حلم طال انتظاره حتى يئست الأمة من تحقيقه فإذا بشيخ الأزهر يعلن عن إطلاق مشروع «بانوراما تراث ذاكرة الأزهر الشريف»، بالتعاون مع وزارة الاتصالات . المكتبة التى أنشئت عام 1897 بتوصية من الإمام الراحل الشيخ محمد عبده ، واستعاد الطيب ما بدأه محمد عبده أحد مجددى الدين الإسلامى فى القرن التاسع عشر بإنشاء مكتبة الأزهر الشريف فى ثوب عصرى جديد حيث تحوى المكتبة 174 ألف كتاب منها 64 ألف مخطوط أصلى ، وقد أقيمت على مساحة 15 ألف متر وبأحدث النظم المكتبية التى تليق بمكانة الأزهر كمنارة على وسطية وسماحة الإسلام . ويقول الدكتور أحمد الطيب، ان هذا المشروع يطمح إلى استدعاء عظمة الأزهر إلى أذهان المسلمين والعالم أجمع وإبراز دوره فى نشر الوسطية، واحتواء الخلافات بين المذاهب الإسلامية، والحفاظ على الهوية الإسلامية فى مختلف بقاع العالم وعلى مر العصور. وتحقيق زيادة كفاءة العملية التعليمية من خلال تشجيع التعليم الإلكترونى والتعلم المستمر من أى مكان واستخدام تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات لإحداث نقلة نوعية نحو التحول إلى مجتمع المعرفة وتعزيز مهارات القرن الحادى والعشرين لدى المجتمع التعليمى فى الأزهر. ومكتبة الأزهر الشريف من المكتبات الذاخرة بالكتب الدينية والمخطوطات الأثرية القيمة، تعد من أكبر مكتبات الشرق الأوسط المتخصصة فى العلوم الإسلامية،فهى منارة نشر العلوم والمعارف الإسلامية ،يتوافد عليها الباحثون من شتى بقاع العالم، ينهلون من معارفها ومقتنياتها النفيسة. وأنشئت المكتبة عام 1897، بتوصية من الإمام محمد عبده مفتى الديار المصرية أنذاك، الذى حرص على جمع الكتب المتفرقة من أروقة الجامع الأزهر، ومكتبات المساجد الكبرى فى مكان واحد ليمكن حفظها والانتفاع بها على أكمل وجه ، وكان ذلك فى عهد فضيلة الإمام الأكبر حسونة النواوى شيخ الأزهر،وكان عدد الكتب التى بدأت بها المكتبة نحو 7703 كتب، وفى عام 1994 نقلت محتويات مكتبة الأزهر إلى مبنى المكتبة الجديد بحديقة الخالدين، بالدراسة والمكون من أربعة عشر طابقا. وتخضع المكتبة الأزهرية لإشراف مجمع البحوث الإسلامية، كما يقول فضيلة الشيخ محمد زكى أمين عام مجمع البحوث الإسلامية،فهى عضو ركين، بل تعتبر فكر المجمع ولبه، فيها من الكتب القيمة من تراث الأمة والعلماء المسلمين ما يؤهل لأن يكون منهج حياة للبشرية أجمعين فى مجالات كثيرة، كما أن الطفرة العلمية والتقنية الحضارية الحديثة لابد وأن تستفيد منها مكتبة الأزهر الشريف، لتكون على المستوى العالمى المواكب لركب الحضارة الإسلامية، فقد آن الأوان لكى تنتفع البشرية بهذا التراث الضخم، لخيرة علماء الأمة، من خلال تحديثها وتطويرها ليكون العطاء عالميا، فالأزهر الشريف بكامله ملك للإنسانية كلها وليس المسلمين فقط ،فهى مكتبة عامة ومعلوماتها ونفعها فى متناول الجميع، فعطاؤها عالميا غير محدود عن طريق شبكة الإنترنت. استعادة لذاكرة المسلمين ويضيف الشيخ محمد زكي، أن من ثمار مكتبة الأزهر ربط الحاضر بالماضي، وتوثيق الصلة به، باستعادة