قصواء الخلالي: اتحاد القبائل العربية سوف يندرج تحت بنود القانون والدستور    وصول البابا تواضروس الثانى قداس عيد القيامة المجيد    أبو هميلة: قرار فيتش يزيد من تدفقات الاستثمار الأجنبي لمصر    الخائفون من العدالة..!!    أسامة كمال: الكل خاسر في حرب غزة وحماس وإسرائيل لم يحققا أي أهداف    كولر عن استبعاد أفشة: الموضوع بسيط    ضبط قضايا اتجار غير مشروع فى العملات الأجنبية ب 37 مليون جنيه    طلاب إعلام جامعة القاهرة يطلقون حملة توعية بإيجابيات ومخاطر الذكاء الاصطناعي    عيد تجدد الحياة    طارق إمام للشروق: المعارض الأدبية شديدة الأهمية لصناعة النشر.. ونجيب محفوظ المعلم الأكبر    قصواء الخلالي: أهالي سيناء وقفوا بجانب الدولة المصرية وهم أولى بتنميتها    وكيل صحة القليوبية: استقبال 180 شكوى خلال شهر أبريل    صحة كفر الشيخ تعلن حالة الطوارئ خلال أيام عيد القيامة وشم النسيم     تسويق مغلوط للأولويات سيكون له ما بعده..    خطة وقائية الصحة تحذر من الأسماك المملحة.. واستعدادات بالمستشفيات    سفير فلسطين في تونس: مصر تقوم بدبلوماسية فاعلة تجاه القضية الفلسطينية    81 مليار جنيه زيادة في مخصصات الأجور بالموازنة الجديدة 2024-2025    «ريناد ورهف» ابنتا المنوفية تحققان نجاحات في الجمباز.. صداقة وبطولات (فيديو)    نائب رئيس هيئة المجتمعات يتفقد أحياء الشروق ومنطقة الرابية    «القومى للأجور» يحدد ضمانات تطبيق الحد الأدنى للعاملين بالقطاع الخاص    بالصور.. أهالي قرية عبود بالفيوم يشيعون جثمان الحاجة عائشة    تعرف علي موعد عيد الأضحي ووقفة عرفات 2024.. وعدد أيام الإجازة    بث مباشر| البابا تواضروس يترأس قداس عيد القيامة بالكاتدرائية المرقسية    كاتدرائية جميع القديسين تتزين بالأضواء احتفالًا بعيد القيامة المجيد    غدا وبعد غد.. تفاصيل حصول الموظفين على أجر مضاعف وفقا للقانون    القس أندريه زكي يكتب: القيامة وبناء الشخصية.. بطرس.. من الخوف والتخبط إلى القيادة والتأثير    دعاء يغفر الذنوب والكبائر.. الجأ إلى ربك بهذه الكلمات    أحمد كريمة يعلن مفاجأة بشأن وثيقة التأمين على مخاطر الطلاق    حريات الصحفيين تثمّن تكريم «اليونسكو» للإعلاميين الفلسطينيين وتدين جرائم الاحتلال    مستشار الرئيس عن مضاعفات استرازينيكا: الوضع في مصر مستقر    4 نصائح لشراء الفسيخ والرنجة الصالحة «لونها يميل للذهبي» ..قبل عيد شم النسيم    «صحة الفيوم»: قافلة طبية مجانية لمدة يومين بمركز طامية.. صرف الأدوية مجانا    خبير تغذية: السلطة بالثوم تقي من الجلطات والالتهابات    السعودية تصدر بيان هام بشأن تصاريح موسم الحج للمقيمين    خبير اقتصادي: الدولة تستهدف التحول إلى اللامركزية بضخ استثمارات في مختلف المحافظات    5 خطوات لاستخراج شهادة الميلاد إلكترونيا    وزير الشباب يفتتح الملعب القانوني بنادي الرياضات البحرية في شرم الشيخ ..