ظل العرب ينتظرون الحصول علي جائزة نوبل طوال ثمانية وثمانين عاماً دون أن تأتيهم فراح نقادنا، وباحثونا يصبون الغضب علي الجائزة، ويتهمون أصحابها بالعنصرية والتحيز، خاصة أن الأدباء اليهود في العالم، بدأوا يحصلون عليها، علي فترات متقاربة، ابتداء من عام 1976، وحتي الآن.. وعندما حصل الرئيس الراحل أنور السادات علي الجائزة مناصفة مع مناحم بيجن في فرع السلام عام 1979 نظر العرب إلي الأمر علي أنه ثمن الخيانة، والصلح مع إسرائيل، فلم يفرحوا بالمرة لهذا الفوز، بل ان ما حدث كان ذريعة لزيادة جرعة الغضب، والانتقاد، ولم يكن ومازال، أحد منا يعرف أي شيء عن حيثيات منح الجائزة، وتصوروا أن آلياتها الحصول عليها أقرب إلي حيثيات منح جوائزنا المحلية، خاصة جائزة الدولة التقديرية. والذين تابعوا ما كان ينشر عن قوائم الترشيحات، كانوا يدركون تماماً المكانة المتدنية التي يتم بها النظر إلينا، ففي إحدي المرات، حظا اثنان من كتاب القمة في الثقافة العربية الحديثة علي الترتيب 59، 60 في قائمة النوبليين، وهو اسم يعني المرشحين المستحقين للجائزة، لكنهم لا ينالونها بالمرة.. وهذان الكاتبان هما طه حسين، وتوفيق الحكيم، والحقيقة أن جائزة نوبل في الآداب، لم تكن أبداً تمنح لطه حسين، فأعماله الروائية قليلة ولا ترقي أبداً بصاحبها لأن يحصل علي جائزة نوبل. ولأن نجيب محفوظ نفسه، الذي فوجيء بفوزه بالجائزة عام 1988، لم يكن يعرف عن الجائزة إلا اسمها، قد ردد آنذاك أن أساتذته عباس العقاد، وطه حسين، وتوفيق الحكيم هم الأحق، دون أن يدري أن أصحاب الاسمين الأولين لا تنطبق عليهما الحيثيات، أما أعمال الحكيم فليس من بينها عمل واحد يضاهي ابداع أسماء حصلت علي الجائزة، ومنهم طاجور، وتوماس من، وشولوخوف، وغيرهم.. إذن، ظلت الجائزة العالمية الأولي، مصدر انتقاد كبير من المثقف العربي، الذي بدا مثل عبده مشتاق في الكاريكاتير المصري، حتي إذا جاءت الجائزة لكاتب يستحقها، حلت الفرحة قلوب الناس، وهذه ظاهرة ظلت مستمرة حتي الآن، تبدو من خلال الاحتفائية المستمرة بنجيب محفوظ في مناسبات عديدة، لكن من جانب آخر، انبرت أقلام عديدة في إعلان غضبها عن فوز الكاتب بالجائزة، واتهمت كتاباته بالعديد من الاتهامات، وبدت كأنها تود افساد فرحة الناس بفوز واحد من أبناء وطنهم وثقافتهم بالجائزة. في انتظار فائز عربي وهكذا تغيرت آلية محاكمة جائزة نوبل، فعلي جانب، ومع فوز نجيب محفوظ بالجائزة، فإن الطرف الأول، وهم غالبية، رأت أن الجائزة صارت تنتمي إلينا، وأن أسماءنا مذكورة في قوائمها، وأن أي انتقاد، أو محاكمة للجائزة هو انتقاص من ثقافتنا التي تم اختيارها لتكون من الثقافات التي حصلت علي الجائزة، بل ان الأمر أخذ منحي مختلفاً، فكم حلم المبدعون العرب أن يأتي الدور عليهم، وطالما أن الجائزة لمست نجيب محفوظ، فسوف يكون هناك فائز عربي تال، وقد حدث هذا بالفعل في فترة تالية، حيث برز اسم الشاعر السوري آدونيس في قوائم النوبليين لسنوات عديدة، ثم جاء الدور علي الكاتبة والمخرجة الجزائرية آسيا جبار، التي تحمل الجنسية الفرنسية، وهي غير مترجمة إلي اللغة العربية خارج منطقة المغرب العربي، خاصة في مصر.. إذن، كان نجيب محفوظ حالة فريدة، لا