"القاهرة الإخبارية": تبادل إطلاق نار بين حماس وإسرائيل بالقرب من بوابة معبر رفح من الجانب الفلسطيني    محمد سعد عبد الحفيظ: إجبار تل أبيب على الهدنة يتطلب تضافر جهود من الدول العربية    برلماني: موافقة حركة حماس على المقترح المصري انتصار لجهود القاهرة    "الصحة العالمية": العملية العسكرية في رفح ستُفاقم الكارثة الإنسانية    اللواء سيد الجابري: مصر الوحيدة اللي مكملة في حل القضية الفلسطينية.. فيديو    سقوط قتلى ومصابين إثر غارة إسرائيلية استهدفت حي تل السلطان غرب رفح    مدرب طائرة سيدات الزمالك: تمسكت بالمشاركة في بطولة أفريقيا.. والتتويج باللقب خير ختام للموسم    3 ظواهر جوية تضرب محافظات مصر.. الأرصاد تُحذر من طقس الثلاثاء    بعشق أحمد العوضي.. ياسمين عبد العزيز تدخل نوبة بكاء مع إسعاد يونس    ياسمين عبد العزيز عن تكهنات الأبراج: لا يعلم الغيب إلا الله| شاهد    ياسمين عبدالعزيز عن أزمتها الصحية الأخيرة: كنت متفقة مع العوضي إني أحمل بعد "اللي مالوش كبير"    تعرَّف على مواصفات سيارات نيسان تيرا 2024    أسعار ورسوم جدية التصالح في مخالفات البناء بمحافظة بالمنيا    بضمانة مصر، نص ورقة الوسطاء التي وافقت عليه حماس    الجيش الأمريكي يعلق على اعتقال جندي أمريكي في روسيا    "أداب عين شمس" تشارك في احتفالية عيد الشجرة المصري    عصام عبدالفتاح: كلاتنبرج فاشل مثل بيريرا..ولن أعود لرئاسة لجنة الحكام في مصر    كريستال بالاس يضرب مانشستر يونايتد برباعية نظيفة في الدوري الإنجليزي    ميدو: فخور بهذا اللاعب.. وعلى حسام حسن ضمه للمنتخب    إسلام أبوشنب حكمًا لمواجهة السكة الحديد مع بتروجت بدوري المحترفين    «ميركاتو عالمي».. سيف زاهر يكشف مفاجآت في صفقات الأهلي الصيفية    الزمالك: تعرضنا لظلم تحكيمي واضح أمام سموحة.. ونطالب بتحقيق العدالة    ريمونتادا مثيرة، ليون يفوز على ليل 4-3 في الدوري الفرنسي    رغم إنشاء مدينة السيسي والاحتفالات باتحاد القبائل… تجديد حبس أهالي سيناء المطالبين بحق العودة    "اعرفه امتى".. موعد عيد الأضحى المبارك 2024 وأجمل عبارات المعايدة للأهل والأصدقاء والأقارب    بالأسماء، إصابة 16 شخصا في حادث الطريق الصحراوي الغربي بقنا    في 7 خطوات.. حدد عدد المتصلين بالراوتر We وفودافون    كانوا رايحين الجامعة.. ارتفاع مصابي حادث صحراوي قنا ل 16 شخصاً    تفاصيل جديدة في حادث مطرب المهرجانات عصام صاصا    سعر السبيكة الذهب اليوم بعد ارتفاعها وعيار 21 الآن بمستهل تعاملات الثلاثاء 7 مايو 2024    حي شرق الإسكندرية يعلن بدء تلقى طلبات التصالح فى مخالفات البناء.. تعرف على الأوراق المطلوبة (صور)    الهدوء يسيطر على سعر الحديد والأسمنت بسوق مواد البناء الثلاثاء 7 مايو 2024    ياسمين عبدالعزيز: كنت برفض آخد مصروف من جوزي    «مش عارفة أعمل إيه في قلبي».. هل تعيش ياسمين قصة حب جديدة بعد العوضي؟    