لسجال الذي دار في مجلس الشعب حول نقص المياه وتلوثها في مصر بين الحكومة والنواب كانت له دلالات وعبر, فقد عكس حجم الإنتاج وتطوره, وأعطي بدقة صورة للموقف الراهن لحالة مياه الشرب. التي تتأثر بها حياتنا كلها, وتنعكس علي كل بيت وأسرة, كما كان لهذا الموقف تأثيره علي الشارع المصري قبل تأثيره علي النواب أنفسهم. وقداستطاعت الحكومه بحق إسكات أصوات نشاز انطلقت في مجلس الشعب, وحاولت التشويش علي أبرز أعمالها في السنوات الماضية, وأكثرها حضورا وقوة, وهو توفير مياه الشرب النقية والصحية لكل المصريين في الريف والقري مثل المدن والحضر, وهو إنجاز حقيقي تعجز عنه حتي الدول المتقدمة والأكثر غني وموارد منا بكثير. وكلنا نعرف أن المياه المستخدمة في المنازل في معظم البلاد المتقدمة, لا تستخدم في الشرب, ولكن مواصفات المياه المصرية المقدمة لكل المصريين ترقي لهذا الاستخدام, بل إن مواصفاتها الصحية أفضل في كثير من الأحوال من المياه المقدمة في الزجاجات أوالمعبأة, والرهان أن معظمنا يستخدمها للشرب. واستطاع الوزير أحمد المغربي وزير الإسكان بما تحت يديه من أرقام نتيجه أعمال تمت في السنوات الخمس الماضية والموارد الإضافية التي خصصت لهذا القطاع الحيوي, والتي وصلت إلي5 مليارات جنيه بواقع مليار سنويا فوق الاعتمادات السابقة, وإحلال وتجديد كل الشبكات علي مستوي الجمهورية, والتي أدت إلي زيادة كمية المياه المنتجة بنسبة50% وهي أرقام قياسية ليس لمصر فقط, بل علي كافة المعدلات العالمية, حيث أدت إلي تجاوز مشكلة نقص مياه الشرب التي ظهرت في صيف2006 تحت مسميات عديدة أبرزها الدعوة لمكافحة العطش وطوابير الباحثين عن المياه, وزاد الإنتاج في المياه بمعدلات كبيرة تجاوزت النقص وأنهت الأزمة الحيوية..وفوق ذلك أعطت مؤشرا حول قدرة المصريين بأنهم إذا أرادوا فعلوا.. فهي معركة حقيقية انتصر فيها المصريون وتجاوزوا الأزمة في زمن قياسي.. ولذلك كان طبيعيا أن يشكر الوزير المغربي مقدمي الاستجواب, فقد أعطوا الفرصة له ولوزارته للتوضيح للشعب عبر النواب كيفية إنجاز هذا العمل الذي تفتخر به مصر كلها وليس حكومتها فقط.. فعكس أسلوبا سياسيا ذكيا للحكومة داخل البرلمان أظهر بوضوح وبالمستندات قدرتها علي مواجهة مشكلات تلوث المياه, لذلك استحق الذين قدموا الاستجواب الشكر, فلقد كانوا سببا لتدفق المعلومات حول الأزمة وتجاوزها بعد أن تدفقت المياه, فأصبح واضحا للجميع أنها أزمة اختفت ولم تعد موجودة, بل تجاوزتها مصر وحكومتها بكفاءة واقتدار. وكان واجبا علينا جميعا أن نشكرها علي هذا الأداء, وأن نأخذه نموذجا يحتذي به مع مشكلات الصرف الصحي الباقية بلا حل حتي الآن ومازالت تداعياتها المخيفة تؤثر في مشاكل التربة والتلوث في الدلتا, وعلي نهر النيل نفسه الذي نتطلع إلي أن يكون نهرا نظيفا بل محمية طبيعية يعاقب كل من يلوثه أو يسيئ إليه.. فالأرقام تقول إننا علي الطريق.. فقد استطعنا زيادة كفاءة الصرف الصحي في مصر بنسبة33%, ومازالت أمامنا أشواط كثيرة نقطعها. ولا يفوتني هنا أن أشير إلي أن أحد مقدمي الاستجوابات قد سحب استجوابه بعد عرض المعلومات.. وفي هذا بادرة تدعونا إلي التفاؤل أن البعض في طريقه لفهم قواعد اللعبة السياسية بإيجابياتها التي نتطلع إليها, وهي القدرة علي معرفة الحقيقة والاعتراف بها وليس بالاستمرار في المكابرة وعدم الاعتراف بنتائج الأعمال وقدرتنا علي تجاوز مشاكلنا القديمة والمزمنة في وقت قياسي. [email protected] ا المزيد من مقالات أسامه سرايا