برغم أن عددهم طبقا للاحصائيات الرسمية نحو8 ملايين شخص, وبرغم أن القانون ينص علي تعيين5% منهم في جميع المؤسسات الحكومية فإن المعاقين مازالوا يعانون اشد المعاناة في الحصول علي حقوقهم المشروعة.. وهذه عينة من مئات الرسائل التي وصلتني هذا الأسبوع حول معاناتهم وصرخاتهم. الانفجار الوشيك: أنا شاب اسمي سيد كامل وابلغ من العمر31 عاما, وقدر الله ان آتي إلي الدنيا مصابا بشلل أطفال في قدمي, ولم تمنعني إعاقتي من استكمال مشواري التعليمي, برغم الصعاب المؤلمة نفسيا وعمليا واجتماعيا, فقد كنت منبوذا في الفصل, وكثيرا ما تألمت عندما يلهو ويلعب اقراني بينما انا جالس اكتفي بالنظر إليهم ولن أنسي معاناتي في الصعود إلي الفصل والنزول منه, فالمدرسة غير مجهزة للطالب المعاق لانه لم يكن في حسبان وزارة التربية والتعليم وهي تقوم بتشييد المدرسة, إضافة إلي المعاناة التي كنت الاقيها في ركوب وسائل المواصلات والارصفة العالية التي اقترب ارتفاعها من ارتفاع الاسوار التي تحيط بالأراضي, وبرغم ذلك تحاملت علي نفسي واكملت مشوار تعليمي, وأنا اتطلع إلي امتيازات المعاقين في وسائل المواصلات واولوية في الشقق التي توفرها الدولة بل وصدقت ماقيل عن أن المحافظة وفرت لنا شققا مجهزة في ادوار سفلية, أما أكبر كذبة صدقتها فهي التي تنص علي تعيين5% من المعاقين في مؤسسات الدولة ووزاراتها, ولم اصب بإحباط وأنا طفل معاق قدر مااصبت به بعد تخرجي من كلية التجارة, فقد طفت الشركات والمؤسسات والهيئات الحكومية بحثا عن فرصة من هذه النسبة التي نص عليها القانون ولكنني لم اجدها, وبحثت عن الشقق المستحقة لنا وتقدمت بمئات الأوراق والطلبات بلا جدوي ووجدتني اتجه إلي القطاع الخاص فلم اجد سوي المعاملة السيئة, وكانت نهايتي هي العمل ترزيا باليومية في مشغل بالقرب من منزلي وأحصل منه علي400 جنيه شهريا, وبعد الثورة قررت ان اطلق الصرخات المكبوتة بداخلي وأنا اتبني قضية حقوق المعاقين الذين يشكلون فعليا10% من نسبة المواطنين في مصر, وقمت بعمل جروب علي الفيس بوك من اجل تجميع أكبر عدد من المعاقين في مصر, واعتصمنا امام مقر رئاسة الوزراء في فترة عصام شرف بعد ان يئسنا من توصيل قضيتنا بالطرق الرسمية, ولم نطالب بامتيازات جديدة لنا نهائيا حتي لايقال ان مطالبنا فئوية وكل ماطالبنا به مجرد تفعيل القوانين الموجودة والامتيازات المقررة لنا سلفا, ووعدنا د. شرف حينها بحل المشكلة وبتنا أمام مقر المجلس, وبعدها بشهرين رحل عن موقعه وتبخرت الوعود في الهواء, والآن ارسلنا مئات الخطابات الجماعية إلي المجلس العسكري والدكتور كمال الجنزوري رئيس مجلس الوزراء ولكن لم يطمئننا احد ولم نجد أي تجاوب لمشاكلنا وكأننا مواطنون درجة ثانية. ان من اسقطوا النظام السابق في ميادين وشوارع مصر هم علي الأكثر خمسة ملايين ثائر, ولو انفجر غضب المعاقين في مصر فسيخرج ثمانية ملايين معاق.. فأرجو ان تصل صرخاتنا ورسالتنا قبل الانفجار الوشيك. غدر الأيام: أنا شاب مصري عمري37 عاما واسمي ياسر شاكر محمد, من القاهرة مشكلتي انني ولدت مصابا بإعاقة في قدمي, فالقدم اليمني اقصر ب4 سنتيمترات عن اليسري, وقد عاقبتني الدولة علي اعاقتي بأن حرمتني من السكن والوظيفة, وظللت احاول الحصول علي وظيفة من نسبة المعاقين ولكنني لم اجد لها اثرا أو واقعا, وانخرطت في أعمال حرة باليومية حتي استطيع الزواج, وتزوجت في شقة متواضعة بعد أن فقدت الأمل في الحصول علي شقة من الشقق التي تدعمها الدولة لمن هم مثلنا ورزقني الله بثلاثة أطفال وأصبح الحمل ثقيلا جدا علي كاهلي, إنني لا أريد منحة ليست من حقي أو وساطة للحصول علي شيء ليس لي, وكل ما اطلبه وظيفة ثابتة, اطعم من عائدها أولادي. بكره الذي لايأتي: اسمي محمود منازل الشحات, من الشرقية كنت احسب أنه بما إنني مواطن مصري ان لي حقوقا وعلي واجبات ينبغي تقديمها للدولة, وقد قدمت جميع الواجبات للدولة ولم احصل علي أي حقوق, فأنا احد المعاقين أو من يطلق علينا متحدو الإعاقة وقد تحديت اعاقتي وحصلت علي الثانوية العامة واكملت دراستي في معهد التأهيل المهني قسم الأعمال الإدارية املا في فرصة عمل ضمن النسبة المخصصة للمعاقين واكتشفت أنها نسبة معطلة, واخبروني أن هناك فرصا في الأقسام التي تحتاج إلي حاسب آلي, علي ان اتعلمه واحصل علي شهادة باجتيازه, وعلي الفور درست الحاسب الآلي وحصلت علي عشرات الدورات حتي أصبحت خبيرا فيه وتقدمت بأوراقي مرة ثانية, وتعاملوا معي بمنطق فوت علينا بكرة لكن بكره لم يأت إلي الآن وأنا أعيش بلا دخل ومعاش والدي يكفي نفقات علاجه من امراضه المزمنة واشقائي في التعليم وأنا أكبرهم. لو ان حكومات النظام السابق استجابات لمئات الاستغاثات التي عرضها بريد الأهرام لزالت أسباب الشكوي.. لكن ماذا نفعل ازاء الصمت التام من جميع المسئولين إننا الآن نعيش عهدا جديدا. فهل تعي ذلك حكومة الثورة.. وهل يدرك مجلس الشعب الذي جاء إلي قبة البرلمان ان هناك فئة مطحونة تحتاج إلي انتشالها من عالم الضياع.. وهل نجد نوابا يدافعون عنهم, ويقدمون استجوابا للحكومة حول فلسفتها في تشغيل المعاقين وذوي الاحتياجات الخاصة.. ومتي يشعر الناس ان الثورة المصرية بدأت أولي خطوتها نحو تلبية المطالب المشروعة للمواطنين؟