بإستثناءات قليلة, تمثلت في بعض إعمال وليست كلها, لعاطف يلماظ,AtfYlmaz(1925 2006) وشرائط للراحل الغامض يلماظ جونايYlmazGney(1937 1984). لم يستوقفني كثيرا الفيلم التركي, الذي رأيته ربما خطأ إنه إمتداد للميلودراما الهندية, لإفرطه النمطي في الفواجع والبكاء بمناسبة وبدون, ولعله ايضا كان يحاكي قرينه المصري, إلا أن الأخير بالمقارنة ظل الاقل. غير أن العقدين الآخريين, بدأيا مغايرات وشديدي الاختلاف عن مجمل سنوات السينما التركية التي تقترب من المائة, بيد أن أفلام نوري بلجين جيلانNuriBilgeCeylan, وغيره من الطلعيين, أخترقت المهرجانات العالمية وفي مقدمتها كان وبرلين, ومنها من دخل الترشيح للاوسكار كأحسن فيلم أجنبي. وها هم صناع الفن السابع الجدد, نجدهم وقد سئموا من التكرار والملل الممجوج واللامنطق في حكايات طويلة لابد للخير فيها أن ينتصر في النهاية, ومهرجان انطاليا السينمائي المعروف بالبرتقالة الذهبية, لا تمر دورة إلا وتتصدره أعمال شبابية متميزة فيها ما يمكن وصفه بالروعة, سواء علي مستوي الطرح الموضوعي, أو صياغته بحرفية متناهية من خلال لغة الكاميرا ومفراداتها اللانهائية. والعام الحالي حفلت المسابقة المحلية للافلام الطويلة, والتي تنافس فيها عشرة أعمال, بنماذج ثرية مفعمة بالاثارة, والحق يبدو التفضيل فيما بينهم أمرا عسيرا, هنا فيلم' مريم'Meryem وبطلته زينب جامتشيZeynepCami, ذات الثامنة والعشرين ربيعا, فبعد أن لاقت محبة جمهور عريض من مشاهدي التلفاز, لمسلسلها الاجتماعي' هكذا أحببت'BeniByleSev راحت تفاجأ مشاهديها ومعهم النقاد, بدور البطولة لتجسد بإقتدار شخصية مركبة وتمكنت من إستيعاب مكوناتها النفسية, ولم يكن هذا ليتحقق بدون سيناريو محكم كتبه وأخرجه أطالاي طاش ديكنAtalayTadiken. ففي بقعة من الاناضول حيث حيوات ماتزال مجهولة أو بالأحري مهملة لها عالمها المنسوج من قيم وتقاليد, المرأة فيها كيان مقموع ومسلوب الارادة, منهن مريم بطبيعة الحال, المتزوجة مع وقف التفيذ, لسفر الزوج لاسطنبول وتدشين حياة خاصة غير عابئ بتلك التي تنتظره, ورغم تعلقها بالامل في عودته, والذي تبدد إلي سراب, إلا إنها وفي لحظة مصيرية تتخذ خطوة التمرد رافضة ما تقوم به من أعمال شاقة في منزل ريفي يتمحور حولها هي فقط وفي لقطات مفعمة بالدلالة تنتصر لذاتها وكرامتها, وتقرر الخروج من عبودية فرضت عليها ورغم أنها أحبت بصدق لكنها لم تتوسل ملبية نداء النداهة لتغوص في أحشاء إسطنبول إلي الابد. لكن مريم لن تكون المتمردة الوحيدة, فهناك قرينتها بنت إسطنبول' جولتن' في عمل مأساوي غارق في السواد والمعنون' الطريق الطويل'UzunYo للمخرجNihatSeven, وأدت الدور ببراعة الممثلة الصاعدة أيضا' نيل جونيل'NilGnal,, الفراق أن الأخيرة تمردت علي محيطها العائلي وتركت مدينتها العامرة كي تتزوج من الشخص الذي احبته, ولتعيش بعيدا علي أطراف أضنة حنوب شرق البلاد, غير أن الثمن كان باهظا ومروعا, فالانسان الذي شاركته أدمن القمار ولأنه دخل عالم لا يرحم, لم يكن أمامه سوي أن يساوم دائنيه علي جسد زوجته, بالتوازي كان هناك من يريد حياة تلك البائسة, ولم تشفع براءة رضيعها, الذي كانت تحتضنه, عند جلادها وهو شقيقها الأكبر, الذي جاهد طويلا من أجل أن يعرف مكانها, أنه لم يات ليناقشها أو يعاتبها, فقط طلقة رصاص واحدة دون رحمة أخترقت رأسها في وضح النهار, أنه الثأر وصمة عار الاناضول. في نفس البقعة الجغرافية وإمتدادا لحزام غالبية سكانه من الأكراد وتحديدا في' موش'Mu' الساكنة في أحضان العنف والارهاب, ينسج فريد كارهانFeritKarahan عمله الآخاذ طريد السماءCennettenKovulmak, وهو عزف علي الآلام, آلام المعضلة الكردية التي تتأرجح بين اللاحرب واللاسلم, ويبدو وحتي يضمن تمويل الحكومة متمثلة في وزارة الثقافة, كان عليه أن يوحي للمتفرجين أن أحداث فيلمه تعود إلي أثنتي عشرة سنة مضت أي في عام2001, لكنه استطاع رغم ذلك التأكيد علي أن الأزمة عميقة ومشاعر الانتقام متجذرة في نفوس الجميع لا إستثناء من الاتراك أو الاكراد من الاطراف البعيدة اثنيا وعرقيا, نعود إلي إسطنبول من جديد التي راحت إليها' مريم' وهجرت منها' جولتن' لنعيش لمدة24 ساعة مع أحد أبنائها عاطفAtf, والذي مثله علي الشاشة بوراك تورك آرBurakTrker, في شريط عنونه القائمون عليه باسمvertr أي الافتتاحية بلغة آهل الأوبرا, وإخرجه وكتبه آلب جيراي أوغورلوAlpgirayUurlu ولأن الشخصية, رغم سجيتها البرئية يعان إكتئاب, فكان ولابد أن تظهر إسطنبول ممطرة شديدة الازدحام والضوضاء المرورية الخانقة, أنه يعيش في سجن فرض عليه بسبب غيبوبة أمه العميقة وجحود شقيقته الكبري لكن عاطف توافق للحياة وفي نفس الوقت يعشق والدته فما السبيل اذن أيساعدها علي الموت الرحيم لعله يجد صباح غير ممطر, لكن هيهات فهذا لم يحدث!!