وزير الزراعة: ضرورة إيجاد مؤشر لوضع الأمن الغذائي العربي    عاجل.. الصليبي يضرب باريس سان جيرمان قبل العودة أمام دورتموند    تموين الإسماعيلية تضبط طن دقيق بلدي مدعم قبل بيعه بالسوق السوداء    "الصحفيين" تدعو النقباء وأعضاء مجالسها السابقين للاجتماع التحضيري الثالث للمؤتمر العام السادس    للمرة الأولى منذ بدء العدوان في غزة، سرايا الأشتر تشن هجوما على إسرائيل بالطائرات المسيرة    "لا مكان لمعاداة السامية".. بايدن يهاجم طلاب الجامعات الأمريكية بسبب الاحتجاجات    الخارجية الأمريكية: الولايات المتحدة فرضت عقوبات ضد 280 كيانا روسيا    وزيرة البيئة تنعى رئيس لجنة الطاقة والبيئة والقوى العاملة بمجلس الشيوخ    برلماني سوري: بلادنا فقدت الكثير من مواردها وهي بحاجة لدعم المنظمات الدولية    سويسرا تدعو أكثر من 160 وفدا للمشاركة في مؤتمر سلام أوكرانيا    بينها إجازة عيد العمال 2024 وشم النسيم.. قائمة الإجازات الرسمية لشهر مايو    الترجي التونسي يتخذ هذا الاجراء قبل مواجهة الأهلي في نهائي دوري الأبطال    بعد تدشينه رسميًا.. نقابة الفلاحين تعلن دعمها ل اتحاد القبائل العربية    السعودية.. حريق هائل بأحد مصانع الأحبار بالمنطقة الصناعية وتحرك عاجل للسلطات    تجديد حبس عنصر إجرامي بحوزته 30 قنبلة يدوية بأسوان 15 يوما    تراجع مشاهد التدخين والمخدرات بدراما رمضان    للبنات.. تعرف على خريطة المدارس البديلة للثانوية العامة 2024-2025 (تفاصيل وصور)    في ذكرى وفاته، أرملة وائل نور تروي ل "فيتو" الأيام الأخيرة في حياته وآخر شيء تمناه    رسائل تهنئة عيد القيامة المجيد 2024 للأحباب والأصدقاء    النجمة آمال ماهر في حفل فني كبير "غدًا" من مدينة جدة على "MBC مصر"    الفائزون بجائزة الشيخ زايد للكتاب يهدون الجمهور بعض من إبداعاتهم الأدبية    نجيب محفوظ فى معرض هندى    توقعات برج الميزان في مايو 2024: يجيد العمل تحت ضغط ويحصل على ترقية    محافظ جنوب سيناء ووزير الأوقاف يبحثان خطة إحلال وتجديد مسجد المنشية في الطور    إمام الحسين: كبار السن يلاقون معاملة تليق بهم في مصر    الكشف على 1540 مريضا.. قافلة طبية مجانية غربي الإسكندرية    الخطيب يُطالب خالد بيبو بتغليظ عقوبة أفشة    أدباء ومختصون أكاديميون يدعون لتحويل شعر الأطفال إلى هدف تربوي في مهرجان الشارقة القرائي للطفل    تونس .. بيان مهم من البنك المركزي    الأمم المتحدة: أكثر من 230 ألف شخص تضرروا من فيضانات بوروندي    لحظة انهيار سقف مسجد بالسعودية بسبب الأمطار الغزيرة (فيديو)    الفندق المسكون يكشف عن أول ألغازه في «البيت بيتي 2»    "مشنقة داخل الغرفة".. ربة منزل تنهي حياتها في 15 مايو    القناطر الخيرية تستعد لاستقبال المواطنين في شم النسيم    أذكار بعد الصلاة.. 1500 حسنه في ميزان المسلم بعد كل فريضة    لا تهاون مع المخالفين.. تنفيذ 12 قرار إزالة في كفر الشيخ| صور    تمديد استقبال تحويلات مبادرة "سيارات المصريين بالخارج".. المهندس خالد سعد يكشف التفاصيل    رئيس الوزراء يعقد اجتماعًا مع ممثلي أبرز 15 شركة كورية جنوبية تعمل في مصر    القوات المسلحة تنظم المؤتمر الدولي الثاني للطب الطبيعي والتأهيلي وعلاج الروماتيزم    منحة السفارة اليابانية MEXT لعام 2025 لطلاب الجامعات.. تعرف على التفاصيل    انتبه.. 