علينا أن نسلم بأن حكومة المهندس إبراهيم محلب تعتبر حكومة استثنائية بكل المعايير لأنها تواجه تركة ثقيلة فى أعقاب ثلاث سنوات عجاف أكلت الأخضر واليابس فى اقتصاد مصر وسلامها الداخلى ومن ثم فإنها أكبر من أن تكون حكومة أزمة ولابد أن نتعامل مع هذا الواقع الصعب كحكومة إنقاذ ليس لحاضر هذا الوطن فحسب وإنما لمستقبله أيضا ومن ثم يتحتم أن يكون التفكير العلمى هو ركيزة عملها لأن القوة الحقيقية التى صنعت كافة الحضارات الإنسانية كانت قوة التفكير التى كشفت أسرار هذا الكون ومكنت الإنسان من تذليل مصاعب الحياة وبفضل قوة التفكير اخترع الإنسان قوة البخار ثم قوة الكهرباء ثم قوة الطاقة النووية كمقدمة للطفرة التكنولوجية الهائلة التى تنعم بها البشرية حاليا. وليس يغيب عن ذهن أحد أن قوة التفكير مرتبطة بمعيار أساسى هو معيار العمل والمعرفة مع الجد والاجتهاد ومن ثم فإن حكومتنا العتيدة مطالبة بالعمل على إعادة بعث وتنمية غريزة التفكير والبحث والتأمل التى تنتقل بهذا الوطن من شواطيء التقليد والمحاكاة إلى شواطيء الاختراع والإبداع ولنا فى دروس حرب أكتوبر عام 1973 الكثير والكثير مما يشهد لعظمة وعبقرية العقل المصرى فى تخطى أصعب الموانع والعقبات فكانت بحق بمثابة التجسيد الحى للتفكير السليم الذى يتحول إلى عملية تخطيط. ومعنى ذلك أن التفكير العلمى هو ركيزة التخطيط فى أى مجال من مجالات الحياة بدءا من سلوك الفرد وقوة تفكيره لمواجهة مشاكله الذاتية ووصولا إلى مهام ومسئوليات الدول فى بناء المدن ومعالجة الأوبئة وتحريك الجيوش فالتفكير العلمى السليم أحد أهم عناوين التقدم والحضارة للأمم والشعوب لأنه يدخل فى كل كبيرة وصغيرة من سلوك البشر لكى يضيء لهم السبل وينشر أجواء الأمل والتفاؤل من أجل تعزيز القدرة على النجاح بعد تذليل العقبات! والخلاصة أن حكومة محلب تحتاج إلى روح وعزم وإرادة المصريين فى الذهاب المحسوب إلى حرب أكتوبر التى كان يراها خبراء عالميون مغامرة لا جدوى منها فإذا بها نصرا مبينا لمصر ولأمتها العربية! خير الكلام: ليست النهضة إلا نتاج عقول تفكر وأبدان تعمل! لمزيد من مقالات مرسى عطا الله