هم فئة اعتدنا رؤيتها يوميا في الشوارع والميادين تفترش جزءا صغيرا من الأرض لتعرض بضاعتها الزهيدة مناديل ورقية, ليمون جرجير وغيرها قد تنظر إليهم وتكتفي بالدعاء لهم بالرزق أو قد تتعاطف معهم وتقرر أن تشتري أي شيء منهم من باب المساعدة وإذا انتزعت الرحمة من قلبك فقد تتهمهم بالتسول ولكن هل فكرت أن تقف لحظة لتتأمل أوضاعهم تحت لهيب الشمس الحارقة صيفا أو كما نحن الآن في الشتاء وبرده الذي ينهش أجسادهم النحيلة لايجدون ما يحميهم من برودة الشتاء إلا الجلوس وسط بضاعتهم. إنهم المهمشون الذين لا يأكلون اللحوم سوي في العيد فقط إذا تذكرهم أحد التعليم عندهم رفاهيه لايجرءون علي أن يحلموا به وإذا عاد أحدهم لمنزله وأسرته بعشرين جنيها شعر بأنه معه غنيمة.. اقتربنا من بعض النماذج وسنعرض الأكثر مرارة منها وقد تكون هناك نماذج أكثر مأساوية فالحياة مليئة بهؤلاء الذين يعيشون تحت خط الفقر بكثير. بائع الليمون عم عاطف رجل تخطي الستين من عمره, رسم الشقاء علي ملامحه علامات بارزة لايمكن أن تخطئها العين.. يجلس علي إحدي النواصي واضعا أكياس الليمون أمامه ويضم جسده النحيل علي بعضه ليتدفأ هذا الرجل لديه من الأبناء خمس بنات ووالدان يقول: الحمد له تمكنت أن أستر أربع بنات في بيوتهن والابن الأكبر تزوج وبقيت لي ابنة وابن وعندما سألناه وهل يساعدك إبنك؟ ادمعت عيناه قائلا: ربنا يعينه علي حاله عم عاطف يعود إلي منزله يوميا بعد يوم صعب وقاس لايأكل فيه سوي الخبز الخحاف وليس معه أكثر من خمسة عشر جنيها هذا إذا سار اليوم معه بشكل جيد ويوفر لأسرته بالكاد أقل الطعام اما التعليم فلم يتمكن من إلحاق أحدهم بالمدارس. يقول: للأسف أنا مريض بالسكر ولدي ثقب في العظم ورغم المرض فأني أوفر نفقات العلاج لاطعام أبنائي أما اللحوم وكيفية الحصول عليها فيقول: في العيد أحيانا يتذكرنا أهل الخير! بائع الإشارة عم حامد يقف في إحدي اشارات المرور يبيع المناديل ويقف طوال النهار حتي أثناء سقوط المطر عسي أن يبيع بضاعته وللأسف لم ينجب ولكنه حريص علي أن يكفل زوجته ولايجعلها تحتاج لأحد, ويقول عم حامد لم أنتظر في بيتي حتي يدق علي أحد ويعطينا صدقه فالعمل عبادة ومادامت تستطيع قدماي أن تحملاني سأظل أوفر لي ولزوجتي طعامنا دون أن أمد يدي حتي لو عدت إليها بعشرة جنيهات فهذا يكفينا حتي لو أكلنا خبر فقط ولكن كل ما أفكر فيه وأخشاه هو ماذا ستفعل زوجتي من بعدي فالعمر يمر بي ولا أعرف كيف ستتدبر أمورها بعد موتي فهي لم تعتد مرمطة الشوارع وبهدلة الحياة. بائعة الخضروات زينب أو كما تجب أن يناديها الزبائن أم حسن, تجلس أمام إحدي الحدائق تبيع الجرجير والخضراوات منذ نعومة أظافرها حيث كانت والدتها تصطحبها معها لتبيع معها الخضراوات وتساعدها وعندما كبرت