صور    التعادل السلبي يحسم السوط الأول بين الخليج والطائي بالدوري السعودي    لوبتيجي مرشح لتدريب بايرن ميونيخ    قرار جديد من التعليم بشأن " زي طلاب المدارس " على مستوى الجمهورية    السجن 10 سنوات ل 3 متهمين بالخطف والسرقة بالإكراه    مفاجأة- علي جمعة: عبارة "لا حياء في الدين" خاطئة.. وهذا هو الصواب    ميرال أشرف: الفوز ببطولة كأس مصر يعبر عن شخصية الأهلي    موعد ومكان عزاء الإذاعي أحمد أبو السعود    محمد يوسف ل«المصري اليوم» عن تقصير خالد بيبو: انظروا إلى كلوب    بطلها صلاح و«العميد».. مفاجأة بشأن معسكر منتخب مصر المقبل    استعدادًا لفصل الصيف.. محافظ أسوان يوجه بالقضاء على ضعف وانقطاع المياه    ما حكم أكل الفسيخ وتلوين البيض في يوم شم النسيم؟.. تعرف على رد الإفتاء    رويترز: قطر قد تغلق مكتب حماس كجزء من مراجعة وساطتها بالحرب    السكة الحديد تستعد لعيد الأضحى ب30 رحلة إضافية تعمل بداية من 10 يونيو    ماريان جرجس تكتب: بين العيد والحدود    القوات المسلحة تهنئ الإخوة المسيحيين بمناسبة عيد القيامة المجيد    التموين: توريد 1.5 مليون طن قمح محلي حتى الآن بنسبة 40% من المستهدف    أوكرانيا: ارتفاع قتلى الجيش الروسي إلى 473 ألفا و400 جندي منذ بدء العملية العسكرية    هل بها شبهة ربا؟.. الإفتاء توضح حكم شراء سيارة بالتقسيط من البنك    برج «الحوت» تتضاعف حظوظه.. بشارات ل 5 أبراج فلكية اليوم السبت 4 مايو 2024    المطرب هيثم نبيل يكشف كواليس فيلم عيسى    هبة عبدالحفيظ تكتب: واقعة الدكتور حسام موافي.. هل "الجنيه غلب الكارنيه"؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التحول فى ظاهرة الإرهاب بالمنطقة العربية
نشر في الأهرام اليومي يوم 28 - 03 - 2014

ساد تصور فى مجال الدراسات الأمنية، أن الثورات العربية ستؤدى إلى تراجع موجة الإرهاب فى المنطقة، نظرا لأنها وفرت الفرصة لقوى الإسلام السياسي، للمشاركة فى السلطة، فى عدد من الدول العربية.
ولكن مع تعقد المراحل الانتقالية فى عدد من الدول، ما لبث أن اتضح قصور هذا التصور، فكما يشير تقرير الإرهاب الصادر عن معهد الاقتصاد والسلام للعام 2012، ظلت العمليات الإرهابية تنفذ على نطاق واسع فى المنطقة، وتتركز بصورة كبيرة فى منطقة المشرق، واليمن كما يتضح من الخريطة، حيث تشير العلامات الحمراء للعمليات التى نفذت، والعلامات السوداء للعمليات الأكثر عنفا. كما اتسع نطاق أعمال العنف التى شهدتها المنطقة، فى الفترة التالية على اندلاع الثورة فى سوريا، وسقوط نظام القذافي، وسقوط حكم الإخوان فى مصر، على نحو غير خريطة الإرهاب فى المنطقة، وهى أعمال لم توثق حتى الآن فى أى تقارير خاصة بالإرهاب.
الإرهاب بدون قيادة
فقد كان للديناميكيات التى أطلقتها الثورات العربية، فى الدول التى سقطت فيها النظم القديمة، مثل مصر وتونس وليبيا، أو التى تأثرت بموجة الثورات، مثل البحرين، دورا فى انتشار نمط «الإرهاب بلا قيادة» فى المنطقةleaderless terrorism ، حيث يلاحظ أن هذا النوع من الإرهاب، والذى يأخذ شكل «الخلايا الصغيرة»، والتى تتألف من عدد محدود من الأشخاص تربطهم علاقات ثقة، تجسد رأس مال اجتماعى فيما بينهم، هو الأكثر انتشارا فى المنطقة. فعلى سبيل المثال، رصدت الأجهزة الأمنية فى مصر فى الفترة التالية على ثورة 30 يونيو 2013، تشكل العديد من هذه الخلايا، كما أن البحرين والكويت شهدتا تشكل خلايا قريبة من هذا النوع من الإرهاب من قبل أفراد ينتمون للطائفة الشيعية، ويتبنون أهدافًا سياسية محددة.
