إن كان لعودة المهرجان القومي للسينما ثمار فتكريم المخرج الكبير سعيد مرزوق أهم هذه الثمار. فهو علامة بارزة في تاريخ السينما المصرية ومن أكثر المخرجين الذين لهم فضل في تغيير القوانين والمدافعين عن حقوق المرأة. اذ يكفي أنه صاحب فيلم' أريد حلا' الذي أعاد للمرأة حقها كانت ستظل تعاني من نكرانه لسنوات وهو تغيير قانون الأحوال الشخصية. وقد كان لظهور سعيد مرزوق في حفل الافتتاح رغم حالته الصحية أثره البالغ علي حالته النفسية وعلي جموع السينمائيين الذين تابعوا المهرجان. قال مرزوق' إن التكريم أثر بالفعل علي حالته الصحية بالإيجاب, وإنه فخور بأن يكرم من مهرجان بلده, وإنه يعتبر الدكتور صابر عرب وزير الثقافة من أفضل الوزراء الذين تقلدوا منصب الوزارة لما يقوم به من دور مهم في رعايته وزيارته مرتين' سعيد مرزوق ليس مجرد مخرج كباقي المخرجين الذين يمرون علي السينما المصرية مرور الكرام, بل هو صاحب قضية, فرغم أن ما قدمه للسينما14 فيلما الا انه ان سالت مشاهدا عاديا عن اسم اي منها ستكتشف أنه شاهد الفيلم أكثر من مرة. سعيد مرزوق لم يقدم سينما من أجل الإيرادات فقط, بل كل ما قدمه جمع فيه ما بين سينما القضية والجماهيرية, ولم ينسي في أي منها هموم الشارع المصري. وكثيرون لا يعرفون تأثير بعض أفلام سعيد مرزوق ليس فقط علي مصر بل علي بعض دول الخليج, فبعد سنوات من عرض فيلم' أريد حلا' للنجمة فاتن حمامة, وطرح قضية العوار بقانون الأحوال الشخصية ونجاح القانونيين في تغييره لصالح المرأة المطلقة سعت الكويت لذلك, وهو ما يؤكد أهمية وقوة تأثير السينما في المجتمع.. وما يؤكد قرب سعيد مرزوق من البسطاء والشباب الحاليين هو ما يقوم به بعضهم من انشاء صفحات باسمه علي مواقع التواصل الاجتماعي' فيس بوك' حيث توجد أكثر من خمس صفحات قد لا يعلم هو عن بعضها ومنها ما يحمل' كلنا سعيد مرزوق' و' محبوا سعيد مرزوق' وفي احداها تجد مشواره مسطرا بطريقة أرشيفية جميلة منذ بدايته وحبه الشديد للسينما وكيف كان منزله أشبه بحجرة مونتاج أو استديو صغير إذ كان يسكن بمنزل ملاصقا لاستوديو مصر, وكان لذلك تأثيره المباشر علي حياته, وكان في نفس هذه الفترة صديقه حسام الدين مصطفي وأعجب كليهما بالمخرج' سيسيل دي ميل', وهو يصور فيلم( الوصايا العشر) في صحراء الهرم.. فكانت هذه هي نقطة البداية الحقيقية لسعيد مرزوق عندما أحس مرزوق بعظمة دور المخرج وأهميته بالنسبة للسينما, واتخذ منه مثلا أعلي. وعندما يقرأ جمهوره أنه لم يدرس السينما علي يد أحد, ولم يكن من خريجي أحد المعاهد السينمائية يصابون بالدهشة فمن يشاهد' كادراته' وطريقته في إخراج فيلم مثل' زوجتي والكلب' و' الظلال والليل' و' الفنار' مفردات قد لا يجيدها مخرج اخر دارسا للسينما. علم نفسه ونمي موهبته من خلال عمله مساعدا لزميله المخرج الشاب إبراهيم الشقنقيري, ثم بعدها مباشرة قام بإخراج فيلمين قصيرين مدة كل منهما خمس دقائق. وكان عمله الثالث هو إخراجه لأغنية' أنشودة السلام' ومدته عشر دقائق, والذي أختير كأحسن عمل تليفزيوني لعام.1965 بعد ذلك قدم فيلمه التسجيلي' أعداء الحرية1967' وشارك به في مهرجان' ليبزغ' الألماني, وحصل علي الجائزة الثانية في هذا المهرجان. ثم قدم فيلم' طبول 1968' ونال أيضا جائزة الدولة في الإخراج والتصوير والمونتاج في ذلك العام. كما أنه قام بإخراج فيلم' دموع السلام 1970' الذي اختير كأفضل فيلم عن الرئيس الراحل جمال عبد الناصر. ودائما ما يثير دهشة من يرشحون اهم افلام السينما المصرية تصنيف فيلم' زوجتي والكلب' ضمن اهمها كونه اول عمل روائي له اخرجه عام1971 ثم اخرج بعده فيلم' الخوف' لياتي بعدهما برائعته أريد حلا عام'1975' عن قصة الكاتبة حسن شاه.. وقبل ان يتوقف الجدل حول فيلم' أريد حلا' يفاجيء مرزوق العالم بفيلمه الجريء الذي واجه به السلطة والحكومة' المذنبون' أحد اقوي أفلامه عن قصة الكاتب العالمي نجيب محفوظ والذي تسبب في ضجة عند عرضه عام1976 لمحاولة كشفه عن مظاهر الفساد في المجتمع المصري المعاصر, وتشكلت لجنة للنظر في أمر الفيلم وحذفت العديد من مشاهده, وظل الفيلم حالة خاصة وما زال حتي أنه يمنع من العرض في التليفزيون المصري لجرأته. قدم مرزوق عدة أعمال قد يكون من أهمها فيلم' المغتصبون' الذي إن شاهدته اليوم تكتشف إنه يحكي حادثة من الحياة اليومية التي نمر بها بين الحين والحين فرغم قساوة الفيلم إلا أنه يتكرر كحادثة واقعية في حياتنا.. تكريم مرزوق في المهرجان الفومي للسينما, تكريم للمهرجان وللسينمائيين, وللسينما المصرية, التي تتذكر أحد ابناءها في ظروفه المرضية.