5 أشخاص لا يجوز إعطاؤهم من زكاة المال| تعرف عليهم    كاف يحدد موعد مباراتي مصر أمام بوركينا فاسو وغينيا في تصفيات كأس العالم    فقدت ابنها بسبب لقاح أسترازينيكا.. أم ملكوم تروي تجربتها مع اللقاح    الرعاية الصحية تطلق حملة توعوية حول ضعف عضلة القلب فى 13 محافظة    جرثومة المعدة.. إليك أفضل الطرق الطبيعية والفعالة للعلاج    شراكة استراتيجية بين "كونتكت وأوراكل" لتعزيز نجاح الأعمال وتقديم خدمات متميزة للعملاء    واشنطن تطالب روسيا والصين بعدم منح السيطرة للذكاء الاصطناعي على الأسلحة النووية    تزايد حالات السكتة الدماغية لدى الشباب.. هذه الأسباب    السكرتير العام المساعد لبني سويف يتابع بدء تفعيل مبادرة تخفيض أسعار اللحوم    دعم توطين التكنولوجيا العصرية وتمويل المبتكرين.. 7 مهام ل "صندوق مصر الرقمية"    «التنمية الحضرية»: تطوير رأس البر يتوافق مع التصميم العمراني للمدينة    هيئة الجودة: إصدار 40 مواصفة قياسية في إعادة استخدام وإدارة المياه    الأهلي يجهز ياسر إبراهيم لتعويض غياب ربيعة أمام الجونة    التنظيم والإدارة يتيح الاستعلام عن نتيجة الامتحان الإلكتروني في مسابقة معلم مساعد فصل للمتقدمين من 12 محافظة    تحديد أول الراحلين عن صفوف برشلونة    كريم بنزيما يغادر إلى ريال مدريد لهذا السبب (تفاصيل)    مظهر شاهين: تقبيل حسام موافي يد "أبوالعنين" لا يتعارض مع الشرع    بروسيا دورتموند يقتنص فوزا صعبا أمام باريس سان جيرمان في ذهاب نصف نهائي دوري أبطال أوروبا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



160 عاما من الحيرة
أموال المعاشات تائهة
نشر في الأهرام اليومي يوم 09 - 03 - 2014

بدأ نظام التأمين الاجتماعى فى عهد الخديو سعيد من اجل أفندية الحكومة وتوسع بعد ثورة 25 باعتباره انجازا اشتراكيا بمذاق اجتماعي, وجاءت السبعينيات لتتعامل معه باعتباره صندوقا ماليا مكتظا بأموال لا صاحب لها.
من يومها بدأت الأزمة .. اتهامات وتخوفات وهواجس بعضها صحيح والآخر مبالغ فيه والقصة واحدة أموال التأمينات من جهة وأحلام البسطاء بمعاش يتناسب مع ما تحويه الخزائن والصناديق التائهة من جهة أخرى قضية مزمنة لمئات المليارات التائهة فى أروقة الدولة المتشعبة ما بين هيئات ووزارات وهياكل إدارية, كل يتهم الآخر ولا احد يملك الحقيقة المطلقة منذ خرجت النقود بداية الثمانينات وحتى الآن !!
تبدآ القصة دائما بالسؤال نفسه كم تبلغ أموال التأمينات؟
يليه السؤال الثانى أين أموالها ؟
يلحق بها التساؤل الثالث هل فعلا ضاعت ؟
ثم السؤال المر إذا كانت التأمينات بهذا الكم من المليارات فلماذا لا يتقاضى أصحابها معاشا ادميا على الأقل ؟

بحرص شديد تقبض يدها على النقود بينما تتحرك وسط الطابور الممتد وهى تحصى مبلغ معاش الزوج الذى تتقاضاه بعد وفاته منذ 7 سنوات ,كان المعاش فى البداية 320 جنيها تتقاسمها مع ابنتها التى تزوجت, والآن أصبحت تتقاضى المعاش كاملا 480 جنيها بعد الزيادة الأخيرة .لا يكفى المعاش حتى منتصف الشهر كما تقول الحاجة زينب وتنتظر مساعدات الأبناء البسيطة خاصة للإنفاق على علاج السكر والقلب .زوجها كان عاملا بشركة الحديد والصلب وخرج للمعاش المبكر قبل وفاته بعامين فقط لظروفه الصحية السيئة ولم يترك لها سوى المعاش وثلاثة صبيان خرجوا للعمل مبكرا والبنت الوحيدة ظلت تقاسمها المعاش حتى تزوجت منذ عامين لكن فى النهاية هى جنيهات قليلة تستر ولكنها لا تكفى لحياة «مطالبها تكسر الظهر» كما تقول ..
على مسافة ليست بعيدة من الطابور وقبل أيام قليلة من خروج الوزير احمد البرعى وزير التأمينات السابق من الوزارة كان أعضاء مجلس إدارة الهيئة القومية للتأمينات يعقدون مؤتمرا صحفيا مهما ،أعلنوا فيه بكل وضوح أن ما يملكه أصحاب المعاشات ومن بينهم الاسطى نور الدين هو الهيئة مسارات تلك الأموال كالأتى : 539.7 مليار جنيه بالتمام والكمال.
