السيسي يتفقد الأكاديمية العسكرية بالعاصمة الإدارية ويجري حوارًا مع الطلبة (صور)    أبو الغيط من بغداد: جريمة الإبادة في غزة ألقت عبئا ثقيلا لا يمكن تحمله    ب«تكريم 300 من الرواد».. «عمومية أطباء القاهرة» تعتمد ميزانية 2023 (تفاصيل)    وزير التعليم العالي يتفقد الجامعة المصرية اليابانية للعلوم والتكنولوجيا.. صور    وحدة الدعم الفني بالإسكان تتابع موقف مشروعات المنصورة الجديدة    نائب بالشيوخ: الترويج للمقصد السياحي السبيل الأمثل لنمو عائدات السياحة    أسعار الخضار والفاكهة في أسواق أسيوط اليوم السبت    بني عبيد في الدقهلية تنضم لحملة "خليها تعفن"    توريد 189271 ألف طن قمح للشون والصوامع بالشرقية    هيئة البث الإسرائيلية: مصدر مُطلع يرجح التوصل لاتفاق خلال أيام رغم تحفظ نتنياهو    الاحتلال يقصف منشآت تابعة ل"حزب الله" جنوبى لبنان    معهد العلوم السياسية في باريس يعلن التوصل لاتفاق مع طلاب دعم غزة.. تعرف على نصوص الاتفاق    مستشار الرئيس الفلسطيني: نحن أمام كارثة ومأساة متفاقمة تزداد يوما بعد آخر    بعد اعتراضه على كولر.. موقف الأهلي من معاقبة عمرو السولية (خاص)    ظهور عمر مرموش| موعد مباراة بايرن ميونخ وفرانكفورت.. المعلق والقنوات الناقلة    خالد بيبو: لست ناظر مدرسة «غرفة ملابس الأهلي محكومة لوحدها»    «شريف ضد رونالدو».. موعد مباراة الخليج والنصر في الدوري السعودي والقنوات الناقلة    خطوة بخطوة.. طريقة الاستعلام عن المخالفات المرورية    "الطقس اليوم" أجواء ربيعية ممتعة وأمطار رعدية في بعض المناطق بمصر    استمرار حبس عاطلين وسيدة لحيازتهم 6 كيلو من مخدر البودر في بولاق الدكرور    الحكم علي المتهمين في قضية تنظيم اغتيال الإعلامي أحمد موسي    تموين المنيا: ضبط 72 مخالفة خلال حملات تفتيشية على المخابز البلدية والأسواق    خبير تكنولوجيا: 70% من جرائم الإنترنت سببها الألعاب الإلكترونية    «الداخلية»: ضبط قضايا اتجار في النقد الأجنبي ب15 مليون جنيه خلال 24 ساعة    بعد تصدرها التريند حول انفصالها من أحمد السقا .. مها الصغير تكشف سبب الشائعات (القصة الكاملة)    وزيرة التضامن من الإسكندرية للفيلم القصير : فخورة بتقديم برنامج سينما المكفوفين    الليلة.. أحمد سعد يحيي حفلا غنائيا في كندا    عمرو دياب يشعل أجواء حفله بالبحرين    وزارة الصحة: فرق الحوكمة نفذت 346 مرور على مراكز الرعاية الأولية لمتابعة منظومة صرف الألبان وتفعيل الملف العائلي    «تجاوزت 70%».. طلب إحاطة برلماني يحذر من تزايد معدلات الولادة القيصرية    قبل مواجهة الترجي.. ماذا يفعل الأهلي في نهائي أفريقيا أمام الأندية العربية؟    دار الإفتاء: 6 أنواع لحسن الخلق في الإسلام    أفضل دعاء تبدأ وتختم به يومك.. واظب عليه    محافظ أسيوط يتابع استعدادات مديرية الشباب والرياضة للفعاليات والأنشطة الصيفية    انطلاق دورة مهارات استلام بنود الأعمال طبقا للكود المصري بمركز سقارة.. غدا    نظام امتحانات الثانوية العامة في المدارس الثانوية غير المتصلة بالإنترنت    بعد بقاء تشافي.. نجم برشلونة يطلب الرحيل    زلزال بقوة 4.1 درجة يضرب شرق تركيا    «الزراعة» تنفي انتشار بطيخ مسرطن بمختلف أسواق الجمهورية    السبت 27 أبريل 2024.. نشرة أسعار الحديد والأسمنت اليوم    كيف أدَّى حديث عالم أزهري إلى انهيار الإعلامية ميار الببلاوي؟.. القصة كاملة    برج الثور.. نصيحة الفلك لمواليد 27 أبريل 2024    المقاولون العرب" تنتهي من طريق وكوبري ساكا لإنقاذ السكان بأوغندا"    وزير الخارجية يتوجه إلى الرياض للمشاركة في أعمال المنتدى الاقتصادي العالمي    هيئة كبار العلماء: الالتزام بتصريح الحج شرعي وواجب    الإمارات تستقبل 25 من الأطفال الفلسطينيين الجرحى ومرضى السرطان    قبل 3 جولات من النهاية.. ماهي فرص "نانت مصطفى محمد" في البقاء بالدوري الفرنسي؟    