9 ملايين مواطن من أصحاب المعاشات أفنوا سنوات عمرهم في خدمة الدولة, وبدلا من أن يعاملوا معاملة آدمية بمنحهم حقوقهم التي خصمت من مرتباتهم طوال الخدمة ليعيشوا حياة كريمة ما تبقي من العمر. يحصلون علي معاشات هزيله لاتكفي أدني متطلبات الحياة والمصيبة أن بعض هؤلاء مازال يعول ابناءه وينفق عليهم, فكيف يعيش بمعاشه الضعيف في ظل جنون الأسعار لكل شيء طعام ودواء. والآن وبعد إقرار الحد الأدني للأجور لماذا لم يتم انصاف أصحاب المعاشات وهم الفئة الأولي بالرعاية وفي حاجة لرفع معاشاتهم ؟ موظف علي المعاش بإحدي الهيئات الحكومية يقول: أصحاب المعاشات في هذا البلد يعاملون مثل خيل الحكومة والفرق بيننا وبين الخيول أنهم يتركوننا نموت بالبطء, فبعد خدمة سنوات طويلة نحصل علي معاش حقير لا يلبي ادني متطلبات المعيشة الصعبة, فأنا لدي سبعة أولاد وبنات منهم من انهي دراسته وزوجت ابنتي بمكافأة نهاية الخدمة ومازلت اعول الباقي وانفق عليهم من معاش قدره ألف جنيه. لاأدري كيف ندبر أمورنا لكننا لا نعرف سوي الضروريات ولا مجال للترف والرفاهية, لكن المأساة أنني مريض ولا استطيع أن اعتمد علي التأمين الصحي ولا استطيع تحمل أسعار الاطباء والأدوية, كنت اتصور انه بعد ثورة25 يناير أن يعاد النظر في المعاشات ورعاية أصحابه ولم يحدث بل زادت الاحوال سوءا بارتفاع الاسعار, والآن بعد رفع الحد الأدني للأجور هل سوف يستمر تجاهلنا وتهميشنا سؤال أوجهه للمسئولين ؟ يقول البدري فرغلي( رئيس اتحاد أصحاب المعاشات): هناك خلل جسيم في منظومة المعاشات وأصحاب هذه الفئة ضحية الأنظمة السابقه ولاتوجد عدالة اجتماعية تشمل اصحاب المعاشات حتي الآن رغم انهم أحق وهذا حقهم الشرعي, ورفع الحد الأدني للأجور يجب ان يواكبه رفع الحد الأدني للمعاشات طبقا للقانون المعاش يساوي80% من الأجر وهذا يعني أن الحد الأدني الذي هو1200 جنيه يساوي حدا ادني للمعاش960 جنيها, ولذلك يجب منح اصحاب المعاشات علاوة استثنائية20% حتي تتم مساواة من حصلوا علي الحد الأدني للمعاشات وأصحاب المعاشات فوق الحد الأدني لأنهما يعانيان من التضخم وارتفاع الأسعار. في الحقيقة أن هناك خمسة ملايين مواطن من أصحاب المعاشات معاشهم أقل من خمسمائة جنيه, ولا يوجد دخل اخر لديهم ولا حوافز ولا بدلات ولا مكافات فهل هذا مقبول ؟هؤلاء لديهم حالة من السخط الشديد بسبب تهميشهم في المجتمع. الكارثة الحقيقية, والكلام مازال للبدري فرغلي أننا نتقاضي المعاشات من ايرادات التأمينات وفوائد الأموال واننا غير مدرجين علي الخزانة العامة للدولة, وان مبلغ التأمينات أكثرمن600 مليار جنيه تعترف الحكومة بمبلغ485 مليار جنيه تحولت إلي حصة ورق في خزانة الدولة والسؤال الذي نوجهه للمسئولين: اين ذهبت اموال التأمينات وحقوق اصحاب المعاشات من عهد يوسف بطرس غالي حتي الآن ؟. إن المعاشات التي تصرفها لنا الحكومة, والتي نعيش عليهاهي فوائد الأموال ولابد من فتح تحقيق لمعرفة مصير الأموال نفسها وأطالب الوزير الدكتور البرعي بابلاغ النائب العام لفتح هذا الملف للتحقيق فيه, ففي الوقت الذي يعاني فيه اصحاب المعاشات من التهميش وعدم حصولهم علي حقوقهم حصل كبار الموظفين,الذين ساهموا في التواطؤ لاخفاء اموال التأمينات, وحتي تقارير الجهاز المركزي للمحاسبات أدانهم ومع ذلك لم تتحرك أي جهة حتي الآن. ضياع أموال التأمينات هي جريمة العصر, وقد قابلت الدكتور البرعي وعرضت عليه ضرورة استعادة اموال التأمينات والمصيبة أنها موزعه ما بين84 مليار جنيه