في الوقت الذي تتشدق فيه الكثير من وسائل الاعلام الغربية, بالشفافية والمصداقية, نجد ان هناك من يري الأمر بشكل مغاير تماما, منهم خبراء أمنيون يرون أن قدرا كبيرا من الإعلام الغربي والأمريكي تحديدا قد تم اختراقه بشكل ممنهج من قبل تنظيم الإخوان المسلمين الدولي, ويؤكد خبراء أمنيون عملوا سابقا في مكتب التحقيقات الفيدرالي, أن لوبي ضخما وعنكبوتي كونه التنظيم علي مدار عقود, داخل الولاياتالمتحدة, يري أن الإعلام والجمهور الأمريكي, من السذاجة بحيث يسهل التلاعب به, وأن هذا اللوبي قد وضع استراتيجية طويلة المدي للسيطرة علي وسائل الإعلام الأمريكية, والتغلغل داخل الجامعات والمراكز البحثية, من خلال الترويج لأكذوبة إنهم أصحاب النهج الإسلامي المعتدل القادر علي القضاء علي التطرف الديني. وفقا لمحلل الأمن القومي الأمريكي ومكافحة الإرهاب, رايان ماورو, فإنه في ظل خطة التغلغل هذه, نجد أن مجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية( كير) واحد من أبرز تلك المؤسسات التي خرجت من عباءة التنظيم الدولي للإخوان, والذي تمكن عبر عقود من التغلغل بقوة داخل الولاياتالمتحدة, ونشرت صحيفة واشنطن تايمز, انه تم الكشف عن وثيقة تم الحصول عليها عام2001, تعرض ببساطة استراتيجية اختراق وسائل الإعلام الأمريكية, وتركز هذه الاستراتيجية بشكل أساسي علي أن الإعلام الأمريكي عادة ما ينجذب نحو تغطية الأخبار التي تخص المسلمين الأمريكيين أو المسلمين في الولاياتالمتحدة, خاصة بعد أحداث11 سبتمبر مع استغلال لمصطلح الإسلاموفوبيا الذي هو كما يتصور العديد من المحللين اختراع إخواني, كان الهدف منه بالأساس أن يتم التعامل بقدر كبير من التساهل مع انشاء العديد من الكيانات التابعة لهم واللعب علي وتر عدم التمييز الديني أو العرقي داخل الولاياتالمتحدة, ومع حقيقة ان المراسل الصحفي غالبا ما يكون مضغوطا بسبب الوقت وبسبب سرعة انتشار الأخبار, فإنه سيضطر إلي الحصول علي المعلومة التي تقدم له من قبل المؤسسات والجمعيات الإسلامية دون تمحيص حتي يكون أول من غطي الخبر, خاصة أن الخبر لا يجب ان يتضمن قصة دقيقة بل المنتظر منه ان يعطي مجرد نظرة عامة وسريعة عن حدث ما, ويؤكد ماورو أن لدي مجلس العلاقات الإسلامية الأمريكية مئات المكاتب في جميع انحاء الولاياتالمتحدة, كما ان له اعضاء بارزين في هيئات التدريس في معظم الجامعات الأمريكية مهمتهم, تطوير علاقات شخصية مع مصادر إعلامية, كما يعتمد المجلس علي أن المراسل الصحفي في أمريكا يعتبر المجلس والمؤسسات التابعة له مصدرا إعلاميا بارزا وانه غالبا المتحدث الرسمي باسم المسلمين الأمريكيين, وهو ما يخالف الواقع والذي رفضه العديد من المسلمين واكدوا انه لا يعبر عنهم, لكنه أصبح في الآونة الأخيرة هو المصدر الذي يصيغ القصة الصحفية ويعتبره غالبية المراسلين الصحفيين بمثابة كنز القصص الصحفية لجميع وسائل الاعلام الأمريكية كما يصفه بعض الخبراء لاسيما مع تخوف هؤلاء المراسلين من غير المسلمين من سرد حدث قد يتضمن ما يتنافي مع المبادئ الإسلامية أو مع النص