في بداية الألفية الأولي بعد الميلاد شهدت مدينة القدس ميلاد السيد المسيح عليه السلام. وبعد رفعه إلي السماء, حاول اليهود استغلال الحرية الدينية التي منحت لهم في القدس آنذاك في التمرد والعصيان. إلا أن القائد الروماني تيتوس شن هجوما عليهم عام70 ميلادية واحتل القدس, وهدم الهيكل للمرة الثانية وأباد من اليهود الكثيرين. وفي الأعوام132-135 م قام اليهود بتمرد أطلق عليه اسم ثورة( باركوخبا) أثناء حكم الحاكم الروماني هاديريان كان نتيجتها أن قضي هاديريان نهائيا علي آخر وجود لليهود في فلسطين, وفي عام135 قام هاديريان بتغيير اسم مدينة أورشليم إلي مدينة( إيليا كابيتولينا). وفي عام324 م شهدت مدينة القدس مرحلة جديدة في تاريخها عندما اعترف الملك قسطنطين الأكبر بالديانة المسيحية دينا رسميا للدولة, وفي عهده شيدت والدته الملكة هيلانة كنيسة القيامة في القدس وكنيسة المهد في بيت لحم وكنيسة البشارة في الناصرة. كما شهدت مدينه القدس إسراء النبي محمد, صلي الله عليه وسلم, ومنها كان عروجه وكانت قبلة الإسلام الأولي قبل تحويل القبلة إلي مكة. واستمر منع اليهود من دخول مدينة القدس حتي عام636 م عندما شهدت مدينة القدس دخول المسلمين إليها بعد هزيمة الروم في معركة اليرموك حيث اشترط البطريرك صفرونيوس أن يتسلم الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه بنفسه مدينة القدس التي كانت تسمي آنذاك إيلياء, فحضر الخليفة عمر إلي فلسطين وكتب للمسيحيين عهدا أمنهم فيه علي كنائسهم وصلبانهم,( العهدة العمرية) والذي أعطي الأمان لأهلها وتعهد لهم بأن تصان أرواحهم وأموالهم وكنائسهم, واشترط فيه ألا يسكن أحد من اليهود تلك المدينة المقدسة بناء علي طلبهم. ومنح عمر سكان المدينة الحرية الدينية ورفض أن يصلي في كنيسة القيامة لئلا تتخذ صلاته سابقة لمن يأتي بعده, وذهب إلي موقع المسجد الأقصي فأزال بيده ما كان علي الصخرة من تراب, وبني مسجدا في الزاوية الجنوبية من ساحة الحرم, وأعاد لها اسم بيت المقدس, وتميز الحكم العربي الإسلامي بالتسامح الديني, واحتفظ المسيحيون بكنائسهم وبحرية أداء شعائرهم الدينية. وفي عام691 م شهدت مدينة القدس بناء قبة الصخرة المشرفة التي بناها عبد الملك بن مروان في الموضع الذي عرج منه النبي محمد صلي الله عليه وسلم إلي السماء ليلة الإسراء والمعراج, والمسجد الأقصي الذي أتم بناءه الوليد بن عبد الملك وهو البناء الذي ما زال قائما حتي اليوم. وفي عهد الخلافة العباسية واصل الخلفاء العباسيون الاهتمام بالقدس, فقام بزيارتها كل من الخليفة المنصور عام775 م والخليفة المأمون عام833 م عند عودته من زيارة مصر, وقد جرت في عهدهم تغييرات وتجديدات للمسجد الأقصي وقبة الصخرة بعد الخراب الذي نتج عن الزلازل المتكررة. وفي الوقت الذي شهدت فيه مدينة القدس تحريم دخول أي يهودي إليها, أقيمت علي ارض القوقاز والتي تقع بين البحر الأسود وبحر قزوين دوله يهودية هي الدولة الخزرية اليهودية والتي أقيمت عام840 م عندما أعتنق الملك( إتيلا) أو( الخاقان الأكبر) ملك الخزر الديانة اليهودية ومعه أربعة ملايين خزري, وهذا الملك ليس ساميآ أي انه لا ينتمي إلي بني إسرائيل, ولكنه من نسل يافث ابن سيدنا نوح عليه السلام حسب ما جاء في الرد علي الرسائل التي أرسلت إليه من الوزير اليهودي( حسداي بن شبروت), والذي كان يعمل في بلاط الملك( عبد الرحمن الناصر) في الأندلس, والذي سأل فيها ملك الخزر( يوسف) في ذلك الوقت عما إذا ما كانت هذه الدولة الخزرية اليهودية أقيمت بواسطة القبائل العشر المفقودة طبقا للتراث اليهودي, فرد عليه بالإجابة بأنه من نسل يافث وليس من نسل سام, وسميت هذه الرسائل برسائل الجنيزة والتي تم اكتشافها في المعبد اليهودي بمصر القديمة في القاهرة. وبعد أن تم القضاء علي هذه الدولة الخزرية بواسطة الدولة الروسية في القرن العاشر الميلادي انتشر اليهود الخزر في دول أوروبا الشرقية. وفي عام878 م دخلت القدس تحت سيطرة الدولة الطولونية(878 م-905 م) ثم الدولة الإخشيدية(939 م969 م) وكان للقدس منزلة خاصة عند الإخشيديين فقد دفن ملوكهم جميعا بالقدس بناء علي وصاياهم. وفي عام969 م شهدت مدينة القدس آخر حدث لها في الألفية الأولي بعد الميلاد باستيلاء الفاطميين عليها, وفي عهد الخليفة الفاطمي الحاكم بأمر الله, ابتليت مدينة القدس بالتعصب الديني من قبل الحاكم بأمر الله فقام باضطهاد النصاري وهدم كنيسة القيامة, ولم يكن المسلمون في عهده أوفر حظا فلقد قام باضطهاد الشعب وفرض القيود القاسية عليهم في جميع أنحاء الدولة الفاطمية.... وللحديث بقية