تزوجت وأنجبت ثلاثة أبناء وما هي إلا أيام قليلة بعد وصول مولودها الثالث حتي توفي زوجها وأصبح عليها مسئولية تربية ثلاث يتامي أكبرهم عمره خمس سنوات ولأنها لا تعرف مهنة سوي بيع الجرجير والخضرة ذهبت لنفس مكانها القديم مع والدتها لتفترش الأرض من جديد وتبدأ رحلة كفاح جديدة مصطحبة معها أبناءها الثلاثة خوفا عليهم من أن تتركهم بمفردهم في البيت تضم رضيعها الصغير لتحميه من البرد وكل ما يوثر فيها وينغص حياتها شقاء أطفالها معها الذين لاذنب لهم سوي أنهم وجدوا أنفسهم أيتام بلا أب وأم لاحول لها ولاقوة لا تملك سوي صحتها التي لا ولن تدخرها من أجل صغارها حتي لاتحرمهم من شيء. بائع البخور تعبنا من المشي فجلسنا نستريح علي أحد المقاهي عندما دخل رجل كبير في السن يسير بصعوبة شديدة ويحمل البخور معه ليبيعه وعندما أخرجت من جيبي مبلغا بسيطا لأعطيه له هزني بشدة, وقال: يا أبنتي أنا لاأتسول أنا أبيع أخذت منه البخور وقال لي هذا بركة إستخدميه, وعندما فتحت معه موضوع دخله اليومي وكيف يعيش قال لي: لايهم ماذا سأكسب في يومي, المهم أن أستر زوجتي وأبنائي ولا أحوجهم لأحد.... المهم أن أعود إليهم بما يطعمهم مهما كانت بساطته الستر أهم من أي شيء آخر. الأستاذ حافظ أبوسعدة رئيس المنظمة العربية لحقوق الإنسان يؤكد أن هؤلاء مسئولية المحليات التي لابد أن تقدم نوع من المساعدات والدعم لهؤلاء البائعين الصغار ففي الدستور الجديد سيكون للمحليات دور كبير في ذلك فهؤلاء يحتاجون لاهتمام مجتمعي لتنمية مشروعاتهم الصغيرة, ففي بعض دول العالم مثل بنجلاديش هناك بنك القرية الذي يلعب هذا الدور ويساند هؤلاء علي الاستمرار كما أن هناك قروضا متناهية الصغير تدعمها مؤسسات بنكية مدعومة من الدولة تقدم لهؤلاء مايستطيعون من خلاله تنمية مشروعاتهم الصغير ايضا علي وزارة التضامن الاجتماعي دور لابد أن تقوم به بعمل برامة لمساعدتهم. السيدة فادية نور الدين مديرة الرعاية المؤسسية بادارة الدفاع الاجتماعي بوزارة التضامن تؤكد أن هؤلاء مسئولية المحافظة والحي التابعين له وبالفعل محافظة القاهرة في طريقها لتجميع هؤلاء في مكان واحد لعرض منتجاتهم في أماكن آمنة وقد عرضنا نحن في الوزارة المساعدة في هذا الإطار بأن تقوم الورش التابعة لنا بتصنيع الأكشاك لهؤلاء إذا طلبت المحافظة المساعدة.. أما البائعون الصغار الذين ليس لديهم أي دخل أو مصدر رزق فعليهم التوجه إلي أقرب وحدة إجتماعية يتبعون إليها أو التابع سكنهم ومعهم أوراق تثبت عدم وجود دخل أومصدر رزق لهم, كذلك البطاقة الشخصية وعدد الأولاد وما إذا كانوا في المدارس وعليه تقوم الوزارة بعد ثبوت صحة الأوراق بصرف معاش الضمان الاجتماعي لهم وقيمته004 جنيه شهريا بالاضافة إلي001 جنيه لكل إبن في التعليم.