خبير أوبئة: مصر خالية من «شلل الأطفال» ببرامج تطعيمات مستمرة    إطلاق قافلة طبية بالمجان لقرية الخطارة بالشرقية ضمن مبادرة حياة كريمة    علي جمعة: الشكر يوجب على المسلم حسن السلوك مع الله    إشادة دولية بتجربة مصر في مجال التغطية الصحية الشاملة    حكم الشرع في الإسراع أثناء أداء الصلاة.. دار الإفتاء تجيب    "كنت ببعتله تحياتي".. كولر يكشف سر الورقة التي أعطاها ل رامي ربيعة أثناء مباراة مازيمبي    عمل نفتخر به.. حسن الرداد يكشف تفاصيل مسلسل «محارب»    يسرا اللوزي تكشف سبب بكائها في آخر حلقة بمسلسل صلة رحم.. فيديو    الدكتور أحمد نبيل نقيبا لأطباء الأسنان ببني سويف    السيسي محتفلا ب"عودة سيناء ناقصة لينا" : تحمي أمننا القومي برفض تهجير الفلسطينيين!!    مقتل 4 عمّال يمنيين بقصف على حقل للغاز في كردستان العراق    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الانهيار بدأ من هنا(3)

لماذا تحولت مؤسساتنا التعليمية إلي دواوين إدارية ولم تعد مراكز إشعاع فكري وتنويري وروافد لحركة البحث العلمي في بلادنا؟
حدث ذلك ويحدث وسوف يظل يحدث لعدم وجود رؤية إصلاحية جذرية بعيدة المدي. نظام التعليم في مصر لم يعد يحتمل الإصلاحات الجزئية أو الإصلاح بالترميم أو بالقطعة أو بالتجميل لكنه يحتاج إلي إصلاح جذري شامل. مثل هذا الإصلاح يخشي كثير من المسئولين وصناع القرار الإقدام عليه لأكثر من سبب. فهذا الإصلاح الجذري ذو ثمن سياسي قد يدفعه المسئول أو صاحب القرار من عدم احتفاظه بمنصبه أو إيقاف طموحاته الشخصية أو تحمل رد الفعل الشعبي الغاضب إزاء نتائج الإصلاح الجذري علي المدي القصير. من هنا تصبح الرغبة في البقاء بالمنصب ومحاولة إرضاء الجميع أقوي من دوافع الإصلاح. لعل هذا ما يفسر لنا مثلا أن أيا من حكوماتنا المتعاقبة لم تحاول قط تطوير نظام القبول بالجامعات الذي أصبح ينتمي بكل المقاييس لعصر اندثر في كل الدول المتقدمة بل وكثير من الدول الناهضة.فالسلبيات الكثيرة لهذا النظام أصبحت معروفة وبدائله متاحة وممكنة لكنه الخوف من الإصلاح الجذري وتبعاته. وقس علي ذلك في أمثلة أخري كثيرة.
لهذا يؤثر كثير من المسئولين إرجاء حسم قضايا الإصلاح الكبري وتسكينها وتوريثها إلي المسئول الذي سيأتي بعدهم يوما.يترتب علي ذلك أن المشكلة الواحدة تتراكم وتتعقد وتتفاقم فيهرب منها كل مسئول تاركا إياها لتوقيت لا يجيء أبدا, وهكذا. ومن المفارقة أننا نلوم الحكومة الانتقالية علي عدم حسمها الكثير من القضايا والملفات العالقة ناسين أنه حتي وقت قريب كان لدينا وزراء استمروا في مناصبهم لأكثر من عشرة أعوام وعشرين عاما ومع ذلك لم يقتربوا من القضايا والمشكلات المزمنة في التعليم تأو غيره من المجالات. كان الحرص علي الاستمرار في نعيم المنصب الوزاري أقوي من أي دافع وطني للإصلاح. بالطبع لم يخل تاريخ التعليم في مصر بل وتاريخ مصر كلها من مصلحين كبار لكنهم لم يحصدوا في حياتهم سوي المعاناة والرفض والتشكيك ولم ينصفهم التاريخ إلا بعد مغادرتهم المنصب أو بعد وفاتهم. وكان أبرز هؤلاء المصلحين الكبار هو باني الدولة المصرية الحديثة نفسه محمد علي باشا الكبير الذي أمضي أواخر أيام عمره وحيدا حبيس قصره.
