تمتلك الدول العربية بما فيها مصر خاصة الدول والمدن المطلة علي ساحل البحر الأحمر كنوزا هائلة في سلسلة موانئ البحر الأحمر, التي اذا أحسن استغلالها حققت رواجا اقتصاديا كبيرا ووفرت الملايين من فرص العمل للشباب العربي. وتتمثل في مجموعة موانئ قديمة كان لها دورها المهم في نهضة الحضارة الإسلامية ومثلت مصدر الدخل الرئيسي لها, الذي مكنها من صنع أعظم حضارة في تاريخ البشرية وقد شهد لها الشرق والغرب, كما مكنها من الوقوف في وجه الغزوات الصليبية واسترداد القدس ومازالت بعض الموانئ القديمة تمارس دورها حتي الآن, بالإضافة الي الموانئ الحديثة, لكن بقي البعض منها مغلقا ولم يتم استغلاله. هذا ما أكدته الدراسة العلمية التي أعدها الدكتور عبدالرحيم ريحان مدير عام البحوث والدراسات الأثرية والنشر العلمي بسيناء عن أهمية موانئ البحر الأحمر ودورها التجاري عبر العصور, مؤكدا أن هناك أهمية تاريخية كبري للموانئ المصرية والعربية المطلة علي سواحل البحر الأحمر والمتوسط, ومشيرا الي أن ميناء القلزم والمعروف حاليا بميناء السويس كان موضعا مهما علي رأس خليج السويس, وكان في القرن الثاني الميلادي الميناء المهم للتجارة مع الهند وفي صدر الإسلام أصبح القلزم الميناء الرئيسي لمصر علي ساحل البحر الأحمر, وازدادت أهميته بعد إعادة حفر خليج أمير المؤمنين الواصل بين الفسطاط والقلزم وكان تجار الغرب يفدون إليها من الفرما( مصر القديمة), ومنها يركبون البحر الي ميناء الجار بالسعودية ثم الي جدة وعدم في طريقهم لسواحل الهند, كما أن السويس كانت من محطات طريق الحج وقد ساعد انتعاش ميناءي طور سيناءوالسويس البحريين علي كثرة استخدام الطريق البري الذي يصل بينهما وبين القاهرة, فكانت القوافل تخرج من القاهرة الي بركة الحاج ومنها الي السويس ثم الي العقبة ومنها تنحدر جنوبا نحو الحجاز. أما ميناء أبوزنيمة وهو اسم يطلق علي رأس من رؤوس شبه جزيرة سيناء الواقعة علي خليج السويس, فقد أقيم عند هذا الرأس مجموعة مساكن مخصصة لإقامة عمال شركة استخراج المنجنيز من منجم أم بجمة الواقع علي بعد30 كيلومترا من رأس أبوزنيمة, وعرفت هذه المساكن باسم أبوزنيمة لوقوعها في هذا المكان وكان بمصر القديمة ميناء مستخرجي الفيروز في سرابيت الخادم, وقد كشفت بعثة آثار جامعة كاليفورنيا عام1948 ميلادية عن ميناء مصري جنوب أبوزنيمة, ربما كان الميناء المصري القديم لخدمة منطقة تعدين كنقطة لشحن وتفريغ سفن بعثات التعدين المصرية المرسلة علي البحر الأحمر, وقد بدأ تأرخ نشرتي هذا الموقع في عهد حتشبسوت وتحتمس الثالث. كما أن طور سيناء والتي تبعد269 كيلومترا من نفق أحمد حمدي بمحافظة السويس تحوي هي الأخري الفرضة البحرية للميناء المملوكي بطور سيناء, وذلك منذ عام(648 922 هجرية,1250 1516 ميلادية), وهو المكان الذي يخدم الميناء من مخازن وخلافه والتي كشفت عنه بعثة آثار يابانية برئاسة الدكتور كاتواتوكو رئيس البعثة تحت اشراف منطقة جنوبسيناء للآثار الإسلامية والقبطية,. وهناك منطقة نبق السياحية التي تبعد25 كيلومترا شمال ميناء شرم الشيخ البحري, وهي أقرب فرضة الي بر الحجاز وكان يعمل الميناء خلال عام(1324 ه 1906 م) في تجارة الإبل والأغنام وأكثرهم من أعراب قبيلة الحويطات بجنوبسيناء, حيث كانوا يأتون بالإبل والأغنام من بر الحجاز الي منطقة نبق ثم يخترقون سيناء الي السويس وتضم منطقة نبق آبارا عذبة وبستانا لأشجار النخيل. وكشفت مدينة دهب عن الفرضة البحرية للميناء البحري للآثار الإسلامية والقبطية في عدة مواسم منذ عام1989 حتي2002 وهي ميناء الأنباط بجنوبسيناء, ويعود تاريخها الي القرن الثاني قبل الميلاد وبداية الأول الميلادي مع ازدهار نشاط الانباط البحري ووجود شبكة طرق امتدت لهم عبر سيناء, وكان هناك طريق للأنباط من أيلة( مدينة العقبة الآن) علي رأس خليج العقبة الي ميناء دهب البحري ومنها يتوغل الي داخل سيناء, وكان هذا ضمن شبكة طرق الأنباط بين المحيط الهندي والبحر المتوسط, فكانت بضائع الهند تأتي الي اليمن عن طريق عدن وكان أهل اليمن ينقلونها مع محاصيلهم الي الحجاز وكان الأنباط ينقلونها من الحجاز الي البتراء بالأردن ومن هناك تتفرع الي مصر من خلال طريق البتراء والي فلسطين بطريق بئر سبع والي شمال سوريا بطريق دمشق. كما يقع ميناء عيذاب علي ساحل البحر الأحمر داخل الحدود المصرية في الحد الفاصل بينه وبين السودان, وكان طريق الحج المصري خلال القرون الوسطي يسير إليه الحجاج من قوص ليجتازوا البحر الأحمر الي جدة ومنها الي مكةالمكرمة, يحدها من الغرب قرية أبوسمبل وتجاهها علي الشرطئ الشرقي للبحر الأحمر في حدود السعودية بلدة رابغ وشرم رابغ شمال ميناء جدة وعلي بعد130 كيلومترا وكان له دور في التجارة العالمية العابرة بين الشرق والغرب خلال العصر الإسلامي, حيث كانت السفن المحملة بسلع الشرق الأقصي وعالم المحيط الهندي بجانبيه الإفريقي والعربي تنتهي الي عيذاب بمعرفة تجار التوابل الذين قاموا بنقل التوابل والزعفران وغير ذلك من منتجات الشرق الي دول الغرب عبر الأراضي المصرية, وكانت ضمن ثغور مصر الساحلية لحماية حدود مصر الجنوبيةالشرقية بما فيها من جند وسلاح مما يعطي للقائمين علي التجارة العابرة قدرا من الأمان والحماية. وعن موانئ البحر الأحمر بالدول العربية المختلفة, يشير ريحان الي أن مدينة أيلة العقبة الأردنية لم تكن علي الإطلاق في الموضع الذي تحتله الدولة الصهيونية الآن باسم ميناء إيلات, فمن المعروف في التاريخ الحديث أن ميناء إيلات يرقد فوق قرية أم الرشراش( المرشرش) المصرية التي احتلتها اسرائيل في10 مارس1949 ميلادية لوضع قدميها علي منفذ بحري يقع علي ساحل علي خليج العقبة, ثم ألبست الموضع بالاسم القديم وأطلقت عليه إيلات وهو ما لا يصبح علما ولا تاريخا.