حظك اليوم برج الميزان الثلاثاء 7-5-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    ياسمين عبد العزيز: «كنت بصرف على أمي.. وأول عربية اشتريتها ب57 ألف جنيه»    استعدادات لعيد الأضحى 2024: أجمل التهاني والتبريكات لتبادل الفرح والبهجة    هل يحصل الصغار على ثواب العبادة قبل البلوغ؟ دار الإفتاء ترد    بعد الفسيخ والرنجة.. 7 مشروبات لتنظيف جسمك من السموم    للحفاظ عليها، نصائح هامة قبل تخزين الملابس الشتوية    كيفية صنع الأرز باللبن.. طريقة سهلة    أستاذ قانون جنائي: ما حدث مع الدكتور حسام موافي مشين    معركة موازية على «السوشيال ميديا» بعد القصف الذي تعرضت له مدينة رفح    شبكة القطار السريع.. كيف تغطي جميع أنحاء الجمهورية؟    الأحرار الاشتراكيين ل صدى البلد: الحركة المدنية تتخذ اتجاها معاكسا لمفهوم استقرار الدولة    هل يجب تغطية قَدَم المرأة في الصلاة؟.. الإفتاء توضح    تناولها بعد الفسيخ والرنج، أفضل مشروبات عشبية لراحة معدتك    موعد إجازة عيد الأضحى 1445 للطلاب والبنوك والقطاعين الحكومي والخاص بالسعودية    ضحايا احتفالات شم النسيم.. مصرع طفل غرقًا في ترعة الإسماعيلية    صانع الدساتير يرحل بعد مسيرة حافلة، وفاة الفقيه الدستوري إبراهيم درويش    مائدة إفطار البابا تواضروس    في 6 خطوات.. اعرف كيفية قضاء الصلوات الفائتة    طلاب جامعة دمياط يتفقدون الأنشطة البحثية بمركز التنمية المستدامة بمطروح    أمينة الفتوى تكشف سببا خطيراً من أسباب الابتزاز الجنسي    عقوبة التدخل في حياة الآخرين وعدم احترام خصوصيتهم    لقاء علمي كبير بمسجد السلطان أحمد شاه بماليزيا احتفاءً برئيس جامعة الأزهر    المصريون يحتفلون بأعياد الربيع.. وحدائق الري بالقناطر الخيرية والمركز الثقافي الأفريقي بأسوان والنصب التذكاري بالسد العالي يستعدون لاستقبال الزوار    التعليم العالي: تحديث النظام الإلكتروني لترقية أعضاء هيئة التدريس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ملالة وآسيا جبار..علي قوائم نوبل
نشر في الأهرام اليومي يوم 12 - 10 - 2013

يوم ما كتب نجيب محفوظ صاحب نوبل أحلامه في فترة النقاهة التي بلغت206 حلما وضعنا في مركز الانبهار أمام الصرح الجديد من الكتابة البليغة المختزلة التي استطاعت الوصول لغايتها في كلمات معدودات تعبر سأم التكرار, وغلظة التقعر, ومتاهات التفاصيل, وتهمة التقليد والاقتباس..