أحد الأسباب الأخري لانهيار التعليم في مصر هو ان المسئول الذي يعهد اليه بهذه المهمة الثقيلة يفتقد مناخ الإصلاح ذاته. وأقصد بمناخ الإصلاح هنا توفير البيئة المشجعة والمؤازرة لعملية الإصلاح الجذري الشامل. فمن المؤكد أن لدينا في مصر من القيادات والكفاءات الأكاديمية والتربوية من يمتلك روشتة لإصلاح نظام التعليم ويعرف جيدا مواضع الخلل والانهيار في كل جوانب المنظومة التعليمية. لكن المشكلة ان بعض المسئولين يخاف من وضع يده داخل أعشاش الدبابير التي يكمن داخلها جماعات وشلل وقوي تتعارض مصالحها الخاصة( وهي في الغالب مصالح غير مشروعة) مع أي إصلاح جذري هدفه المصلحة العامة. ففي مصر يوجد في كل مؤسسة كبيرة او صغيرة زعشس ما للدبابير تضم شبكة متضامنة ومتوحدة من جماعات المصالح. مثل هذه الشبكات إما أن تنجح في إفساد المسئول الكبير وتشركه معها في لعبة اقتسام الغنائم أو غيرها من الألعاب غير النظيفة وإما أن تحيل حياته الي جحيم. هذا هو الجيش الخفي للفساد.
ولعل هذا ما يفسر لنا مثلا أن أحدا من المسئولين المتعاقبين عن التعليم في مصر لم ينجح يوما في مواجهة تشبكات الدروس الخصوصية والتي تحولت الي تعليم مواز للمؤسسة الرسمية بكل معني الكلمة او مواجهة شبكة المنتفعين بالكتاب المدرسي الذي لا يقرأه أحد لكنه يكلف خزانة الدولة أكثر من مليار جنيه سنويا تضيع هباء. إن مصالح لوبي الكتاب المدرسي وتقاطعها مع مصالح لوبي الكتاب الخارجي المساعد ليست أكثر من عش كبير للدبابير يمكن أن يلدغ اي يد إصلاحية تقترب من بيضه الثمين.
يعرف كثير من المسؤولين في مصر هذا الواقع جيدا. لكن من النادر أن يخرج مسؤول كبير لمواجهة أعشاش الدبابير في وزارته او مؤسسته. نذكر كيف حاول وزير سابق للتعليم مواجهة أعشاش دبابير الدروس الخصوصية لكنه سرعان ما تراجع خشية أن يفقد منصبه نتيجة هياج الدبابير! ثمة حكاية أخري شهيرة في مصر كان رجل مغوار بطلها هو اللواء المرحوم أحمد رشدي وزير الداخلية الأسبق منذ ثلاثين عاما. قرر هذا الوزير الشجاع مواجهة شبكة أباطرة تجارة المخدرات في مصر جاعلا من هذه المهمة أولوية في سياسته الأمنية. وحين اشتدت حملاته الأمنية علي هؤلاء الأباطرة بدا وكأنه وضع أصابعه في عش كبير للدبابير. ولهذا يردد الكثيرون أن أحداث تمرد جنود الأمن المركزي عام 1986 والتي فقد بسببها الوزير منصبه لم تكن بعيدة عن تخطيط وتدبير أباطرة المخدرات انتقاما من المسئول الذي جرؤ علي خرق إحدي قواعد اللعبة. وكم في مصر من قواعد للعبة تحتار في فهمها العقول.
لهذا يعتنق كثير من المسئولين عن نظام التعليم ما يمكن تسميته بفكر إيثار السلامة وهو فكر يجعل من الزمن عاملا لحل المشكلة حتي تموت او ينساها الناس. لكن الذي يحدث في مصر أن الزمن لا يميت المشاكل والأزمات أبدا بل يفاقم من حدتها ويزيدها احتقانا. فكر إيثار السلامة هو فكر سلبي وعدمي وأناني آخر همه هو مصلحة الوطن أو المؤسسة.
-------------
يقول الشاعر الراحل أمل دنقل
قولي من أين/ الصمت شظايا/ والكلمات بلا عينين/ لملمني الليل وأدخلني السرداب/قدماي نسيتهما عند الأعتاب/ ويداي تركتهما فوق الأبواب/ إنك لا تدرين/ معني أن يمشي الإنسان/ ويمشي/ بحثا عن إنسان آخر/ست
لمزيد من مقالات د. سليمان عبد المنعم


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.