنية جاري البحث عن السبل لتحقيق مشروع قومي جدي لتطوير العشوائيات التي بلغت تبعا للإحصائيات الرسمية897 منطقة علي مستوي البلاد, بالقاهرة الكبري وحدها172 منطقة ممتدة بطول137 كيلومترا يعيش بها نحو8 ملايين نسمة تستقبل مولودا جديدا كل27 ثانية, وكان الرئيس المخلوع يري لزوم وجود تلك العشوائيات لحاجة المدن لسكانها من عمال الحرف المختلفة ينفخوا العجل ويلحموا الكاوتش, ويحقنوا أجهزة التكييف بالفريون, ويصلحوا السيفونات, وكانت مشروعات التطوير الوهمية لتلك العشوائيات المتهالكة لا تخرج عن دهان واجهاتها بالبلدي وش نضافة وكما يقول المثل من بره هلا هلا ومن جوه يعلم الله إذ يتردي الحال خلف الكواليس إلي مستوي لا يليق بالحياة الآدمية, حيث التكدس في علب سردين مبرشمة لا تستطيع سيارة مطافئ ولا إسعاف ولا شرطة أن تدخلها, لينفجر الوضع المخزي كقنابل موقوتة تتناثر شظاياها جرائم ومخدرات وبلطجة وإرهاب يحلم صبحي بعملية إحلال وإبدال وإزالة تامة لتلك العشوائيات علي أن يتم بناء مساكن جديدة في مناطق جديدة من المساحات الشاسعة غير المستغلة علي أرض مصر.. والبداية في القاهرة والإسكندرية والجيزة وبورسعيد.. يحلم صبحي بمسكن صحي آدمي تدخله الشمس به منافذ تهوية سليمة, وحياة نظيفة, وصرف صحي ومساحة خضراء مهما يكن حجمها.. يحلم بتوفير حياة كريمة لسكان العشوائيات المعذبون في الأرض المهمشون بالأمس واليوم والغد.. ويبدأ صبحي خطي الحقيقة بحملة المليار دولار لمشروعه الخيري الرائد, وبعد إعلانه عن تبرعه من باب التحفيز بمائة ألف جنيه كنواة للمشروع يأتيه اتصال من المشير طنطاوي يخبره بنية المؤسسة العسكرية بالتبرع بمبلغ50 مليون جنيه إلي جانب القيام بتصميم وتنفيذ وحدات المشروع.. ومن خلال جولة صبحي الأوروبية لجمع التبرعات من المصريين بإنجلترا وألمانيا وفرنسا وصل المبلغ المتجمع لديه منها إلي100 ألف دولار وسوف أقوم بجولات أخري في الأسابيع المقبلة لبقية مدن أوروبا والمنطقة العربية.. و..تسافر يا أبوكريم يا كريم بالسلامة وترجع بالغنامة والقلب داعيلك.
المزيد من مقالات سناء البيسى


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.