يعرض المحامى طاهر أمين مدير مؤسسة قانونية أمريكية لتوفير الأدوية بالدول النامية وجهة نظره فيما يجب أن تقوم به الدول لتوفير العلاجات الدوائية لمرضاها وحماية مصالحها الوطنية. فى البداية حدثنا عن دور مؤسسة I-MAK ؟ نحن مؤسسة قانونية غير هادفة للربح أنشئت فى الولاياتالمتحدة منذ منتصف التسعينات من القرن الماضى للدفاع عن حق المرضى فى الحصول على الدواء خاصة مرضى الدول النامية والفقيرة. فالمفترض أن نظم حماية الملكية الفكرية تهدف لدعم وزيادة عدد الابتكارات والاختراعات بالعالم إلا أنه فى حقيقة الأمر هناك العديد من الشواهد بأن هناك انخفاضا فى عدد الابتكارات فى ظل نظم حماية الملكية الفكرية خاصة فيما يتعلق بمجال الأدوية وهذا فى تقديرنا يرجع إلا قلة ما تنفقه شركات الدواء العالمية على البحوث والدراسات بالمقارنة لما تنفقه فى التسويق والدعاية لمنتجاتها. إضافة لذلك فلقد رصدنا كيف تستغل شركات الدواء نظم وقوانين حماية الملكية الفكرية لحماية منتجاتها الدوائية لأطول فترة ممكنة وإذا انتهت مدة الحماية تتحايل الشركات وتطرح نفس الأدوية على أنها ابتكارات جديدة لحمايتها لسنوات أخرى لتتحكم فى سعر الدواء. نحن نعتقد بأن قوانين الملكية الفكرية فى حاجة إلى المراجعة بما يهدف بزيادة عدد الابتكارات التى تفيد البشرية، لذلك قمنا بتشكيل فريق بحثى مكون من العلماء والقانونيين والذين يقومون بفحص ومراجعة كل براءات الاختراع للأدوية الحديثة للتأكد إن كانت التقنية المستخدمة تستحق حماية الملكية الفكرية أم لا، فالمتعارف عليه أنه لا يجب حماية ابتكار علمى قديم يمكن لأى جهة إنتاجه. ما هى تجاربكم السابقة فى هذا المجال؟ تصدينا لمغالاة العديد من شركات الدواء والتى تبيع أدوية لعلاج أمراض مزمنة مثل سرطان الدم والإيدز حيث تقدر هذه الأدوية بآلاف الدولارات يتكبدها كل مريض إذا أراد أن يحيا ويتعايش مع المرض ولقد تضامنت معنا عدة جمعيات ومؤسسات دولية وتمكنا من خفض أسعار الأدوية إلى 10% من سعرها الأول لمرضى الدول النامية والفقيرة. وبالاعتماد على فريقنا البحثى فإننا نراجع الملفات للتأكد من عدم خرق الشركات لقوانين الملكية الفكرية أو قيامها باحتكار دواء ما قد يكون العلاج الأوحد لإنقاذ أرواح الملايين من المرضى خاصة فى الدول النامية. لماذا تقدمتم بطلب لعدم تسجيل دواء الكبد الجديد فى الهند ؟ من الأمور الإيجابية فى الهند، هو أن لديها قوانين تتيح لأى مواطن أن يتقدم بطلب للاعتراض على تسجيل أى شركة أو فرد لبراءة اختراع شريطة تقديم المستندات العلمية والقانونية الدالة على أن الابتكار معتمد على علوم قديمة ومعروفة. وحاليا فإن الأمر محل نزاع قضائى. ومن وجهة نظرنا فإن التقنية التى استخدمت لابتكار دواء الكبد الجديد متعارف عليها، وسبق استخدامها لابتكار أدوية علاج فيروس الإيدز ولعل مايؤكد ذلك نجاح شركات الدواء الهندية فى تصنيع المادة الخام لدواء الكبد الجديد. وأعتقد أن على الدول النامية أن تحتذى حذو الهند وتعدل من قوانين ولوائح تسجيل براءات الاختراع وحماية الملكية الفكرية محليا وتوسع من نطاق المشاركة المجتمعية فى مسألة قبول ورفض براءات الاختراع حماية لصناعة الدواء المحلية وللحد من واستهلاك شركات الدواء العالمية لميزانيات الدول النامية. وبالفعل هناك الكثير من الدول التى تقوم بهذا الأمر فى الوقت الراهن مثل الأرجنتين وجنوب إفريقيا. ولكن ألا يمكن أن تعاقب الدول لمخالفتها اتفاقية التربس ؟ هناك الكثير من النقاط القانونية فى الاتفاقيات الدولية التى من الممكن أن تستفيد منها الدول النامية لخدمة مرضاها ومصالحها الوطنية خاصة فيما يتعلق بمعدل انتشار الأمراض وهل وصلت لحد الوباء والتصنيف الاقتصادى للدول. إلى جانب ذلك فهناك دور كبير يمكن أن تلعبه مؤسسات المجتمع المدنى المعنية بحقوق المرضى على المستوى الدولى فطبقا للدراسات هناك أكثر من 2 مليار نسمة على مستوى العالم لايمكنهم الحصول على الدواء لأسباب عديدة منها ظروفهم المعيشية والاقتصادية وأيضا بسبب قوانين الملكية الفكرية. ولعل ما يجب الإشارة إليه أيضا هو أن جميع الدول المتقدمة فى أوروبا مثل إيطاليا وسويسرا وفرنسا وبريطانيا طورت من صناعة الدواء فى بلادها قبل ظهور قوانين حقوق الملكية الفكرية كما أن العديد من الدول بجنوب شرق آسيا نهضت اقتصاديا وتكنولوجيا اعتمادا على نقل وتقليد الابتكارات التكنولوجية للدول الصناعية الكبرى، وعلى ذلك من الأجدى أن تكون هناك قوانين تتيح توافر الأدوية للشعوب الأكثر احتياجا للعلاج. دائما ما يقال إن تكلفة ابتكار أى دواء جديد تقدر بمليار دولار. ما تعليقك على هذه المقولة؟ هذا الكلام غير حقيقى، ولم يحدث أن أعلنت أى شركة عن الأموال التى أنفقتها لابتكار أى دواء إلا أن ما نعرفه بحكم دراساتنا المستمرة وحواراتنا مع العلماء والمبتكرين فإن تكلفة ابتكار الدواء تختلف على نوع المرض والعلاج الدوائى المقترح وأمور كثيرة بالغة التعقيد وبشكل عام فإن التكلفة تتراوح مابين 50مليون دولار و300 مليون دولار كحد أقصى. أخيرا من المتوقع أن يتم طرح أدوية جديدة لعلاج العديد من الأمراض المزمنة خلال السنوات المقبلة فهل تتابعون تلك الدراسات ؟ لدينا فريق بحثى يتابع كل المراحل البحثية التى تمر بها الأدوية وآمل أن تسهم حملاتنا فى زيادة الوعى بأهمية دعم الابتكار وإتاحة الحق فى العلاج للدول الفقيرة خاصة إذا كانت تلك الأدوية قد تنقذ حياة ملايين البشر. نحن نتعاون مع العديد من المنظمات الأهلية بالعديد من الدول بما فى ذلك مصر لتشجيع مؤسسات المجتمع المدنى على المطالبة بتعديل قوانين الملكية الفكرية، بما يسهم فى إتاحة الدواء وتوافره.