فى ظل الانفلات الأمنى والأزمات الاقتصادية والاجتماعية التى تشهدها مصر، طرأ على مجتمعنا فى الآونة الأخيرة جريمة قتل بعض الأزواج للزوجات أو بعض الزوجات للأزواج، والتى تعد رمزا للخلل الذى أصاب المنظومة الدينية والاجتماعية، وتشكل تغيرا فى سلوك المصريين الذين مثلت الأسرة على مدار تاريخهم ركيزة من ركائز تماسكهم ووحدتهم. ويؤكد الدكتور محمد الشحات الجندى، أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعه الأزهر، أن الفقه الإسلامى اعتبر أن الزواج رابطة مقدسة ينبغى صيانتها والحفاظ عليها ووقايتها مما يدخل عليها من أفكار وسلوكيات خاطئة، والدفاع عن وجودها بكل غال ونفيس وتأكيدا على هذا الرباط المقدس فى الإسلام، واعتبر الفقه الإسلامى أن العلاقة بين الزوج والزوجة تمثل قرابة من الدرجة الأولى وهى علاقة تتطلب الرعاية والاهتمام وحفاظ كل منهما على الآخر ويسانده ويقف إلى جواره فى كل الأحوال ولم يكتف الإسلام بذلك بل إنه جعل لهذه الرابطة أهمية خاصة بأن شيدها على هدى المودة والرحمة بقوله تعالى: (ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة) ومع هذه الاستحقاقات الواجبة فى علاقة الزوج بالزوجة والزوجة بالزوج فإن كلا منهما ينبغى أن يكون على أتم رعاية واهتمام وأثرة تجاه الآخر،بحيث يكون كل منهما مترجما فى سلوكياته عن هذه المعانى والمقاصد الشريفة لمنظومة الأسرة فى الإسلام، فإذا تبدلت هذه العلاقة الزوجية وتحولت إلى النقيض بأن يوجد النفور بينهم أو كان هناك نوع من الأنانية فى علاقة كل منهما بالآخر والخصومة فى علاقتهم ببعض فهنا ينبغى أن نحتكم إلى قوانين الإسلام وقوانين الشرع الحنيف وذلك بإزالة أسباب الخلاف ومحو آثار الخصومة بكل السبل الممكنة بحيث تعود العلاقة بينهما إلى سابق عهدها من المودة والرحمة، ولا يجوز بأى حال من الأحوال أن يتخلص أحدهما من الآخر بطريقه غير مشروعة وذلك فإن إقدام البعض منهما على قتل الآخر هو جرم شديد وخيانة عظيمة لهذا العقد المقدس وانتهاك لحرمة المقاصد الشرعية وإخلال بنظام المجتمع. وأضاف: أنه إذا تبدلت العلاقة من المودة والرحمة إلى علاقة قتل واغتيال فإن هذه الجريمة الشنعاء إنما تصيب كيان المجتمع فى مقتل وتقدم صورة قاتمة وكئيبة للأجيال والذرية لأنه من المعلوم أنه إذا كان هناك أبناء أو بنات فى هذا العقد فإنهم فضلا عن الصدمة التى تصيبهم فإنهم يفقدون قيما عليا من قيم الإسلام التى تقوم على المودة وإنكار الذات والشفافية والتسامح والسكينة والسلام المجتمعة وهى القيم التى تعصف بها جريمة القتل التى تطالعنا بها وسائل الإعلام بين الحين والآخر، والتى تحتاج بحق إلى التأكيد على المفاهيم الإسلامية الصحيحة فى بناء العلاقات الزوجية والحض على إقامة هذا الرباط المقدس على الهدى الإسلامي، وفقا للقدوة والأسوة الحسنة التى أكدها الرسول صلى الله عليه وسلم فى سلوكياته مع أزواجه. من جانبه يؤكد الدكتور سيف رجب قزامل، عميد كلية الشريعة بطنطا، أن الحياة الزوجية جعلها الله مودة ورحمة وسكنا وألفة والآيات القرآنية والأحاديث النبوية تؤكد وتدعم ذلك والرسول صلى الله عليه وسلم، علم الأزواج كيف يتعاملون مع زوجاتهم، وهو القدوة والمثل الأعلى لنا جميعا. وأوضح أن الحياة الزوجية ليست معصومة من الأخطاء، وأحيانا تنشأ المشكلات، وهذه الظروف العارضة فى الحياة الزوجية يجب معالجتها بالمكاشفة والثقة بين الطرفين. وطالب المساجد ووسائل الإعلام بتوضيح حقوق الزوج والزوجة، وان يلجأ الطرفان الى الحكماء فى العائلة عند نشوب أى خلاف، ولا مانع أيضا من تدخل الأقارب لحل المشكلات حتى لا نصل إلى مرحلة تهدم فيها السعادة وجدير بالذكر انه ينبغى توعية الزوجين قبل الزواج من خلال محاضرات ودورات مجانية فى رعاية الشباب تنظمها وزارة الشئون الاجتماعية لفهم الحياة الزوجية حتى ينعم كلا الزوجين بحياة هادئة ومستقرة.