تحت عنوان العقاد اليوم احتفل المجلس الأعلى للثقافة بقاعة المؤتمرات بالمجلس يومي الأحد والاثنين من هذا الأسبوع بذكرى مرور 125 عامًا على ميلاد عباس محمود العقاد و 50 عامًا على رحيله. استهلت الاحتفالية كلمة الشاعر أحمد عبد المعطى حجازي مقرر لجنتها؛ حيث بدأ حديثه بشكر القائمين على الاحتفالية وبعدها تحدث عن العقاد «الذي نعرفه من البداية ولا نعرف له نهاية؛ فحياته ممتدة ومتجددة إلي الآن حتى بعد وفاته، فإن غاب الشخص إلا أن الشاعر والمفكر والكاتب و الناقد مازال بيننا بأعماله» . واضاف حجازي أن العقاد يصدق فيه قول الشاعر «وعلمت حتى لست أسأل واحدًا... عن علم واحدةٍ لكي أزدادها»، وهذا البيت لا يصدق على أحد كما صدق على العقاد. «إن استدعاء فكر العقاد اليوم هو فى حقيقة الأمر استدعاء لرمز من رموز النهضة الثقافية لمصر خلال النصف الأول من القرن الماضي، جنبًا إلى جنب مع محمد عبده وطه حسين، وغيرهما من الرواد», هكذا بدأ الدكتور سعيد توفيق الأمين العام للمجلس الأعلى للثقافة كلمته، وبعدها ألقي كلمة وزير الثقافة محمد صابر عرب بالنيابة عنه مشيرا إلى أهمية دراسة العقاد من الناحية السياسية بقوله:»لم يحظ العقاد السياسي بنفس القدر الذي حظى به العقاد الأديب والمفكر, لذا أعادت وزارة الثقافة نشر جميع أعمال العقاد وتم توزيعها علي الهيئة العامة للكتاب والمجلس الأعلى للثقافة ودار الكتب لكي تري النور تباعا خلال الأسابيع والشهور القادمة. « شارك في الاحتفالية عدد كبير من الكتاب والشعراء المصريين والعرب والأجانب منهم: فرانشسيكا كراو من إيطاليا، وعبد السلام المسدي من تونس، وللأسف اعتذر كل من محمد صابر عبيد من العراق ووفيق سليطين من سوريا بسبب الظروف التي تمر بها كل من البلدين . و من مصر شاركت كوكبة من الكتاب والأدباء مثل: أحمد عبد المعطي حجازي مقرر الاحتفالية، مراد وهبة، محمد إبراهيم أبو سنة، جابر عصفور، صلاح فضل، حسن طلب، حسين حمودة، أنور مغيث، الحساني حسن، محمد عفيفي، حلمي النمنم، عبد العزيز العقاد و فاطمة الصعيدي وغيرهم . وقد تناول المشاركون خلال الجلسات عددًا من الموضوعات المتعلقة بفكر العقاد وإبداعه؛ من أهمها (العقاد السياسي، و كاتب السيرة، والصحفي، والفيلسوف، والشاعر، والعقاد واللغة)؛ حيث تحدث عبد المنعم سعيد عن كيف أضاف العقاد إلي المكتبة العربية أعمالاً رائعة في الأدب والفكر والسياسة؛ وعن مقالاته من 1907 إلي 1918 التى كانت بمثابة نقطة انطلاقه , حيث عبرت هذه المقالات عن تلك المرحلة التاريخية التي عايشها العقاد حتي تكوّن فكريا وثقافيا ووطنيا في ثورة 1919، فهو أحد المعبرين عن الحركة الوطنية المصرية في ذلك الوقت. وهذا ما أكده الشاعر أحمد عبد المعطي حجازي قائلا:أنا أتحدث عن رجل جمع فأوفى كل الفنون بمختلف أشكالها، وأبدع فيها إبداعًا يستحق المبالغة، العقاد أحد الوجوه التي عبرت بها مصر عن نفسها في 1919, تلك الفترة التي كانت تنهض فيها البلاد لترسم وتكتب تاريخها علي يد أبنائها . وعن اللغة الشاعرة عند العقاد قال عنها أحمد كشك إنها لغة صيغت من اجل العطاء الفني والإبداعي بشكل يمزج بين المتعة والإبهار، فهي ليست لغة ذات وظيفة نفعية وإنما هي لغة متناسقة من النفس والوجدان. كما أضاف أيضا الدكتور عبد السلام المسدي في كلمته عن لغة العقاد قائلاً: كان العقاد رجلا عصاميا دائم المحاولة في اقتحام المعرفة بكافة الوسائل التي جعلته يلم بخصائص اللغة التي بات ينسجها بنفسه، لذا يعد أحد القامات فى هذا المجال؛ فهو شخصية تاريخية وثقافية متجددة . وأوضح الأستاذ حلمي النمنم كيف كان العقاد مؤرخا للصحافة من خلال مقالاته التي رصدت واقع وحال الصحافة المصرية, ليس فقط من حيث المواقف السياسية وعلاقتها بالسلطة القائمة، ولكن كان يرصد أيضا تفاصيل الصحف من حيث توقيت الصدور وطبيعة العمل الصحفي بشكل عام . وقد ناشد حلمي النمنم بضرورة التوقف عند التاريخ الصحفي الذي قدمه العقاد لنتساءل عن ماذا بقي من الصورة التي قدمها وماذا اختفى منها اليوم..؟! وعن العقاد كاتب السيرة تكلمت الأستاذة فاطمة الصعيدي عن إجادة العقاد في استخدام الآليات اللغوية لرسم الصورة الذهنية لشخصية عمر بن الخطاب ؛ فهذا الكتاب طرح أدبي تحليلي لسيرة عمر رضي الله عنه بمنظور العقاد وأسلوبه الممتع بعيدا عن أسلوب السرد التاريخي، فكما قال العقاد في مقدمة كتابه (عبقرية عمر) «كتابي هذا ليس بسيرة لعمر ولا بتاريخ لعصره على نمط التواريخ التي تقصد بها الحوادث و الأنباء، ولكنه وصف له و دراسة لأطواره ودلالة على خصائص عظمته و استفادة من هذه الخصائص لعلم النفس و علم الأخلاق وحقائق الحياة.» كما قدم المجلس علي هامش الاحتفالية معرضاً للكتاب و نظم عددا من الأمسيات الشعرية التي قدمت قراءات متعددة من شعر العقاد.