يعجبني الوقار في كل صوره واشكاله واراه واضحا في آداء المستشار عدلي منصور فلم يتغير الرجل امام منصب مؤقت دفعته الظروف اليه وظل محافظا علي جلال القاضي وشموخ العدالة والتي هي اكبر من كل المناصب. الرجل لم يظهر في الإعلام إلا قليلا وكان حديثه محددا ومختصرا مثل احكام القضاء تماما..وحين سافر الي الدول العربية الشقيقة شاكرا كرمها في الوقوف مع مصر كان حريصا علي كرامة مصر فلم يتجاوز في حديث او مجاملات والرجل لا يتدخل كثيرا في شئون الآخرين من اصحاب القرار.. لم يتردد في ان يوقع قانون التظاهر لأن امن مصر واستقرارها اهم من صيحات المزايدين..وحين طلب البعض منه إصدار عفو عن فتيات الأسكندرية كان ضمير القاضي يقول له هناك درجة أعلي في التقاضي يمكن ان تحسم القضية بصورة تحفظ للعدالة جلالها..والرجل لم يقع فريسة لبريق المنصب الفرعوني العتيق وإغراءاته الكثيرة وظل محافظا علي صورته وتواضعه الجميل..ان المنصب في مصر يحمل اغراءات كثيرة تضعف امامها المواقف وتتواري درجات الصمود ولكن المستشار عدلي منصور بقي محافظا علي بعض القناعات وبعض الثوابت انه في اول الأمر ونهايته قاضي حمل علي كتفه مسئولية العدالة كل سنوات عمره وهذه النماذج من البشر لا تغيرها مناصب ولا تغيرها مكاسب او إغراءات.. حين سأل الصحفيون المستشار عدلي منصور هل سيرشح نفسه رئيسا لجمهورية مصر قال الرجل سأعود قاضيا كما كنت..وهذه القناعات الشخصية تمنح الإنسان حالة من حالات الزهد والتصوف والرضا..هناك بعض الناس لا يحبون بالفطرة صراع المناصب ومعارك السلطة وإذا دفعت بهم الأقدار الي موقع او مسئولية فإنهم ينتظرون اليوم الذي يعودون فيه الي بيتهم الحقيقي وهو القناعة والإحساس بالرضا..ان المستشار عدلي منصور يحمل الصفات المصرية العريقة التي تجسدت دائما في صورة الإنسان المصري بكل جوانب الخير والترفع فيه..ولهذا بقي الرجل بعيدا عن الأضواء لا يظهر الا قليلا ولا يتحدث إلا نادرا رغم انه بحكم المنصب والمسئولية يحمل لقب رئيس اقدم دولة في العالم إلا ان كرسي الرئاسة لم يغير فيه شيئا http://[email protected] لمزيد من مقالات فاروق جويدة