ذاكرة الأزهر، والتى بمثابة استعادة لذاكرة المسلمين جميعا، وذلك عن طريق مشروع «ذاكرة الأزهر الشريف» ،بالتعاون مع مركز التوثيق الحضارى والطبيعى أحد مراكز مكتبة الإسكندرية برعاية وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، والذى يهدف إلى التعريف بدور الأزهر الشريف عبر تاريخه، الذى يمتد لأكثر من ألف عام،وأيضا توثيق السير الذاتية لشيوخ الأزهر ومؤلفاتهم وإنجازاتهم، وأيضا توثيق التراث المعمارى للجامع الأزهر والمعاهد الدينية العريقة،وكذلك محور توثيق الذاكرة الصحفية لكل ما نشر عن الازهر الشريف، ويتم نشر هذه المعلومات باللغات الثلاث العربية، والإنجليزية، والفرنسية، من خلال موقع ذاكرة الأزهر الشريف على الإنترنت، وبانوراما تراث ذاكرة الأزهر بمكتبة الأزهر الشريف،بالإضافة إلى مجموعة من المطبوعات أهمها كتاب «مختارات من ذاكرة الأزهر الشريف»، ومن المنتظر أن يتم الافتتاح النهائى ونشر مخرجات المشروع من بوابة إلكترونية، ومطبوعات وغيرها فى نهاية العام الحالى . بانوراما ذاكرة الأزهر ويحدثنا محمد عبدالقادر رئيس الإدارة المركزية لمكتبة الأزهر عن هذا المشروع، فيقول إنه كان مجرد فكرة عرضها مهدى شلتوت رئيس الإدارة المركزية السابق، ولاقت قبولا وترحابا لدى فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر، وكان مشروعا ضخما تم رصد ميزانيته بين الأزهر، ووزارة الاتصالات، وتم تكوين لجنة المحتوى من فريق عمل كبير على أعلى مستوى من أساتذة جامعة الأزهر، والذين قاموا بتدوين كل ما يتعلق بالأزهر الشريف، وأخذ المشروع مجهودا غير عادى فى البحث عن ذاكرة الأزهر التى تصل لأكثر من ألف عام، والتى تشمل سيرة جميع شيوخ الأزهر وما قدموه من كتب ومؤلفات، وأيضا كل ما نشر عنهم فى الصحف من مقالات، وقد انتهينا بالفعل بنسبة 95% من تصوير مخطوطات الأزهر،وافتتحنا من أيام القاعة الإلكترونية التى يتم فيها عرض صور طبق الأصل من مخطوطات الأزهر الشريف، وصور ديجيتال للرسائل العلمية (الدكتوراه والماجيستير)، بحيث يحصل الباحث عن أى مخطوط يريده على الكمبيوتر،حفاظا على المخطوطات الأصلية،وقد أصر فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر على أن يكون الإطلاع على الكتب مجانا للجميع، فسيتم تنزيل جميع المخطوطات والمجلدات على الموقع الإلكترونى لمكتبة الأزهر ليصل العلم إلى طلابه فى أماكنهم فى كل بقاع الأرض . الخدمات المقدمة للجمهور تحوى المكتبة العامة أيضا كما يقول رئيس الإدارة المركزية جميع علوم المعرفة، فيها 63 فرعا، منهم :مصاحف، وتاريخ ، وفقه، ونحو، وهندسة، وطب، وفلك، وزراعة، وأيضا بها مخطوطات أثرية مكتوبة بخط اليد، وكثير من المطبوعات،وكل مخطوط له شهادة ميلاد تحمل اسم الكتاب، والمؤلف ونبذة عن تاريخ حياته، وحجم الكتاب وعدد صفحاته وسطوره، وهل عليه تملكات اى نقلت ملكيته من شخص لآخر، وهل موقوف على أحد، وكلما ازداد عمره زادت قيمته الأثرية. ويضيف أنه يبلغ عدد الكتب بالمكتبة 174 ألف كتاب، منها 50 ألف مخطوط أصلي، وفى العام