خلايا غير قاعدية
ويمتاز هذا النوع من الإرهاب، بخصائص تختلف عن خصائص الإرهاب الذى كان يمارسه تنظيم القاعدة الأم، أو تمارسه تنظيمات القاعدة المحلية، مثل القاعدة فى المغرب الإسلامي، والقاعدة فى بلاد الرافدين والقاعدة فى الجزيرة العربية. تتمثل الخاصية الأولي، فى أن من ينفذ هذا النوع من الإرهاب، أفراد أو جماعات صغيرة فى العدد، لا ترتبط تنظيميًا أو فكريًا بتنظيم القاعدة، أى أنها «غير قاعدية»، وتتبنى استراتيجيات إرهابية لأسباب مختلفة سواء كانت سياسية أو دينية أو إثنية.
وتنصرف الخاصية الثانية، إلى أنه لا توجد قيادة للجماعات أو الأفراد الذين يمارسون هذا النوع من الإرهاب، حيث لا يوجد قيادة فكرية أو عملياتية يمكن تتبعها أو ترقبها، حيث لا يوجد تنظيم عنقودي، أو قيادة واحدة تصدر الأوامر، أو مجلس شوري، أو لجان متعددة، أو مجموعة من القيادات العملياتية المسئولة عن المناطق والخلايا. حيث إن مركز الثقل الحقيقى لهذا النوع من الإرهاب، هو الأيديولوجية التى يعتنقها كل من يمارسه، سواء كان فردا، أو خلية محدودة العدد، والتى تجمع بين اعتقاد ديني، ومشاعر عدم الرضا لأسباب إثنية أو طائفية.
وتتعلق الخاصية الثالثة، بأنه عادة ما يكون عدد الضحايا البشرية من هذا النوع من الإرهاب محدودا مقارنة بالموجات السابقة من الإرهاب، وهذا ما تكشف عنه العمليات التى شهدتها الدول العربية فى الفترة السابقة، حيث تنحصر كما هو الحال فى مصر والبحرين، فى استهداف مقار المؤسسات الأمنية، أو استهداف عناصر الشرطة فى الكمائن ونقاط التفتيش. ولكن، بصفة عامة، لا يوجد حد أقصى لمستوى العنف الذى يمكن أن يعتمده عناصره، خاصة وأنهم لا يهتمون بتكوين أتباع أو متعاطفين معهم.
وتتمثل الخاصية الرابعة، فى أن الأفراد المنخرطين فى هذا النمط من الإرهاب ليسوا «أجانب» أو «مهاجرين»، وإنما مواطنون طبيعيون نشأوا فى الدولة، ولسبب ما قرروا أن يصبحوا أكثر راديكالية تجاه دولتهم. إلى جانب ذلك، فهم غير منعزلين عن مجتمعاتهم، فعلى خلاف الطبيعة الانعزالية التى ميزت جماعات الإرهاب التقليدية، خاصة إرهابيى القاعدة، وكونهم منعزلين فى مكان ما جغرافيًا عن الإعلام وعن المراكز الحضرية فى الدولة، وعن أسرهم وعائلاتهم، فإن العناصر المعبرة عن هذا النوع الجديد من الإرهاب، تتفاعل بصورة مستمرة مع المجتمع المحيط بها، وهذا التفاعل هو الذى يزيدها راديكالية، ويخلق نوعًا من العزلة النفسية بينها وبين المجتمع ويجعلها أكثر عداء له.
وتنصرف الخاصية الخامسة، إلى أنه لم يعد انتشار هذا النوع مرتبطا بدول تعانى من مشاكل اقتصادية، حيث أن ازدهار هذا النوع من الإرهاب، أصبح ممكنا أيضا فى دول ترتفع فيها معدلات التنمية، وفيها استخدام مكثف للإنترنت والهواتف الذكية، لا سيما فى دول الخليج التى تعد من أكثر الدول تقدمًا فى هذا المجال، فضلا عن احتفاظها بمعدلات تنمية مرتفعة، فمن يمارسون هذا النوع من الإرهاب، من خلفية اجتماعية جيدة.