وكان محفوظ قد كتب أحلامه تلك بعد الاعتداء الأثيم الذي وقع عليه في1994 من إرهابي غشيم لم يقرأ له حرفا واحدا لكنه امتثل لأوامر السمع والطاعة, فاتجه بعض الغلاة ومتحذلقو النقد للقول عن الأحلام بأنها مجرد كتابات عبثية لتدريب أصابعه الواهنة علي فك الخط من أثر الطعنات الغادرة.. لكن.. لكن المحتوي الأدبي في استرساله ودأبه وأدبه أذهل الجميع لتلقي كل حلم وكأنه النبوءة, أو كشف بالأشعة السينية, أو الخلاصة المصفاة لما جري وما يجري علي أرض مصر.. وانشغلنا بالتفسير والتأويل كأحفاد محلل الأحلام العربي في تاريخ التراث بن سيرين وخير اللهم اجعله خير, فالشاطئ الآخر في منام محفوظ أصبح تفسيره الهدف والمبتغي, والقارب بمعني حياة, والسمكة شوك وشراك, والسكين رمز لبتر الوصال, والبحيرة أسرار وأعماق, والشرفة إطلالة, والبيت الوطن, وشلة الأصدقاء شعور بالوحدة, والأبواب المغلقة تخوف من المجهول, والورق الأبيض دلالته الاقتراب من النهاية كما كتب في حلمه الأخير يقول: مشيت وتأبطت يد حبيبتي ومشينا.. لقينا الكتب.. وفيها كتبي.. فرحت أجيب لها كتاب هدية.. وكل ما أفتح كتاب.. ألاقي الورق فاضي.. ورق أبيض!
ويكتب نجيب في الحلم رقم101 يقول: زينا البيت ترحيبا بالابن العائد بعد غياب أصبح فيه نجما عالميا وأمضينا السهرة في الشرفة التي تمد الشقة بالمنظر الجميل والهواء النقي, وأتحفنا العائد بالألحان حتي انتصف الليل وفي الصباح وجدنا مدخل الشقة مسدودا بدولاب عملاق فخجلنا ولكن الابن لم يخف حزنه إذ ثبت له أن أناسا من صميم أسرته لا يستلطفون وجوده ويكرهون عمله الجميل.. قرأنا وتمحصنا وانبرينا لتفسير الحلم الذي رأينا فيه إسقاطا علي ما حدث للابن العالم الذي حصل علي جائزة نوبل بعد عودته إلي بيته.. أي وطنه.. إلي أسرته العلمية ليرد لها الجميل, فاستقبل بالهيصة والزيطة والطبل والزمر والحفلات والعدسات ولقاءات الشاشات, لكن البعض سد في وجهه الطريق, وهناك من بداخل الأسرة العلمية ذاتها من جابهه بالعداء, فعاد حزينا مدحورا لم يحصل علي مبتغاه.. وإذا ما كان بطل الحلم قد لاقي الإنكار في عودته الأولي فحتما أن نجيب محفوظ إذا ما كان قد أطال الله في عمره كان سيكتب حلما له نكهة أخري, أو ملحقا لحلمه الأول, أو سطرا في نهايته يعبر فيه عن عودة ثانية للابن العالمي حاملا راية الثأر لانتزاع قطعة من أرض وطنه بمعاونة رئاسية تعطي من لا يستحق ممن لا يملك, ليضع عليها لافتة باسمه, لتجبي علي حسها التبرعات في غيبة من القانون, أو بمعني أكثر دقة, غصبا عن عين القانون, أو بمعني أصح بوضع اليد!
