المخرج السينمائي الكبير سعيد مرزوق يعيش هذه الأيام محنة صحية جديدة بعد إصابته بشلل نصفي حيث يخضع للعلاج داخل أحد المستشفيات منذ عدة شهور عقب عودته من ألمانيا في شهر فبراير الماضي، وهو في حالة نفسية سيئة علي إثر قيام الأطباء هناك بعملية بتر ساقه اليمني بسبب غرغرينا ناتجة عن مرض السكر. وعلي الرغم من قيام الأطباء الألمان بتركيب ساق صناعية لسعيد مرزوق إلا أن حالته النفسية تدهورت بشكل كبير ودخل مرحلة الاكتئاب بعد أن تراكمت عليه الديون ومصاريف العلاج وهو الأمر الذي يتطلب الإسراع في تحمل الدولة لكل نفقات علاجه خاصة أن نقابة السينمائيين كانت قد ساهمت علي قدر استطاعتها في تدبير الموارد المالية اللازمة لإنقاذ الفنان القدير ولكن لأسباب كثيرة عجزت عن الاستمرار في تقديم الدعم والمساندة له في مواجهة تلك المآساة . وقد علمت من المنتج محسن علم الدين صديق سعيد مرزوق أن مجموعة كبيرة من السينمائيين أسرعوا بالاتصال بوزير الثقافة عماد أبو غازي لاستعجال صدور قرار علاجه علي نفقة الدولة تقديراً لتاريخه وعطائه الفني الطويل. والمخرج السينمائي الكبير سعيد مرزوق يعد واحداً من أهم مخرجي السينما المصرية علي الرغم من قلة إنتاجه إلا أنه استطاع من خلال أفلامه القليلة أن يصبح من العلامات البارزة فقد بدأ نجمه يلمع بعد أن أخرج فيلمه الملون »الخوف« إنتاج رمسيس نجيب وبطولة سعاد حسني ونور الشريف حيث تتابعت بعد ذلك خطواته علي الشاشة الفضية وقدم أفلاماً علي درجة كبيرة من الأهمية لعل من أفضلها علي الإطلاق »زوجتي والكلب« و»المذنبون« و»الصديقان« و»المرأة والساطور« و»هدي ومعالي الوزير« و»المغتصبون« و»جنون الحياة« و»دائرة الرعب« مروراً بأعمال أخري متميزة ولكن يظل فيلمه الشهير »أريد حلاً« بطولة فاتن حمامة قمة هرمه السينمائي فقد قفز باسمه إلي المستوي الدولي. فقد كتبته القديرة حُسن شاه وفتحت به ملف المشاكل الشائكة للمرأة المصرية. وفي هذا العمل المهم أريد حلاً اتجه مخرجنا سعيد مرزوق إلي اتباع أسلوب جديد في الإخراج وهو ما عرف باسم التسجيلية الإنسانية للمواقف الدرامية لمعاناة المرأة المعذبة مع زوجها والحائرة داخل ساحات المحاكم الشرعية تبحث عن حقوقها كإنسانة لها حقوق آدمية مثل غيرها من البشر في جميع أنحاء العالم المتحضر. ويحسب لهذا الفيلم الذي صنعته حُسن شاه وسعيد مرزوق أنه قاد ثورة من القوانين في مجال الأحوال الشخصية أعادت للمرأة في مصر حقوقاً كثيرة وضعتها علي الطريق الصحيح وبالتالي فقد نال هذا العمل العديد من الجوائز المحلية والعالمية وأصبح مع أفلامه الأخري الشهيرة »زوجتي والكلب« و»الخوف« و»المذنبون« من أهم مائة فيلم في تاريخ السينما المصرية. ولم يتوقف عطاء المبدع سعيد مرزوق عند حد الأعمال السينمائية بل اشتمل أيضاً علي مجموعة من الأعمال التليفزيونية من أهمها »أعداء الحرية« أول فيلم سينمائي للشاشة الصغيرة حصل به علي جائزة مهرجان ليبزج بألمانيا عام 6691 ثم بهرنا بالمسرحيات ذات الفصل الواحد التي صورها سينمائياً وقامت ببطولتها فاتن حمامة وكلها من كتاب توفيق الحكيم »مسرح المجتمع« وهي »أريد أن أقتل« و»توحة« و»النائبة المحترمة« و»بيت من النمل« وغيرها من الأعمال الأخري التي كانت آنذاك حدثاً فنياً مثيراً علي شاشة التليفزيون المصري. وإذا كان سعيد مرزوق قد اشتهر بين زملائه في الوسط الفني باسم المخرج المؤلف حيث كان يكتب القصة والسيناريو والحوار فإنه من المؤكد كان ينبغي عليه أن يفكر في أن يحول قصة حياته لعمل فني فمنذ طفولته وعبر سنوات شبابه ونضجه حتي احترافه للإخراج السينمائي، والدراما هي جزء مهم في تكوينه النفسي والإنساني، أي أنه مادة درامية خصبة تصلح لأن تكون تفاصيلها في إطار حدوتة مثيرة بأحداثها تخطف العقل والقلب والعين. إنني أردت بهذه السطور السريعة أن أرسم بورتيريها بالكلمات عن مخرجنا الكبير سعيد مرزوق الذي يمر بظروف صحية دقيقة وحرجة تستدعي الوقوف إلي جانبه وانتشاله من محنة تدفع به إلي حافة الموت بعد أن أصبح قعيداً لا يقوي علي الحركة ونفدت موارده المالية وبات وحيداً مع شريكة عمره، ولا يسأل عنه سوي قلة ضئيلة من الأصدقاء بينما تناساه آخرون كانوا يومياً يترددون عليه ويقضون معه ساعات الليل والنهار ثم انفضوا من حوله بعد أن تعرض لغدر الزمن وانحسرت عنه الأضواء. صلوا معي من أجل شفاء المبدع القدير سعيد مرزوق ومصر لن تنسي أبداً ابناً من أبنائها أعطي عصارة فكره وجهده لإثراء وجدان الناس بمختلف تياراتهم الاجتماعية والفكرية والإنسانية.