مرارة وعلقم ممزوجة باليأس، أصبحت فى حلق الشباب المصري، خصوصا أبناء مدن القناة بشكل عام وفى السويس بشكل خاص بسبب ما يسمى المشروعات القومية الكبرى فى إقليم قناة السويس المعروفة باسم «تنمية خليج السويس»، «وادى التكنولوجيا»، ومشروع شرق التفريعة «الميناء المحورى». فى كل من السويسالإسماعيلية بورسعيد . سبب المرارة تلك الوعود المعسولة التى بشرت بها الحكومات السابقة منذ الرئيس مبارك.. مرورا بالرئيس الاخوانى محمد مرسى والحديث المتكرر من المشاريع القومية او محور تنمية اقليم قناة السويس. ومع استمرار الوعود والتصريحات الوردية والوهمية ازدادت المرارة. ورغم استمرار الأمل الذى يراود الشباب فى الحصول على فرص عمل الى ان جاءت الصدمات الكبرى للشباب بسبب مرور السنوات على ارض الواقع وما يشاهده الشباب من فساد وإهمال لتلك المشروعات. ففى السويس تحطمت آمال وطموحات الشباب بسبب عدم توفير (250 ألف) فرصة عمل (ربع مليون) كانت مستهدفة لإنشاء 490 مصنعا سيقوم بإنشائها رجال الأعمال الذين حصلوا على ما يزيد على 100 كيلو متر مربع من الاراضى بتسهيلات وإعفاءات جمركية وضرائبية مع توفير البنية الأساسية (مياه كهرباء غاز طبيعى طرق مع تسهيلات بنكية والنتيجة كانت تجميد المشروع الذى انخفض إلى عدد من المشروعات والمصانع التى لا تتعدى أصابع اليدين مع انخفاض فى تنمية الاراضى عند حد 3% فقط من حجمها وعدم توافر فرص العمل بل أصبحت السويس المحافظة الرابعة فى البطالة بين الشباب على مستوى الجمهورية... بالإضافة الى هدر ما يزيد على 8.5 مليار جنيه صرفت من الخزانة العامة دون تحقيق الهدف المنشود والمعلن، وأصبح الفساد واضحا وتأخر المشروع أكثر من 15 عاماًً كما تعطلت مشاريع أخرى مثل، إنشاء المدينة السكانية التى كان من المفروض ان تستوعب ربع مليون نسمة كما تعثر مشروع مطار العين السخنة (مطار السويس الدولى). أما مشروع وادى التكنولوجيا فى الإسماعيلية الذى قيل إنه سوف يوفر عشرات الآف من فرص العمل للشباب وأن ينشئ الصناعات الحديثة من تكنولوجيا أجهزة ومعدات وقطع غيار الكمبيوتر وأن المشروع العملاق سوف ينمى أكثر من 16 كيلو مترا مربعا. فبعد مرور أكثر من 13 عاما أصحب تلك المنطقة ومشاريعها حبرا على ورق رغم صرف وإهدار ما يقرب من 20 مليون جنيه ولم يحقق المشروع أى أمل للشباب الاسماعيلية وازدادت البطالة داخل المحافظة. وفى بورسعيد، حيث مشروع «شرق التفريعة» الذى أطلق عملية مشروع الميناء المحورى الذى صدعنا الإعلام الحكومى به وما سوف يجلب للاستثمار والتنمية وفرص العمل، فإن المشهد على أرض الواقع يكشف حجم الفساد المالى والإدارى وتأخير المشروع أكثر من 12 عاما. والخلاصة كشفتها بالوثائق تقارير الجهاز المركزى للمحاسبات وهيئة الرقابة الإدارية وتقارير وزارة المالية، عن أنه تم هدر المليارات من الجنيهات بشكل مباشر من الخزانة العامة فضلا عن حصول المستثمرين ورجال الإعمال على الاعفاءات الجمركية والضرائبية وتسهيلات مصرفية من البنوك ودخلت جيوب رجال الأعمال والفاسدين وتسبب ذلك فى خسائر حقيقة للوطن. وهدر وضياع فرص الاستثمار المحلية والدولية المتاحة وتأخرت المنافسة بين المناطق الاقتصادية فى مصر ومثيلتها فى جبل على والإمارات والمناطق الحرة فى جنوب شرق آسيا رغم أهمية موقعنا الاستراتيجى وحبست الأراضى دون عائد حقيقى. وحدوث فساد فى بيع الأراضى والمشروعات من الباطل وتعطيل الاستثمار. علاوة على مساوئ فى عدم تطبيق قانون البيئة وقوانين علاقات العمل . وعشوائية وتضارب التشريعات الخاصة بالاستثمار والمناطق ذات الطبيعة الخاصة وقوانين العمل وحوافز الاستثمار والمناطق الحرة وقانون العمل والتعليم فضلا عن الضرائب الجمركية. بالإضافة عدم المواءمة والتضارب مع الدستور الجديد . وقد تكونت الجبهة الشعبية لمحور إقليم قناة السويس بسبب ما أعلن عن (مشروع تنمية الإقليم) أيام حكم الإخوان، وظهرت احتجاجات شعبية وحزبية تعارض تكرار الفساد وفد نجحت هذه الجهود فى وقف المشروع الإخوانى. مرة أخرى أعادت حكومة (الببلاوى) المشروع بشكل أفضل ولكن مازالت الأخطاء كما هى تؤكدها مخاوف سابقة، وإذ نعلن بأننا مع دفع عجلة التنمية التى لا غنى عنها للوطن للخروج من أزمته إلى آفاق المستقبل فإننا فى مدن القناة نتساءل: ونطالب ونقول: أين الحوار المجتمعى الحقيقى للمشاريع القادمة ؟ إننا نريد ان نقف على الأخطاء والخطايا السابقة حتى نستخلص الدروس المستفادة لبناء الرؤى المستقبلية. ونطالب بحوار مجتمعى مع أبناء القناة المهتمين حتى نتفادى أخطاء الماضى البغيض وحتى نتطلع لمستقبل أفضل لبلادنا فنحن فى حاجة الى استخلاصات مهمة منها، أهم القوانين والتشريعات الخاصة بالمشروعات الجديدة ومدى ملاءمتها بالدستور الجديد، التى لابد ان تتواءم مع علاقة الاستثمار بالأمن الاقتصادى وتوفير علاقات عمل بين العمال والتنمية وتحمى البيئة من مخاطر التلوث وتحمى وتؤمن الأمن القومى المصرى وتحافظ على ثروات بلادنا الطبيعية وتلبى احتياجات الوطن وتوفير فرص عمل حقيقية للشباب، وكيف يكون التخطيط للبنية الأساسية وفقا لمعايير دولية مؤمنة مع شفافية الممارسات المالية والعروض الاقتصادية بالإضافة إلى ضمان جداول زمنية للمتابعة والتقييم مع ضمان رقابة حقيقية شعبية. وبعد فإننا مازلنا نطالب بضرورة إجراء حوار مجتمعى حقيقى قبل البدء الفعلى فى المشروع تكون أولوياته لضمان تنمية شاملة للإقليم تحقق للوطن النهوض بفرص استثمار جيدة و تحقق قيمة مضافة لاقتصاد الوطن وتوفر فرص عمل حقيقية لشباب، وما زلنا فى انتظار الحوار المجتمعي. لمزيد من مقالات عبدالحميد كمال