علي ما يبدو أن المهندس إبراهيم محلب قرر أن لا يجلس نهائيا علي كرسي رئاسة مجلس الوزراء، وقرر بدلا من ذلك أن يقضي يوم عمله في التنقل بين المصالح والهيئات لمراقبة ما يدور بداخلها، ومتابعة سير العمل بعينيه بعيدا عن التقارير المكتوبة التي لا تمت للواقع بصلة.. المهندس محلب بدأ جولاته بزيارة مفاجئة لمستشفي أم المصريين تلتها زيارة لمحطة مترو دار السلام ثم قسم شرطة دار السلام، تبعتها زيارات مفاجئة أيضا لعدد من الوزراء، وهو ما يبدو أنه بداية مبشرة لحكومة أمامها صعاب يجب مواجهتها بكل حسم.. في السطور القادمة، رصدنا آراء الخبراء حول رؤيتهم للزيارات المفاجئة وكيف تكون مجدية وتساعد في تحسين آداء العمل في المؤسسات الحكومية؟ الكاتب الصحفي صلاح عيسي، أكد ضرورة الزيارات المفاجئة لرئيس الوزراء وأعضاء حكومته خلال الفترة الحالية، لأنهم يقدمون بذلك قدوة للجهاز الإداري. فرئيس الحكومة والوزراء هم قمة الجهاز الإداري للدولة، وعندما يقوم بجولات تفقدية وزيارات مفاجئة لمواقع العمل، فهم يقومون بحث الدرجات التالية على القيام بوظائفهم كذلك. وأضاف، أن الزيارات المفاجئة هي بالأساس مهمة رئيس العمل أو المدير المباشر، حتي يشعر العامل أن اداءه تحت الرقابة المستمرة، وأنه ستتم مكافأة من يؤدي عمله باتقان ومحاسبة المقصر. وأضاف أن أهمية الزيارات المفاجئة التي يقوم بها الوزراء تكمن في انتقالها للمستويات المختلفة للجهاز الإداري، فليس من المنطقي أن يظل الوزراء في الشارع وتفقد الامور طوال اليوم، فهم لديهم هموم أثقل بكثير، فهناك مهام تتطلب التفرغ للتخطيط ومشاكل تحتاج لحلول علمية. مؤكدا أن الزيارات المفاجئة التي يقوم بها الوزراء يجب ألا تتوقف قبل أن نطمئن أنها انتقلت للمراتب التالية في الجهاز الإداري للدولة، وتتحول الإدارة لشعلة نشاط. وتقول الدكتورة كريمة الحفناوي، إن الزيارات المفاجئة هي الأمر الطبيعي الذي يجب أن يقوم به كل مسئول وليست الاستثناء، ولكن ما كنا نعيشه من بيروقراطية، هي التي خلفت ذلك في عقولنا. وأضافت، أن حكومة الدكتور حازم الببلاوي المستقيلة، من أهم أخطائها أنها لم تنزل للمواطنين في الشارع للتعرف علي مشاكلهم علي الطبيعة، ومن طرق النزول للمواطنين هي الزيارات المفاجئة التي يقوم بها المهندس محلب ووزراؤه الآن، فهي دليل علي أن المسئول يعمل، ويري المشكلات علي الطبيعة. وأضافت الحفناوي، أن الأهم بعد الزيارات المفاجئة، هو ما سيحدث بعدالسؤال، وهنا يجب علي كل وزير أن يشكل مجموعة أو فريقا لإدارة الأزمات بالوزارة، والتعامل مع المشكلات التي يكتشفها المسئول أثناء زياراته المفاجئة، ولا تكون هذه الحلول جزئية لأن المشكلة المتواجدة في مستشفي ما أو هيئة خدمية ما تتكرر علي مستوي الجمهورية وبالتالي يجب تعميم الحل علي الجميع. ويقول الدكتور سعيد صادق أستاذ علم الاجتماع السياسي، إن الزيارات المفاجئة التي يقوم بها رئيس الوزراء إبراهيم محلب وعدد من وزراء حكومته مهمة جدا في الفترة الحالية، لأنه توجد علاقة طلاق بين العمال وصغار الموظفين من جهة وبين كبار الموظفين سواء المديرون أو الوزراء فالمشكلة ليست متعلقة بالدخل المادي ولا الرواتب، ولكن متعلقة بشكل العلاقة في كون الوزير أو المدير يعيش في برج عاجي بعيدا عن مشاكل مرءوسيه، ويتفرغ فقط لسماع الشائعات وما يقال عليه من خلفه دون أن يكون قريبا مما يحدث علي أرض الواقع وهو ما يتسبب في فجوة كبيرة بين الطرفين تنعكس بالسلب علي الأداء في العمل. وأضاف صادق، نحن نحتاج لعلاقة أفضل في الوقت الحالي ونتمني كسر الحاجز بين الوزراء وصغار العاملين بالدولة، حتي يكون هناك حوار ونوع متبادل من الثقة، وأن تترجم هذه الزيارات لعمل حقيقي من خلال الوقوف علي المشاكل وحلها، ويجب أن يبدأ المسئولون بزيارات لعدد من المصانع والهيئات أصحاب المطالب وأن يتم فتح حوار معهم وحل مشكلاتهم بعيدا عن المسكنات. أما الدكتور سعيد الشوربجي، خبير التنمية البشرية فأبدي تفاؤله بالزيارات التي يقوم بها المهندس إبراهيم محلب ووزراء حكومته، معتبر أنها بداية حقيقية لعلاج المشكلات علي أرض الواقع بعيدا عن الخطط الوهمية التي يتم وضعها في المكاتب. وأكد الشوربجي، أن الزيارات المفاجئة لابد أن تكون شيئا أساسيا علي جدول كل وزير، ومسئول، وأن تحاط بالسرية، وألا تكون معلنة مسبقاً عبر كافة الوسائل الإعلامية أو داخل أروقة الجهاز ويعلم بها وبموعد إجرائها أصغر موظف في ذلك الجهاز حتي تفقد أهميتها وهيبتها وتأثيرها. وأضاف، أن أهمية الزيارات المفاجئة تكمن في كون التقارير التي يتم رفعها للوزير أو المسئول تكون مجمله وغير حقيقية في أحيان كثيرة، لأن أي موظف أو مسئول أصغر يريد أن يحسن صورته ويظهر في أفضل صورة أمام من يرأسه، ولكن الزيارات المفاجئة تكشف كل هذا الزيف. وأكد الشوربجي أن الزيارات المفاجئة وما يكون بها من أحاديث بين المسئول والمرءوسين، تخلق نوعا من الود وتشعر العامل بأنه قريب دائما من رئيسه، كما أنها أيضا تزيد من مسألة الرقابة الذاتية للموظف، فهو دائما يشعر أنه مراقب، وأن الوزير أو المسئول قد يفاجئه بزيارة في أي لحظة، وهو ما يدفعه للاجتهاد وتحسين أدائه في العمل مما يعود بالإيجاب علي الإنتاج.