جاء قرار وزارة الأوقاف بمنع غير المتخصصات من العمل بالدعوة وتحفيظ القرآن بالمساجد, وقصر إلقاء الدروس النسائية بالمساجد علي خريجات الأزهر, ليضع حدا لحالة الفوضي والعشوائية التي حدثت خلال الفترة الماضية, بسبب قيام غير المتخصصات بإلقاء الدروس الدينية علي النساء في المساجد, وكذلك العمل بحلقات تحفيظ القرآن الكريم, واستغلال هذه الدروس في تأييد بعض التيارات السياسية. وإذا كان القرار قد وجد ترحيبا من فقيهات الأزهر, فإن علماء الدين بدورهم يؤكدون أن الاستعانة بخريجات الأزهر ضروري, لأن الأزهر يعلم أبناءه الوسطية والاعتدال. وطالبوا بضرورة الالتزام بهذا القرار الذي سيصحح مسار الدعوة النسائية, وسيواجه الأفكار المتشددة التي انتشرت نتيجة عمل غير المتخصصات في الدعوة بمساجد الأوقاف. الكفاءة والتخصص وتقول الدكتورة آمنة نصير, أستاذ الفلسفة الإسلامية جامعة الأزهر, إن الدعوة في أوساط النساء كانت تحتاج وبحق إلي ضوابط واضحة يلتزم بها الجميع, وذلك نتيجة للأخطاء الكثيرة التي كانت تحدث من غير المتخصصات, وتوضح أنها طالبت كثيرا بأن تكون هناك ضوابط في هذا المجال, لأن غير المتخصصات في المساجد أخذن هذا العمل من جانب القيادة أو الوجاهة دون تخصص وعمق في الدراسة, ورغم أنني كنت أشكر للبعض هذا الاجتهاد, فإنني كنت أجد اتصالات كثيرة من بعض السيدات يطرحن أسئلة حول ما يقدم لهن من جانب غير المتخصصات في المساجد, وكنت أجد أن هناك أخطاء كثيرة فيما يقدم من جانب غير المتخصصات, فالدعوة غير الرشيدة لا تتفق مع جلال المساجد, وكان ضروريا أن يتم متابعة الخطاب الديني الذي يلقي علي السيدات في المساجد, وهذه خطوة جيدة قام بها وزير الأوقاف, وذلك ضمن مجموعة القرارات التي اتخذها في الفترة الأخيرة, بهدف ضبط آليات الدعوة والمساجد, وذلك حتي لا تترك المساجد لأصحاب الهوي والفكر المتطرف. عودة للوسطية من جانبها, تؤكد الدكتور مفيدة إبراهيم, عميدة كلية الدراسات الإسلامية والعربية بنات ببني سويف, أن خريجات الأزهر مشهود لهن بالوسطية والاعتدال وعدم التشدد, والمؤكد أن قرار وزارة الأوقاف بالاستعانة بهن لأداء الدروس الدينية والعمل بتحفيظ القرآن بالمساجد, يعد من القرارات التي لابد أن تلقي ترحيبا من جميع فئات المجتمع, لأن الدعوة النسائية في المساجد لها دور كبير في نشر الوسطية والاعتدال, والرد علي القضايا التي تثار من جانب النساء, وعندما تتصدي خريجة الأزهر لهذه المهمة, لابد أن نثق جميعا في أنها ستؤدي المهمة بنجاح, لأن الأزهر معروف بالوسطية والاعتدال, أما غير المتخصصة, فيكون لها توجه سياسي, ورغما عنها فإن هذا التوجه يدفعها لرأي معين. وأضافت: أن كثيرا من المشكلات التي حدثت خلال الفترة الماضية, كانت بسبب هذه التوجهات التي يحاول البعض أن يفرضها, ويهاجم من يختلف معه, لكن خريجات الأزهر يتمتعن بالعلم الديني الغزير, وهذا العلم يتميز بالعمق في اللغة والمفاهيم, لأن الأزهر يدرس المذاهب الأربعة, فعندما تعرض مسألة فقهية علي خريجة الأزهر سوف تعرض آراء الفقهاء في هذه القضية, لكن غير المتخصصة دائما تعمل علي فرض رأي واحد, وتهاجم من لا تلتزم به, وذلك بسبب التعصب لتيار معين, كما أن غيرالمتخصصات لم يدرسن العلوم الشرعية, وهناك فرق كبير جدا بين خريجات الأزهر وغير المتخصصات, والمقارنة هنا تكون بالعلم والتعمق في الدراسة, وليس بالزي أوغير ذلك من المظاهر, ويكفي أن نشير هنا إلي أن خريجة الأزهر تحفظ القرآن الكريم منذ الصغر, وكذلك تدرس علوم القرآن الكريم وأحكام التلاوة والتجويد والتفسير, وعندما تصل