في بنك الاستثمار و165 مليار في الخزانة العامة يستفيد من فوائدها كبار الموظفين, وهناك22 مليار جنيه حقوق غير قابلة للتداول أعطاها وزير المالية الأسبق يوسف بطرس غالي للتأمينات بفائدة17%, والأكثر من هذا17% من أسهم مدينة الانتاج الاعلامي من اموال التامينات ولم نحصل علي عوائدها علي مدي14 عاما الماضية. هناك موظفون كبار في الأنظمة السابقة استفادوا بأموال أصحاب المعاشات الذين يتساقطون من الفقر والمرض ولا يجدون ثمن الدواء ولا الطعام, أصحاب المعاشات ضحايا كل النظم والثورات لم تمر عليهم ولم تنصفهم, والحكومة تنظر لنا علي إننا درجة ثانية وتلك هي المأساة ونتوجه باستغاثة لرئيس الجمهورية لإنقاذ9 ملايين مواطن يعيشون تحت خط الفقر. يواصل البدري فرغلي كلامه قائلا: نحن نتحدث علي رفع الحد الأدني للمعاش ولا نتحدث عن السقف أو الحد الأقصي لأن القوانين الموجودة تسمح بالتضييق علي المعاش لدرجة ان المدير العام يحصل علي معاش يساوي10% فقط مما كان يتقاضاه في اثناء الخدمة ولذلك يعتبر بلوغه المعاش بمثابة خروجه للموت ومعاشه لا يزيد علي925 جنيها ولو تسول لحصل في الشهر علي ضعف هذا المبلغ. الحل رفع تدريجي للمعاشات الصغيرة يشرح محمد طلعت أسماعيل, المسئول السابق عن صندوق التأمينات والمعاشات, والذي كان شاهد عيان علي هذا الموضوع سواء للقطاع الحكومي أو القطاع الخاص يقول: من الثمانينات والتسعينيات أموال التأمينات كانت تتناقص لأسباب عديدة أولها أن الدولة كانت تقترض من بنك الاستثمار لسد عجز الموازنات المتتالية, ايضا هناك وزارات خدمية الدولة تدفع مصاريفها ورواتبها من أموال التأمينات, ثالثا هناك العمالة غير المنتظمة مثل البائع المتجول والمزارع وهم تسع فئات تندرج تحت هذه العمالة وفقا للقانون يدفع اشتراكا شهريا عشرة قروش اي خمسة ملايين جنيه سنويا هؤلاء الدولة تدفع لهم سنويا معاشات قدرها مليار و600 مليون جنيه يؤخذ من أموال التامينات. طبعا الكلام عن المعاشات مرتبط بالتأمينات وأنا كتأمين اجتماعي مسئول عن ربط المعاش وفقا للدراسة الاكتوارية والقانون79 لسنة1975 أن التأمينات تتحمل المعاش عند الربط وأي زيادة تقررها الدولة لأصحاب المعاشات تدفعها التامينات نيابة عن الدولة وتعتبر دينا عليها. في عام2007 تم عمل صك بمبلغ189 مليار جنيه بفائدة8,5% لمدة خمس سنوات وهو سعر الفائدة السائد, وقتها استطعنا أن نحصل كل أول شهر علي680 مليون جنيه لصندوق تأمينات القطاع الخاص و700 مليون جنيه للصندوق الحكومي ساعدتنا في صرف المعاشات ووقف نزيف الفوائد الدفترية. وعندما جاء حكم المحكمة الدستورية برفع الظلم الذي كان واقعا علي أصحاب المعاش المبكر كلف الدولة4 مليارات جنيه أيضا سدد من أموال التأمينات. قرار رفع الحد الأدني للأجور في تصوري ستكون له اثار سلبية بأنه سيؤدي إلي تهرب اصحاب الاعمال من التامين علي العمالة والاستغناء عن بعضها لان تكلفة التأمين عاليه جدا تعادل40% من الراتب وأين الاموال التي ستغطي رفع الحد الأدني. لكن بالنسبة للمعاشات من وجهة نظري يمكن رفع المعاشات الصغيرة الأقل من500 جنيه بشكل متدرج علي عامين أو ثلاثة وتوصيلها إلي600 جنيه بعد اجراء دراسة اكتوارية, وهكذا يتم رفع المعاش بنسبة التضخم فلو زادت الأسعار بنسبة22% يرفع المعاش بنفس النسبة ويرفع المعاش سنويا20% بدلا من10% حتي يتحقق التوازن بين الإنفاق والمعاش أما مسألة الحد الأقصي أو سقف المعاش ومحاولة تحريكه أو رفعه فهذا صعب لوجود حد أقصي للأجور المؤمن عليها.