القرآني, وهو ما كان يثير غضب المسلمين الامريكيين. ويذكر ان ثروت حسين وهي نائبة رئيس مجلس إدارة كير كانت قد تحدثت في عام2008 داخل مؤتمر اقامته الجمعية الاسلامية في امريكا الشمالية(ISNA) بولاية تكساس, وهي ايضا احدي الكيانات التابعة لتنظيم الاخوان, كانت قد اتهمت في قضية تمويل للارهاب, قالت ثروت: وسائل الاعلام في الولاياتالمتحدة في غاية السذاجة.. انهم يبحثون عن اي قصة تخص المسلمين, واذا وجدوا ان لديك ما تقوله لهم, فسوف يهرعون اليك.ووفقا لما جاء في موقع المجلس علي شبكة الانترنت, فإن ثروت تعمل في مشروع تطوير وسائل الاعلام في ولاية تكساس, وتنشر اكبر صحيفة إسلامية هناك, كما أنها كاتبة مقال لصحف محلية منها اكسبرس نيوز. يذكر انه في عام1993, عرض مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي, تسجيلا سريا لاجتماع بين قيادات الإخوان وحماس في مدينة فيلادلفيا, حضره اثنان ممن سيصبحون مؤسسي مجلس العلاقات الاسلامية الامريكية في المستقبل, وكان من بين المواضيع التي تمت مناقشتها, الحاجة الي بناء جبهة جديدة نظيفة امنيا يمكنها التأثير علي وسائل الإعلام, مع الاعتماد علي عنصر الخداع ك تكتيك اساسي, في هذا الاجتماع تحدث الناطق باسم حماس وقتها, الدكتور عبد الحليم الاشقر, الذي نال فيما بعد حكما بالحبس11 عاما في2007 لاتهامة بقضية تمويل الارهاب, عن ضرورة تشكيل الرأي العام الأمريكي, وتوجيه رؤية الأمريكيين للتعامل مع الإسلاميين, وأضاف ان هذا احد أهم أهداف المرحلة, ويجب الاشارة هنا الي اننا بطبيعة الحال لا نتحدث عن اهمية ان تفهم المجتمعات الغربية حقيقة الدين الاسلامي ونهجه السلمي, لكننا نتناول الصيغ الارهابية التي اقحمت علي طبيعته السمحة. في العام التالي اسست كير أي في عام1994 بهدف تمكين الاخوان الامريكيين من المشاركة في الحياة السياسية الامريكية ويديره القيادي الاخواني الفلسطيني, نهاد عوض وزعيمها الروحي هو الشيخ يوسف القرضاوي, واصبح المجلس الهيئة الرسمية التي يعتمد عليها في ادارة الحوار مع الاسلاميين, كمحور اساسي في اشكال التفاوض الذي تديره الادارة الامريكية مع الجهاديين. ثم قدم مكتب التحقيقات الفيدرالي في عام2001 وثيقة أخري تابعة لتنظيم الإخوان العالمي ترجع إلي عام1982 وقد تم العثور عليها في سويسرا, بعنوان المشروع جاء فيها ضرورة إيجاد تأييد شعبي كبير داخل الولاياتالمتحدة لافكار الاخوان التي اسموها ب المعتدلة؟! وجاء فيها أهمية التركيز علي اختراق وسائل الإعلام الكبري, وجاء في مذكرة أخري صدرت عام1991 وتم ضبطها من قبل مكتب التحقيقات الفيدرالي بولاية فيرجينيا, تنص علي ان العمل للتأثير داخل الولاياتالمتحدة هو نوع من الجهاد الأكبر كما تم الكشف عام2004 عن مذكرة اخري غير مؤرخة ترجع للتنظيم العالمي للاخوان بولاية فيرجينيا, وهي بعنوان مراحل الخطة العالمية للحركة السرية وذلك عندما داهم مكتب التحقيقات الفيدرالية منزل احد قيادات الاخوان هناك, في اطار التحقيق في قضية تمويل إرهاب هي الأشهر في التاريخ الأمريكي الولاياتالمتحدة ضد