تتكرر، سواء لغزارة أعماله، أو لجودتها، وشهرتها علي الأقل في محيط الثقافة العربية، وهو أمر لم يحدث لكاتب عربي آخر، منذ عام 1988، وحتي الآن، حيث بدا أن عدم فوز كاتب عربي جديد بهذه الجائزة، سببه أن الإبداع لم يرق إلي مستوي الجائزة التي منحت لأساطين الأدب في العالم، كما منحت لأدباء، وأديبات عن أعمال أدبية متواضعة القيمة، وهذا أمر يستدعي إدخال الجائزة في دائرة المحاكمة، أيا كان العرب قد حصلوا عليها، أم لا.. لم تأت جائزة نوبل إلي العرب مرة واحدة، بل جاءت في مجالات متعددة، حيث حصل عليها ياسر عرفات عام 1994، عقب توقيع اتفاقية سلام مع إسرائيل، ثم جاءتنا في فرع الكيمياء، حين حصل عليها الدكتور أحمد زويل عام 1999، وهو الرجل الذي تم تكريمه مرات عديدة خارج وطنه مصر، دون أن يتم الالتفات إلي أهميته حيث سبق أن حصل علي جائزة الملك فيصل عام 1990، أي قبل فوزه بجائزة نوبل بعشر سنوات، وفي عام 2005 فاز بالجائزة الدكتور محمد البرادعي في فرع السلام، وهو الذي عمل في وكالة الطاقة الذرية دون الترشيح من وطنه، ولاقي الكثير من التعنت من النظام السياسي السابق، وأخيراً فازت اليمنية بالجائزة عام2011 في فرع السلام، وقوبلت بمعارضة شديدة من جهات عديدة لهذا الفوز، أسوة بما حدث لنجيب محفوظ. إذن، هناك أسماء عربية موجودة الآن في قوائم الفائزين بجائزة نوبل، كما أن هناك أسماء أخري عديدة موجودة في قائمة النوبليين، الذين يستحقون الجائزة، وقد يحصلون عليها، وربما لن يحدث ذلك، فالأسماء كثيرة، والسنوات محدودة للغاية. من المهم الاشارة إلي مكانة نجيب محفوظ، قياسا إلي أقرانه الذين حصلوا علي الجائزة، قبله بعشر سنوات، وأيضاً بعده بالعدد نفسه من السنوات، فالذين نالوا الجائزة منذ عام 1978، وحتي 1987، أغلبهم أقل قيمة من محفوظ، وأيضا أقل شهرة، وليس هذا نوعا من تقليل قيمة أدباء مقروئين في بلادهم، وترجمت أعمالهم إلي لغة أخري، فباستثناء جابرييل جارثيا ماركيث فإن كلا من هذه الأسماء لا ترقي إلي مكانة نجيب محفوظ. 1978: اسحاق باشفيش سنجر روائي أمريكي يهودي، من أصل بولندي، يكتب باللغة اليديشية لغة اليهود في وسط أوروبا. 1979: اوديسياس اليتيس: شاعر يوناني، له العديد من الدواوين، حصل علي الجائزة التي كانت قد تجاهلت كازنتزاكيس، من دواوينه "حدث الصيف". 1980: شيزلاف مليوش: روائي أمريكي من أصل ليتواني، كما أنه شاعر هاجر إلي الولاياتالمتحدة ومن أعماله "أبعد من كل الطرق". 1981: إلياس كانيتي: روائي وباحث بلغاري، استقر به الأمر في النمسا، كتب بلغات عديدة وحصل علي جوائز أدبية عديدة. 1982: جابرييل جارثيا ماركيث: روائي كولمبي، هو الأشهر، والأهم، اشتهر برواياته، ومنها "مائة عام من العزلة"، و"الحب في زمن الكوليرا". 1983: ويليام جولدنج: روائي بريطاني، نال الجائزة عن روايته الأولي "سيد الذباب"، و"الهرم"، زار مصر أكثر من مرة. 1984: ياروسلاف سيفيرت: شاعر تشيكي، معارض للسياسة السوفيتية التي حكمت بلاده، وقد حصل علي الجائزة تكريما لمواقفه المعارضة، وشعره. 1985: كلود سيمون: روائي فرنسي، ينتمي إلي مدرسة الرواية الجديدة، حيث إن فوزه بالجائزة يدل علي اعتراف جائزة نوبل التقليدية، بالتجريب الأدبي المتطور. 