وحدد احمد النجار عضو مجلس ادارة الهيئة هذه الاموال كالاتى 235.7 مليار صكوك مستحقة لدى الخزانة العامة للدول و162 مليارا ديونا على وزارة المالية, و73.4 استثمارات مباشرة تتولاها الهيئة 68.8 مليار مديونية لدى الهيئة لدى بنك الاستثمار القومى. أى انه ودون حسابات أو تفكير فإن صندوق التأمينات والمعاشات هو اغنى صندوق خاص فى مصر. بينما لم يتحدث الحاضرون او يعلقوا على تصريحات سابقة للوزير عن امكانية استبدال جزء من تلك الأموال التائهة بأصول وشركات وأراض تديرها الهيئة. !! المؤتمر وكما بدا يومها جاء ردا سريعا وحاسما على ما حدث قبله بأيام قليلة من إعلان من أن أموال التأمينات، ب وزارة المالية هى 399.7مليار فقط وهو الرقم الذى أزعج كل المهتمين بالملف فيما عدا وزارة المالية ووزير التضامن, الذى أعلن الرقم بكل بساطة دون أن يلجأ هو نفسه لمحاولة حصر الأموال بصفته الوزير المسئول شخصيا دون غيره عن تلك الأموال أو بمعنى أدق عن «حمايتها وحماية مصالح أصحابها».
كما علق الدكتور محمد عطية سليمان رئيس قطاع التخطيط وبحوث الاستثمار والمعلومات الأسبق بوزارة التأمينات وأحد المتخصصين فى هذا المجال ويضيف:«الحقيقة أن الرقم الذى أعلن من خلال بروتوكول المالية والتأمينات 397 مليار جنيه تحت العجز والزيادة . رقم بعيد عن الحقيقة وقد طالبنا بتدقيق المبالغ المحولة إلى الخزانة العامة منذ عام 1980 بمراجعة السجلات المالية لصندوقى التأمين الاجتماعى، حيث تعرضت هذه المبالغ للتآكل منذ عام 2006 وحتى الآن بسبب تقديرات وزارة المالية. وكثيرا مايقحمون تقديرات الخبراء الاكتواريين فى الموضوع ، رغم أنها مبالغ فعلية تم تحويلها وما يحدده الخبراء تقديرات لمبالغ فى المستقبل وهذا شيء طبيعى عندما نترك تحديد قيمة المديونية للمدين, وفيما يبدو انهم قدموا هذه التقديرات متجاهلين أن هذه الأموال تحقق فوائد لأصحابها فليس من المعقول أن تترك مبالغ ضخمة منها دون أى حسابات لفائدة . والرقم الذى تم إعلانه مؤخرا فى المؤتمر الصحفى الذى عقدته الهيئة أضيفت الفوائد المستحقة على هذه الأموال إلى الرقم الأول .. والعهدة على أعمال اللجنة التى شكلها الدكتور أحمد البرعى، وتتوقف قيمة المبالغ على معدل العائد الذى تم الحساب على أساسه.
ويضيف:«وبالمناسبة حتى الرقم الأخير الذى أعلن ويبدو أكثر إنصافا من تقديرات وزارة المالية فى رأيى اقل من الحقيقة لأنى أظنهم تجاهلوا فوائد ال 162 مليارا التى أعلن انها لدى وزارة المالية, والتى لم تدفع الوزارة عليها أى فائدة من عام 2006 ولا يقل المبلغ المستحق عليها عن 15 مليارا سنويا وهو ما يعنى بالنسبة لنا أن أموال التأمينات تتخطى ال 650 مليارا حتى الان»
الأموال ضاعت
البدرى فرغلى عضو مجلس الشعب السابق ورئيس اتحاد أصحاب المعاشات لا ينظر للمسألة بنفس هدوء دكتور عطية فهو لا يرى الخلاف على صحة التقديرات الرسمية من عدمه بل على وجود هذا الأموال أصلا ويقول ما نعيشه الآن أوهام يتم ترويجها لنا ليضللونا وتضيع القضية الحقيقية ,وهى أن أموال التأمينات قد ضاعت فعلا, والموجود حاليا مجرد أوراق بضمان الخزانة العامة تحمل اسم صكوك فالأموال تم نهبها بمشروعات فاشلة وإنفاق حكومى وقروض أخذها رجال الأعمال وهربوا بها للخارج . واكبر دليل على ذلك أننا لانحصل على فوائد لنصف هذه الأموال حتى الوزير المسئول عندما تعرض لضغط لمعرفة حجم تلك الأموال سأل وزارة المالية التى استحوذت على الأموال وهى التى حددت المبلغ لم يحاول أن يعرف لانه لا يملك سلطة على تلك الأموال. سأضرب مثالا بسيطا اكتشفناه مؤخرا فوزير التخطيط أعلن منذ فترة ان أموال التأمينات لدى بنك الاستثمار هى 86 مليار جنيه ، ثم فجأة أعلنت الحكومة أن أموال التأمينات 68 مليار جنيه إذن أين ذهب الفرق بين الرقمين اكتشفنا أن الحكومة أخذته من بنك الاستثمار, فقد حصلنا على خطاب من الدكتور اشرف العربى وزير التخطيط يشير فيه إلى أن الحكومة وحصلت على 15 مليار جنيه من بنك الاستثمار القومى ثم حصلت بعد ذلك على 2 مليار أخرى حسب خطاب الوزير وتم إنفاقهما على الحد الادنى للأجور وسداد مستحقات شركات المقاولات وكادر المعلمين ومعاش الضمان الاجتماعى بالإضافة إلى جهات أخرى كما أشار تقرير الوزير وطبعا لم يسأل احد وزير التخطيط ولم يحاسبه لأنه المشرف رسميا على أموال التأمينات عبر بنك الاستثمار القومى التابع له ثم عندما نتكلم يقولون لنا المشكلة عند وزير التضامن فى حين انه لا سلطة له على تلك الأموال فهى مقسمة بين وزير التخطيط ووزير المالية والوزير مجرد منصب سياسى لا قيمة ولا سلطة له هذا تحايل أصبحنا نفهمه تماما ولا اعرف لماذا أصلا توجد وزارة التضامن بينما هى لاتملك سلطة تنفيذية ولا رقابية على أموال المعاشات.«