ومازلت أذكر ما قاله لنا العالم العالمي أحمد زويل في أول زيارة له لأرض الوطن عندما استطعنا تحقيق حلمه بالاجتماع بزميل الجائزة نجيب محفوظ علي شاطئ النيل فروي لنا ليلتها عن ليلة الجائزة بقوله بأنه ما أن أبلغه بيتر إنجلوند السكرتير الدائم للأكاديمية السويدية بالتليفون عن فوزه حتي هرع لاحتضان زوجته وأولاده ليمكثوا معا كتلة منفعلة مترابطة فوق أرض الفراش قائلا لهم بأنها اللحظات الأخيرة التي يعيشون فيها حياة طبيعية تغلفها الخصوصية العائلية الهادئة لأنه مع الغد هناك عالم آخر تزلزله الاختراقات.. وأتي الفجر تصحبه الضجة العالمية بجائزة كانت قيمتها المادية وقتها مليون دولار لاعتمادها علي عائد ثروة تركها مؤسسها ألفريد نوبل1833 1896 وأوصي بأن يتم توزيع هذا العائد علي ست جوائز من بينها جائزة للأدب, وللسلام, وللطب, وجوائز ثلاث للكيمياء والفيزياء, والفسيولوجيا, وفي عام1968 أضيفت جائزة سابعة للاقتصاد, وتتيه مصرنا فخرا بأن أرضها الخصبة قد أنجبت رباعية من أبنائها فازوا بها وهم: محفوظ, والسادات, وزويل, ورابعهم البرادعي الذي دخلت جائزته في لغط الكلام عن دوائر الصراعات السياسية ودعوي انحياز الجائزة أحيانا للغرب الرأسمالي كأداة قوية من الأدوات التي يستخدمها ضد أعدائه ومنافسيه وكمكافأة ضخمة لمن يحقق له مآربه.. ورغم شهرة نوبل فإنها لم تسلم في سنوات كثيرة من النقد العنيف حتي أن بعض كبار الأدباء العالميين قاموا برفضها حين حصلوا عليها, ومنهم الكاتب الأيرلندي الكبير برنارد شو1856 1950 الذي حصل علي الجائزة عام1925 فرفضها قائلا كلمته الشهيرة: إن جائزة نوبل تشبه طوق النجاة الذي يتم إلقاؤه لأحد الأشخاص بعد أن يكون هذا الشخص قد وصل إلي الشاطئ! ومن المعروف أن نوبل مؤسس الجائزة قد جمع ثروته الطائلة بسبب اختراعه للديناميت, وقد كان اختراعه هذا مثار سخرية ونقد للكثيرين ومنهم برنارد شو أيضا حيث يقول: إنني أغفر لنوبل أنه اخترع الديناميت ولكنني لا أغفر له أنه أنشأ جائزة نوبل وكان شو يقصد بسخريته أن الجائزة تذهب أحيانا إلي من لا يحتاج إليها أو إلي من لا يستحقها, أما الأديب اليوناني كازانتراكس1885 1957 صاحب رواية زوربا اليوناني فيقول عن الجائزة: لم أفهم كيف يتاجر رجل في الديناميت, ثم يدعو للسلام وينشئ جائزة عالمية لمن يسهمون في خدمته.. إنه نوع من التكفير عن الإثم أو دعوة باهظة التكاليف لطلب المغفرة!!.. ومن الأدباء العالميين الذين رفضوا نوبل أيضا كل من وليم فوكنر الأمريكي عام1950 والروسي بوريس باسترناك علي روايته دكتور زيفاجو في عام1958 والفيلسوف الفرنسي جان بول سارتر عام1964, هذا وقد فازت بالجائزة دستة نساء فقط علي مدي112 عاما أولاهن العالمة ماري كوري1903, والثانية الروائية السويدية سلما لاجرلوف1909, والثالثة الكاتبة الإيطالية جراتسيا دليدا1926, والرابعة النرويجية سيجريد أوندست1928, والخامسة الأديبة الأمريكية بيرل بك عام1938, والسادسة العالمة الألمانية ماريا جوبرت ماير1963, والسابعة الروائية الأمريكية توني موريسون1993, والثامنة الأم تريزا الهندية1979, والتاسعة الشاعرة البولندية ويسلاوا سمبورسكا1996, والعاشرة مناصفة بين اليمنية توكل كرمان وألين جونسون سيرليف وليما جبووي من ليبريا, والحادية عشرة الأديبة النمساوية ايلفريد يلينيك..2004 وها قد جاء عام2013 لتدفع الترشيحات لنيل جائزة نوبل الكاتبة الجزائرية آسيا جبار واسمها الحقيقي فاطمة الزهراء ايمالاين البالغة من العمر69 