إلي الجامعة تدرس العلوم الشرعية بشئ من التخصص, والتخصص هنا يعطي عمقا فكريا ولغويا, وبالتالي نجد أن خريجة الأزهر لديها ثروة فكرية وعلمية وقدرة علي التواصل والدعوة بوسطية واعتدال. تشجيع لطالبات الأزهر وفي سياق متصل, تقول الدكتورة وجيهة المكاوي, الأستاذ المساعد بجامعة الأزهر بالمنصورة, إن الاهتمام بالدعوة النسائية من خلال اختيار الأزهريات سيكون له دور كبير علي المشهد الدعوي بشكل عام, لأن هناك الكثير من القضايا التي تهم المرأة المسلمة تتطلب أن تتصدي لها المتخصصات, وخريحات الأزهرالأحق للقيام بهذه المهمة, بدلا من أن نترك أمر الفتوي فيما يخص قضايا المرأة لغير المتخصصات فيفتين بغير علم. وأكدت أن قرار وزير الأوقاف يحمل تشجيعا معنويا هائلا لطالبات الأزهر, فكل طالبة من طالبات الأزهر سوف تجد نفسها مسئولة عن الدعوة النسائية في المنطقة التي تعيش فيها, وهذا يدفعها لمزيد من التركيز والاهتمام والرغبة في الإطلاع, والمؤكد أن هذا القرار يمكن خريجات الأزهر من العمل بالمساجد الكبري التي تشهد إقبالا كبيرا من الرواد, وهذا ربما يكون وسيلة لاكتشاف المواهب من الداعيات الجدد, وكل ذلك سيخدم الدعوة الإسلامية بشكل عام. مسئولية الأزهر والأوقاف وإذا كان قرار الاوقاف بقصر الدعوة وتحفيظ القرآن بالمساجد, قد وجد ترحيبا من الفقيهات, فإن الفقهاء وأساتذة جامعة الأزهر يؤكدون أن عمل المرأة في مجال الدعوة الإسلامية يرفع الحرج عن كثير من النساء في القضايا اللائي يتحرجن من طرحها علي الرجال, ويري الدكتور عبد الفتاح إدريس, أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر, أن القرار جاء انطلاقا من مسئولية الأزهر والأوقاف في نشر الدعوة الإسلامية, والإشراف علي برامج ودورات التعليم الشرعي وحفظ القرآن الكريم, والمؤكد أن هذا القرار أعاد الأمر إلي أهله, ووضع الأمور في نصابها الصحيح, مشيرا إلي أن الأولي في دعوة النساء تكون لامرأة مثلهن, والتخصص هنا ضروري للغاية, لأنه من القواعد التي قررها الفقهاء أن غير المتخصص يعد كالعدم في وجود المتخصص, ومما لا شك فيه أن المرأة بأحوال أمثالها أبصر وأقدر علي الإفادة من الرجل, وأن المرأة لا تتحرج من سؤال من كان مثلها, وهنا تكون الفائدة في مجال الدعوة أكثر وأنفع, وخريجات الأزهر هن الأقدر علي القيام بهذه المسئولية, لأن الأزهر يحرص علي تعليم أبنائه الوسطية والاعتدال, وهذا المنهج الأزهري المعتدل لا يوجد في أي من الجامعات الأخري, وكل ذلك ضرورة لمواجهة غير المتخصصات من أصحاب التوجهات الأخري, ولابد من دعم خريجات الأزهر والتعاقد معهن للقيام بهذه المهمة الدعوية, وذلك بهدف تربية الأجيال الجديدة علي الفكر الصحيح من غير غلو أو إفراط أو تفريط. من جانبه, يقول الدكتور زكي عثمان, أستاذ الدعوة والثقافة الإسلامية بجامعة الأزهر, إن هناك بعض الداعيات يتشنجن ويتعصبن ويفتين بغير علم, ولذلك لابد أن نقف جميعا وراء هذا القرار, لأن بعض الدعيات يحدثن الفتنة في المساجد, فكم من المعارك حدثت في المساجد بسب الداعيات اللائي ينتمين إلي تيارات مختلفة, مشيرا إلي أنه واجه الكثير من هذه التجارب في عدد من المساجد, وكانت هناك مشكلات كثيرة تحدث نتيجة عدم التخصص, موضحا أن الدعوة تحتاج إلي حركة ومرونة وتيسير بعيدا عن التعصب والصراخ, فليست كل من قرأت كتابين أو ثلاثة كتب تكون داعية, ومن الملاحظ أن بعضا منهن يجلبن إلي المساجد أفكارا عقيمة, ويشتهرن بالجدال الذي يؤدي إلي حدوث انقسام بين السيدات, فعلينا أن نطبق قاعدة( درء المفاسد مقدم علي جلب المنافع).