1986: وول سوينكا: شاعر وروائي نيجيري، وهو أول أديب افريقي يحصل علي الجائزة ومن أعماله "المفسرون" وقد تم الاحتفاء بالأدب الافريقي من خلال فوزه. 1987: يوسف برودسكي: وهو شاعر روسي، حصل علي الجائزة، وهو في سن السابعة والأربعين وهو أحد الذين انشقوا علي النظام السياسي السابق في الاتحاد السوفيتي. مع احترامنا الشديد لهذه الأسماء، وباستثناء ماركيز، فإن القامة الأدبية لهم أقل من قامة محفوظ، كما أنهم جميعاً، أقل من قامة أدباء كثيرين اعتدنا أن نقرأ أسماءهم في قوائم الفائزين بالجائزة، علي مستوي الابداع العالمي، ومنهم جون شتاينبك، وهيمنجواي، وشولوخوف، وألبير كامي، وجان بول سارتر، وويليام فوكنر، كما أن الجائزة كانت قد تجاهلت أسماء أدبية عديدة في بلاد كثيرة، يستحقون الجائزة عن جدارة، ماتوا دون أن يحصلوا علي نوبل، وكانت أسماء دوما موجودة في قوائم النوبليين، مثل انطوني بيرجيس، وجراهام جرين، وبورخيس، وارنستو ساباتو، وانفانيتي، ومورافيا، وباجين "الصين"، وكازانتزاكيس، ومرجريت دوراس، ومرجريت يورسنار و غيرهم.. وبالنظر إلي أسماء الذين فازوا بالجائزة، بعد عشر سنوات من عام 1988، فسوف نري أن الكثيرين منهم أقل من قيمة الجائزة، لكن نوبل كانت تذهب إلي الشعوب والمناطق، أكثر مما كانت تذهب إلي القيمة الأدبية، مثلما ذهبت إلي ديرك والكوت عام 1992، ابان الاحتفال بمرور خمسة قرون علي اكتشاف العالم الجديد، وهؤلاء الأدباء هنا دون محاولة للتقويم هم: 1989 "كاميلو خوسيه ثيلا اسبانيا" 1990 "اوكتابيوباث المكسيك". 1991 "نادين جورديمر جنوب أفريقيا" 1992 "ديريك والكوت ترينداد" 1993 "توني موريسون الولاياتالمتحدة" 1994 "اوي كينزابورو اليابان" 1995 "شيموسي هيني ايرلندا" 1996 "فيسوافا شيمبورسكا" 1997 "داريو فو ايطاليا" 1998 "خوسيه ساراماجو". هذه قراءة أولية، لارتباط ثقافتنا العربية بجائزة نوبل، فكما أشرنا، فإن لنا الآن مقراً، ومسكناً، وسط قائمة الذين فازوا بجائزة نوبل، وهو شرف أن العرب لديهم مكانة ملحوظة في أفرع الأدب، والكيمياء، والسلام، وإن كان هناك طبيب من أصل لبناني فاز بالجائزة، لكن العرب حتي الآن لم يبرعوا في الفيزياء، ولا في الفسيولوجي، ولا في الاقتصاد، ولم يحصل واحد منا علي الجائزة.. لكن، سوف تبقي نوبل في الآداب، هي الأكثر شهرة، وقربا من الناس، ففي مجال الكيمياء، فإن الناس لا يكادون يعرفون ماذا تعني الفيمتو ثانية، بينما شاهدوا أكثر من أربعين فيلما مأخوذة عن نجيب محفوظ، بالاضافة إلي أن الطبعات العديدة بلغات كثيرة، موجودة في المكتبات لأعمال نجيب محفوظ، وعليه، فإن بنود محاكمة جائزة نوبل في الآداب، لاتزال موجودة، حتي وإن تغيرت مناظيرنا، وكما سوف نري. معضلة الشهرة إذا كانت جائزة نوبل، منذ عام 1975، وحتي الآن قد منحت لأدباء مغمورين، أو أقل قيمة، إلا قليلاً، فإن الجائزة نفسها عندما بدأت في بداية القرن العشرين، منحت في أغلبها أيضاً لأدباء أقل قيمة وشهرة، وفي السنوات الخمس عشر الأولي من تاريخ الجائزة، لم تمنح لأدباء ذوي قيمة رفيعة إلا أربع مرات فقط، هم: روديارد كيبلنج "1907"، سلمي لاجيرلوف "1909"، طاجور "1913"، رومان رولان "1915"، وبدأت الجائزة تتوازن