عاما, أستاذة التاريخ بجامعة الجزائر إلي جانب العمل كصحفية في جريدة المجاهد ومحاضرة للأدب الفرانكفوني بجامعة نيويورك, وتعد الشخصية العربية الأولي التي تدخل عضوا في الأكاديمية الفرنسية التي يسمونها بمؤسسة الخالدين في فرنسا بعد حصولها علي16 صوتا مقابل11 صوتا للكاتب الفرنسي دومنيك فرنانديز وهذا المنصب كان قد رشح له في الدورة السابقة الكاتب اللبناني أمين معلوف, لكن الأصوات لم تسعفه للفوز به, وأبدا لم تتخل آسيا التي أبدعت في اللغة الفرنسية عن قضيتها الجزائرية, قضية الثقافة واللغة والانتماء, وقد حملت روايتها الأخيرة عنوانا مثيرا هو: اختفاء اللغة الفرنسية, وكلما تحدثت آسيا عن معاناة المثقف الجزائري بين العربية والفرنسية تتذكر قول الأديب الجزائري محمد ديب القائل: غربتي لغتي, وتعد رباعيتها التي كتبتها بالفرنسية وترجمت إلي15 لغة عالمية أشهر أعمالها, حيث اختارت شخصياتها من العالم النسائي لتمزج فيها بين الذاكرة والتاريخ وتتكون من روايات نساء الجزائر وظل السلطانة والحب والفانتازيا وبعيدا عن المدينة, وتقول آسيا في كتابها الذي يعد سيرة ذاتية لا مكان في بيت أبي عن فتاة تعيش بالجزائر العاصمة تخرج بدون إذن من المدرسة الثانوية لتتجول في الطريق فرحة بمشاهداتها, غير أن هذه الحياة العذبة كانت قبل عام واحد من انفجار كبير هز البلد بأكمله: اأكتب ضد الموت.. أكتب ضد النسيان.. أكتب علي أمل أن أترك أثرا ما, ظلا, نقشا في الرمال المتحركة, في الرماد الذي يطير وفي الصحراء الممتدة للأعالي... صاحبة هذا النفس الشعري في الكتابة تقول عنها دوائر نوبل إنها المرة الخامسة التي ترشح فيها اآسياب لنيل الجائزة, لكنها قد تنتظر طويلا داخل الصف مع الشاعر السوري أدونيس!!
وإذا لم تفز آسيا ففي جعبة الترشيحات لنيل جائزة السلام أيقونة السلام الباكستانية ملالة التي لم تتعد عامها الخامس عشر لكن صغر سنها لم يعق شجاعتها لانتقاد تجاوزات حركة طالبان الإرهابية في منطقة سوات شمال غرب باكستان, موقعة مدونتها علي موقع هيئة الإذاعة البريطانية الBBC فرصد المسلحون موقعها ومسارها وموعد خروج أوتوبيس المدرسة ليهاجموها في منطقة مينجورا ليطلقوا علي ملالة بالذات وابلا من الرصاص لتصاب بعدة طلقات إحداها اخترقت الرأس والعنق لتخرج من الكتف الأيسر تبعا لشهادة الشهود والأطباء الذين نقلوها علي جناح السرعة بين الحياة والموت إلي المستشفي الوطني إلا أن حالتها الخطيرة استدعت نقلها إلي انجلترا علي متن طائرة طبية علي نفقة الإمارات لعلاجها بمستشفي الملكة اليزابيث المتخصص في مثل حالتها.. وبمناسبة مغادرة ملالة للمستشفي هذا الأسبوع بعد عام من الرعاية الحرجة مصحوبة بتقرير طبي يقول إن حالتها الصحية قد تقدمت بما يكفي لتلقي بقية العلاج في المنزل تحت إشراف طبي لعدة شهور قال والدها ضياء الدين يوسف زاي: تريدني ابنتي أن أنقل شكرها وامتنانها لكل من تمني لها الشفاء من العالم بأسره الذين ينتمون إلي جميع الأعراق والألوان, وإذا ما أرادت طالبان فرض إرادتها علي الشعب الباكستاني فعليها أن تقتل180 مليون شخص كلهم يحملون عزيمة ابنتي ملالة.. وكان قد أعلن منظمو جائزة سيمون دي بوفوار لحرية النساء منحها لملالة لعام2013 التي سوف يتسلمها والدها عنها في9 يناير المقبل وقيمتها20 ألف يورو, وقد يضاف إليها925 ألف يورو أخري قيمة جائزة نوبل إذا نالتها, إلي جانب قيمة جائزة سخاروف الحقوقية الرفيعة الممنوحة لها من البرلمان الأوروبي بالأمس فقط..
