ما أشبه الليلة بالبارحة في أداء جماعة الإخوان وسلوكها السياسي في لحظات التحول الكبري. فقد أظهرت التفاعلات الأخيرة التي كانت هذه الجماعة طرفا فيها بشكل أو بآخر, وأخرها محاولة د. كمال أبو المجد لإطلاق مبادرة تمهد لحل سياسي, وجود خلاف في داخلها بين من يفضلون فتح منفذ لهذا الحل ومن يغلقون أي باب يمكن فتحه. ورغم أن تفاصيل هذا الخلاف وحدوده لم تتضح بعد, فهو يذكرنا بسلوك الجماعة تجاه ثورة.1952 فعلي غير ما بدا في الأشهر الأولي للثورة, كان هناك خلاف مبكر داخل الجماعة حول الموقف من الزعيم الراحل جمال عبد الناصر. فقد ظهرت ثلاثة اتجاهات رأي أولها عدم تعليق آمال عليه.وكان المرشد حينئذ حسن الهضيبي علي رأس هذا التيار, وراهن الاتجاه الثاني الذي تبنته بعض القيادات الوسيطة علي أن ناصر سيطبق الشريعة في النهاية إذا ساندته الجماعة وصبرت عليه. أما الاتجاه الثالث الذي عبر عنه وكيل الجماعة وقتها عبد القادر عودة فهو الانتظار إلي أن يتضح موقف عبد الناصر وعدم التعجل في اتخاذ موقف تجاهه. غير أن الاتجاه الذي يقوده الهضيبي دفع باتجاه أول أزمة مع قيادة الثورة في ديسمبر1952 عندما رفض مشاركة الإخوان في الحكومة, وقرر فصل أحمد حسن الباقوري عضو مكتب الإرشاد لأنه انضم إليها. ولكن الخلاف الأخطر في تلك المرحلة كان حول دور الجهاز السري المسلح( النظام الخاص), والذي أفضي إلي صراع حاد بين الهضيبي وقائد هذا الجهاز عبد الرحمن السندي. ورغم تعيين قائدين آخرين لهذا الجهاز بين نهاية1952 ونوفمبر1953, لم يتمكن الهضيبي من إبعاد السندي إلا بعد أن تأكدت علاقته مع عبد الناصر, حيث اتجه قدامي الإخوان إلي دعم المرشد في مواجهته. غير أن تصاعد الصراع بين أنصار الهضيبي ومعارضيه أدي إلي ارتباك في صفوف الجماعة أتاح توجيه ضربة قاصمة لها عقب محاولة أحد أعضاء جهازها السري اغتيال عبد الناصر في ميدان المنشية في أكتوبر.1954 فهل يعيد التاريخ نفسه أم يستوعب بعض قادة الجماعة دروس البارحة؟ لمزيد من مقالات د. وحيد عبدالمجيد