وتتعلق الخاصية السادسة، بأنه لم تتم عملية تجنيدهم بصورة منظمة، فهم لم يتخرجوا من المدارس الدينية، أو مخيمات التدريب، كما كان الحال مع مجاهدى القاعدة، حيث حدث تحول فى فكر هذه العناصر من خلال المدونات الجهادية، والمواقع الإرهابية، وعبر الدورات التدريبية المتاحة على الإنترنت حول كيفية تنفيذ العمليات الإرهابية محدودة النطاق، أى أنهم اعتمدوا على «التعلم الذاتي». ولذا، لا تتمتع هذه العناصر فى بعض الأحيان بمهارة كافية لتنظيم أو تخطيط أى تفجيرات أو عمليات.
استراتيجيات المواجهة
من المتوقع أن تشهد المنطقة، خلال الفترة المقبلة، تزايد انتشار هذا النوع من الإرهاب، خاصة فى ظل بيئة إقليمية مشجعة على ذلك. ومن ذلك اكتساب الصراع فى سوريا طابع طائفي، وانتقال تداعياته للدول المجاورة لسوريا، وعودة نشاط خطوط «نقل المهاجرين» إلى سوريا من أوروبا ودول شمال أفريقيا، ودول الخليج، وإلى خارج سوريا. وذلك إلى جانب اتجاه جماعة الإخوان المسلمين فى مصر، والجماعات الإسلامية الموالية لها منذ ثورة 30 يونيو 2013، الى اتباع استراتيجيات عنيفة، على نحو يدعم احتمال تحول جماعة الإخوان، من كونها فاعلا «ضخما» متعديا للحدود، له أفرع فى عدة دول فى إقليم الشرق الأوسط، إلى جماعة «إرهابية» قد يتعدى نشاطها العنيف حدود الدولة المصرية، لاسيما فى ظل تعدد جماعات الإخوان فى الإقليم.
وفى هذا السياق فقد اتبع عدد من الدول العربية مؤخرا إستراتيجية السيطرة الاجتماعية على الإرهاب من خلال وضع أطر قانونية تقلص شرعية الأيديولوجيات التى عادة ما يستند إليها الإرهاب من هذا النوع، فعلى سبيل المثال، أعلنت مصر فى 25 ديسمبر 2013، تصنيف جماعة الإخوان المسلمين على أنها جماعة إرهابية، كما أعلنت السعودية فى 7 مارس 2014، عن قائمة خاصة بها للجماعات الإرهابية، جمعت بين تنظيمات الإرهاب التقليدي، مثل القاعدة بأفرعها وداعش والنصرة، وأخرى تمثل أيديولوجيتها محركا للإرهاب بدون قيادة، مثل جماعة الإخوان المسلمين وحزب الله السعودي. إلى جانب ذلك، اتجه مجلس التعاون لدول الخليج العربية فى مايو 2013 للتضييق على نشاط حزب الله فى دول الخليج، من خلال فرض عقوبات على من لهم علاقة بحزب الله، وفرض قيود على تصاريح الإقامة والتعاملات المالية والتجارية، وقد سبق ذلك إقرار مجلس الوزراء البحريني، إدراج حزب الله كجماعة إرهابية.
خلاصة القول، أن اتساع نطاق هذا النوع من الإرهاب، من حيث الدول التى تتعرض له، خلال الفترة المقبلة، يتطلب استراتيجيات معقدة فى مكافحته، تكون من ناحية، ذات طابع «غير أمني»، تستهدف مركز الثقل الرئيسى لهذا النوع من الإرهاب، ف»الأمننة» الزائدة Over-Securitization فى التعامل مع الإرهاب، والتسييس الزائد يغفل البعد المجتمعى الذى يساعد على انتشار هذه الظاهرة، والمرتبط بصورة رئيسية بالتعليم، وبقدرة الفرد على التعليل المنطقى لمواقفه العنيفة. كما يتطلب من ناحية ثانية، إجراءات جماعية، بين الدول التى تواجه هذا النوع من الإرهاب، تكفل تتبعه عبر الحدود. ولكن يظل التحدى الرئيسي، أن هذا النوع عادة ما يصعب التنبؤ بظهوره فى الدولة، أو توقع انتشاره فيها على نطاق واسع.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.