وبينما يعتبر البدرى فرغلى أن أموال التأمينات قد ضاعت بالفعل يرى عبد الفتاح الجبالى الخبير الاقتصادى وعضو مجلس إدارة الهيئة القومية للتأمينات انه لا يوجد شيء يسمى أموالا ضائعة مادامت الدولة هى الضامن لها وأموال التأمينات مصونة الآن بالدستور باعتبارها أموالا خاصة بأصحابها من أصحاب المعاشات والمؤمن عليهم وليست أموالا عامة وهناك صكوك تضمن هذه الأموال, وبالتالى لا مجال للتخوفات .فقط هناك بعض الخلافات على مبالغ بعينها وطريقة حساب الفائدة عليها, ومنها ديون بنك الاستثمار المختلف على نسبة الفائدة عليها وكذلك مبلغ ال 162 مليارا الدين على وزارة المالية والذى استخدم فى دعم الموازنة العامة وبدأت تتراكم فوائده المختلف أصلا على حساب نسبتها , فليس من المعقول أن نحتسب فائدة تلك الأموال بنفس نسبة الإقراض فى البنوك لأنها هنا تعتبر منخفضة فى نسبة المخاطرة او منعدمة تقريبا , وبالتالى تكون فائدتها اقل بالنسبة للاستثمار العالى المخاطرة فى البنوك الخاصة حيث ترتفع نسبة الفائدة لارتفاع عامل المخاطرة.
بنك الاستثمار يبتلع الأموال
كلمة السر فى دخول أموال التأمينات المنطقة الضبابية تلك بدأت بشكل واضح فى عام 1980 عندما صدر القانون 119 لسنة 1980 وهو القانون الخاص بإنشاء بنك الاستثمار القومى الذى اعتبره البعض رغم الأهداف النبيلة التى انشئ من اجلها أداة حكومية لنهب أموال التأمينات بدعوى استخدامها لتمويل المشروعات الاستثمارية الضخمة. وحسب المادة الخامسة من قانون إنشاء البنك يتم إيداع أموال الاحتياطات المتولدة لدى هيئتى التأمين والمعاشات فى البنك وهى المادة التى دفعت بأكثر من 90% من أموال المعاشات والتأمينات لخزائن البنك ,بينما النسبة الباقية وزعت بين مشروعات استثمارية لا تزيد على نصف فى المائة وأوراق مالية وسندات وودائع بالبنوك. وهكذا كان الخروج الأول الكبير لأموال الصناديق لتدخل فى دهاليز الحكومات المتعددة وتتوه طويلا, بينما كان الخروج الثانى الكبير وكما يقول دكتور محمد عطية سالم :«فى اليوم الأخير من عام 2005 ، بصدور قرار السيد رئيس الجمهورية رقم 422 لسنة 2005 ضم وزارة التأمينات إلى وزارة المالية ، وأن يكون وزير المالية هو الوزير المختص بتنفيذ تشريعات التأمين الاجتماعى ويحل محل وزير التأمينات ، لتكتمل بذلك القرار سيطرة وزير المالية على مقدرات هذا القطاع الاستراتيجى المهم ، بعد أن رأس مجلس إدارة بنك الاستثمار القومى بذات الأسلوب ,وبصدور القرار الجمهورى رقم 418 لسنة 2001 بأن يحل وزير المالية محل وزير التخطيط فى كل ما ورد ذكره بقانون إنشاء البنك رقم 119 لسنة 1980 .. وخلال عامين من الهدوء النسبى فى هذا القطاع ، الذى يمس الأمن الاقتصادى والاجتماعى لكل أسرة مصرية وتلتها بعض الإجراءات التى استخدم فيها وزير المالية ذات الأسلوب نفسه للسيطرة على كل مدخرات العاملين فى مصر والتى تمثل أموالا خاصة مملوكة لمن شاركوا فى دفع الاشتراك فيها ، يتعين أن تشملها الحماية المقررة بموجب الدستور للأموال الخاصة ، وعلى الأخص للملكية الخاصة التى تثبت لمن أسهموا فى تمويل النظام التأمينى . فأنشأ الوزير حسابا موحدا أضاف فيه العمليات المالية الخاصة بصناديق التأمين الاجتماعى إلى العمليات المالية لقطاع الموازنة العامة للدولة وبنك الاستثمار القومى ، وحسابا موحدا للخزانة العامة بالبنك المركزى تجمع فيه كل مدخرات العاملين الذين يشتركون فى صناديق التأمين الاجتماعى الخاصة بالشركات والوحدات الاقتصادية والحسابات الخاصة بهذه الصناديق الخاصة من البنوك التجارية بهدف إحكام السيطرة على هذه الأموال واستغلالها بأقل تكلفة ممكنة .
