تلوح في الأفق نذر حرب جديدة في مجال الطيران المدني بين أوروبا من ناحية وكل من الولاياتالمتحدةالأمريكية وروسيا والصين واليابان والعديد من دول العالم من ناحية أخري وعنوان الحرب هذه المرة هو تجارة الانبعاثات الكربونية. حيث بدأت دول الاتحاد الأوروبي اعتبارا من يناير الحالي تطبيق قرار الاتحاد الأوروبي وأيدته محكمة العدل الأوروبية والذي يفرض ضريبة علي الانبعاثات الكربونية من الطائرات المتجهة والمغادرة من وإلي أوروبا لمختلف دول العالم وهو القرار الذي أثار جدلا واسعا في أوساط ومنظمات الطيران المدني الاقليمية والدولية والتي اعترضت علي تطبيق هذا القرار أحاديا من جانب الدول الأوروبية فقط.. ونظرا للمنافسة المحتدمة في أسواق النقل الجوي بين شركات الطيران العالمية في ظل تراجع حركة السفر وانخفاض أرباح صناعة الطيران علي خلفية الأزمات المتلاحقة التي تواجهها هذه الصناعة الحساسة فإن الأمر يتطلب ضرورة نزع فتيل هذه الأزمة قبل أن يحتدم الصراع التجاري المحتمل. قصة البرنامج الأوروبي للتبادل التجاري للانبعاثات, بدأت حين تعالت الأصوات الدولية لزيادة الاجراءات البيئية لمكافحة ظاهرة الاحتباس الحراري وتأثير انبعاثات الغازات الدفيئة في الغلاف الجوي. وبدأت دول العالم تتجه إلي تأثير الطيران علي البيئة رغم أن إسهام الطيران في انبعاثات الغازات لا يزيد علي2% من المجمل العالمي لها وتوصلت قمة الأرض عام1992 في ريودي جانيرو بالبرازيل إلي اتفاقية التغير المناخي وهذا أدي إلي بروتوكول كيوتو ثم اتفاق كوبنهاجن. ومع فشل المجتمع الدولي في التوصل إلي حل تعددت المبادرات الاقليمية للحد من الانبعاثات الكربونية وكان من أهمها المبادرة الأوروبية وبرغم أن المنظمة الدولية للطيران المدني الايكاو تبنت قرارا لتثبيت معدلات انبعاثات ثاني أكسيد الكربون حتي عام2020 وتعمل علي تنفيذ آلة عالمية لمعالجة هذه المشكلة إلا أن الاتحاد الأوروبي لم ينتظر فقام باطلاق مبادرة أوروبية للانبعاثات الكربونية الخاص به في نوفمبر2008 شمل هذا البرنامج فرض رسوم علي جميع رحلات شركات الطيران من وإلي أوروبا بدءا من أول يناير من العام الحالي, ويقضي النظام بفرض غرامات مالية في حالة عدم الامتثال لهذا البرنامج تصل إلي حد فرض حظر جوي علي عمليات شركات الطيران ومنعها من الهبوط بالمطارات الأوروبية وهو ما أيدته محكمة العدل الأوروبية في ديسمبر الماضي وقد حددت المفوضية الأوروبية الحد الأقصي لإنبعاثات الكربون لعام2012 ب 214.8 مليون طن متري والتي تشارك في البرنامج الأوروبي. وسيقوم الاتحاد الأوروبي بتوزيع281,6 مليون طن منها مجانا علي شركات الطيران أما الباقي وهو2.32 مليون طن فيتم بيعه بالمزاد في صورة بطاقات كربون! وحدد الاتحاد الأوروبي حصص الكربون لكل شركة طيران علي أساس2246.0 طن لكل ألف كيلو متر حيث تحسب كل شركة بالطن الكربون الذي ينبعث من محركات طائراتها وفق عدد الرحلات ووفق الحد الأقصي الذي حدده الاتحاد الأوروبي وبعد ذلك تدين أو تستدين شركة الطيران من شركات أخري أطنان الكربون بالتنسيق مع هذه الشركات لبيع أو شراء بطاقات الكربون وفقا لتجاوزها الحد الأقصي أو عدم تجاوزه!.. ولكن كيف يري مجتمع الطيران الدولي هذا الوضع؟...هذا ماسنطرحه العدد القادم