والسؤال فيما إذا كان للعرب نصيب حقيقي من الجائزة من بعد مرور ربع قرن علي الفوز اليتيم للروائي المصري الراحل نجيب محفوظ؟ سؤال يراود الكتاب والمثقفين العرب لكنه سرعان ما يمني بالخيبة عند الإعلان علي الجائزة كل عام, خاصة أن المناخ السياسي السائد في العالم العربي ووصول الربيع العربي إلي خريفه مبكرا واستمرار الصراع في أكثر من بلد عربي, واشتعال الصراع الطائفي المذهبي, وصعود التيارات المتطرفة في أكثر من بقعة عربية مما يعقد موقف لجنة نوبل للآداب بالذات, ويدفعها للتريث في قرارها بمنح عربي جائزتها, فللأكاديمية حساباتها السياسية وإن ادعت غير ذلك, وهذا الموقف يمكن أن يتغير إذا ما قررت اللجنة منح الجائزة لآسيا جبار أو لملالة من باكستان!
وبشأن كيفية إنفاق ملايين الكورونات أو آلاف اليوروات قيمة جائزة نوبل قام مرصد استوكهولم المالي بالتفتيش وراء كل من تلقي قيمة الجائزة العالمية علي مدار أكثر من مئة عام فجاء من بين شخوص رصده العالم سيرج هاروش الحائز علي نوبل للفيزياء2012 الذي اعترف بأنه لم يفكر حتي الآن في كيفية إنفاق ذلك المبلغ الضخم المتربص به في خزينة البنك إلا أنه يفكر في الاستثمار بالمجال العقاري, وكانت الكاتبة النمساوية اايلفريد يلينيكب2004 قد عبرت عن فرحتها بالأموال التي هبطت عليها من جراء ما كتبه قلمها علي الأوراق مدفوعا بمشاعرها تجاه الطبقات الفقيرة المهمشة, ومن هنا فالجائزة تضمن استقلالها المادي, هذا بينما تضطر الشخصيات السياسية البارزة والمنظمات العالمية المعروفة التي تسلط عليها الأضواء الدائمة إلي التبرع بالجائزة للجمعيات الخيرية كما فعل الرئيس الأمريكي باراك أوباما في2009 والاتحاد الأوروبي في عام2012, الجميع علي هذا المستوي إلا الرئيس الأمريكي وودرو ويلسون الذي فاز بنوبل عام1920 ليودع المبلغ بنكا سويديا لتأمين مستقبله من بعد نهاية ولايته الرئاسية الثانية.. و..في هذا المجال كان مرصد استوكهولم بعيدا عن أوجه صرف الجائزة عندما منحت مناصفة للسادات ومناحم بيجن عام1978 وأيضا عندما وزعت ثلاثيا في عام1994 علي كل من ياسر عرفات, وإسحق رابين وشيمون بيريز!!.. وظلت نوبل للعلوم تمنح سنويا علي مدي112 عاما لم تحجب فيها اللهم إلا في عام1914 و1916, وفي أعوام1918 و1934و1935 و1940 و1941 و..1942 وفي هذا العام2013 أعلن يوم الثلاثاء الماضي عن منح جائزة الفيزياء مناصفة للعالمين البلجيكي فرانسوا إنجليرت والبريطاني بيتر هيجز عن أعمالهما التي أدت إلي الاكتشاف النظري لآلية تساهم في فهمنا لأصل كتلة الجسيمات دون الذرية, وقيمة الجائزة8 ملايين كرونة سويدية أي125 مليون دولار, وكانت قد أعلنت يوم الاثنين الماضي فوز أمريكيين وألماني بجائزة نوبل في الطب لعام2013 حصل ثلاثتهم علي الجائزة لنجاحهم في حل لغز كيف تنظم الخلية نظام النقل بداخلها ومن المقرر تسليم جميع الجوائز في10 ديسمبر المقبل يوم وفاة صاحب الجائزة ألفريد نوبل.
