الكثير من الأسباب جعلتها سيدة المهام الصعبة, فهي تحمل واحدة من أصعب الحقائب الوزارية في العالم فهي المسئولة عن حماية الأمن في بريطانيا, بل المرشح الأوفر حظا لخلافة ديفيد كاميرون في زعامة حزب المحافظين بعد تدهور شعبيته أخيرا. كما حلت في المرتبة الثانية علي لائحة أقوي السيدات في بريطانيا بعد الملكة إليزابيث بحسب أخر استطلاع للرأي أجرتههيئة الإذاعة البريطانية' بي بي سي', إنها تيريزا ماي وزيرة الداخلية البريطانية. فقد شهدت الفترة الماضية محاولات مستميتة من حزب المحافظين في بريطانيا لتعزيز موقف ماي لتصبح نسخة من' مارجريت ثاتشر' بوصولها إلي رئاسة الحزب والوزراء من بعدها, وهو ما بدا واضحا من خلال الحملات التي أطلقتها سيدات الحزب لجمع الأصوات لصالحها خلال الفترة الماضية. وفي الوقت نفسه, نجد أسهم كاميرون تنخفض تدريجيا, بسبب تأييده للتعديلات الاقتصادية وسياسات التقشف التي يجريها وزير المالية جورج أوزبورن لخفض الإنفاق, وهو ما يعرضه لانتقادات خاصة حال دخول الاقتصاد البريطاني في حالة من الركود. وعلي الرغم من انشغال ماي بالعمل المصرفي لسنوات طويلة في بنك إنجلترا, إلا أن كفاءتها فرضت نفسها علي الجميع فور التحاقها بالبرلمان في7991, حيث احتلت واجهة فريق وليام هيج, زعيم المحافظين الذي كان بالمعارضة وقتها, وشغلت منصب وزيرة التعليم بحكومة الظل ومع تعاقب حكومات الظل حملت ماي حقائب وزارية عدة, وبعد نجاح المحافظين في انتخابات0102 اختارها ديفيد كاميرون وزيرة للداخلية. ولكن ماي لم تهنأ' بشهر العسل' المتعارف عليه عندما يتولي سياسي مهمة جديدة للمرة الأولي, وذلك بسبب المصائب التي أخذت تحل علي رأسها منذ اليوم الأول لوصولها إلي الوزارة بعد تفجر فضيحة التنصت علي الهواتف المتهم فيها إمبراطور الإعلام روبرت مردوخ, ثم حادث إطلاق النار العشوائي في كمبريا الذي راح ضحيته21 شخصا وكان اندلاع الاضطرابات التي اجتاحت لندن بعد أشهر قليلة من توليها المسئولية بمثابة أول اختبار حقيقي لقوة شخصيتها, إذ استدعت شرطة مكافحة الشغب لمواجهة حالات السرقة والتخريب, وكانت جريئة في التصدي للاتهامات التي تحدثت عن استخدام العنف المفرط وتمتاز شخصية ماي بالمضي قدما, والعمل الدءوب علي إنجاز المشاريع المقتنعة بها غير عابئة كثيرا بالانتقادات الموجهة إليها ولمشاريعها, خاصة تنفيذها لقاعدة بيانات' الأخ الأكبر' الهادفة لجمع وتوثيق البيانات الشخصية لملايين البريطانيين والمقيمين بها. كما تسعي ماي-65 عاما- لتمرير تشريعات مهمة مثيرة للجدل لمواجهة الإرهاب, ويراها آخرون مقيدة للحريات العامة, من أهمها مشروعها الذي أطلقت عليه' قف للتفتيش' الذي يمنح الشرطة سلطات واسعة في الاعتقال, مع جواز إبقاء المشتبه فيه82 يوما رهن الاعتقال من دون توجيه تهم محددة له, كما تهدف إلي إقرار تشريعات تمنح مزيدا من السلطات والصلاحيات لوكالة الجريمة المنظمة الخطرة. أما عن المعارك التي تستعد ماي لخوضها في المستقبل, فهي فرض قيود علي الهجرة الأوروبية إلي بريطانيا, خاصة بعد تصاعد مؤشرات هجرة اليونانيين العام الماضي, وهي الإجراءات التي ستثير ردود أفعال غاضبة واسعة داخل الاتحاد الأوروبي.