حالة الفوضي التي تشهدها الاسواق علي مدي سنوات طويلة اصابت المستهلكين والمنتجين في الوقت نفسه بأضرار بالغة واصبح التعامل معها يحتاج الي قرارات حاسمة حقيقية لوقف نزيف الخسائر اليومية سواء في الخضر والفاكهة او الحبوب والثروة الحيوانية التي تدهورت بشكل كبير. وتسبب حالة الفوضي في ارتفاعات سعرية غير مبررة علي كافة الاصعدة والمستفيد الوحيد هم مجموعة من السماسرة والوسطاء والذين يبالغون في الاسعار حتي اصبحت الفروق السعرية ما بين التكلفة الحقيقية للمنتج واسعار المستهلكين اضعافا مضاعفة لايقوي علي مواجهتها اسعار استرشادية او تسعيرة جبرية, ولكن الامر يحتاج الي ارادة سياسية ومجتمعية لتنظيم الاسواق وفق النظم العلمية الحديثة وتجارب الدول الاخري والتي سبقتنا في هذا المجال. وسبق وان طرح الاتحاد العام للغرف التجارية علي حكومات سابقة والحكومة الحالية ايضا البدء في انشاء بورصات سلعية كأحد الحلول العلمية والعملية لتنظيم تداول السلع بالاسواق مستفيدة بالتجارب العالمية, ولكن ظل مشروع انشاء البورصات حبيس الادراج حتي الان رغم توافر مساحة انشاء اول بورصة سلعية بمحافظة البحيرة علي مساحة57 فدانا كأول بورصة تنشأ للخضر والفاكهة باعتبار ان البحيرة احد اهم المحافظات المنتجة للخضر والفاكهة, علي ان يتبعها انشاء بورصات اخري نوعية في المحافظات الاخري. ويؤكد فتحي مرسي رئيس الغرفة التجارية بمحافظة البحيرة أنه تم بالفعل التنسيق مع غرفة الاسكندرية لإنشاء أول بورصة سلعية علي مساحة57 فدانا, وبتكلفة280 مليون جنيه يتم تغطيتها بالتمويل الذاتي دون الحاجة الي اي مساعدات حكومية, ولكن مازال المشروع متوقفا منذ عام2009 رغم الحصول علي موافقات المحافظ والذي اعتبرها احد المشروعات القومية المهمة للمحافظة حيث ستوفر نحو3 الاف فرصة عمل بخلاف الفوائد الاقتصادية التي ستعود علي المجتمع بشكل عام, كما وسبق الحصول علي موافقة وزارة التجارة والتي علي ضوئها تم اتخاذ اجراءات شراء الارض, الا ان المشروع والذي تقدم للاستثمار فيه360 شخصا متوقف بسبب عدم الحصول علي موافقة وزارة الزراعة. وقال ان المشروع متكامل يضم8 افدنة لاقامة البورصة بالاضافة الي تخصيص مساحات لانشاء محطات تصدير وثلاجات وتخصيص14 فدانا لانشاء80 مصنعا للتعبئة والتغليف والتصنيع الزراعي, لافتا الي انه تم تقديم دراسة شاملة حول المشروع لوزراء التجارة والصناعة والتنمية المحلية والتموين للتدخل لانهاء الاجراءات الروتينية لسرعة البدء في عمل المشروع, ولمساعدة الحكومة في اعادة ضبط الاسواق والسيطرة علي الانفلات السعري, ومازلنا منتظرين التدخل الحكومي؟!. وحول اهمية البورصات السلعية يؤكد احمد الوكيل رئيس اتحاد الغرف التجارية ان البورصات السلعية تساعد في تحديث منظومة التجارة وضبط الاسواق, مع دعم صغار المزارعين, وتوفير آلية تمويلية مبسطة لهم, مشيرا الي انها تقدم خدمة للتجار وتمنع الممارسات الاحتكارية, حيث تضع مستويات جودة معتمدة للمنتجات الزراعية باسعار متدرجة واقعية, مما يدعم آليات السوق الحرة بين العرض والطلب في إطار من الشفافية مما يساعد ايضا علي تنمية الصادرات. واوضح انها تنظم وتنمي التعاقدات الآجلة لتحقيق استقرار الاسعار علي مدار السنة, كما تمكن متخذي القرار من الحصول علي معلومات جغرافية دقيقة عن حجم الانتاج وتطور الاسعار وتوافر السلع, مما يعاون في التخطيط الزراعي والصناعي والاستيرادي. وحول آلية عمل البورصة يقول ان البورصات علي المستوي العالمي تتعامل في الحبوب, ومنتجات الحبوب, والبقوليات والمنتجات الزراعية الجافة, والالبان ومنتجاتها, الدواجن والماشية واللحوم, والخضر والفاكهة. ويكون البيع اما فوريا من خلال المزايدة لسلع معروضة بالبورصة وتم فحصها وتحديد درجة جودتها, او آجلا من خلال المزايدة للمنتج بدون تحديد الجودة اوالكمية الفعلية, ولكن يتفق علي سعر الوحدة والكمية التقديرية ومكان التسليم واسلوب السداد والتاريخ المبدئي للتسليم. وتقوم البورصات باخذ عينات عشوائية يتم تحليلها بمعامل معتمدة داخل البورصة, ثم اصدار شهادة بدرجة الجودة والكمية المعروضة, ثم تعرض البيانات علي شاشة البورصة لتبدأ المزايدة لتباع بأعلي سعر مما يحقق افضل عائد للمزارع الصغير الذي لا يملك قدرات تسويقية. وعند توقف ارتفاع السعر, يكون للبائع الحق في قبول او رفض البيع بذلك السعر, وفي حالة الرفض يقوم بسداد رسوم التحليل والدخول بالمزايدة ويتم التعاقد والسداد ويحصل المشتري علي شهادة بمستوي جودة المنتج لاستخدامها تسويقيا, وفي حالة عدم البيع, يحصل البائع علي الشهادة التي تمكنه من الحصول علي تمويل من البنوك عند وضع البضاعة في مخازن معتمدة ويعرض باستمرار بالجزء السفلي للشاشة الاسعار التي تم البيع بها لكل منتج ودرجة جودة ذلك المنتج مما يساعد البائع والمشتري علي معرفة اتجاهات السوق. كما يصدر عن البورصة عند الاقفال نشرة تتضمن كافة التعاملات توضح الكميات والاسعار( متوسط وادني واعلي سعر) لكل درجة جودة من كل صنف. كما تصدر نفس النشرة علي مستوي الاسبوع والشهر والسنة.