قديما قهرت الصليبيين فى حملتهم التاسعة على مصر وأسرت ملكهم لويس التاسع قبل أن يذهب إلى المنصورة مكبل اليدين .. واليوم تقهر قرية ميت الخولى عبد الله التابعة لمركز الزرقا بمحافظة دمياط الجشع والاحتكار ووفرت وسيلة لكل عرسان وعرائس مصر من الفقراء والبسطاء لتأمين احتياجات عش الزوجية وكل مستلزمات المنزل بأسعار مناسبة ومقبولة تنسجم مع ميزانيتهم المحدودة وظروفهم المعيشية البسيطة . القرية التى أنجبت فيلسوف الشرق الدكتور زكى نجيب محمود ويزيد عدد سكانها على 40 ألف نسمة أصبحت قطعة من الصين باستحواذها على أهم وأكبر الشركات المستوردة للأدوات المنزلية وأصبحت تشتغل فى بضائع قيمتها لا تقل عن 4 مليارات جنيه . كلمة السر فى نجاح القرية رخص أسعار البضائع وتنوع أشكالها التى ترضى جميع الأذواق، ومن أهم البضائع التى تلقى رواجا كبيرا أطقم الأكروبال والإستانلس وكل مكونات المطبخ وكذلك الأجهزة الكهربائية كالخلاطات والمكانس ، والسبب الآخر للإقبال هو توافر جميع أنواع البضائع فى مكان واحد وبيعها بسعر الجملة . فى جولة ل ( الأهرام ) فى شوارع القرية يمكن للمرء أن يلحظ بسهولة إنتشار المحلات والمعارض فى الشوارع الرئيسية والفرعية والتى تعرض من « الإبرة إلى الصاروخ « كما يقولون لكل مكونات المنزل المصرى ، سيارات تنقل البضائع ومستودعات ضخمة للتخزين على أطراف القرية ووسطها ..وأسر تتجول فى المعارض بحثا عن مبتغاها بأرخص الأسعار ، ومندوبون صينيون يعقدون الصفقات ويطمئنون على وكلائهم فى القرية وسير عملية الشراء ورغبات واتجاهات الزبائن، ويقول وائل الفار «صاحب معرض» إنه فتح عينيه صغيرا ووجد أغلب أبناء قريته يشتغلون فى جلب السلع الصينية بدأوها بحمل كاسات وأطقم الصينى على أكتافهم من سمنود ولفوها فى قش وورق الصحف ، ثم يمرون على البيوت ويعرضون سلعهم ، ثم دخلنا فى تجارة السجاد وحصلنا على توكيلات كبرى الشركات . كل أبناء القرية سرحوا بالبضاعة وحملوا الأطقم حتى لو كانوا طلبة طب أو هندسة . ويضيف الفار : بدأ أبناء القرية يطورون من قدراتهم فى استيراد الصينى من الإسكندرية وبورسعيد، ويؤكد أبناء القرية أنها بدأت تستورد من الصين بشكل واضح منذ عام 1998 وأصبح عدد الشركات فيها نحو 1200 شركة وتوكيل وكل شركة لديها معرض و8 سيارات على الأقل للتوزيع ونحو 15 إلى 20 عاملا وبعضها لديه نحو 100 عامل ، وبالتالى خلت القرية من العاطلين تماما بل أصبحت تقوم بتشغيل اليد العاملة فى القرى المجاورة وبرواتب لاتقل عن 1500 جنيه شهريا ، ولا تستغرب إذا علمت أن دكاترة الجامعة من أبناء القرية والموظفين يقدمون على إجازات للتفرغ لممارسة هذه المهنة أو بعد انتهاء عملهم اليومى، ويؤكد هشام الفار أن الأسعار معقولة جدا وتقل عن مثيلاتها فى السوق المصرية بنحو 40 % على الأقل يعنى إذا اشترى شخص أدوات بقيمة 10 آلاف جنيه يكون سعرها الحقيقى فى مكان آخر 14 ألف جنيه وهذه مسألة معروفة ويكفى هامش الربح القليل ، لكنه يشير إلى تأثر الأسعار برفع قيمة الدولار والجمارك مما ينعكس سلبا على الزبون. ويرصد تجار ميت الخولى عبد الله لقلة من الوكلاء فى القرية يجلبون السلع الكهربائية من الصين ثم يعيدون ختمها على أنها يابانى أو تايلاندى أصلى وهذا أمر مستنكر ويخدع الزبون ، وهم يشكون من تضرر سمعة السلع الواردة والبلد عامة نتيجة هذا التدليس والتزوير ويطالبون بتحرك مباحث التموين وحماية المستهلك لاتخاذ الإجراءات اللازمة لوقف هذه الظاهرة المزعجة، ويطالب التجار بتشكيل رابطة أو جمعية للمستوردين للدفاع عن مصالحهم والتعبير عنهم فى مختلف المحافل ولحماية سمعة البضائع الأصلية من تسلل المزورة والمضروبة إليها ، وفتح أسواق جديدة للاستيراد من أوروبا . ويرجع إيهاب مصطفى بصيلة من شركة الأندلس التى تمتلك أكبر معرض فى القرية ولديها فروع بالقاهرة ظاهرة تغيير ختم الأجهزة الكهربائية إلى المستوردين الجدد الذين يستعجلون المكسب السريع سواء بتخفيض المواصفات والجودة والبيع بنفس أسعار السلع الجيدة ،أو بيعها على أنها صناعة يابانية مشيرا إلى أن بعض المستوردين لا ضمير لهم ويعبثون بمنشأ المنتج . ويضيف بصيلة : بالنسبة لنا نقوم بتعريف الزبون بأصل المنتج ونستورد من الصين وشرق آسيا وتركيا وفيتنام وماليزيا وبنجلادش والفلبين ، ولكن الإقبال أكثر على الصينى ونبيع بسعر الجملة للتجار والأهالى . أما محمد فهيم الأديب «صاحب شركة» بالقرية يستغرب من ضعف خدمات الحكومة لقرية الخولى عبد الله على الرغم من أنها تدخل سنويا مالا يقل عن 400 مليون جنيه للدولة فى صورة ضرائب مبيعات وجمارك وغيرها فأعمدة الكهرباء مكسورة والرصيف كله مطبات ، متسائلا : كيف ندفع أموالا كثيرة ولا نأخذ الخدمات المناسبة كما يحدث فى كل بلاد العالم .