بمنحها لأدباء هم الأبرز والأهم في القرن العشرين، وعلي رأسهم كنوت هامسون "النرويج 1920"، أناطول فرانس "فرنسا 1921"، ييتس "ايرلندا 1923"، جورج برناردشو "ايرلندا، رفضها عام 1925"، وهنري برجسون "فرنسا 1927"، توماس منّ "ألمانيا 1929"، سنكلير لويس أمريكا 1930، ومنحت فيما بعد إلي بيرانديللو، واونيل، وبيرل بك، وجابريللا ميسترال، وهيرمان هيسه، واندريه جيد، واليوت، وفوكنر، والفيلسوف برتراند راسل، وفرانسوا موريال، وهيمنجواي، وكامي وباسترناك، والقائمة طويلة. أي أن الأكاديمية السويدية، قد سارت أحياناً حسب وصايا الفريد نوبل، ان الجائزة تذهب لتشجيع أجيال من الأدباء وليس للتقدير. ومن هنا كانت تأتي دهشة المفاجأة، ففي الكثير من الأحيان كانت تذهب إلي أدباء تجاوزوا السبعين مغمورين في بلادهم، مثل سيفيرت التشيكي، وايميري كيرتش المجري، جونترجراس من ألمانيا، هارولد بينتر، وفي أحيان كثيرة كانت تمنح في الأدب، لأدباء دون الخمسين وقد حدث ذلك عام 1957، لأول مرة، حين حصل عليها ألبير كامي، وهو في الرابعة والأربعين، وتكرر الأمر مرة أخري مع الروسي بروديسكي وهو في السابعة والأربعين، رغم الفارق الكبير بين مكانة الرجلين في عالم الابداع والثقافة، كما حصل عليها أدباء كثيرون دون الخمسين، ومنهم اورهان باموك، وهيرتا موللر، وتوني موريسون، وآخرين. بالطبع، ليس هناك سن محددة للعبقرية، أو لتكريم هذه العبقريات، لكن لا شك أن الإعلان عن فوز بعض الأسماء، كان يحدث دهشة حادة في أوساط المهتمين بالجائزة، لذا، فكم دخل فائزون بالجائزة إلي دائرة الظل، بعد شهور قليلة جداً من فوزهم بالجائزة، مثلما حدث لسيفيرت، بينما ظل كتاب آخرون يثيرون الضجة من حولهم، ولم يتوقفوا عن العمل، والعطاء، مثلما حدث مع ماركيز، وجولدنج، وباموق، بينما بدت الجائزة بمثابة الورقة الأخيرة في حياة الكثيرين من الذين فازوا بالجائزة، فعطلهم الفوز عن العمل مثلما حدث مع كيرتش، ومحفوظ، وسيفيرت، وكانيتي، وبرودسكي الذي مات صغيراً، وشمبروسكا وان كان الأمر يختلف كثيراً بالنسبة للعديد من العلماء الذين فازوا بالجائزة، حيث إن قوائم تضم كلا من علماء الطبيعة، والكيمياء، والطب تشير إلي أن فائزين بالجائزة، كانوا دون الأربعين من العمر. ولعل ما أثير حول مكانة الكاتبة الفريدة يلينيك يثير الجدل حول مكانة نوبل الآن، فقد حصلت عليها عام 2004، وفي مصر، انبرت أقلام عديدة تمدح أدبها، عقب الإعلان عن فوزها خاصة من أساتذة في الادب الألماني، وفيما بعد طلع أحد أعضاء الأكاديمية السويدية، وأعلن أن الكاتبة ما كانت تستحق الجائزة، ولا ترتقي أعمالها إلي نوبل، وقامت الأكاديمية بتكذيب التصريح، وعكس الحادث ماذا يمكن أن يحدث في الكواليس، وأن علينا ألا نتعامل مع الاسم الفائز، كأنه أمر مسلم به، وينطبق هذا بشكل واضح علي هيرتا موللر التي فازت بالجائزة عام 2009، وأيضاً اسم الشاعر ترانسرترومر الذي فاز بالجائزة عام 2011، وسط غفلة من الزمن. الغريب في الأمر أن الكتاب الذين يتواجدون في قائمة النوبليين، قد يتمتع بعضهم بمكانة تفوق أدباء حملوا وسام الجائزة ونالوها، ومنهم الكاتب الفرنسي التشيكي كونديرا، والروائي الألباني اسماعيل قدري، والروائي