العدوى القرشي، المُلقب بالفاروق، هو ثانى الخلفاء الراشدين ومن كبار أصحاب الرسول محمد عليه الصلاة والسلام، وأحد أشهر الأشخاص والقادة فى التاريخ الإسلامى ومن أكثرهم تأثيرًا ونفوذًا. هو أحد العشرة المبشرين بالجنة، ومن علماء الصحابة وزهّادهم. تولّى الخلافة الإسلامية بعد وفاة أبى بكر الصديق فى 23 أغسطس سنة 634م، الموافق للثانى والعشرين من جمادى الثانية سنة 13 ه. كان ابن الخطّاب قاضيًا خبيرًا وقد اشتهر بعدله وإنصافه الناس من المظالم، سواء كانوا مسلمين أو غير مسلمين، وكان ذلك أحد أسباب تسميته بالفاروق، لتفريقه بين الحق والباطل. وهو مؤسس التقويم الهجري، وفى عهده بلغ الإسلام مبلغًا عظيمًا، وتوسع نطاق الدولة الإسلامية حتى شمل كامل العراق ومصر وليبيا والشام وفارس وخراسان وشرق الأناضول وجنوب أرمينية وسجستان، وهو الذى أدخل القدس تحت حكم المسلمين لأول مرة وهى ثالث أقدس المدن فى الإسلام. ولد عمر بعد عام الفيل، وبعد مولد الرسول محمد بثلاث عشرة سنة. نشأ فى قريش وامتاز عن معظمهم بتعلم القراءة. عمل راعيًا للإبل وهو صغير، وكان والده غليظًا فى معاملته. وتعلم المصارعة وركوب الخيل والفروسية، والشعر. وكان يحضر أسواق العرب وسوق عكاظ وسوق مجنة وسوق ذى المجاز، فتعلم بها التجارة، التى ربح منها وأصبح من أغنياء مكة. نشأ عمر فى البيئة العربية الجاهلية الوثنية على دين قومه، كغيره من أبناء قريش، وكان مغرمًا بالخمر والنساء. وكان عمر بن الخطاب من ألد أعداء الإسلام وأكثر أهل قريش أذى للمسلمين. وفى يوم من الأيام قرر أن يقوم بما فكر فيه كثير من مشركى قريش قبل ذلك، لكنهم لم يفلحوا فيه، ألا وهو قتل محمد وفى الطريق إلى بيت محمد علم أن أخته فاطمة بنت الخطاب قد أسلمت فذهب إلى بيتها ليعاقبها فوجدها تقرأ من صحيفة فيها بعض من آيات الذكر الحكيم: (طه مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآَنَ لِتَشْقَى إِلَّا تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشَى تَنْزِيلًا مِمَّنْ خَلَقَ الْأَرْضَ وَالسَّمَاوَاتِ الْعُلَا...) فاهتز عمر وقال: «ما هذا بكلام البشر« وأسلم من ساعته، فى ذلك اليوم من شهر ذى الحجة من السنة الخامسة من البعثة وذلك بعد إسلام حمزة بن عبد المطلب بثلاثة أيام، وقد كان يبلغ من العمر ما يقارب الثلاثين سنة، خرج عمر بعد ذلك إلى دار الأرقم بن أبى الأرقم حيث كان يجتمع النبى محمد بأصحابه وأعلن إسلامه هناك.ووفق المصادر الإسلامية فقد استجاب الله لدعوة النبى محمد، إذ قال: (اللهم أعز الإسلام بأحد العمرين، عمر بن الخطاب أو عمرو بن هشام. قال: «وكان أحبهما إليه عمر) . وفى عهد أبى بكر الصديق, كان عمر بن الخطاب المساعد الأول لأبى بكر الصدِّيق وساعده الأيمن ومستشاره الأساسى طوال خلافته، وكان مستشاره العسكرى الأبرز الذى ساعده فى حروبه، لا سيّما حروب الردة. وقد كان لعمر بن الخطاب دور كبير فى معونة أبى بكر ببداية خلافته فى تنظيم أمور الدولة، وأخذ البيعة، وتثبيت الحكم. وبعد وفاة أبى بكر تولى عمر الخلافة وقرر استمرار الغزوات التى بدأها أبو بكر لغزو بلاد الفرس والروم ، وأعقبه عزل عمر بن الخطاب لخالد بن الوليد عن قيادة الجيوش الفاتحة. لئلا يفتتن به المسلمون لانتصاراته المتوالية على الأعداء. ويُعتبر عمر بن الخطاب أحد عباقرة السياسة والإدارة فى التاريخ الإسلامى خصوصًا والعالمى عمومًا. وأوصى عمر أن يكون الأمر شورى بعده فى ستة ممن توفى النبى محمد وهو عنهم راضٍ وهم: عثمان بن عفان، على بن أبى طالب، طلحة بن عبيد الله، الزبير بن العوام، عبد الرحمن بن عوف، وسعد بن أبى وقاص. ورفض تسمية أحدهم بنفسه. كما أمر بحضور ابنه عبد الله مع أهل الشورى ليشير بالنصح دون أن يكون له من الأمر شيءً. مات عمر بن الخطاب بعد ثلاثة أيام من طعنه، ودُفن يوم الأحد أول محرم سنة 24 ه، الموافق لسنة 644 م، بالحجرة النبوية إلى جانب أبى بكر الصديق والنبى محمد، وكان عمره خمسًا وستين سنة. وكانت خلافته عشر سنين وستة أشهر وأربعة أيام وقد استطاع فى هذه الفترة القصيرة أن يُرسى قواعد الدولة الإسلامية الأولى التى أنشأها النبى محمد عليه الصلاة والسلام.