بعد25 يناير ساءت العلاقة كثيرا بين الشعب والشرطة.. كان البعض يتحاشي أو يرفض إطلاق كلمة شهيد عليهم.. المعاناة لم يعشها ضباط الشرطة وحدهم, بل عاشتها عائلاتهم, أبناؤهم وزوجاتهم وأمهاتهم.. كانوا يتوارون من الناس وقد ينكرون أصلا مهنة والدهم.. قصص كثيرة قرأناها وسمعناها واختلطت فيها الحقيقة بالأكاذيب.. المبالغات بالقليل من الصدق. بعد30 يونيو عادت الثقة وأدركنا أن هؤلاء ماتوا من أجلنا, من أجل حمايتنا, ضحوا بأنفسهم من أجل أن نعيش نحن, وأن كثيرا مما سمعناه يحتاج إلي مراجعة, شهداء الشرطة منذ25 يناير بلغ عددهم نحو393 شهيدا.. مجموعة من زوجات ضباط الشرطة فكرن في إنشاء رابطة لزوجات ضباط الشرطة, وكان الهدف أولا التكاتف, وثانيا العمل علي عودة الثقة المفقودة, كن يردن أن يقلن للجميع إننا تزوجنا أبطالا وأنجبنا أبطالا, وأننا جميعا في مركب واحد, نعاني مثلكم وأزواجنا ليسوا خائنون لوطنهم بل هم أبطال يقومون بواجبهم. السيدة رشا كامل هي رئيس الجمعية التي تضم حاليا نحو300 عضو, وهي زوجة مقدم شرطة مهمته تأمين المتحف المصري, فهو كان في قلب الأحداث من اليوم الأول, تتذكر تلك الليلة وقلقها الشديد وما كانت تبثه وسائل الإعلام عن احتراق المتحف وسرقته في حين أن زوجها استمات بكل القوة التي معه لتأمين المتحف, وما تم الاعتداء عليه هو البازارات الخارجية الموجودة بحديقة المتحف. لم يتقاعس زوجها وزملاؤه عن القيام بواجبهم, وكانوا مستعدين للتضحية بحياتهم لتأمين تاريخ مصر, هذه هي الحقيقة التي آمنت بها مدام رشا, وتقول: بعد يناير كان أولادنا يرفضون حتي الذهاب للمدرسة لأن الطلبة يقولون لهم آباؤكم هم من قتلوا الثوار.. مررنا بظروف صعبة جدا وتحملنا الكثير.. جلست مع ابنتيها وطلبت منهما أن يثقا في وطنية والدهما والأيام ستثبت ذلك.. زوجة ضابط الشرطة تجاهد علي جميع المستويات, الزوج يخوض حربا في الخارج, يغيب لأيام وربما أسابيع, مسئولية الأبناء ملقاة بالكامل علي الزوجة, عليها أن تستعد ليوم قد تجد نفسها فيه وحيدة, عيناها متعلقتان بالتليفون, فقد تسمع خبرا تعيسا في أي لحظة.. قلبها يخفق مرتين مع كل عملية أو تخريب يحدث في أي مكان, خوفا علي زوجها, وهلعا علي بلدها.. في يوم وليلة قد تتغير حياتها إلي الأبد. رانيا رمضان نائب رئيس الجمعية, زوجها برتبة عميد في أحد السجون وأم لأربعة أطفال.. تقول: إذا كان المصريون جميعا يعيشون في قلق وتوتر, فزوجات رجال الشرطة يعشن القلق قلقين, لا أعرف إن خرج زوجي هل سيعود ثانية؟.. كل أب أو ابن يخرج ليؤدي عمله يخرج مودعا فقد لا يعود. الرابطة تقوم بهذه المهمة, التضامن بين عائلات الشرطة, تقديم العون لأهالي الشهداء, زيارة المصابين, مساعدة كل من تحتاج إلي خدمات, نكون موجودين دائما بجانبهم, فقد نكون منهم في يوم قريب. الرابطة أيضا تتواصل مع جميع مصابي العمليات الإرهابية سواء من أفراد الشرطة أو من المدنيين. الإعلام- كما تقول رئيسة الجمعية- ينشغل بعد فترة عن الشهداء وعائلاتهم وينسي الجميع الأسماء, نحن لا ننسي, ثلاث سنوات من العمل المتواصل ومازلنا مؤمنين برسالتنا وبأننا تزوجنا أبطالا مهما قيل عنهم ومهما حاول البعض التشكيك.. اليوم الناس تعاملنا بفخر عندما يعلمون أننا زوجات لرجال شرطة, رسالتنا الأساسية من الرابطة أن نؤكد أن الشرطة مثل أي مكان في مصر, فيها وفيه, ومهمتنا أن نقدم الجانب الآخر من الصورة..