اللعب فى البورصة
أحد التصريحات المهمة التى ربما لم يهتم بها الكثيرون، ما أعلنه وزير التضامن السابق احمد البرعى من أن أموال التأمينات التى تم استثمارها فى البورصة فقدت ما يقارب 60% من قيمتها فما حقيقة هذه الأموال؟ وكيف دخلت لعبة البورصة ؟سألت دكتور عطية سالم والذى كان وقتها يشغل وكيل وزارة التأمينات وأجاب: «الاستثمار فى البورصة لم يكن اختيارا من الوزارة واذكر وقتها اننى كنت وكيلا لوزارة التأمينات، وطلب من الوزارة بشكل مباشر ان تدخل البورصة وبالتأكيد لم يكن الهدف هو استثمار أموال التأمينات، بل دعم البورصة، ودخلنا فعلا بنحو 15 مليارا ووضعنا حدا ادنى للمكسب المتوقع ولأننا لم نكن نمتلك الخبرة فى هذا المجال فقد استعنا بخمس شركات من الشركات العاملة بالبورصة وقسمنا هذا المبلغ على خمس محافظات ولكن للأسف تعرضنا لعملية استغلال غريبة من قبل تلك الشركات التى استفادت ماليا بشكل جائر من إدارتها لتلك المحافظ وطالبناها بوضع حد أقصى لمكاسبها ورفضت فسحبنا المحافظ من ثلاث شركات وأعطيناها للشركتين الباقيتين، وللأسف لم يكن من المفترض أن تدخل أموال التأمينات تلك اللعبة لأنها تعرضت لضياع أكثر من نصف قيمتها فيما بعد، ولم يكن لدى تلك الشركات أى حرص على تلك الأموال لأنها تتعامل معها بحساب نسبتها فى كل عملية تجريها بغض النظر عن المكسب والخسارة.
يوسف بطرس غالى وزير المالية الأسبق هو كلمة السر فى أزمة ضياع أموال التأمينات، كما أكد الدكتور إبراهيم العيسوى الأستاذ بمعهد التخطيط القومى قائلا: حتى بعد إنشاء بنك الاستثمار القومى وتعامله مع جزء من أموال التأمينات كانت هناك آلية معروفة وواضحة للتعامل مع تلك الأموال إلى أن جاء يوسف بطرس غالى كوزير للمالية وقرر ان يستولى على تلك الاموال، ليصلح بها عجز الموازنة وذلك عن طريق ادخال اكثر من 92% منها الى بنك الاستثمار القومي، وبالتالى تستطيع الحكومة الاقتراض منه بشكل مباشر لتمويل عجز الموازنة رغم أن فكرة البنك قائمة على استخدام الأموال المودعة فيه لتمويل المشروعات الاستثمارية الكبرى وليس تمول الإنفاق الحكومى والبنك رغم ضمانه لتلك الأموال فإنه يتعامل بسعر فائدة منخفض كثيرا عن البنوك العادية فالفائدة لا تزيد على 5% فقط، وبالتالى أصبح وجود هذه الأموال فى بنك الاستثمار بمثابة تجميد لها بينما تتزايد أعباء التأمينات ويطالب أصحابها بمعاشات مجزية تتناسب وارتفاع الأسعار، وهو أمر طبيعى وبالتالى حدث العجز الشديد فى صناديق التأمينات كما أن أصحاب الأموال أنفسهم لم يكونوا شركاء أو مراقبين فى مجلس إدارة بنك الاستثمار, وبالتالى ثارت الشكوك حول كيف أنفقت تلك الأموال وما قيل عن أن بعض رجال الأعمال حصلوا منها على قروض بالمخالفة للقانون ,وكانت المفاجأة أن وزارة المالية نفسها أخذت ما يزيد على 160 مليارا قروضا لتمويل الميزانية, لم تدفع عنها مليما كفوائد وهو مبلغ ضخم إذا ما حسبنا ما كان يمكن أن يدخله من فوائد لن تقل عن 15 مليارا سنويا، ولكن للأسف حتى اختصاصات الهيئة القومية للتأمينات التى من المفترض أن توافق قبل أى تعامل مع أموال التأمينات حدثت محاولات كثيرة لتقليصها، بل إن الوزارة نفسها تم إلغاؤها ثم عودتها ثم إلغاؤها ثانية، وتوزعت دماؤها بين الوزارات، وتوزعت معها الأموال التى يملكها أصحاب المعاشات رغم أن الدستور نفسه يتعامل معها باعتبارها أموالا مصانة.