مؤسسة الارض المقدسة وتسرد مراحل عمل الاخوان بشكل عام لا تتحدث عن الولاياتالمتحدة فقط ويأتي بها ضرورة العمل بسرية تامة والاعتماد علي الخداع الاستراتيجي, وكيف ان وسائل الاعلام تلعب دورا محوريا في هذا التخطيط, وتتضمن المراحل, ضرورة كسب تأييد الرأي العام وإشعاره بالتعاطف, ثم تأتي مرحلة التصعيد, قبل نشوب الصراع والمواجهة مع الحكام, وفي المذكرة ايضا ضرورة الاستفادة من وسائل الاعلام الغربية في هذه المرحلة, جاء ايضا' ضرورة احتواء العناصر المؤثرة في المجتمع, من أجل الاعداد الكامل لمرحلة ما سمي ب الزلزال الذي سيهز الحكومات, والذي سيمهد للمرحلة الاخيرة وهي الاستيلاء علي السلطة. من ناحية اخري يكشف, جون جواندولو, وهو عميل سابق في مكافحة الارهاب بمكتب التحقيقات الفيدرالية تخصص في متابعة تنظيم الاخوان داخل الولاياتالمتحدة, وصدر له مؤخرا كتاب' فهم حركة الاخوان المسلمين في أمريكا', أن المجتمع الإسلامي في الولاياتالمتحدة يقوده التنظيم العالمي للاخوان وهذا يفسر لماذا يتصدر الاخوان المشهد في البيت الأبيض, فهم من يمثل المسلمين الأمريكيين داخل الإدارات الأمريكية المتعاقبة منذ الستينيات, وقد استقر الاخوان اولا في ولاية انديانا وميتشيغان والينوي, وهو ما يفسر لماذا تقع في هذه الولايات اكبر مؤسساتهم, ومنها المقر الرئيسي للجمعية الإسلامية لأمريكا الشمالية بولاية انديانا, في حين تمثل شيكاغو اكبر تجمع لفرع حركة حماس التابع للتنظيم الدولي للإخوان. وفي الكتاب يسرد جواندولو, كيف قام الإخوان مع بداية الثمانينيات بتشكيل الأسر في جميع أنحاء الولاياتالمتحدة, وكيف كانت مهمة كل أسرة تأسيس نفسها في المنطقة والتأثير علي اكبر عدد من المحيطين من السكان, والاهتمام بالقادمين الجدد التابعين للجماعة الي الولاياتالمتحدة ومتابعة شئونهم, هذه الاسر شكلت جيوبا صغيرة, للقيام بأنشطة علي نطاق ضيق, منها انشاء المدارس والمساجد والعيادات والملاجئ, لتوسيع نفوذهم داخل المجتمع, وقبلها كان دور تأسيس عدة منظمات ومؤسسات من ابرزها واولها رابطة الطلاب المسلمين(MSA) التي أسسها الإخوان ما بين عامي1962-1963, والتي تعتبر من اهم المؤسسات التي نجحت في اختراق الجامعات الامريكية, وخرج منها حاليا نحو600 رابطة طلابية, ثم خلال الثمانينيات تم تأسيس العديد من هذه المؤسسات لتصل كما يري المحلل الي اكثر من الفي كيان تابع للاخوان. ويري جواندولو, أن جماعة الإخوان قد نجحت بعد نحو50 عاما من العمل المنظم داخل الولاياتالمتحدة, في تنفيذ اكبر قدر من خططها الاستراتيجية, فهي قد نجحت في نهاية المطاف في التغلغل داخل الإدارة الأمريكية الحالية, وداخل الكونجرس ودفعته لتنفيذ خططه للتمكين ثم كسب التعاطف معها من خلال وسائل الاعلام المختلفة, وان كانت قد خسرت الرهان علي مصر التي رفضت وحاربت هذا المخطط, الذي خططه له الإخوان من قبل الولاياتالمتحدة لتأسيس نظام عالمي جديد هم فيه علي رأس السلطة في الشرق الأوسط, وتمكنوا بنجاح من ان يجعلوا الادارة والاعلام الامريكي البوق الذي يروج ويدعم هذا الهدف.