كثيرة هي القصص التي تستحق أن تروى، وأجمل هي الأصوات التي تستحق أن تسمع... مروة ناجي واحدة من هؤلاء، قصة كانت بحاجة إلى من يرويها، وصوت جميل استحق أن يستمع إليه الملايين، وليس فقط جمهور النخبة والصفوة من رواد دار الأوبرا المصرية ممن جذبهم شدوها بأغنيات أم كلثوم ونجمات الزمن الجميل من خلال فرقة الموسيقى العربية. متسلحة ببضعة أغنيات لأم كلثوم ونبوءة للفنانة الراحلة سعاد محمد التي توقعت لها مستقبلا غنائيا باهرا حين استمعت إليها تغني ذات مرة، تخطو مروة ناجي بثقة نحو نهائيات برنامج اكتشاف المواهب «the voice» ، مدفوعة بحلم المزج بين الطرب الأصيل والشهرة، في وقت أصبحت فيه معايير النجاح والشهرة في عالم الغناء لا تتطلب الكثير من الإمكانيات الصوتية، بقدر ما تتطلب الكثير من الإغراءات المرئية الصالحة لعالم الكليبات. لم تشترك مروة ناجي في «ذا فويس» طلبا لمن يكتشف موهبتها، فميلاد تلك الموهبة بدأ منذ سنوات من خلال فرقة الموسيقى العربية على مسارح دار الأوبرا المصرية، فمروة مطربة متمكنة من أدواتها الصوتية، وقدراتها الغنائية جعلتها واحدة من أفضل من تغنى بروائع أم كلثوم، ولكنها ذهبت إلى عالم «ذا فويس» لإعلان تمردها على تجاهلنا لتلك الموهبة الرائعة، حين لم تجد من يقوم بدوره ويساعد موهبتها على الانتشار الجماهيري بعد أن تراجعت شركات الانتاج الغنائي في مصر عن القيام بدورها المفترض بتقديم الأصوات المتميزة في عالم الغناء، وأصبحت برامج اكتشاف المواهب على الفضائيات وما يصاحبها من تنافس وإثارة هو الباب الملكي لصناعة النجوم. ورغم التاريخ الفني المتميز لمروة ناجي، ورغم صوتها الذي يشعرك بأنه قام من زمن آخر اتسم كل شيء فيه بالجمال، إلا أن هذا الصوت رغم براعته لن يجد طريقه نحو عالم التألق والنجاح الجماهيري إلا بتضافر أصوات ملايين المصريين معه، والتصويت له ليتقدم على بقية المنافسين في البرنامج. إن التصويت لمروة ناجي ليس لكونها صوتا مصريا جميلا يستحق أن يسمع فحسب، ولكن التصويت هنا، يعبر عن حتمية الاعتذار لها، اعتذار لأننا جعلناها تحمل تاريخها الفني وموهبتها الفذة التي صقلتها طيلة عشر سنوات بفرقة الموسيقى العربية، لتذهب إلى برامج اكتشاف المواهب بحثا عن إعادة اكتشاف نفسها جماهيريا، ولتؤكد لنا جميعا أنها قصة من قصص المواهب المنسية التي تستحق أن تروى ويكتب لها النجاح في هذا الوطن.