هيكل الأجور
ضياع أموال التأمينات كما يؤكد المتشائمون، أو إهدارها وضبابية موقفها، ليست هى المشكلة الوحيدة الآن التى يعانى منها نظام التأمينات والمنتفعون به، فالأزمة الحقيقية لأصحاب المعاشات هى حجم ما يتقاضونه من معاش، وحسب ما تؤكد أكثر الإحصائيات تفاؤلا فإن 30% من أصحاب المعاشات يتقاضون معاشا يتراوح ما بين 200 جنيه وأقل من 500 جنيه، بينما يرى رئيس اتحاد أصحاب المعاشات البدرى فرغلى ان نسبتهم تصل إلى 50% ممن يتقاضون المعاش والذين يبلغ عددهم سنويا حسب إحصاءات الهيئة القومية للمعاشات نحو 7 ملايين مواطن حسب آخر إحصاء أصدرته الهيئة عام 2010 تم صرف 9،3 مليار جنيه معاشات مستحقة لهم بينما تلقى صندوق المعاشات وقتها 6 مليارات جنيه فقط متحصلات من المؤمن عليهم منها 3 مليارات من موظفى الدولة، و2.8 مليار من العاملين بالقطاع الخاص, وهو ما يعنى أن الدولة دفعت 3.5 مليار إضافية لتغطية مستحقات المعاشات فى عام واحد وهو ما يعنى أن ما يدفعه هؤلاء من تأمينات لا يتناسب مع أجورهم الحقيقية وهو ما يستدعي، كما يقول دكتور إبراهيم العيسوى :«إصلاح هيكل الأجور فى القطاعين العام والخاص حيث إننا ربما الدولة الوحيدة فى العالم الذى لا يتخطى الأجر الأساسى خمس ما يتقاضاه الموظف ويصل فى كثير من الأحيان خاصة فى القطاع الخاص لما يقارب 13 % فقط من الدخل، وبالتالى يدفع المؤمن عليه الثمن عندما يحال للمعاش، فيجد أن ما يتقاضاه لا يتناسب مع دخله السابق, فى الوقت التى تضطر الدولة لمحاولة تعويض هذا عبر علاوات وزيادات تدفع من الميزانية العامة التى تضطرها للاستدانة، ولا تجد أمامها إلا أموال هؤلاء ، لتستمر الدائرة المغلقة بلا توقف.
الهروب الكبير
التهرب من التأمينات والتحايل للحصول عليها قصة أخرى يديرها بالكامل أصحاب المصانع وشركات القطاع الخاص ,وهو ما اعتبره سعيد الصباغ الأمين العام لنقابة أصحاب المعاشات احد أهم أدوات استنزاف أموال التأمينات، والتى يشرحها قائلا إذا كانت الحكومة تتعامل بدون حرص مع أموال التأمينات فعلى الأقل الدستور أقر بأنها أموال خاصة، وبالتالى أصبحت الدولة ضامنة لها بشكل قانونى ودستوري. لكن الأزمة التى نواجهها الآن هى الاستنزاف الذى تتعرض له تلك الأموال, سواء من وزارة المالية التى أخذت 162 مليارا ولا تقدم مليما واحدا فوائد على هذا المبلغ، هو ثلث أموال التأمينات، والفوائد التى من المفترض أن يوفرها يمكن أن تقدم غطاء ماليا جيدا لدعم المعاشات, أما ألازمة الاخرى والتى يتغاضى عنها المسئولون وبدأت مع بيع القطاع العام ,فهى نظام المعاش المبكر الذى أحيل بسببه آلاف العمال والموظفون للتقاعد المبكر , وأصبحوا يتقاضون معاشات بينما لم يقدموا للصناديق سوى 19 عاما وشهرا من العمر ، وهو الحد الادنى للتغطية التأمينية بينما من المفترض أن يصل الحد الاقصى إلى 36 عاما، لضمان تدفق واستثمار تلك الأموال لأطول فترة ليأخذ بعد تلك السنوات معاشا لائقا, ولكن ما يحدث أن أصحاب المصانع وحتى يتهربوا من الاستمرار فى دفع المستحقات التأمينية للعامل والتى تصل الى 40% من أجره يدفع العامل منها 15%، وصاحب العمل 25%. يتفق مع العامل أن يشترى له سنوات تأمينية على أساسى اجر متدنى ليكمل 19 عاما وشهرا ويكون العامل قد مر على عمله عشر سنوات مثلا ثم يحيله للمعاش ليتقاضى معاشه من الدولة بينما يعيده للعمل بدون عقد ليجمع بين المعاش والراتب. وهو ما يعرض أموال التأمينات لإهدار شديد لان، العامل لا يتخطى عمره فى تلك الحالة أربعين او خمسة وأربعين عاما على أقصى تقدير, ويظل يتقاضى معاشه ربما حتى سن السبعة وستين عاما وهو متوسط عمر الرجال, بينما يعمل بدون أى حماية من الدولة وفى النهاية يجد معاشا بسيطا لا يكفيه بعد أن شارك بنفسه فى إهدار تلك الأموال، وساعد رجل الأعمال فى التهرب من أداء واجب.
الأحوال الاقتصادية
وكما يؤكد الصباغ فإن الأشهر الستة الأخيرة من عام 2013 شهدت خروج أكثر من 70 ألف حالة معاش مبكر بنفس هذا السيناريو ساعد عليها الأحوال الاقتصادية السيئة للبلد, ورغبة الجميع فى التحايل لزيادة دخولهم بأى شكل. أما الحل وكما يراه فهو رفع الحد الادنى لاستحقاق المعاش ليصل إلى 25 عاما وإحكام الرقابة على المصانع الخاصة ومراجعة عقود العاملين بها وحقيقة إحالتهم للمعاش من عدمه. .
