مؤسسة القضاء هي عنوان الحقيقة وساحة العدالة, وحصن الحقوق, وضمان الحريات هكذا تكون رسالتها الأبدية علي مر الزمن, فما بالك في أوقات الاضطراب والارتباك والشكوك والغموض والاحتقانات والخلافات السياسية والفتنة الاجتماعية التي تعيشها البلاد؟ لاشك أن الأعباء ستكون ثقيلة والمسئولية عظيمة والمتاعب مضاعفة والجهود مضنية في سبيل انصاف المظلوم, وإعادة الحق للمكلوم, وإقامة ميزان العدل للقصاص من المعتدي وردع الظالم. من داخل هذا المشهد تنطلق حزمة من التساؤلات والمطالبات إلي ضمير كل قاض يكون المتهم أي متهم بين يديه, فالبرغم من صدور حكم قضائي رادع ضد الطلاب الذين اعتدوا علي مشيخة الازهر بالسجن71 عاما وغرامة46 الف جنيه فيجب أن ينسحب هذا القياس علي القضايا المتشابهة حيث تم الإفراج عن52 من شباب الالتراس الاهلاوي بضمان محل الاقامة عقب تعديهم علي مطار القاهرة, وكيف يستقيم المنطق أن تتحول قضية73 شابا لقوا حتفهم في سيارة ترحيلات, وهم في طريقهم إلي سجن أبو زعبل بعد اختناقهم بالغاز المسيل للدموع, وهم في قبضة الشرطة إلي جنحة وليست جناية؟!. كيف يقبل الضمير أن إحدي الفنانات وبصحبتها مجموعة من المواطنين العرب يخترقون حظر التجوال, وهم سكاري, فيتم الافراج عنهم, بينما غيرهم يتم القاؤه خلف القضبان وأسوار السجون, ولا أريد أن أتطرق إلي الأسماء والشخصيات. الأمثلة كثيرة والنماذج متعددة علي هذا القياس, ومن البديهي أن للناس عيونا وآذانا واحساسا ومشاعر تري وتسمع وتراقب وتقارن وتحلل كل ذلك... فكيف يكون شعور المظلومين وأهاليهم واصدقائهم تجاه المجتمع... لاشك أن احساسا قاتلا سيعمق الشرخ الاجتماعي, انني هنا يقينا وحقا وصدقا لا أدافع عن سلوك إجرامي أو تصرف انتقامي, بل انني ضده بكل اشكاله, ولكنني أنتصر للإنسانية والإنسان أيا كان انتماؤه أو اعتقاده أو توجهاته أو حتي ديانته. فاصل قصير.. بعد ما كتبت عن سرقة التيار الكهربائي عيانا بيانا بشوارع وميادين مصر اتصلت بي مسئولة بشركة كهرباء جنوبالقاهرة لتسألني عن المنطقة التي أقصدها... وقد أصابني السؤال بالإحباط الشديد لأنه يدل علي الغيبوبة التي يعيش فيها هؤلاء وغيرهم من أجهزة الشرطة, وانني علي يقين أن هذه المسئولة تري يوميا مئات الحالات التي تسرق الكهرباء ليس في الشوارع والميادين البعيدة, بل بجوار المبني الذي تمارس فيه العمل بشارع62 يوليو.. اللهم احفظ بلادي. لمزيد من مقالات هانى عمارة