تجدد الحديث عن المشروع المؤجل للربط البرى بين مصر والسعودية عن طريق إنشاء جسر يربط بين البلدين مارا فوق جزيرتى تيران وصنافير وينتهى فى جنوبسيناء . ليلقى معارضة شديدة من قبل خبراء ومسئولى البيئة، نظرا لأنه يحول أهم المناطق الغنية بالموارد البيئية والسياحية إلى مرافق خاصة بنقل البضائع والمسافرين، واستقبال مئات الحافلات العملاقة وأنابيب النفط وآلاف العابرين وحاويات البضائع يوميا، مما يهدد بفقدان أهم مناطق السياحة والبيئة بمصر. احتدم الحديث حول المشروع هذه المرة بمناسبة إعلان مشروع تنمية محور قناة السويس كمحور لوجيستى وصناعى عالمى لجذب الاستثمارات بالمنطقة، ومضاعفة دخل القناة، ومردوده على الدخل القومى والتنمية الاقتصادية والاجتماعية بمصر. إيجابيات وسلبيات الدكتور حمدى هاشم خبير الدراسات الجغرافية والبيئية أعد دراسة علمية حول المشروع الذى تتجه مصر والسعودية إلى إعادة دراسته تمهيدا لتنفيذه، أوضح من خلالها إيجابياته، وسلبياته، والمخاطر التى يمكن أن يحملها. يقول إن التفكير فى مشروع الجسر البرى للربط بين مصر والسعودية عبر مضيق تيران بمدخل خليج العقبة بدأ أواخر ثمانينيات القرن الماضي، وتحديدا فى عام 1988، بهدف إيجاد طريق برى يربط بين الدول العربية غرب خليج السويس، والدول العربية شرق خليج السويس. مخاوف.. ودراسات كان من المقرر فى عام 2007 أن يضع العاهل السعودى الملك عبد الله بن عبد العزيز حجر الأساس للجسر عند زيارته لإمارة تبوك لكن الرئيس الأسبق حسنى مبارك رفض ذلك لخطورة التأثير البيئى على النشاط السياحى بشرم الشيخ. كما كانت هناك مخاوف إسرائيلية من تنفيذ الجسر بسبب مروره فوق جزيرتى تيران وصنافير بدعوى تعرض حركة الملاحة من وإلى ميناء إيلات للخطر. وقام المكتب الاستشارى الأمريكى «بكتل» فى عام 2006 بدراسة الجدوى التكنولوجية والاقتصادية، التى قدرت استرداد تكلفة المشروع خلال عشر سنوات مقارنة بالمشروعات العالمية المماثلة التى تنتظر خمسين سنة للوفاء بتكلفتها، بالاعتماد على رسوم نقل البترول السعودى فى مواسير تمتد عبر الجسر. دراسة.. وتأجيل وقد أعادت الحكومة المصرية دراسة المشروع فى عام 2013، لكنها عادت وأجلته لأسباب فنية تتعلق بطول عمق الممر الملاحي، الذى يزيد بمقدار ضعف المسافة متجاوزاً بذلك تكنولوجيا البناء الحالية، علاوة على أسباب بيئية تتعلق بحجم الدمار البيولوجى فى الشعاب المرجانية. ويستهدف المشروع درء المخاطر المترتبة على استخدام العبارات وطريق الحج البرى عبر الأردن، والتيسير على المسافرين عن طريق البر والبحر من الحجاج والمعتمرين من مصر ودول المغرب العربى وكذلك العمالة فى السعودية ودول الخليج الأخرى. فوائد المشروع يمهد المشروع لإقامة السوق العربية المشتركة بما فى ذلك تخفيض تكلفة نقل البضائع والأفراد. وقد قدمت خمس هيئات ومكاتب استشارية دولية -مصرية وأمريكية ويابانية وكورية ودنماركية- دراسات وبحوثا حول الجدوى القومية والاقتصادية والتكنولوجية والبيئية للجسر. كما تقدمت سبع مجموعات عالمية فى عام 2006 بعروض فنية ومالية -كويتية ومصرية وإماراتية وأوروبية وسعودية وكورية وكندية- فيما تقتضى الأهمية الإيكولوجية للمنطقة إجراء دراسة معمقة لتقويم الأثر البيئى للمشروع، وخسائر الأصول البيئية المتوقعة، وحماية جزيرة تيران والسلاحف والطيور البحرية وموائل الشعاب المرجانية والحشائش البحرية ومصايد الأسماك، وتلافى تكرار مشكلات الرحلات القصيرة مثلما حدث فى البحرين منذ بناء الجسر الذى يربط بينها وبين السعودية، ومشكلات التلوث والتدهور البيئى بالمنطقة المحيطة. مسار الجسر حول مسار الجسر يقول د. حمدى هاشم : من المخطط أن يمتد الجسر بطول (23) كيلو مترا باعتبار أقصر مسار له هو من رأس نصرانى شمال شرم الشيخ، ومنه إلى جزيرة تيران ثم شاطئ السعودية الغربى عند رأس حميد. والأخيرة عبارة عن لسان جغرافى ممتد داخل البحر فى بداية خليج العقبة بإمارة تبوك السعودية، وهى من ناحية التركيب الأرضى منطقة طبيعية خلابة، غنية بالحياة البرية والمائية وتنتشر حولها كثير من الشعاب المرجانية، وتلوذ بمياهها أنواع من الأسماك النادرة والسلاحف. وتقع على طريق تبوكالمدينةالمنورة الذى يسلكه حجاج البر من تركيا وسوريا والأردن ولبنان. وتبعد جزيرة تيران بنحو ستة كيلومترات من ساحل سيناء الشرقي، وتمثل مع جزيرة صنافير أهمية إستراتيجية، وتم إعلانهما مع رأس محمد محمية تراث عالمى فى عام 1983. وتعد جزيرة تيران ملاذاً طبيعياً مهماً للعديد من الطيور المهاجرة والمقيمة على حد سواء، كما أنها واحدة من أهم أماكن وضع البيض للسلاحف البحرية بمصر، إضافة إلى أهمية شعابها المرجانية، وقيام نشاط شرم الشيخ عليها فى هواية الغوص. أما مدينة شرم الشيخ نفسها فتوجد بها وحولها أهم المحميات الطبيعية فى رأس محمد ونبق وأبو جالوم. ومن أهم مناطقها: رأس نصرانى ورأس أم سيد بالإضافة إلى رأس محمد. وحول الجسور والطرق المثيلة فى دول العالم يقول الدكتور هاشم إن هناك جسورا برية مماثلة فى شمال أوروبا شيدت على الموانع البحرية والمضايق المائية، بين النمسا والدنمارك، والدنمارك والسويد وبين شرق وغرب الدنمارك. وقد تم تنفيذها بتقنية عالية، وباستخدام الأكواد البيئية لمنهجيات الإدارة وفقاً لأفضل القياسات الخاصة بحماية البيئة من التلوث، مما يوفر الحلول الفنية والاقتصادية والبيئية كافة لإنشاء الجسر البرى بين مصر والسعودية.