وهناك رواية أمريكية مثيرة ورائعة اسمها الجائزة للكاتب الأمريكي ارفنج ولاس الذي مكث15 عاما يرصد أحداث جائزة نوبل ليكتب روايته الشاملة في الفترة ما بين يناير1960 وأكتوبر1961 ليتم تحويلها بعد ذلك إلي فيلم أمريكي كبير, وقد ظهرت لها ترجمة عربية كاملة عام1965 تحمل مقدمة ممتعة للكاتب الشامل أنيس منصور, والرواية تكشف الخفايا والأسرار التي تقف وراء جائزة نوبل وتتحكم فيها وتتابع لحظة بلحظة تلقي كل فائز بها: أين كان موقعه؟ ومن كان برفقته؟ وكيف تلقي الخبر؟ وقد انتهي ولاس في روايته الضخمة إلي أن لكل فائز قصة تصلح لأن تكون رواية عالمية قائمة بذاتها وأن كواليس نوبل تكشف الكثير من فضائح الرشوة والجنس والجاسوسية والمصالح الاقتصادية وفساد الضمير والذمة, وكيف هبط النبأ علي العالم الجليل وهو في غرفة غانية وكانت الزوجة من أعطت الرقم لمندوب نوبل, والأديب العملاق الذي أخرس تليفون النبأ العظيم بإلقائه من النافذة لأن رنينه يعكر عليه صفو خلوته, ونوبة البكاء الهيستيري التي انتابت الكاتبة السوداء التي لم تصدق أذنيها فاحتاج الأمر إلي حقنة مهدئة, والفيزيائي البريطاني الشهير الذي ما أن أنصت للنبأ حتي أغلق باب منزله في برود روتيني وذهب ليمارس رياضة المشي اليومية, وعالم الأبحاث في أشعة جاما والهيليوم السائل الذي جلس بعد تلقيه النبأ الحار يلعق جردلا من الآيس كريم!
ودائما وراء جائزة نوبل للآداب بعد سياسي, فقد حرص القائمون عليها منذ القرن العشرين علي اختيار الأدباء الذين يعارضون الاتحاد السوفيتي قبل انهياره عام1989 فقد أعطيت هذه الجائزة للأديب الروسي بونين عام1933 وهو أحد الذين عارضوا ثورة1917 الشيوعية, وقد هاجر هذا الأديب من روسيا وظل حتي وفاته عام1953 وهو في الثالثة والثمانين من عمره يعارض الاتحاد السوفيتي والشيوعية, وهناك شبه إجماع أدبي علي أن بونين هذا لم ينل الجائزة تكريما لموهبته الأدبية بل نالها مكافأة له علي موقفه السياسي ضد السوفييت.. وفي عام1958 نال الجائزة بوريس باسترناك صاحب رواية دكتور زيفاجو الشهيرة وهي رواية قامت علي نقد ثورة روسيا الشيوعية سنة1917 وتصوير جانب من الآلام التي تعرض لها المواطنون الروس في هذه الثورة, ونال الجائزة من بعده عام1970 الأديب الروسي سولجنستين وكان هو أيضا من كبار المعارضين للنظام الشيوعي في روسيا إلي الحد الذي جعل الحكومة الروسية تعتقله عام1974 وتقوم بتجريده من الجنسية ثم طرده خارج حدود الوطن ليلجأ إلي أمريكا, حيث لا يعود إلي بلاده إلا بعد انهيار الاتحاد السوفيتي.. وهكذا كانت نوبل أداة من أدوات الحرب الباردة المؤثرة بين