تغير مفهوم القوة في الشأن الدولي مع إرهاصات العولمة ومع التطور المتلاحق لتكنولوجيا الاتصال والمعلومات في القرن21, وتتحقق االقوة الذكية كمحصلة للمزج الصحيح بين عناصر القوة الصلبة والقوة الناعمة والذي تفعله قيادات العمل الوطني القادره علي فهم معطيات البيئة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية المحيطة والماهرة في إدارة التحول المطلوب. وتتشكل القوة الوطنية من خلال كفاءة وفاعلية موارد الدولة البشرية والمادية والتكنولوجية ومن جودة اداء البنية المؤسسية وقاعدة الافكار والمعارف ومن القدرة العسكرية أي من الموارد الملموسة المرتبطة بالقوة الصلبة والموارد غير الملموسة للقوة الناعمة التي تتجلي في طبيعة عمل المؤسسات وفي الافكار والقيم والثقافة وفي شرعية السياسات وفي درجة الانتماء الوطني. وتعتمد القوة الناعمة علي ثلاثة موارد اساسية, المورد الاول ثقافة البلد بحيث تكون جاذبة للآخرين من خارجه والثاني القيم السياسية داخل الوطن في ممارسات الحرية والعدالة والمورد الثالث شرعية السياسة الخارجية التي تعطي سلطة معنوية للدولة ذ مثل مساندة مصر لحركات التحرير في العالم خلال الخمسينات والستينات من القرن الماضي ذ وكما تتعاظم القوة الناعمة عبر مصداقية الحكومة امام مواطنيها والتي قد تضعف نتيجة أساليب مناورة الحكومات أو نتيجة معلومات وبيانات تتسم بالدعاية دون سند في الحقيقة. وتلعب منظمات المجتمع المدني دورا رئيسيا في القوة الناعمة علي ثلاثة مسارات للدبلوماسية الشعبية الجديدة معتمدة في المسار الأول علي الاتصالات اليومية لشرح الاوضاع الداخلية الجارية وايضا تلك المرتبطة بالسياسة الخارجية ويوصف المسار الثاني بالاتصال الاستراتيجي للامور ذات الطابع المؤثر علي المدي المتوسط واما المسار الثالث فيستهدف تطوير علاقات طويلة المدي مع مؤسسات واشخاص ذوي تأثير في الخارج, وكما تلعب زيارات الوفود وتبادل الدارسين والتواصل مع قنوات الاعلام العالمي دورا مهما في الدبلوماسية الشعبية يضاف الي ذلك بالطبع الاشعاع الحضاري المنبثق من الازهر الشريف والكنيسة الارثوذوكسية المصرية, ويمكن قياس القوة الناعمة للدبلوماسية الشعبية بمدي الانطباع لصالح مصر في الخارج من خلال إجراء استطلاعات للرأي ومن ردود الفعل اثناء المقابلات والزيارات المتبادلة. وتعتمد القوة الاقتصادية علي محورية استراتيجية التنمية للدولة في تحقيق نمو طويل المدي ومستدام يفرز بشكل ديمقراطي مجتمعا عريضا من الطبقة الوسطي المصرية, وتعتبر الشبكات الالكترونية عنصرا رئيسيا في القوة الهيكلية للقرن الحادي والعشرين, فالقوة الذكية لها بعد أساسي متمثل في تكنولوجيا الاتصال والمعلومات, والقوة في الفضاء الالكتروني تهدف الي الحصول علي نتائج مرجوة للوطن من خلال استثمار الموارد المعلوماتية المتوفرة الكترونيا دور تقوم به بشكل جيد مكتبة الاسكندرية-, وكما أوجدت هذه التكنولوجيا تهديدا جديدا في الصراعات الدولية, وعلي الدولة حماية فضائها الالكتروني من هجمات الهاكرز ايضا والتي قدرت خسارة مؤسسات الاعمال والبنوك في العالم منها بترليون دولار سنويا. ان قدرة مصر علي تفعيل دورها في العالم ومكانتها كدولة محورية ستعتمد علي مجموعة من العوامل لعل أهمها بلورة وتنفيذ سياسات للقوة الذكية ذ كما أسلفنا- دون إبطاء والعمل علي تماسك النسيج الاجتماعي المؤسس علي عدالة توزيع الدخل القومي اي مفهوم زالقوة الاجتماعيةس والالتزام بدولة القانون وتطوير رأس المال البشري- التعليم- التدريب- الرعاية الصحية- رعاية الامومة والطفولة ذ وايضا بسياسات مالية ونقدية وقواعد لممارسة الأعمال تؤدي الي استدامة التنمية وأخيرا حماية رصيدنا من المياه والطاقة وموارد البيئة الطبيعية. كما أن الظروف الصعبة التي يواجهها الوطن تتطلب خيارات صعبة, والطريق الي الامام يتعثر في حال شدتنا الأوضاع السابقة الي الخلف; والتسلح بسلاح العقل لاستعادة التوازن والسلام الاجتماعي هو ضمان لقوة مصر في المستقبل. لمزيد من مقالات شريف دولار