قبل أن تبدأ الانتخابات الرئاسية أشتعلت الساحة السياسية بزخم قانون مباشرة الحقوق السياسية التى انتهت اللجنة المشكلة من إعداده وطرحة للمناقشة المجتمعية حيث يرى البعض ضرورة الأخذ بالنظام الفردى فى الانتخابات البرلمانية فهو أكثر واقعية وملاءمة لظروف المجتمع المصرى، بينما يرى أخرون أنه لابد من الاخذ بالقائمة المطلقة ورأى ثالث يطالب بالقائمة النسبية من حيث الملاءمة السياسية لتمثيل الاقليات والفئات المهمشة. كل فريق لديه مبرراته ، حتى شكل رئيس الجمهورية لجنة لإعداد قانون أنتخاب مجلس النواب القادم، والتى أستقرت على الأخذ بالنظام المختلط فى شأن الانتخاب بالنظامين الفردى والقوائم، حيث تم تخصيص 480 مقعدا للفردى و120 مقعدا للقائمة، بعد أن أستقر الأمر على زيادة عدد النواب إلى ستمائة وثلاثين عضوا، منهم ستمائة بالأنتخاب الحر وثلاثين بالتعيين من رئيس الجمهورية، الفردى الأنسب .. المستشار الدكتور مدحت محمد سعد الدين نائب رئيس محكمة النقض يقول" إن المادة 102 من الدستور القائم قد نصت على أن يشكل مجلس النواب من عدد لايقل عن أربعمائة وخمسين عضوا ينتخبون بالأقتراع العام السرى المباشر، وفى الفقرة الثالثة من ذات المادة يبين القانون شروط الترشح ونظام الانتخاب وتقسيم الدوائر الانتخابية، بما يراعى التمثيل العادل للسكان والمحافظات والتمثيل المتكافئ للناخبين، ويجوز الأخذ بالنظام الفردى أوالقائمة أوالجمع بآية نسبة بينهما، كما يجوز لرئيس الجمهورية تعيين عدد من الأعضاء فى مجلس النواب لايزيد على خمسة فى المائة ويحدد القانون كيفية ترشيحهم. ومفاد ذلك أن النص الدستورى المشار إليه لم يلزم المشرع بالأخذ بنظام انتخابى معين بل ترك له أمر الخيار فى أن يأخذ بأى نظام مناسب لواقع وظروف المجتمع أوالجمع بينهما، ولقد اختلفت الدساتير العالمية فى الأخذ بنظام القوائم من عدمه وقد أثبت التاريخ فشل تجربة الانتخاب بطريق القائمة، وظهر ذلك جليا فى أنظمة بعض الدول التى لجأت إلى الانتخاب بطريق القائمة ثم عادت للنظام الفردى ، والتاريخ النيابى فى مصر منذ عام 1923 حتى وقت قريب سار على نظام الانتخاب الفردي، وحينما تم اللجوء إلى نظام القائمة ثبت فشله تماما فى التعبير عن الإرادة الشعبية الحقيقية، والبرلمان السابق خير شاهد على ذلك بما صاحبه من اتساع نطاق الدوائر الانتخابية بصورة أعجزت كل من المرشحين فى النظام الفردى أو حتى القوائم عن الإلمام بقاعدة ناخبيهم والتعبير بالفعل عن إرادتهم فى التمثيل النيابي، ويشير المستشار مدحت سعد الدين الى أنه إذا كانت حجة البعض أن الأحزاب هى خير من يمثل كافة طوائف الشعب فى الممارسة السياسية وصياغة التشريعات وأن الأخذ بالنظام الفردى قد لايتيح للكثير من هذه الأحزاب أن تمثل فى البرلمان بطريقة عادلة، فذلك مردود بأن هذه الأحزاب إذا كانت لها قاعدة انتخابية وشعبية فما الذى يمنع من ترشيح من تريده بالنظام الفردى وتكسب الجولة، إذا كانت تحظى بموافقة الناخبين على تمثيلها! الصياغة غير منضبطة .. فضلا عن أن صياغة المادة 102 من الدستور المشار إليها لم تكن منضبطة فى الفقرة الأخيرة عند الحديث عن كيفية ترشيح نسبة الخمسة فى المائة المعينين، وهل تحتسب هذه النسبة ضمن العدد المحدد سلفا فى بداية المادة أويعينون بعد العدد الذى يتم انتخابه ويضاف إلى العدد المنتخب بكامله؟ ودلالة ذلك أن النص قد ذكر أن المعينين عن طريق رئيس الجمهورية يحدد القانون كيفية ترشيحهم، وهو ما أفضى إلى أن اللجنة حددت عدد ستمائة عضو منتخب وثلاثين يختارهم رئيس الجمهورية وهو عدد مبالغ فيه، وترجع زيادة عدد الأعضاء التى استقرت اللجنة عليها فى مشروع القانون إلى فكرة إقحام الانتخاب بالقائمة إلى جانب الانتخاب الفردي، بما يرتب زيادة عدد النواب، مع أن الدستور المصرى فى عام 1923 كانت له فكرة غير مسبوقة راعى فيها التمثيل العادل للسكان والمحافظات والتمثيل المتكافئ للناخبين بما يحقق الحكمة من نص المادة 102 من الدستور الحالي.