الأمريكي جورفيدال الذي رحل منذ أسابيع، وأدباء كثيرون من اليابان، وروسيا، وأمريكا اللاتينية. قبل الحرب العالمية الثانية، وقبل محرقة اليهود، كانت أسماء الفائزين تعلن بشكل يومي أننا أمام جائزة أوروبية، تمنح في المقام الأول لأدباء، أو فلاسفة، بصرف النظر عن عرق كل منهم، أو موقفه السياسي، وقد انتظرت الجائزة ثلاثين عاماً، كي تمنح لأول مرة لكاتب أمريكي هو سنكلير لويس، وفي عام 1933، منحت الجائزة لأول مرة، مصبوغة بالموقف السياسي للفائز حيث حصل عليها ايفان بوتين باعتباره معارضا للاتحاد السوفيتي، وقد ترك وطنه عام 1920، عقب اندلاع الثورة البلشفية واستقر به الأمر في باريس حتي وفاته عام 1953 وقد فاز بوتين بالجائزة التي حرمت علي أساتذته، ومنهم تولستوي، وجوركي، وتشيكوف. عن السلطة والجائزة للمعارضين فقط وقد ظلت الجائزة تناهض الاتحاد السوفيتي أيضاً، وتمنح للأدباء المعارضين له، أو الذين يكتبون ضد سياساته، طوال عمر الاتحاد السوفيتي إلي أن تفكك في أوائل التسعينيات من القرن الماضي، ومن أشهر هذه النماذج بوريس باسترناك عام 1958، صاحب رواية "دكتور زيفاجو"، وتعتبر هذه الحكاية هي الأشهر في تاريخ الجائزة، فقد وقفت الجائزة، ضد دولة تمثل الكتلة الثانية في العالم آنذاك، وحتي تم تفكيك الاتحاد السوفيتي، كما فعلت ذلك أيضاً مع الصين، حيث إن الجائزة منحت لباسترناك، الذي أجبرته دولته علي أن يعتذر عن عدم قبولها، وتم نشر الرواية، باتساع ملحوظ، وتحويلها إلي فيلم. وفي عام 1965، منحت الجائزة لشولوخوف بعد أن صار من المعارضين، وبعد خمس سنوات أخري منحت للكاتب المنشق الكسندر سوليجنتسين، ولم يشأ أحد أن تتكرر مشكلة باسترناك فتم ترحيل الكاتب الذي كان آنذاك في الثانية والخمسين، وعاش بين أوروبا والولاياتالمتحدة وهو الذي عاد باختياره إلي بلاده، عقب تفكيك الاتحاد السوفيتي بعدة سنوات، كما منحت الجائزة لكاتب منشق آخر من المعسكر الشرقي، هو شيزلاف ميلوش عام 1980، وفي عام 1983، أي بعد فترة قصيرة جداً، حصل عليها الشاعر التشيكي المعارض ياروسلاف سيفيرت الذي لم يغادر أرض بلاده إلي يوم رحيله، وكان الشاعر الروسي يوسف بردوسكي هو آخر المنشقين الذين حصلوا علي الجائزة، وهو مقيم في الولاياتالمتحدة عام 1987 كي تتوقف الجائزة عن أن تمنح غالباً لأدباء من هذه البلاد، إلا قليلاً، ومنهم شمبروسكا وكيرتش الذي سنتحدث عنه في الفقرة التالية. إذا، يمكن اعتبار جائزة نوبل واحدة من الأسلحة التي استخدمها الغرب، ضد المعسكر الشرقي طوال عمر هذا المعسكر، سواء بالنسبة للاتحاد السوفيتي، أو البلاد التي وقعت تحت سيطرته الايديولوجية، والعسكرية، ولا يمكن أن نقول إن هذه البلاد قد خلت في هذه المرحلة من وجود أدباء عظماء لمعوا بعد البيروستريكا، حيث إن الأدباء كانوا في أغلب الأحيان أداة للصراع السياسي، وضاع موهوبون كثيرون وسط المنافسة. يعني هذا أنه من الواجب مراجعة المكانة الأدبية للأدباء الذين انشقوا عن بلادهم، فربما أن سولجنتسين هو الأفضل، لما رأيناه من ابداعاته، لكن تري هل كان بوتين وبردوسكي، وسيفيرت، هم الأنسب للجائزة، يحتاج الأمر إلي مراجعة أوراق، لكن المسألة أن الذين فازوا بالجائزة صاروا مدموغين لا يمكن