أمريكا والاتحاد السوفيتي, وكانت أداة يتم استخدامها لمكافأة المتمردين علي روسيا لمصلحة أمريكا وحلفائها, ومن هنا حرص القائمون علي أمر نوبل بحرمان عدد من كبار أدباء العالم الذين كانوا جديرين بها لمجرد أنهم كتبوا سطورا أبدوا فيها تعاطفا مع الاشتراكية وانتقادا إلي الاستعمار والرأسمالية, ومن هؤلاء الكتاب العمالقة الذين نامت عنهم بالقصد مع سبق الإصرار والترصد عين نوبل: الكاتب البرازيلي الشهير جورج أمادو, والكاتب اليوناني العملاق كزانتزاكس, والأديب الإنجليزي الرائع جراهام جرين.. وكان أسوأ ما فعلته نوبل عندما ذهبت لتضع هالة الفخار علي رأس الكاتب الإنجليزي الهندي المتعصب ضد الإسلام نايبول في عام2000, بينما المفروض في الجائزة أن هدفها خدمة الإنسانية واستخدام الأدباء الفائزين لموهبتهم الأدبية والفنية بصورة مؤثرة في التقريب بين الشعوب, وتقليل الصراعات المدمرة, وإيجاد نوع من التفاهم الإنساني الذي يساعد الناس في كل مكان علي أن يعيشوا في تعاون ورحمة وسلام, ولكن الكاتب نايبول كانت أهم قضاياه الرئيسة العداء للإسلام والتشهير به وتقديم صورة بالغة السوء له, وفي أقواله التي ضمها كتابه الحاصل علي جائزة نوبل وعنوانه ما بعد الإيمان إن الإسلام في الهند هو قوة أكبر تدميرا من الاستعمار البريطاني ورموزه تسعي إلي محو الماضي وتجريد المؤمن به من أي اتصال له بجذوره الثقافية!!.. و..لم يكن قد جف بعد مداد الاعتراض علي نوبل في اختيارها نايبول العنصري لجائزتها, أو قد مضي الوقت لدخول ألسن اللوم إلي أفواهها, أو قد ذهب أثر إدانتها من الكاتب العربي الراحل إدوارد سعيد من أنها بجائزتها تلك توسع الهوة بين الإسلام والغرب.. لم يكن.. حتي.. حتي انفجر برجا الحادي عشر من سبتمبر ا2001 ليعلن تنظيم القاعدة مسئوليته عن الحادث!.. وها هي ملالة صغيرة باكستان المسلمة تفجر حركة طالبان في2012 رأسها بالبندقية.. وما أن تبدأ تباشير السياحة في العودة لمصرنا المستهدفة كي تنقذ آلاف الأسر من هوان الحاجة حتي يفجر الإرهاب الأسود باسم الإسلام هذا الأسبوع مديرية أمن جنوب سيناء لتعلن جماعة اأنصار بيت المقدسب مسئوليتها عن الحادث في إطار عبثي عنوانه غزوة الثأر لمسلمي مصر!!
وها نحن المسلمون في بلاد الإسلام نعاني من إرهاب دموي يقوده إخوان مسلمون!! الأخ المغيب فيهم يكفر ويكبر وينوي حي علي الجهاد قبل أن يلغ في دم أخيه المسلم الحرام علي درب السمع والطاعة والدفاع المزعوم عن الشريعة لينال حظوة الاستشهاد الأحمق.. جائزته الكبري!!
لمزيد من مقالات سناء البيسى


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.