هذا الرأى يعترض عليه تماما البدرى فرغلى ومعه فريق من أعضاء اتحاد أصحاب المعاشات وكما يقول :مشروع القانون الذى يريدون اقراره لرفع سنوات استحقاق المعاش لتصل إلى 25 عاما, لا يهدفون منه سوى رفع الغطاء التأمينى عن المواطنين للحد من عدد من يستحقون المعاش وكأنهم يريدون الاستئثار بما تبقى من أموال التأمينات.
ويقول :«أولا لابد من وجود وزارة مستقلة للتأمينات للقيام بالدراسات الفنية والبحوث التأمينية والقانونية ووضع السياسات التأمينية وفقا للتطور الاقتصادى والاجتماعى فى مصر، وإصدار التشريعات التأمينية التى تلبى احتياجات التطوير والإشراف على تنفيذها.. وكلها أعمال تتطلب وجود جهاز فنى يقوم عليها يضم كوادر متخصصة. وقد كانت هناك آراء لتقليص أعمال الوزارة فى مكتب فنى مصغر يتبع الوزير المختص الذى يرأس مجلس إدارة الهيئة القومية للتأمينات .. بينما وجود وزارة متخصصة للتأمين الاجتماعى ومستقلة عن غيرها من الوزارات يحقق كل الأهداف التى تتماشى مع التطور السريع فى المتغيرات الاقتصادية والاجتماعية ،ثانيا بالنسبة لأموال التأمينات يمكن اتخاذ عدة إجراءات مالية منها
إصدار سندات خزانة قابلة للتداول وذات عائد مناسب يماثل العائد الذى تقترض به الحكومة من البنوك التجارية، وبحد أدنى 10% ، وبالتالى لابد من استبدال السندات السابق إصدارها مقابل أقساط المديونية السابق جدولتها بسندات قابلة للتداول، حفاظا على القيمة الزمنية لهذه الأموال . مع حساب العائد الضائع على صندوقى التأمين الاجتماعى منذ بدء تراكم هذه المديونية وحتى الآن ، وإضافته للمبالغ المحسوبة. وأيضا لابد من إعادة جدولة مديونية الخزانة العامة لصالح صندوقى التأمين الاجتماعى لتصبح على خمس سنوات بدلا من عشر سنوات حتى يمكن تدوير هذه المبالغ واستثمارها فى أوجه استثمار تعود بالفائدة على المؤمن عليهم والمستحقين عنهم وعدم انخفاض قيمتها وأخيرا استبدال الصكوك السابق إصدارها من وزارة المالية لإثبات المديونية المنقولة من بنك الاستثمار القومى منذ عام 2006 بسندات خزانة قابلة للتداول وبمعدل عائد 10% كحد أدنى ، حفاظا على قيمة هذه الأموال من التآكل.
مقايضة لا يقبلها أحد

منذ بدآ يوسف بطرس غالى يضع يده تماما على أموال التأمينات وبدأت الأصوات تتعالى مطالبة باستعادة تلك الأموال, كانت هناك اقتراحات تحمس لها البعض بمقايضة جزء من تلك الأموال بشركات ,منها على سبيل المثال بنك الإسكندرية وشركة مصر للطيران والشرقية للدخان الشركات تلك والكلام لعبد الفتاح الجبالى عضو مجلس إدارة الهيئة القومية للتأمين، كانت شركات رابحة بل إن إحداها وهى الشركة الشرقية للدخان على حد قوله كانت تحقق إرباحا سنوية تقدر ب 8مليارات جنيه, ورغم ذلك وكما يقول قوبل هذا الاقتراح بالرفض من وزارة التأمينات وقتها
وبعد ما يقرب من عشر سنوات على هذا الاقتراح عاد للظهور مرة أخرى ولكن هذه المرة لم يحدد احد أسماء الشركات التى يمكن مبادلتها بجزء من تلك الأموال بل وظهر أيضا كلام عن قطع أراض يمكن أن تدخل فى الصفقة التى يتحفظ الجميع عليها الآن بدءا من أعضاء مجلس إدارة الهيئة القومية للتأمينات الاجتماعية وصولا لأصحاب المعاشات أنفسهم ممثلين فى نقابات أصحاب المعاشات والاتحاد العام لأصحاب المعاشات. التحفظ كما يقول البدرى فرغلى يأتى من تأكدهم أن ما سيقدم لن يكون سوى شركات خاسرة لا فائدة لها وستكون تكرارا لتجربة شركات توظيف الأموال التى اخذت الدولة فيها مكرونة وثلاجات مقابل الأموال بينما يشير دكتور عطية سالم انه:« حتى لو تم الاتفاق على هذا فلابد من وجود هيئة تستطيع أن تتعامل مع تلك الاستثمارات بشكل محترف .
