تقف الجزائر البلد المهم فى منطقتها العربية وقارتها الإفريقية اليوم على أعتاب استحقاق انتخابى مهم ، يجعلها فى مفترق طرق حقيقى ، تحيط بها التعقيدات من كل جانب، ما بين استقطاب داخلى ومخاطر خارجية ، وكل ذلك يجعلها فى مرمى عواصف عاتية تهدد أمنها واستقرارها، فحدودها جميعا ملتهبة، مع ليبيا بعد سقوط نظام معمر القذافى.. ومالى بعد انزلاقها فى أتون الحرب على الإرهاب ، والاضطراب السياسى والأمنى فى تونس ، والتوتر الذى يعكر صفوها فى علاقتها مع المغرب على خلفية قضية الصحراء الغربية ، فضلا عن الضغوط الخارجية والتقاطعات والمحاور الإقليمية والدولية . الوضع الداخلى شديد الخصوصية والتعقيد فى الجزائر بلد المليون شهيد ، والدولة التى خاضت مبكرا حربا شرسة مع الإرهاب ولم تزل. والانقسام الداخلى حول خيارات المستقبل لا تخطئه العين، فرغم التقدير الشديد للرئيس بوتفليقة وتاريخه النضالى أثناء الثورة الجزائرية المجيدة وفى الأروقة الدبلوماسية وفى حربه على الإرهاب ثم فى التوصل للمصالحة الوطنية ، إلا أن ذلك لم يمنع قطاعات واسعة من الجزائريين لأن تتطلع اليوم إلى التغيير ، ولهم فى ذلك ألف حجة وحجة ، ولكن ربما ما يكبح جماح دعاوى التغيير وحركته ، أولا القبضة القوية لأجهزة الدولة الجزائرية الداعمة لبوتفليقة لولاية رئاسية رابعة كخيار توافقى لمن يمسكون بتلابيب السلطة، وثانيا تجربة الجزائر الباكرة المريرة مع الإسلاميين، وثالثا الخيبات التى لحقت بما عرف بثورات الربيع العربى فى المنطقة . وما يهمنا فى مصر هو استقرار الجزائر التى نعتبرها حجر زاوية فى استقرار المنطقة كلها، والتى كانت على الدوام السند القوى لمصر فى كل معاركها ومحطاتها المهمة فى الماضى والحاضر، ففى حروبنا ضد العدو الإسرائيلى وقفت الجزائر إلى جوارنا بالمال والرجال ولم تبخل ، والآن تقف ٍالجزائر بقوة لدعم مصر لعبور المرحلة الانتقالية ولمساندة عودتها بقوة إلى الاتحاد الإفريقى. واليوم نتطلع إلى التطورات فى الجزائر الشقيقة آملين أن تسفر عما يحقق لها الاستقرار والتطور والنماء الذى تستحق شعبا وأرضا .