إذا كان العقد شريعة المتعاقدين، فلا نعلم سببا واحدا، لامتناع بلادنا عن الانضمام إلى (الاتفاقية الإطارية للتعاون بين دول حوض النيل)، المعروفة باسم اتفاقية عنتيبي، (والرمز الدولى CFA)، والتى تقترب الذكرى الرابعة لإقرارها (10/5/2010)، وأصبحت نافذة المفعول، ولها قوة القانون اعتبارا من 28 فبراير 2011 (بعد اكتمال نصاب الثلثين، طبقا لقاعدة الأغلبية)، واتخذت مقرا لها مدينة عنتيبى الأوغندية على ضفاف بحيرة فيكتوريا. وهى خليفة (مبادرة حوض النيل) السابقة NBI التى أنشئت بدار السلام، تنزانيا، عام 1991. وتضم مجموعة حوض النيل إحدى عشرة دولة هى (من أقصى منابع النيل إلى المصب: بوروندي، رواندا، أوغندا، الكونغو الديمقراطية، تنزانيا، كينيا، أثيوبيا، ارتيريا (دول منبع)، السودان الجنوبي، السودان (دولتا الممر)، مصر (دولة المصب). ولم ترد فى ديباجة الاتفاقية الإطارية، ولا متنها (44مادة) وملاحقها (لغاتها الرسمية المعتمدة، الإنجليزية، والفرنسية) ولاخطرت إشارة واحدة تمس مخصصات مصر فى ماء النيل، أو إلغاء للاتفاقيات التى تضمن حقوقها التاريخية، أو مايفيد إعادة تقسيم أو توزيع الموارد المائية لنهر النيل. بينما رأينا على النقيض دعوة الى التعاون والعمل المشترك وإقرارا ضمنيا، وتسليما منطقيا، بحقوق مصر ومخصصاتها المائية التى تعتمد على الرى الأزرق بنسبة 98% من إجمالى مواردها المائية، بينما تعتمد دول المنابع على الرى الأخضر (الأمطار) بنسبة 80:90% وقد تخطت مصر بالفعل خط الفقر المائى الأحمر، ولكن وجود (الحوض شبه المر) هو مايعيد لنا المياه المهدرة (تعيد مصر استخدام 23مليار متر مكعب إضافة إلى حصتها السنوية من الماء ومقدارها 55.5 مليار متر مكعب). وبينما يقدر مجموع مايهطل من أمطار على منابع النيل 1660 مليار متر مكعب (أى مايعادل حسابيا حصة مصر السنوية لمدة ثلاثين سنة) تبلغ إجمالى فواقده على أحسن تقدير 1500 مليار متر مكعب أى نحو 90% من خالص موارده!! ( أو مايعادل حصة مصر السنوية لمدة 27سنة) وتحتاج مصر فقط لزيادة مواردها المائية (ضعف الحصة الحالية على أقصى تقدير معلن). وكثيرا ماتناهى إلى اسماعنا، على مدى العمر، أن النيل وعمره ستة ملايين سنة أما أن تتبخر مياهه، أو تتسرب بين الصخور، أو تتعثر فى السدود (المستنقعات) أو تمتصها الأرض، أو تبتلعها البحار، فى كل مكان بحوض النيل. لذلك تشير ديباجة الاتفاقية، وتؤكد متونها، أن دول المبادرة تدرك الأهمية الاقتصادية والاجتماعية لنهر النيل لشعوب دول الحوض، مع رغبتهم القوية فى التعاون والاستفادة من الموارد العظيمة لنهر النيل، والتى توثق علاقتها معا. وفق تنمية مستدامة لكل دول الحوض. آخذين فى الاعتبار أن نهر النيل مورد طبيعى وبيئى لفائدة كل دولة، وأن مبادرة حوض النيل هى أساس التكامل والتنمية المستدامة والمنسقة، وأساس الحوار، حول موارد نهر النيل، حماية لحقوق أجيال المستقبل، وتنشأ لذلك مفوضية (عليا تعمل وفق مباديء عامة على رأسها: التعاون. التنمية المستدامة. الانتفاع المنصف والرشيد لماء النيل. ولكل دولة من دول المبادرة حق الانتفاع من المنظومة المائية لنهر النيل وتحقيق مبدأ الأمن المائي. والالتزام بعدم التسبب فى ضرر جسيم لدول الحوض الأخري، والتسوية السلمية للخلافات. والمراعاة الدائمة للصالح العام. وتأتى (الإطارية) اليوم على موعد مع القدر، بينما تدق أجراس الخطر، ونحن فى حاجة إلى وقفة على قلب رجل واحد، لمواجهة التحديات الكبرى التى تواجه بلاد النيل كافة، وفى مقدمتها: الجفاف. والتصحر، وشح الأمطار والتغيرات المناخية، وغزو الجراد، وطوفان النهر وطغيانه فأهلا وسهلا ومرحبا فى الحال لا الترحال بمصر العظيمة واثقة مستبشرة، كسابق عهدها، تغرد فى سربها، لخير أفريقيا عامة، و(الإطارية) خاصة، و(النيل الشرقي) على وجه أخص، والعالم الأكبر بأجمعه. حسن أغا مدير البحوث بالمجلس الأعلى للثقافة (سابقا)