«الحد الأدنى» حلم أصحاب المعاشات
فى احد شوارع حى عابدين شقة بسيطة تضم مجموعة من المكاتب لموظفين كلهم فوق الستين حيث النقابة العامة لأصحاب المعاشات والتى تأسست فى أبريل من عام 2010 بعد محاولات عدة لخلق كيانات غير رسمية تعبر عن أصحاب المعاشات ،لم يسبقها سوى الاتحاد العام لأصحاب المعاشات والذى خرجت النقابة من عباءته لتتبنى مشروعها الأساسى وهو رفع الحد الادنى للمعاشات ليتساوى مع الحد الادنى للأجور حسب كلام سعيد الصباغ امين عام النقابة ،الذى يكمل قائلا » الدولة أقرت للعاملين بها حدا أدنى يضمن أن يتقاضوا راتبا يكفى لحياة آدمية بينما أصحاب المعاشات ممن عملوا لسنوات طويلة ووصلوا لسن لا يحتاجون فيه سوى الراحة وتوفير حياة أدمية لهم يجدون فى انتظارهم معاشا لا يكفى شيئا ,بل ان معاش التضامن الاجتماعى أصبح يزيد على معاش بعض المستحقين للمعاشات ممن عملوا لسنوات طويلة وكانوا يدفعون تأميناتهم كاملة » التصور الذى قدمه أصحاب المعاشات يجعل الحد الادنى لمن قضوا سنوات استحقاق المعاش كاملا وهى 36 عاما هى 960 جنيها ولمن قضى 30 عاما فأكثر 840 جنيها ولأكثر من 25 عاما 720 جنيها وأكثر من 22 عاما 540 ولمن قضى 20 عاما 480 جنيها وبالنسبة لمن اشتركوا على اجر اقل من 387 فيكون معاشه لا يقل عن الحد الاقصى لمعاش التضامن الاجتماعى والذى تقدمه الدولة لمن لم يكن لهم نظام تأمين وتبلغ أعمارهم 65 عاما فأكثر حيث ان معاش هؤلاء غير المؤمن عليهم ولم يدفعوا جنيها واحدا كما يقول الصباغ يتجاوز بعض معاشات من خضعوا للنظام التأمينى وتم استقطاع جزء من أجورهم لسنوات طويلة
الوجوه الشاحبة
يعرفهم موظفو مكاتب البريد ربما بأسمائهم هم نفس الوجوه الشاحبة المجهدة بفعل السن وكفاح سنوات العمل الطويلة فى اليوم العاشر من كل شهر يبدأ توافدهم مع ساعات الصباح الأولى تكتمل الطوابير طابور للرجال وآخر للنساء يعدون الجنيهات القليلة بحرص شديد ومرارة اشد وقلق يستمر حتى يبدأ طابور الشهر الجديد، عز الدين حسين أحد هؤلاء ، كان يعمل كبير خراطين باحدى شركات قطاع الأعمال العام حيث قضى 41 عاما من العمل يتقاضى عنها الآن معاشا 1360 جنيها زادت إلى 1495 جنيها بعد علاوة ال10% الأخيرة التى أقرتها الدولة . يقول عز الدين :«عندما خرجت للمعاش كان راتبى قد وصل إلى 4 آلاف جنيه وانهى اثنان من أولادى تعليمها ولكنى فوجئت بأن المعاش يقترب من ربع راتبى ومطلوب أن أعيش بهذا المبلغ ولدى ابنة لم تتزوج بعد وولدان فى التعليم ومازال أمامهم مشوار طويل لأنتهى من مسئولية هؤلاء، حتى مكافأة نهاية الخدمة ورغم خروجى على المعاش منذ أكثر من 8 شهور ، لم أتقاض منها مليما ويتفاوضون معى الآن لآخذها على دفعات لمدة سنة ونصف رغم أن موظف البريد اقترح على أن أضع المكافأة فى حساب أتقاضى عنه فوائد شهرية ولكن حتى هذا لن يحدث . لا اعرف هل كان مطلوبا منى أن اعمل أكثر من أربعين عاما ليكون لى معاش محترم استطيع أن أعيش منه بقية عمرى ، خاصة أنى انفق ثلثه تقريبا على علاج السكر والضغط وخشونة العظام التى خرجت بها من سنوات العمل الشاق على الماكينة و التأمين الصحى الخاص فى مستشفى بعيد كثيرا عن بيتى وتكاليف المواصلات تحتاج ميزانية أخرى أصبحت مضطرا الآن للعمل فى ورشة خاصة لأحصل على دخل يساعدنى فى إكمال مسئوليتى تجاه أبنائى رغم أن صحتى لم تعد تتحمل مشقة العمل ولا أستطيع أن أواظب على الذهاب بشكل مستمر ولكن ماذا افعل والمعاش لا يكفى نصف احتياجاتى من مسكن ومأكل وعلاج ومدارس».
عندما سألته هل تعرف أن هناك محاولات لإقرار قانون بجعل الحد الادنى للمعاش 1200 أسوة بالموظفين فى الدولة ؟ كان رده بسيطا جدا «المهم أن يكفى المعاش الحد الادنى من الحياة»


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.