الماضى استطعنا أن نضيف للمكتبة 14 ألف مخطوط من خلال التبادل الثقافي، فالمكتبة كالكائن الحى تنمو بصفة مستمرة مع الزمن ونشاط حركة التأليف وكل هذا يؤدى الى زيادة رصيدها من الكتب عن طريق الإهداء أو الشراء ايضا، وتضم المكتبة نوادر فى كثير من الفنون، والتى لا تتوافر فى أى مكتبة أخري، ومنها:( خصوصيات يوم الجمعة للمؤلف عبدالرحمن بن أبى بكر بن محمد بن سابق الدين، والذخائر الإشرافية للمؤلف عبدالبر بن محمد، الكواكب الدرية للمؤلف محمد بن سعيد، وأنوار التنزيل وأسرار التأويل للمؤلف عبدالله بن عمر). وتقوم المكتبة بتقديم مجموعة من الخدمات لتلبية احتياجات المستفيدين، مثل الإطلاع الداخلي، والإعارة، والتصوير، ويتم توفير هذه الخدمة للمستفيدين طبقا للوائح والنظم المعمول بها فى المكتبة، بالإضافة إلى خدمة التصوير المتاحة للمتخصصين من أصحاب الرسائل العلمية . قاعات المكتبة وتتكون مكتبة الأزهر من أربعة عشر طابقا بها مخازن للكتب، والمسح الضوئى والذى يتم فيه ترقيم المخطوطات وتصويرها ديجيتال ،ودور لترميم المخطوطات، وأربع قاعات ( قاعة الإطلاع ، القاعة المفتوحة ، القاعة الإلكترونية ، وقاعة المكفوفين )، ومتحف مؤثث لنوادر مقتنيات مكتبة الأزهر من المخطوطات وأوائل المطبوعات . ويقول محمد عبد القادر إنه يجرى إنشاء مكتبة الأزهر الجديدة العالمية على أعلى مستوي،وموقعها فى طريق صلاح سالم،على مساحة 15 ألف متر، وسيتم نقل كل محتوى مكتبة الأزهر إليها، وقد حددت مدة زمنية للانتهاء منها تبلغ 3 سنوات، ولكن شيخ الأزهر طلب أن تقل المدة عن ذلك وتنتهى فى خلال عامين فقط، وكان الأزهر الشريف قد وقع مذكرة تفاهم مع مركز جامع الشيخ زايد الكبير، وذلك للاتفاق على تمويل أعمال تصميم إنشاء المكتبة على أحدث النظم المكتبية العالمية لتليق بالأزهر الشريف وما تحويه مكتبته من نفائس ومخطوطات لتمكنها بالقيام بالدور المنوط بها فى نشر الثقافة الإسلامية . مشروعات تطوير المكتبة مازالت مشروعات تطوير الأزهر مستمرة، لتنمية قدرات المكتبة فى أداء رسالتها محليا وعالميا، وهو ما يحرص عليه شيخ الأزهر كما يوضح رئيس الإدارة المركزية، فيقول من أهم مشروعات تطوير المكتبة، مشروع سمو الشيخ محمد بن راشد لترقيم المخطوطات ونشرها على الإنترنت، فهو يهدف إلى تحويل المخطوطات الموجودة بالمكتبة من الشكل الورقى إلى الشكل الإلكتروني، وأيضا بناء موقع لمكتبة الأزهر على شبكة الإنترنت، وتصميم نظام بريد إلكترونى يسمح للأزهر بالإجابة عن الاستفسارات الدينية التى يتلقاها من مختلف دول العالم . وأيضا مشروع ترقيم مخطوطات المكتبة، وقد بدأ العمل به منذ عام 2005، بعد إمداد المكتبة بمستلزمات الترميم من أجهزة وألياف صناعية بالإضافة إلى عقد الدورات التدريبية المتخصصة فى مجال الترميم والرقمنة، وقد تم الانتهاء من ترميم 30 ألف ورقة مخطوط ومازال العمل جاريا به. بالإضافة أيضا لمشروع سقيفة الصفا العلمية، الذى يهدف إلى عمل طبعة فريدة ومنقحة من فهرس مخطوطات مكتبة الأزهر،لتيسير مهمة البحث على الدارسين .